Image

اقتصاد الصين ينمو بأكثر من المتوقع

أظهرت بيانات رسمية حديثة أن اقتصاد الصين نما أكثر من المتوقع في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024 في حين تنتظر فرض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي يتولى منصبه الأسبوع المقبل، رسوماً جمركية جديدة.

جاء جزء كبير من زخم النمو من الصادرات، التي دفعت الفائض التجاري للبلاد إلى مستوى قياسي بلغ أقل بقليل من تريليون دولار العام الماضي.

ومع ذلك من المرجح أن تثير هذه القوة غضب ترمب، الذي قال إن الصين ستواجه رسوماً جمركية أعلى على سلعها، بنسبة 10 في المئة فوق أي رسوم جمركية قائمة، حتى تمنع تدفق المخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة.

وخلال حملته الانتخابية هدد ترمب بأكثر من 60 في المئة على جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وكشف المكتب الوطني للإحصاء عن أن الصين التي تكافح مشكلات ديموغرافية واقتصادية سجلت أيضاً زيادة مفاجئة في معدل المواليد العام الماضي، مما عكس اتجاه الانخفاض الذي اشتد منذ عام 2017، لكن إجمال عدد السكان استمر في الانخفاض للعام الثالث.

بيانات النمو وأرقام الإنتاج الصناعي تتجاوز التوقعات

وخلال الربع الرابع من العام الماضي توسع الناتج المحلي الإجمال للبلاد 5.4 في المئة، وهذا أقوى بكثير من توقعات 5.0 في المئة التي وضعها مجموعة من متخصصين في مجال الاقتصاد الذين استطلعت آراؤهم "رويترز" ويمثل تسارعاً من وتيرة 4.6 في المئة المسجلة في الربع الثالث من 2024.

أما بالنسبة إلى العام بأكمله، فقد جاء النمو بنسبة 5.0 في المئة، وهو أعلى قليلاً من 4.9 في المئة التي توقعها استطلاع سابق لوكالة "رويترز".

وقال محللو "غولدمان ساكس"، إن بيانات النمو الفصلية وأرقام الإنتاج الصناعي في الشهر الماضي تجاوزت التوقعات "بصورة كبيرة"، لكن نقاط الضعف لا تزال قائمة.

ويتوقع المحللون أن يتباطأ النمو إلى 4.5 في المئة هذا العام، "إذ قد يعوض تباطؤ النمو الناجم عن الرسوم الجمركية الأميركية الأعلى المحتملة عن تخفيف السياسة الجاري وسط تباطؤ العقارات المطول ومعنويات المستهلكين الضعيفة"، كما كتبوا في مذكرة بحثية.

وقد انتعش الزخم الاقتصادي في الأشهر القليلة الماضية من عام 2024، بعدما قررت القيادة الصينية أخيراً المضي قدماً في حزمة التحفيز التي تشتد الحاجة إليها، والتي تركز في الغالب على التدابير النقدية، في الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومنذ ذلك الحين اتخذ صناع السياسات سلسلة من التحركات الأخرى بما في ذلك حزمة ديون بقيمة 10 تريليون يوان (1.4 تريليون دولار) لمساعدة الحكومات المحلية وخفض أسعار الفائدة وتوسيع نطاق مخطط "النقد مقابل الخردة" للسلع المنزلية مثل طناجر الرز لتعزيز النمو.

ويعتقد عديد من الخبراء أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لإشعال النار تحت أقدام المستهلكين الهائلين في البلاد، الذين ظلوا على الهامش بعد معاناتهم خسارة هائلة في الثروة بسبب الركود المستمر في سوق الإسكان، والتي بلغت قيمتها ما يقدر بنحو 18 تريليون دولار، وفقاً لبنك الاستثمار "باركليز".

في الواقع، يعتقد البعض أن العودة الوشيكة لترمب ورسومه الجمركية المرتفعة المحتملة، قد تكون ما هو مطلوب لتحفيز القيادة الصينية على اتخاذ المزيد من الإجراءات، فيما أظهرت بكين أنها "ستفعل كل ما يلزم للتعويض عن تأثير الرسوم الجمركية"، كما قال لاري هو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في مجموعة "ماكواري"، في مذكرة بحثية حديثة، مضيفاً "الرسوم الجمركية القوية تؤدي إلى تحفيز قوي بالتالي تحسين الطلب المحلي".

ارتفاع كبير بعدد معدل المواليد خلال 2024

وتواجه الصين مجموعة من الضغوط، بما في ذلك أزمة العقارات الشديدة، التي أدت إلى تآكل ثروة المستهلك والإضرار بالإنفاق الأسري، والتحدي الديموغرافي، الذي من المتوقع أن يكون له آثار كبيرة على النمو المستقبلي.

وخلال العام الماضي سجلت البلاد 6.77 ولادة لكل 1000 شخص، ارتفاعاً من 6.39 في العام السابق، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، وإنجاب نحو 9.54 مليون طفل، بزيادة تزيد على نصف مليون عن عام 2023.

وهذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها الصين زيادة في المواليد الجدد منذ عام 2016، عندما شهدت البلاد ارتفاعاً قصيراً في المواليد بعد تخفيف سياسة الطفل الواحد التي استمرت لعقود من الزمن.

يأتي الانتعاش الصغير بعدما طرحت الحكومة مجموعة من التدابير لدفع الشباب إلى إنجاب مزيد من الأطفال، من تمديد إجازات الأمومة وتقديم حوافز مالية لتحسين خدمات رعاية الأطفال، لكن إجمال عدد السكان انخفض بمقدار 1.39 مليون إلى 1.408 مليار عام 2024، وهو استمرار للانحدار منذ عام 2022 الذي شهد استبدال الصين بالهند كأكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.

وانخفض عدد السكان العاملين في الصين، المصنفين على أنهم أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 16 و59 عاماً، بمقدار 6.83 مليون خلال العام الماضي، مما أضاف إلى الانكماش المستمر.

وفي الوقت نفسه استمر عدد السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة في التوسع ليشكلوا 22 في المئة من إجمال السكان.

ويشكل السكان المسنون وتقلص القوى العاملة تحدياً خطراً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الصين، إذ تكافح لتمويل الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية للمواطنين المسنين مع هدفها الحفاظ على النمو.

وفي عام 2015 أعلنت الصين عن إنهاء سياسة الطفل الواحد التي استمرت لعقود من الزمان، مما يسمح للأزواج بإنجاب طفلين، ثم زادت ذلك إلى ثلاثة أطفال عام 2021، لكن معدلات المواليد استمرت في الانخفاض بعد ارتفاع قصير.

وتعهدت الحكومة تعزيز "ثقافة الزواج والإنجاب في العصر الجديد" من خلال تشجيع الشباب على الزواج والإنجاب في "سن مناسب" وتقاسم المسؤولية عن رعاية الأطفال.

وحتى الآن، فشلت هذه السياسات إلى حد كبير في إقناع الشباب، الذين يعانون ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع كلف المعيشة ونقص دعم الرعاية الاجتماعية وسط التباطؤ الاقتصادي، ويؤجل الكثر الزواج والإنجاب، ويختار عدد متزايد من الشباب تجنبهما تماماً.