في اطار ما أثاره تقرير جهاز الرقابة .. "المنتصف" يعاود فتح ملف فساد أدوات الفوضى والانقلاب .. (الحلقة الأولى)
أثار تقرير الجهاز المركزي للرقابة المحاسبة حول عدد من قضايا الفساد المقدم الى مجلس القيادة الرئاسي مؤخرا، العديد من التساؤلات ووضع علامات استفاهم عدة حول توقيت التقرير، ومدى قدرة الحكومة والجهات المختصة بمكافحة الفساد في الضبط والمحاسبة للمتورطين في قضايا الفساد!.
ومن منطلق مهمتنا التي بدأناها قبل سنوات في الكشف عن قضايا الفساد في اطار الحكومة المعترف بها دوليا او في اطار المناطق الواقعة تحت سيطرة عصابة الحوثي الايرانية، سنحاول البحث عن اجابات بعض تلك التساؤلات، معتمدين على الوثائق والتقارير الدولية والمحلية، فضلًا عن الواقع المعاش على الأرض في مناطق الشرعية..
قضايا إضرار بالمصلحة العامة
يتفق الجميع على ان اثارة قضايا الفساد واجب واطني على المؤسسات المختصة بمثل هكذا قضايا، بل وواجب شرعي ودستوري وشعبي ومجتمعي الحديث حولها ومحاولة مكافحتها لما لها من أضرار على جميع المجالات "سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشيا ومجتمعيا وثقافيا ..الخ".
ولم تشكل المعلومات والارقام التي اوردها جهاز الرقابة والمحاسبة في تقريره حول 20 قضية فساد في مجالات "الكهرباء والنفط والغاز والجمارك والسفارات"، واتهام احد المحافظين السابقين لجرائم نهب ومصادرة اموال عامة، أي صدمة او مفاجأة لدى المواطنين، او المراقبين المحلين والدوليين، او حتى المختصين في مجال الاقتصاد والمال والقانون، لمعرفتهم المسبقة ان الفساد هو السمة الابرز التي اتصفت بها الشرعية المعترف بها دوليا عبر حكوماتها المتعاقبة منذ 2015، فضلا لمعرفة المجتمع اليمني بفساد الحوثيين ايضا.
ومن خلال المتابعة والرصد والتحليل، نجد ان الفساد بدأ بشكله الكبير والمستشري في مفاصل جميع مؤسسات ومرافق الدولة، بدأ مع فوضى 2011، وما تلاها من تسلم عبدربه منصور هادي للسلطة وتشكيل حكومة طغى عليها عناصر حزب الاصلاح "ذراع الاخوان في اليمن"، والتي كانت النواة الاولى لما نشهده من فساد، بل الاكثر ممارسه له في شتى المجالات التي وقعت تحت إدارة عناصرها.
وانتشر الفساد وتوسع بشكل كبير مع سيطرة عصابة الحوثي الايرانية على مؤسسات الدولة بعد انقلابها في 2014، لتبدأ مرحلة تقاسم الفساد وعمليات نهب ومصادرة الاموال العامة والمتاجرة بالخدمات وقوت المواطنين وحياتهم بشكل عام.
ومنذ فوضى 2011 تعطل أجهزة مكافحة الفساد وتم تهميشها من قبل الأدوات الجديدة التي طغت على المشهد اليمني بعد مؤامرة اسقاط النظام، وتدمير مؤسسات الدولة ونهبها، ليفتح الباب واسعا امام تلك الادوات في ممارسة نهجها الجديد الذي تمثل بالفساد دون سواه في بناء دولة النظام والقانون، الدولة المدنية التي ظلت تتغنى بها على خلال فترة الفوضى وما بعدها حتى اكتشف ليس اليمنيين فقط بل العالم حقيقتها، ووثقت جرائمها بتقارير دولية قبل المحلية، وصولا الى ما نعيشه اليوم من فضائح فساد يتم تداولها رسميا، ولن يتم البت فيها مطلقا وفقا للواقع المعاش.
لماذا الآن فتحت ملفات الفساد؟
تدور عدد من الروايات منذ يوم امس الاول الأحد حول طبيعة توقيت نشر تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حول بعض قضايا الفساد في القطاعات الحكومية، وعبر وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
اول تلك الروايات او التوقعات، بأن تكون هناك ضغوط دولية تم ممارستها بشكل جدي وقوي ضد اطراف الشرعية من مجلس قيادة الى حكومة، للقيام بعمليات اصلاحات فعلية في اطار هياكل المؤسسات الرسمية خاصة فيما يتعلق بمكافحة الفساد الذي بات مستفحلا وممارسا بالعلن وامام الراي العام من قبل مسؤولين حكوميين.
ولكن هذه الرواية قد تكون ضعيفة، خاصة وان المطالب الاقليمية والدولية بهذا الخصوص بدأت منذ العام 2019، وعقب صدور تقرير أممي يتهم الحكومة بممارسة الفساد فضلا عن ظهور وثائق وتقارير رسمية احدها صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة نفسه، بشان عقود الطاقة والنفط والمنح الدراسية، فيما صدرت تقارير حول فساد البنك المركزي في عدن المالي الذي ادى لانهيار العملية خاصة فيما يتعلق بالمضاربة بالعملات الاجنبية ونهب الودائع والمنح والتصرف بها بغير مكانها المحدد، حيث تم الوعود باصلاحات اقتصادية ومالية، بدعم واشراف البنك الدولي والولايات المتحدة الامريكية.
الرواية الثانية، وتقول : ان هذه الاجراءات تأتي في اطار اتفاقات وتفاهمات تمت بين المملكة العربية السعودية وايران والمجتمع الدولي والامم المتحدة بشأن ايجاد ارضية اقتصادية للتوصل الى اتفاق اقتصادي مع عصابة الحوثي الايرانية يفضي الى اعادة توحيد البنك المركزي، والعملة المحلية، واعادة تصدير النفط من اجل صرف المرتبات وبالبدء بمرحلة معالجة اقتصادية بين اطراف النزاع من اجل الذهاب الى التوقيع على خارطة طريق جاهزة ومعدة سلفا وفقا للرؤية السعودية والايرانية.
وهذه الرواية قد تكون صحيحة خاصة وان المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبيرغ وبعد يوم واحدة من الكشف عن تقرير الجهاز المركزي للرقابة حول قضايا الفساد، يقوم بزيارة الى العاصمة المختطفة صنعاء، بعد انقطاع دام عامين وفقا للتقارير الاخبارية، والتي تاتي بعد زيارته الى سلطنة عمان والتنسيق مع الجانب العماني بشأن التوصل حلحلة الازمة والعودة الى التوافق حول خارطة الطريق المقدمة سعوديا والمعلنة امميا.
الرواية الثالثة، وتذهب الى القول بان هذه الاجراءات تأتي في اطار الهاء الراي العام عما كان يتوقعه من القيام بعملية عسكرية ضد عصابة الحوثي تقود الى تحرير الحديدة على اقل تقدير، استغلالا لحالة تراجع المدى الايراني في المنطقة بعد تلقيه ضربات موجعة في سورية ولبنان، ومع استمرار العمليات العسكرية للولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين حماية للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبالنظر الى هذه الرواية، نجد انها قد تكون احدى الاسباب التي دفعت الشرعية المعترف بها دوليا، لاتخاذ هذا التوجه نحو قضايا الفساد المستشري والمثير للجدل والسخرية في اوساط المجتمع اليمني شرقا وغربا، شمال وجنوبا، والذي لا يخفى على احد.
اما الرواية الأضعف في اوساط تلك الروايات، فتقول ان الحكومة المعترف بها دوليا وصلت بها الحالة الاقتصادية والمعشية المتردية الى عدم قدرتها في صرف المرتبات، او معالجة أي قضايا خدمية في مناطق سيطرتها، الامر الذي دفعها بالتنسيق مع دول اقليمية مثل السعودية والامارات، الى بدء حلول ومعالجات لقضايا الفساد المنتشرة في اطار اجهزتها الرسمية والممتدة لنحو 9 سنوات، وليست وليدة اللحظة.
وهذه الرواية كما قلنا هي الاضعف، بالنظر الى وضع الجانب الحكومي المعترف به دوليا، وتكويناته المتناقضة في الاهداف والاستراتيجيات، وعدم قدرتها على الضبط والمحاسبة لمسؤولين محسوبين عليها اداريا ورسميا، في حين يعملون لصالح مكوناتهم السياسية والعسكرية التي يتشكل منها مجلس القيادة الرئاسي.
وهنا يجب الاشارة الى ان الحكومة ومجلس القيادة الرئاسية خاصة رئيسه رشاد العليمي لا يمكنه القيام باي اجراءات ضد أي مسؤول حكومي يتبع أي مكون اخر مثل الانتقالي او العمالقة او الاصلاح، فكل تلك المكونات تدير مناطق تحت سيطرتها لخدمة مصالحها خاصة فيما يتعلق بالايرادات، وهناك شواهد عدة تؤكد ذلك، ابرزها المناكفات حول توريد الايرادات بين المحافظات المحررة الى البنك المركزي في عدن، إلى جانب المشاهد على الارض من سيطرة عسكرية وامنية وادارية في المناطق المحررة لصالح فصيلين الانتقالي في المقدمة والاصلاح ثانيا، تليها العمالقة والمقاومة الوطنية.
ومن خلال تلك الوقائع والشواهد تتولد لدى المواطن البسيط حقيقة مفادها ان ممارسة الفساد تدور في اطار تلك المكونات، وان معالجة أي قضية فساد يجب ان يكون هناك اتفاق وقرار موحد حولها من تلك المكونات، وهذا الشرط معدوم في ظل استمرار المهاترات وتبادل الاتهامات بين تلك المكونات حول ممارسة الفساد.
مراكز الفساد العالية
تؤكد التقارير والوثائق المتداولة رسميا ودوليا حول قضايا الفساد في اطار الحكومة المعترف بها دوليا، تدور حول مناطق محددة تتصل مباشرة بالعوائد والايرادات المالية، وابرز تلك المرافق التي تناولها تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة:
ـ قطاع النفط والغاز: وتمثلت بعقود شراء النفط والغاز خلال الفترات السابقة، والتي ابرمت بطرق مخالفة للقانون والدستور وبعيدا عن قانون المناقصات والمزايدات، وضمت ثغرات فنية تخللتها عمليات فساد كبيرة.
ومن خلال التطرق الى فساد الشركات النفطية الواقعة تحت سيطرة حزب الاصلاح في مأرب وشبوة، واخرى تحت ادارة الانتقالي في ومكونات اخرى في حضرموت، تم التطرق الى فساد مصافي عدن، دون بقية المصافي في مأرب وحضرموت.
ووفقا للتقارير ووثائق رسمية هناك عمليات فساد جرت خلال فترة الحكومات الشرعية، تمت في اطار توريد الوقود والغاز الى الاسواق المحلية في عدن وغيرها من المناطق المحررة، فضلا عن التحكم باسعار تلك المادة الهامة والمضاربة بها، وابرام عقود ذات مبالغ مالية مبالغ فيها مع الجانب الحكومي، تضمنت محسوبيات ورشاوي وصفقات مشبوهة وثغرات قانونية وفنية في اطار عقود شرائها.
كما لم تتضمن الى حجم المبالغ التي تم تحصيلها من عمليات تصدير النفط والغاز خلال الفترة الماضية، والحسابات التي كانت تورد اليها والاشخاص المعنين بالتوقيع على تلك العمليات، والتي تقول الحكومة حاليا انها كانت العصب الرئيسي لمجمل عملياتها المالية، وان توقف تصديرها اثر عليها بشكل كبير.
كما لم يتم الطرق بشكل مستفيض حول عقود شراء الوقود لمحطات الكهرباء خلال السنوات الممتدة من عام 2015 الى 2021، واكتفت بالرصد والتتبع لعقود شراء قود الكهرباء خلال العام 2022، أي ان هناك قضايا فساد تم اثارتها سابقا حول هذه العقود من قبل جهات رسمية بينها جهاز الرقابة والبرلمان، دون النظر فيها.
ـ قطاع الكهرباء: يعد قطاع الكهرباء في المناطق المحررة خاصة في عدن، من القطاعات التي تناولتها التقارير المحلية والعربية والدولية فيما يتعلق بحجم الفساد الذي شهده منذ العام 2016 وحتى دخول العام 2025 الجاري.
وما بين عقود الصيانة وانشاء المحطات وحجم الفساد الذي رافق هذه العقود، مرورا بعقود الصيانة واعادة التأهيل للمحطات العاملة، كانت ابرز قضايا الفساد فيما يتعلق بشراء الطاقة، والوقود وقطع الغيار، وهي قضايا بارزة ومتداولة محليا وعربيا ودوليا، وما تم تداوله في تقرير جهاز الرقابة حاليا لا يشكل نقطة صغيرة في بحر الفساد في هذا القطاع.
ـ قطاع الدبلوماسية: تعد الدبلوماسية من ابرز القطاعات الرسمية التي شهدت فساد في مجالات عدة ليس في حجم الايرادات كما تحدث التقرير الاخير، وانما في مجال التوظيف واستحواذ اطراف دون اخرى على العمل الدبلوماسي، كان لحزب الاصلاح الاخواني النصيب الاكبر منها، يليه الانتقالي.
ورغم ان التقرير اثار قضايا مثارة سابقا في هذا القطاع الهام، والمتمثل بالمخالفات المالية في القنصلية اليمنية في جدة بالمملكة العربية السعودية وسفارة اليمن لدى مصر، الا ان حجم الفساد فيما يتعلق بالدبلوماسية اليمنية كبير وكبير جدا خاصة فيما يتعلق بالتخمة الوظيفية التي تم اضافتها لجميع مرافق العمل الدبلوماسي اليمني منذ العام 2011 والتي تجاوزت في حجمها أي دولة في العالم بما فيها الولايات المتحدة الامريكية.
ـ قطاع الاراضي: يشكل ملف الفساد في قطاع نهب ومصادرة وتوزيع أراضي الدولة وحتى التابعة لمواطنين وجهات خاصة في المناطق المحررة، من الملفات الشائكة خاصة وان المسيطر عليها طرفين اثنين لا ثالث لهما هما " الانتقالي عدن والمناطق الواقعة تحت سيطرة عناصره"، وحزب الاصلاح في تعز ومأرب والمهرة.
وتعد قضايا الفساد في هذا القطاع من اهم القضايا خاصة وان السوق العقارية باتت من الاسواق الرائدة في العام التي ترفد الخزانة العامة بملايين الدولارات، فضلا عن كونه قطاع حيوي يستمد اهميتها باي نهضة عمرانية وسكانية وتنموية في أي بلاد، ومرتبط بحياة الناس مباشرة. او تلك المرتبطة بالعمليات الاقتصادية الكبرى مثل اراضي المنطقة الحرة بعدن والزراعية في حضرموت، او الاستثمارية في مناطق اخرى.
ولاهمية القطاعات التي اثار تقرير جهاز الرقابة قضايا الفساد فيها ، سيكون لنا في "المنتصف" وقفات كثيرة سيتم من خلالها البحث عن حجم الفساد في تلك القطاعات وغيرها من القطاعات الرسمية سواء في مناطق الشرعية او عصابة الحوثي.
ـ فساد المسؤولين: ومن خلال ما اثاره تقرير جهاز الرقابة حول احد المحافظين السابقين المتهم بقضايا نهب اموال عامة تجاوزت العقل والمعقول والتي بلغت 150 مليار ريال، تم ضبط منها حوالي 27 مليار ريال، ورفضه المثول امام القضاء للتحقيق حول تلك الاموال والتهم الموجهة اليه، وجب علينا فتح ملفات بقية المسؤولين خاصة الوزراء الذي يديرون وزارات سيادية وذات انفاق كبير كـ "الاشغال العامة والطرق، والتربية والتعليم، والدفاع، والداخلية، وعلى راسهم وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والنقل"، وغيرها من القطاعات والمؤسسات والجهات الحكومية.
ـ قطاع البنوك وشركات الصرافة: تحدث التقرير عن اربع قضايا في اطار عدم التزام البنوك وشركات صرافة بمواد قانون مكافحة غسل الأموال، ومزاولة مهنة الصرافة دون تراخيص. وهذه القضايا تفتح الباب واسعا امامنا لمحاولة معرفة طبيعة عمل تلك البنوك وعلاقاتها بشبكة الاموال والصرافة المشبوهة التابعة لعصابة الحوثي الايرانية؟
وحسب التقرير تم إصدار أحكام قضائية بإدانة تلك المصارف، وتغريمها ملايين الريالات وإلزامها بتنفيذ جميع طلبات وحدة جمع المعلومات المالية، فيما لم يتناول التقرير عملية المضاربة بالعملات الصعبة التي تقوم في اطار المؤسسات المالية الحكومية كالبنك المركزي وبنوك وشركات صرافة تربطها علاقات وثيقة بمسؤولين عاملين في النبك المركزي في عدن وصنعاء، والتي تم تناولها في اطار تقرير صادر عن الامم المتحدة سابقا.
ارقام مفجعة في اطار تقرير أولي
تعد الارقام التي وردت في اطار تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والتي تجاوزت 2.2 مليار دولار، في اطار قضايا فساد مكشوفة رسميا بلغت 20 قضية، تعد مثيرة للفضول الصحفي لمحاولة معرفة حجم الاموال التي يتم نهبها في اطار كل مؤسسة، ومسؤول حكومي او مقربين منهم.
وما بين المبالغ التي تم تجميدها في اطار حساب محافظ محافظة سابق البالغة 27 مليار ريال، من اصل 150 مليار ريال متهم بها، وصولا نهب قنصلية اليمن بجدة في السعودية ما يقارب ١٥٦ مليون و656 الف ريال سعودي، موضحا أن ما تم توريده كإيراد عام اقتصر على مبلغ 12 مليون، و 750 ألف ريال.
وفي ما يتعلق بسفارة اليمن في جمهورية مصر العربية كشف التقرير عن استيلاء موظفين على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي من خلال التزوير في محررات رسمية بإصدار جوازات سفر بمهنة طالب مع العلم المسبق بعدم صحة المهنة وتحصيل رسوم جواز كامل منهم بمبلغ 95 دولاراً وترحيل رسوم تلك الجوازات في النظام الآلي والتقارير الفعلية بمبلغ 27 دولاراً.
وكشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن ارتكاب العديد من الاختلالات والتجاوزات لأحكام القوانين واللوائح النافذة في ما يتعلق بكافة التعاقدات المتعلقة بتوفير المشتقات النفطية لعام 2022م بقيمة 285 مليون دولار، ترتب عنها الإضرار بالمال العام.
وقال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إن نتائج مراجعته لعقود شركة مصافي عدن مع شركة صينية كشفت عن إهدار للمال العام من خلال مشاريع متعاقد عليها مع الشركة الصينية المذكورة بتكلفة إجمالية 180 مليون 543 الف دولار تحت مسمى تحديث المصفاة دون وجود احتياج فعلي لها.
وكشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة مخالفات مالية في اطار عقد شراء طاقة كهربائية بقدرة (100) ميجاوات محمولة على سفينة عائمة من شركة (برايزم انتر برايس)، عن عديد من الاختلالات والتجاوزات التي رافقت عملية التعاقد التي كانت مفترضة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ إجمالي (128,056,800) دولار.
وأكد تقرير الجهاز أن عملية التعاقد تمت بطريقة غير مدروسة ودون مراعاة للمخاطر المترتبة عنها، مشيرا في هذا السياق الى إلزام قطاع الكهرباء دفع ما نسبته (20 بالمائة) من قيمة تكلفة العقد كدفعة مقدمة (بنسبة 10بالمائة من قيمة عقد شراء الطاقة و 10بالمائة من قيمة محطة التحويل وخطوط النقل ) بمبلغ إجمالي(12,805,680) دولاراً قبل وصول السفينة العائمة ودون الحصول على أي ضمانات بنكية بالمبلغ بالرغم من التزام الشركة المذكورة بتقديم تلك الضمانات.
وحسب الجهاز المركزي فإنه تم توقيع العقد بتاريخ 2022/4/6 م وفتح الاعتماد المستندي بتاريخ 2022/11/7 م وكذا سداد الدفعة المقدمة وإنتهاء الفترة المحددة للبدء بتشغيل المحطة، ترتب عليه استمرار تجديد عقود شراء الطاقة السابقة لمحطات التوليد التي تعمل بوقود الديزل وتضخيم الأعباء المالية التي تحملتها الخزينة العامة مقابل الفروقات الناتجة عن ارتفاع الأسعار العالمية لوقود الديزل وارتفاع معدلات إستهلاكها بمتوسط سنوي يزيد عن مبلغ (107) ملايين دولار.
وكشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن من بين التجاوزات التي نص عليها العقد المذكور ألزم قطاع الكهرباء بدفع مبلغ (17,856,600) دولار قيمة تنفيذ خطوط النقل ومحطة التحويل وبزيادة تتجاوز (10) ملايين دولار عن قيمتها المحددة بموجب العروض المقدمة من الشركات الأخرى، مما ترتب عليه إهدار ذلك المبلغ دون أي مسوغ بالإضافة الى إمكانية التعاقد على شراء تلك المحطة والخطوط مباشرة من الشركات المتخصصة.
واورد التقرير قضية مخالفة شركة بترومسيلة النفطية، واشار الى ان من بين المخالفات دفع الشركة مبلغ 7 ملايين دولار مقابل شراء 15 بالمائة من حصة المقاول في قطاع رقم (5) مقابل تحمل جزء من التزاماته المالية للحكومة وأطراف اخرى والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وذلك بعد أن كان مالك الحصة يعرضها دون مقابل.
كما ذكرت التقارير أنه منذ أن تولّت بترومسيلة إدارة القطاعات النفطية في حضرموت وحتى توقف عمليات التصدير، قامت الشركة بتصدير النفط الخام من القطاعات الجاهزة والمنتجة تحصلت فيها على نحو 30 مليون دولار عن كل شحنة وباجمالي 1.2 مليار دولار، تم تحويلها إلى حساباتها في الخارج.
اخيرا.. يجب الاشارة الى ان قضايا الفساد في البلاد، اصبحت اكبر قضية تشغل الراي العام المحلي لما لها من تأثير على حياة المواطن اليومية ..لكن الحقيقة المرة ان اليمن باتت مقسمة قطاعات مالية ووظيفية بين شركاء الفوضى واسقاط النظام والانقلاب عليه التي بدات في 2011، في حين ان نهاية الازمة لم تعد معروفة في ظل كل ما يجري وفي ظل استمرار تلك المكونات الفاسدة في ادارة الملف، واحتسابها اطراف رئيسية في أي حل لانهاء الأزمة.
اليوم في البلاد يمارس الفساد بتفاخر وليس باستحياء وتأنيب ضمير، ما يجل اليمنيين يتحملون مسؤولية البلاد على عاتقهم بعيدا عن كل القيادات والمسؤولين الموجودين في المشهد والذين اثبتت التقارير الرسمية والدولية انهم شركاء في الفساد المالي والسياسي والعسكري والاقتصادي والاداري وحتى الاخلاقي.