مؤشرات أمريكية على بدء مرحلة جديدة ضد الحوثيين .. عملية "البيضاء" لتأمين الملاحة في البحر الأحمر .. اللعبة انتهت
أكدت مصادر عسكرية يمنية، بأن جميع المؤشرات التي تدور حاليًا في البحر الأحمر، تؤكد بدء مرحلة جديدة من الردع الأمريكي ضد عصابة الحوثي الايرانية التي تهدد طرق الملاحة الدولية والطاقة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وتحدثت المصادر عبر تفاعلات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، عن طبيعة الضربات التي تشنها المقاتلات الامريكية والبريطانية على أهداف لوكلاء ايران في اليمن، والتي بدأت بالتوسع لتشمل محاظفات ومناطق اخرى غير الحديدة والعاصمة صنعاء التي ظلت تطالها الضربات الامريكية والبريطانية منذ مطلع العام الجاري في اطار الرد على الهجمات ضد سفن الملاحة في المنطقة.
استهداف قيادات حوثية
وألمحت المصادر، إلى أن الضربات التي طالت أهدافًا حوثية في مديريتي ذي ناعم والصومعة في محافظة البيضاء "وسط البلاد" خلال الساعات الماضية، وتلك التي سبقتها في عمران وصعدة، كانت موجهة بشكل مباشر لقيادات حوثية وايرانية ومن حزب الله عاملة في مناطق الحوثيين.
وأرجعت تلك الضربات إلى قضية رئيسية يبدو ان واشنطن بدأت في اتخاذها، وهي ادراج قيادات عصابة الحوثي والقيادات الايرانية والتابعة لحزب الله الموجودة في مناطقها، ضمن قائمة الأهداف، إلى جانب استهداف منشآت التخزين والقدرات الصاروخية والمتعلقة بالمسيّرات الايرانية التي تهدد الملاحة الدولية في المنطقة.
وكانت طائرة مُسيَّرة أمريكية، استهدفت قيادات حوثية في مديريتي الصومعة وذي ناعم في محافظة البيضاء، في تطور جديد وانعطافة امريكية نوعية في اطار عمليات ردع تحالف واشنطن في البحر الأحمر تجاه حماية الملاحة، والتي على ما يبدو ستكون مغايرة على ما كان في عهد الادارة الامريكية السابقة في عهد الرئيس بايدن.
وخلال الفترة السابقة، ظلت الضربات الامريكية منضبطة في استهداف البُنى العسكرية التحتية للعصابة الايرانية في اليمن، دون الاقتراب من القيادات الحوثية وتصفيتهم بصورة مباشرة، والتي اثبتت نجاعتها فيما يبدو مع حزب الله ذراع ايران في لبنان والتي بدأتها إسرائيل قبل اكثر من شهر.
مؤشرات حسم
وكانت تقارير دولية أكدت بأن الادارة الامريكية الجديدة التي بدأت ممارسة مهامها قبل حفل تنصيب الرئيس ترامب في 20 يناير 2025، من خلال طبيعة التعامل مع ما يهدد الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر والتي تعد من أهم القضايا ذات الأولوية بالنسبة للرئيس الامريكي الجديد القادم من سوق التجارة والأعمال، وليس من بوابة السياسة والجيش كما هو الحال لبقية الرؤوساء الامريكيين السابقين.
وهنا تجدر الإشارة إلى تصريحات الرئيس ترامب اثناء حملته الانتخابية، التي أكد فيها بأن الذي يجري ضد الملاحة في البحر الأحمر سيء للغاية، ولا يجب السكوت عليه، وانه في حال انتخابه رئيسًا مرة اخرى، سيعمل على قطع اليد التي تتطاول على الملاحة في المنطقة، مؤكدًا حينها ان ايران تهدد أمن الملاحة والمنطقة ولم تجد من يردعها.
ومن خلال تتبع تلك التقارير التي تؤكد في مجملها بأن واشنطن الترامبية حسمت أمرها بالنسبة لما يهدد الملاحة في البحر الأحمر، والتي أثرت بشكل مباشر على ارتفاع اسعار النقل والبضائع على مستوى العالم، ما يعني إن جسور العودة لسابق العلاقة أو حتى قواعد الردع مع صنعاء انقطعت وتم تدميرها، وأن مرحلة جديدة جرى تدشينها.
وأكدت التقارير دخول العمليات الأمريكية في اليمن مرحلة الحسم، وبدأت في صنع بنك أهداف لن تستثني أي تهديد يطال الملاحة بما فيها القيادات التي بدأت تصفيتها من خلال عملية الصومعة بالبيضاء، والتي سيكون لها ما بعدها.
وفي هذا الصدد كشفت وكالة (شينخوا) الصينية نقلًا عن مصدر حكومي، عن مصرع ما لا يقل عن عشرة من قيادات الحوثيين في الغارات الجوية التي استهدفت مديريتي ذي ناعم والصومعة بمحافظة البيضاء.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد كثفت من ضرباتها الجوية خلال الثلاثة الأيام الماضية، مستهدفة مخازن الأسلحة والصواريخ ومنصات إطلاقها ومعسكرات في العاصمة المحتلة صنعاء والبيضاء والحديدة وعمران وصعدة.
مؤشرات أخرى
ومن المؤشرات الأخرى التي تدل على ان اللعبة الامريكية انتهت في البحر الأحمر، ودخول المنطقة مرحلة جديدة في التعامل مع إيران واذرعها في المنطقة بمن فيهم الحوثيين في اليمن، تعيين ترامب، عضو مجلس النواب الجمهوري مايك والتز مستشارًا له للأمن القومي، في الإدارة الأمريكية الجديدة.
وينظر إلى والتز باعتباره أحد مهندسي تصنيف جماعة الحوثيين في اليمن منظمة إرهابية أجنبية FTO، وهو سيكون لديه نفوذ كبيرة في التعامل مع كل ما يهدد الأمن القومي الامريكي.
يأتي ذلك فيما وجه الباحث والكاتب الصحفي مايكل روبن، عبر صحيفة امريكية، نصيحة للرئيس ترامب، بشأن الحوثيين المدعومين من ايران في اليمن، بأن عليه هزيمتهم لحماية حرية الملاحة الدولية، وأن يُظهر للإقليم أن سنوات بايدن (وأوباما) كانت حالات شاذة، بالنسبة للتعامل مع الحوثيين.
ووفقا للكاتب الأمريكي، فإن على إدارة ترامب الجديدة أن تغير سياستها وتفرض التنفيذ الحقيقي لاتفاقية ستوكهولم لضمان عدم عمل الحوثيين في ميناء الحديدة أو استقبالهم.
وشدد على ضرورة التوقف عن استرضاء الحوثيين وأن يظهر أن هزيمة الحوثيين أمر ممكن وهدف استراتيجي للولايات المتحدة.
من جانبها أشارت صحيفة "نيويورك صن" إلى أن إحدى المهام الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في محاولته إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وتخفيف الضغوط التضخمية في أمريكا، هي إنهاء سيطرة الحوثيين على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وجاء في تقرير للصحيفة، أن ما وصفته بـ"النكسة الحاسمة" لوكيل إيران في اليمن قد يبعث برسالة مهمة في ردع أعداء أمريكا.
وقال بيل روجيو، رئيس تحرير مجلة "لونغ وور جورنال" التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، للصحيفة: "لا أستطيع أن أرى ترامب يقبل إغلاق البحر الأحمر وكل التكاليف المترتبة على ذلك. إذا كان يريد خفض الأسعار، فيجب معالجة ذلك".
محاكاة تحرير الحديدة
في الإثناء نشرت القيادة المركزية الامريكية على حسابها في منصة "إكس" قبل ايام "فيديو" يحاكي تحرير محافظة الحديدة، من خلال اظهار عمليات بحرية وبرية لقوات امريكية، تنتهي بتأمين البحرية الأمريكية لأحد المررات المائية الهامة في العالم، وهو ما يشير الى البحر الأحمر وباب المندب الذي تتعرض فيه الملاحة الدولية لتهديدات ايرانية عبر ذراعها في اليمن.
وكانت القيادة المركزية، نشرت فيديو آخر ،الثلاثاء، يظهر عمليات اقلاع وهبوط مقاتلاتها التي نفذت ضربات موجعة ضد وكلاء ايران في اليمن، نافية بذلك مزاعم العصابة الحوثية انها استهدفت حاملة الطائرات "يو إس إس لينكولن" وتكبيد الأسطول الأمريكي خسائر كبيرة.
وللمرة الثانية تزعمت عصابة الحوثي استهداف حاملات طائرة امريكية في البحر الأحمر، الأمر الذي تنفيه القوات الامريكية بنشر أدلة قاطعة تفند تلك المزاعم، التي تهدف من ورائها عصابة الحوثي رفع معنويات عناصرها التي بدأت تفر من مواقع القتال وترفض الاستمرار في تنفيذ خطط ايران في اليمن والمنطقة على حساب دماء أبناء بلدهم الأبرياء.
ووفق مراقبين، يعتبر البيان الحوثي الأخير جزءًا من سلسلة ادعاءات مشابهة تهدف إلى إيهام عناصرها بتحقيق انتصارات زائفة، بينما أظهرت الحقائق، عبر توثيق القيادة المركزية الأمريكية، استمرار عمليات الأسطول الأمريكي دون أي تأثير يذكر من تلك المزاعم.
أخيرًا .. يبدو مرة أخرى أن إدارة ترامب بدأت انهاء لعبة البحر الأحمر هذه المرة من البيضاء، من خلال استهداف قيادات حوثية في الصومعة وذي ناعم، في تكرير سيناريو بدء مرحلة رئاسته الأولى التي انطلقت من عملية يكلا ضد الارهاب في البيضاء.. وما بين العمليتين تبدأ مرحلة النهاية لارهاب ايران عبر أذرعها الحوثيين والقاعدة في اليمن هذه المرة.