ماكرون يصل إلى بيروت في رسالة دعم لـ "تعزيز سيادة لبنان"
يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة إلى بيروت، في زيارة يؤكد خلالها دعم بلاده للقيادة الجديدة وجهود تشكيل حكومة قادرة على فتح صفحة جديدة في تاريخ البلد الصغير الذي عصفت به أزمات متلاحقة منذ زيارته الأخيرة.
وتهبط طائرة الرئيس الفرنسي قرابة السابعة صباحاً في مطار بيروت، حيث يستقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على أن تشمل لقاءاته خلال الزيارة التي تستمر يوما واحداً قادة اللجنة المشرفة على تطبيق وقف لإطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، إثر مواجهتمها الأخيرة.
وترأس فرنسا مع الولايات المتحدة اللجنة التي تضم كذلك قوة الأمم المتحدة الموقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) مع لبنان وإسرائيل.
تعزيز سيادة لبنان
وتهدف زيارة ماكرون إلى "مساعدة" نظيره اللبناني جوزاف عون الذي انتخب قبل أسبوع بعد أكثر من سنتين على شغور سدة الرئاسة، ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، على "تعزيز سيادة لبنان وضمان ازدهاره وصون وحدته"، بحسب ما أعلن الإليزيه.
وتنوه دوائر الإليزيه بالتطورات الأخيرة في البلد المتوسطي الصغير والذي يكتسي "قيمة رمزية وأخرى استراتيجية خاصة في الشرق الأوسط الحالي".
وسعى ماكرون جاهداً في السنوات الأخيرة لإيجاد حل في لبنان الغارق في أزمات متلاحقة. وكان زار البلاد مرتين عقب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، لدعم انفراج سياسي تعذر عليه تحقيقه حينها، وسط انقسام سياسي حاد بين "حزب الله" وخصومه.
لكنه واصل ممارسة الضغط على الأطراف اللبنانيين، وعين وزير الخارجية السابق جان-إيف لودريان مبعوثاً خاصاً في يونيو (حزيران) 2023 في مسعى لتيسير انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
لكن كان لا بد من الانتظار سنة ونصف سنة قبل أن ينتخب البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي عون رئيساً للبلاد. وسمى عون الدبلوماسي المخضرم نواف سلام رئيساً للحكومة.
وترى الدبلوماسية الفرنسية في هذا التعيين "انتصاراً" يكرس جهودها لأن القاضي الدولي الذي يحظى باحترام كبير كان مرشحها للمنصب، لكن تسميته بقيت تواجه تحفظات من "حزب الله".
ولم يحظ سلام الذي نال تأييد غالبية نيابية، بدعم "حزب الله" وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري.
حلحلة العقدة اللبنانية
ويشير الأستاذ المحاضر في الجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد إلى عوامل عدة ساهمت في حلحلة العقدة اللبنانية، منها "الحرب المدمرة" بين إسرائيل و"حزب الله" و"إضعاف" الجيش الإسرائيلي لقدرات هذا الأخير و"الأزمة الاقتصادية المطولة" في البلد، فضلاً عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والذي لطالما كانت له مطامع "هيمنة" على الدولة المجاورة و"الخشية من (تداعيات) وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض" و"دعمه إسرائيل".
ولا شك في أن أجواء زيارة ماكرون ستكون مختلفة عن تلك التي صاحبت زيارته السابقة للبنان. فما من حشود ستكون في استقباله وما من لقاءات جماعية مع الأحزاب السياسية، بما فيها "حزب الله"، كما كان الحال عام 2020.
وإضافة إلى الاجتماع بعون وسلام وبري، من المرتقب أن يلتقي ماكرون مع القائد العام لقوة اليونيفيل، والمشرفين على الآلية التي وضعت برعاية فرنسا والولايات المتحدة لمراقبة تطبيق وقف النار في جنوب لبنان.
وينص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب، بحلول 26 يناير (كانون الثاني)، ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد "حزب الله" عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
حشد دعم الأسرة الدولية
وبحسب مصادر مقربة من الإليزيه، سيشدد الرئيس الفرنسي خلال زيارته على ضرورة "التزام المهل المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار". كما سيدعو "حزب الله" إلى "التخلي عن السلاح" بغية "الالتحاق بالكامل بالمعادلة السياسية".
وتعهدت الرئاسة الفرنسية أيضاً بـ"خطوات رمزية" لحشد دعم الأسرة الدولية للبنان بعد مؤتمر أقيم في باريس في أكتوبر (تشرين الأول).
وأشار ماجد إلى أن "لبنان لطالما كان بالنسبة إلى فرنسا بوابة دخول" إلى الشرق الأوسط، لأن الفرنسيين هم من الجهات القليلة التي "لها نفوذ على كل اللاعبين"، إذ "في وسعهم التحاور مع الجميع، بما في ذلك "حزب الله" وإيران"، خلافاً للولايات المتحدة.
وإذا ما "استطاع البلد النهوض من كبوته، فإن دور فرنسا سيتعزز في المنطقة"، وفق المحلل السياسي كريم بيطار.