Image

إسرائيل تواصل قصف غزة وسط تكثيف محادثات وقف إطلاق النار

أعلنت مصادر مطلعة أن وسطاء أميركيين وعرباً يكثفون جهودهم على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" في الوقت الذي قال فيه مسعفون في قطاع غزة إن ضربات إسرائيلية أسفرت عن مقتل 44 فلسطينياً أمس الخميس.

ويسعى الوسطاء بمحادثات في مصر وقطر إلى التوصل لاتفاق لوقف الحرب المستمرة منذ نحو 14 شهراً في القطاع الذي تديره "حماس"، يشمل الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة منذ هجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وعن فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وأوضحت المصادر أن الوسطاء تمكنوا من تضييق بعض الفجوات في شأن النقاط العالقة، لكن بعض أوجه الخلاف لا تزال قائمة.

وفي قطاع غزة قال مسعفون إن 13 فلسطينياً في الأقل قتلوا خلال الليل في غارات جوية إسرائيلية متفرقة بما شمل ضربات استهدفت منزلين في مدينة غزة ومخيماً بوسط القطاع.

وقال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية قتلت تسعة أشخاص قرب مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة، بينما قتلت غارة أخرى أربعة في مشروع الشيخ زايد الإسكاني بالقرب من بيت لاهيا في الشمال.

وفي وقت لاحق أمس الخميس قال مسعفون إن غارات جوية قتلت 15 فلسطينياً على الأقل في ملجأين يؤويان عائلات نازحة بحي التفاح بشرق مدينة غزة.

وذكر مسعفون في وقت لاحق أن غارة جوية إسرائيلية أخرى أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في الأقل بعد استهداف منزل سكني في منطقة الصبرة جنوب مدينة غزة، ليرتفع بذلك عدد قتلى أمس الخميس إلى 44.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب مسلحين من "حماس" يعملون في مجمعات للقيادة والسيطرة في منطقتين كانتا مدرستين في السابق في حي التفاح. وأضاف أن "حماس" استخدمتهما للتخطيط وتنفيذ الهجمات ضد قواته.

تفجير المنازل

وقال سكان في جباليا شمال قطاع غزة إن قوات إسرائيلية فجرت مجموعة من المنازل هناك خلال الليل. وينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية في تلك المنطقة منذ أكتوبر.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود في تقرير نشرته أمس الخميس إن هناك علامات واضحة على "التطهير العرقي" مع تهجير الفلسطينيين قسراً وتعرضهم للقصف في الهجمات الإسرائيلية.

وقال رئيس المنظمة كريستوفر لوكيير في التقرير، "علامات التطهير العرقي والتدمير المستمر، بما يشمل القتل الجماعي والإصابات الجسدية والنفسية الشديدة والنزوح القسري والظروف التي يستحيل للفلسطينيين العيش فيها تحت الحصار والقصف، لا يمكن إنكارها".

وأضافت المنظمة، "قُتل فلسطينيون في منازلهم وعلى أسرَّة المستشفيات... لا يستطيع الناس العثور حتى على الحاجات الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة والأدوية والصابون وسط حصار وحظر".

ولم تعلق إسرائيل بعد على تقرير المنظمة، لكنها نفت من قبل ممارستها لـ"التطهير العرقي"، وتقول إن الهدف من حملتها هو القضاء على "حماس" ومنعها من إعادة تنظيم صفوفها.

وتتهم إسرائيل "حماس" باستغلال البنية التحتية المدنية والسكان دروعاً بشرية. وتنفي "حماس" ذلك وتتهم إسرائيل بمحاولة تبرير القتل العشوائي للمدنيين الفلسطينيين.

 

"الإبادة الجماعية"

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أمس الخميس إن إسرائيل قتلت آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة بحرمانهم من المياه النظيفة. وأضافت أن ذلك يصل من الناحية القانونية إلى حد اعتباره عملاً من أعمال "الإبادة الجماعية".

وفي بيان على "إكس" كتبت وزارة الخارجية الإسرائيلية، "الحقيقة هي على العكس تماماً من أكاذيب (هيومن رايتس ووتش)".

وأضاف البيان، "منذ بداية الحرب، تسهل إسرائيل تدفق المياه والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة على رغم تنفيذها العمليات في ظل هجمات مستمرة من منظمة "حماس" الإرهابية".

وأعربت الولايات المتحدة عن معارضتها لخلاصات تقريرمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، واتهمت فيه إسرائيل بارتكاب "أفعال إبادة جماعية" في غزة من خلال تقييد وصول السكان إلى المياه.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل، "عند تحديد إذا ما حصلت إبادة جماعية، يكون المعيار القانوني مرتفعاً بصورة فائقة، لذا نحن نعارض خلاصات هذه الفرضية". وأوضح أن ذلك "لا يخفي واقع حدوث أزمة إنسانية كارثية في غزة".

اتفاق مرحلي أم شامل؟

قالت مصادر قريبة من جهود الوساطة إن "حماس" دفعت باتجاه اتفاق شامل، لكن إسرائيل تريد أن يكون الاتفاق مرحلياً، وتركز المحادثات على إطلاق سراح رهائن في المرحلة الأولى، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً، مقابل الإفراج عن عدد من الفلسطينيين من سجون إسرائيل.

ودارت مناقشات الثلاثاء الماضي حول أعداد وفئات أولئك الذين سيطلق سراحهم، لكن الأمور لم تحسم بعد، بحسب مصدر تحدث مشترطاً عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المحادثات، وفق وكالة "رويترز".

 

وذكر المصدر أن من نقاط الخلاف طلب إسرائيل الاحتفاظ بالحق في التعامل مع أي تهديد عسكري محتمل من غزة وتمركز القوات الإسرائيلية خلال مراحل الاتفاق.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الثلاثاء الماضي إن إسرائيل ستكون لها السيطرة الأمنية على قطاع غزة مع حرية كاملة في تنفيذ العمليات بعد هزيمة "حماس" في القطاع.

التزامات إسرائيل بشأن المساعدات

من جانبها صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية في شأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات المقدمة للفلسطينيين من دول ومنظمات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.

وصوتت الجمعية العامة بغالبية 137 من أصل 193 دولة لمصلحة القرار الذي صاغته النرويج. وصوتت إسرائيل والولايات المتحدة و10 دول أخرى ضده، بينما امتنعت 22 دولة عن التصويت.

وجاءت هذه الخطوة رداً على قرار إسرائيل حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اعتباراً من أواخر يناير (كانون الثاني) 2025، فضلاً عن عقبات إضافية واجهتها وكالات الأمم المتحدة الأخرى في عملها الإغاثي في ​​غزة على مدى العام الماضي.

ومحكمة العدل الدولية هي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، وتحمل آراؤها الاستشارية ثقلاً قانونياً وسياسياً رغم أنها غير مُلزِمة. ولا تتمتع المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي بسلطات إنفاذ إذا تعرضت آراؤها للتجاهل.

ويعبر القرار الذي أُقر أمس الخميس عن "القلق البالغ إزاء الوضع الإنساني المزري في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، و"يدعو إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بعدم منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير".

وتنظر الأمم المتحدة إلى غزة والضفة الغربية على أنها أرض محتلة من قبل إسرائيل. ويتطلب القانون الإنساني الدولي من قوة الاحتلال الموافقة على برامج الإغاثة للأشخاص المحتاجين وتسهيلها "بكل الوسائل المتاحة لها" وضمان وصول الغذاء والحصول على الرعاية الطبية والحفاظ على معايير النظافة والصحة العامة.

ولا يحظر القانون الإسرائيلي الجديد بصورة مباشرة عمليات "الأونروا" في الضفة الغربية وغزة. ومع ذلك، فإنه سيؤثر بشدة في قدرة "الأونروا" على العمل. ويصف كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن "الأونروا" بأنها حجر زاوية بالنسبة للمساعدات في قطاع غزة.

بديل لـ"الأونروا"

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في رسالة إلى مجلس الأمن المكون من 15 عضواً الأربعاء "إيجاد بديل لـ(الأونروا) عبر خطط إغاثة من شأنها أن توفر المساعدة الأساسية الكافية للمدنيين الفلسطينيين ليس مستحيلاً على الإطلاق".

وكتب دانون في الرسالة، "إسرائيل مستعدة للعمل مع شركاء دوليين (وهي تعمل بالفعل بلا كلل) للسماح وتسهيل استمرار مرور المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، وضمان توفير هذه الخدمات الأساسية الضرورية دون عوائق، وبطريقة لا تقوض أمن إسرائيل".

واشتكت الأمم المتحدة كثيراً من العقبات التي تواجه إدخال المساعدات لغزة منذ بدء الحرب بين حركة "حماس" وإسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وتلقي الأمم المتحدة باللوم على إسرائيل وانعدام القانون بالقطاع في عرقلة إدخال المساعدات إلى غزة وتوزيعها على الفلسطينيين في جميع أنحاء منطقة الحرب.

السويد لن تمول "الأونروا" بعد الآن

واليوم الجمعة قال الوزير المعني بالإغاثة في السويد بنيامين دوسا إن ستوكهولم لن تمول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بعد الآن. وأضاف أن السويد تعتزم تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر قنوات أخرى.

دعوى

على صعيد آخر رفع تسعة أميركيين من أصل فلسطيني دعوى قضائية ضد الحكومة الأميركية أمس الخميس متهمين إياها بالتخاذل عن إنقاذهم أو إنقاذ أفراد عائلاتهم الذين حوصروا في غزة، حيث قتلت الحرب الإسرائيلية عشرات الآلاف وتسببت في أزمة إنسانية.

وتتهم الدعوى القضائية وزارة الخارجية بالتمييز ضد الأميركيين من أصل فلسطيني من خلال التخلي عنهم في منطقة حرب وعدم بذل الجهد نفسه الذي تبذله لإجلاء وحماية أميركيين من أصول أخرى في مواقف مماثلة.

وكانت هذه القضية الثانية ضد الحكومة الأميركية هذا الأسبوع بعدما رفعت عائلات فلسطينية دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء الماضي بسبب دعم واشنطن الجيش الإسرائيلي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الوزارة لا تعلق على الدعاوى القضائية القائمة، لكنه أكد أن سلامة وأمن المواطنين الأميركيين في جميع أنحاء العالم "أولوية قصوى".

وأعلن عن الدعوى مجلس العلاقات الإسلامية - الأميركية والمحامية ماريا كاري أمس الخميس.