18 شهرا من القرارات السيئة التي قادت مانشستر سيتي إلى نقطة الأزمة
هذه المرة لم تكن مشكلة إلكاي غوندوغان عندما كان على أرض الملعب، ولكن عندما كان خارجه، إذ كان أداء قائد الثلاثية التاريخية ضد توتنهام بمثابة مناسبة حزينة رمزية، ومباراة حيث كان الشيء الوحيد الذي فعله بسرعة هو الانحدار، لكن بعد ثلاثة أيام كان غوندوغان ينضح بالسلطة مرة أخرى، وظهر أنيقاً وسلساً عندما سجل هدفاً وساعد في صناعة هدف آخر.
استبدل غوندوغان فيما بدا أنه إجراء يتطلع من خلاله المدرب بيب غوارديولا إلى رحلة الأحد المقبل إلى ملعب "أنفيلد"، وقال مبرراً "إلكاي هو لاعب الوسط المدافع الوحيد الذي لدينا"، لكن كان هناك عيبان في تفكيره، أولاً أن مانشستر سيتي الذي تقدم بثلاثية على فينورد كان في طريقه لإنهاء المباراة متعادلاً بنتيجة (3 - 3) في غياب سلطة الشخصية الكبيرة، والأمر الثاني هو أن غوندوغان ليس لاعب وسط دفاعي على الإطلاق، إذ يمكن أن يكون الموزع لاعب وسط دفاعي لكنه أكثر بناء من كونه لاعباً هادماً لهجمات المنافسين، وخلال فترات أوج عطائه كان محفزاً لمانشستر سيتي في الثلث الأخير وليس الثلث الأوسط من الملعب.
لأن مانشستر سيتي ليس لديه لاعب وسط دفاعي لائق، وليس لأن ماتيو كوفاسيتش مصاب أيضاً، بدأوا في استقبال الأهداف والوقوع في الهجمات المرتدة عندما تم تثبيت الكرواتي كبديل أول لرودري المصاب. يستطيع كوفاسيتش أن ينسجم مع المباراة لكنه لا يوقف الهجمات، وتعكس الإحصاءات أن مانشستر سيتي يستقبل مزيداً من الأهداف من الفرص الكبيرة وأكثر عرضة للهجمات السريعة.
لم تكن عودة فينورد، التي أسفرت عن ثلاثة أهداف في 15 دقيقة، خطأ كوفاسيتش أو غوندوغان، إذ جاءت في غياب أي لاعب مجهز حقاً لمراقبة المنطقة أمام الدفاع الذي يضم الآن جاماي سيمبسون بوسي، البالغ من العمر 18 سنة، الذي شارك أساسياً في مباراتين فقط، وتحول مانشستر سيتي من امتلاك أفضل لاعب وسط دفاعي في العالم إلى عدم وجود أي لاعب على الإطلاق، ومن امتلاك دفاع يتكون من مدافعين مركزيين باهظي الثمن إلى دفاع يضم مبتدئاً مراهقاً، كما تحول من آلة الفوز إلى فريق خسر خمس مباريات وتعادل في مباراة قال ناثان آكي إنها كانت بمثابة هزيمة، وذلك من إجمالي آخر ست مباريات.
لقد كلفت أخطاء يوسكو غفارديول على أرض الملعب مانشستر سيتي كثيراً، ولكن أكثر من ذلك، فإن أخطاء مانشستر سيتي في التعاقدات لحقت به، وهذا لا يعني أن غفارديول هو أحد هذه الأخطاء، فحتى مع مغالاة غوارديولا في أوصافه الغريبة من خلال وصف الكرواتي بأنه "أفضل لاعب على أرض الملعب" ضد فينورد، فإن غفارديول يمثل لغزاً بقيمة 77 مليون جنيه استرليني (97.51 مليون دولار)، إذ تعاقدوا معه كأفضل قلب دفاع في كأس العالم 2022، وأصبح ظهيراً أيسراً هجومياً مغامراً لكنه يظهر عيوباً دفاعية.
ولكن في حين سيغادر مدير كرة القدم تشيكي بيغيريستين الصيف المقبل مع عدد من الإشادات، التي يستحق معظمها، باعتباره مهندس حقبة من النجاح الاستثنائي، إذ شعر مانشستر سيتي بالإهمال في آخر فترتي انتقالات صيفيتين، إذ لم يبد الأمر مهماً حتى أصبح مهماً فجأة.
فكر في الأعمال التي أنجزت منذ فوزهم بدوري أبطال أوروبا في عام 2023، ولكن أيضاً الصفقات التي لم تتم، فهناك ستة تعاقدات رئيسة في الفريق، وفي حالة غوندوغان الذي يعد إعادة توقيع - بعد عودته من برشلونة - كان مانشستر سيتي متردداً في منحه عقداً طويل الأمد في عام 2023، لكنه أعاده من برشلونة في عام 2024، ربما ليفوت آخر موسم من ذروة مشواره.
قد يكون الحكم النهائي - المأخوذ من توتنهام ونيوكاسل وبرايتون وسبورتنغ لشبونة - هي أن عودته كانت خطأ، فهو وكوفاسيتش لاعبان فنيان، هما لاعبا خط وسط على غرار غوارديولا، لكن كل منهما كان أيضاً صفقة قصيرة الأجل.
وبضم كل من ماتيوس نونيز، لم يفعل النادي سوى زيادة الاعتماد على رودري، ثم هناك نونيز الذي قدم مباريات رائعة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنه يتمتع بحضور بقيمة 50 مليون جنيه استرليني (63.32 مليون دولار)، ويفضل اللعب في مراكز حيث يكون السيتي بالفعل في وضع جيد، ولعب جيداً ضد فينورد لكنه غالباً ما يبدو لاعباً زائداً على الحاجة، أو مجرد فكرة إضافية.
وإذا كان سيتي بحاجة إلى لاعب وسط هجومي، فهو الذي باعه، إذ كان من الممكن أن يكون كول بالمر البديل طويل الأمد لكيفين دي بروين، وقد يكون السماح له بالرحيل، كما كان قرار تشيلسي ببيع دي بروين، خطأ يطاردهم لعقد من الزمان.
في وقت حيث لا يستطيع سوى عدد قليل جداً من الآخرين تخفيف العبء عن إيرلينغ هالاند، سجل بالمر أهدافاً في الدوري الإنجليزي الممتاز أكثر من كل لاعبي وسط وأجنحة سيتي مجتمعين.
يتمتع الجناحان اللذان تعاقد معهما السيتي في صيفين متتاليين وهما جيريمي دوكو وسافينيو بمهارات وقيمة ترفيهية، ولكن يفتقدان إلى تسجيل الأهداف، وارتدى سافينيو القميص رقم "26" الذي كان يحمله رياض محرز في السابق، ويحمل بصمة الجزائري نفسه في بعض النواحي، لكن محرز سجل 39 هدفاً في آخر موسمين له في مانشستر سيتي بينما لم يسجل سافينيو أي هدف حتى الآن.
هناك أسباب أخرى لانتقاد طريقة التعاقدات في سيتي، إذ إن هالاند هو المهاجم الوحيد، وهذا يزيد من خطر إرهاقه مثل رودري وزيادة تعرضه للإصابة، وتتبع الأندية الأخرى سياسة البحث عن لاعبين في كل مركز، أما السيتي لديه عدد كبير جداً في بعض المراكز وعدد قليل جداً في مراكز أخرى.
ولكن هذه ليست الطريقة الوحيدة التي تركوا بها أنفسهم يعانون نقصاً في عدد اللاعبين، إذ يفضل غوارديولا العمل بفريق صغير، معتبراً أن ذلك هو الترياق للمديرين الفنيين الذين يطلبون دائماً مزيداً من اللاعبين.
و اعتاد مانشستر سيتي أن يتباهى بسجل لياقة بدنية هائل، ولكن الآن أصبح الفريق المتقدم في السن أكثر عرضة للإصابة وأكثر إرهاقاً، ومن المرجح أن يقضي لاعبون مثل دي بروين وجون ستونز وجاك غريليش وكوفاسيتش وآكي فترات من كل موسم على مقاعد البدلاء، حتى قبل أن يفقد رودري قوته.
وقد يكون كايل ووكر فقد مكانه، ويبدو العقد الذي مدته ثلاث سنوات الذي منحه له مانشستر سيتي في عام 2023 خياراً مشكوكاً فيه الآن، وربما أخرج غوارديولا قائده ببساطة من خط النار ضد فينورد، ومع ذلك ربما كانت مباراته المضطربة ضد توتنهام بمثابة نهاية أيامه كخيار أول في مركزه، ولكن إذا أصبح مركز الظهير الأيمن مشكلة مثل الظهير الأيسر، لكن يبقى خط الوسط المدافع هو المشكلة الأكبر منذ إصابة رودري.
لقد مر 18 شهراً فقط منذ رفع غوندوغان الكؤوس الثلاثة للثلاثية التاريخية، وكان هذا انتصاراً لتدريب غوارديولا، وإذا تم تسهيل ذلك من خلال التمويل فقد كان انتصاراً للتخطيط أيضاً.
ومع ذلك عندما يجد مانشستر سيتي نفسه الآن، بعد خمس خسائر وأكثر تعادلات محبطة في ست مباريات، يحتل المركز الـ15 في ترتيب جدول دوري أبطال أوروبا، وربما يخرج قريباً من سباق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن هذا يظهر فشلاً في اتخاذ القرار منذ ذلك الحين، لأن بعض خيارات مانشستر سيتي هددت بنتائج عكسية قبل فترة طويلة من قرار غوارديولا باستبدال غوندوغان.