Image

تدخل النيابة العامة ومحكمة الأموال.. "كهرباء عدن" .. بين فساد الوقود وتوقف الخدمة

تعيش العاصمة المؤقتة عدن ظلام دامس منذ اسبوعين على التوالي، نتيجة استمرار قضايا الفساد التي تضرب قطاع الكهرباء بالمدينة منذ العام 2015، ووصلت الى مصافي عدن الشهيرة.وعلى مدى عشرة ايام تعيش مدينة عدن انقطاع شبه تام لخدمة الكهرباء ووسط ظلام دامس لم تشهده المدينة من قبل وفقا للسكان، الذين يتهمون الجهات المختصة باستغلال خدمة الكهرباء في زيادة الثراء وتمرير قضايا فساد لما لها من اهمية على حياتهم اليومية.
واشاروا الى ان استمرار استخدام الوقود المغشوش وشراء الطاقة البديلة وعمليات الصيانة، كأعذار في تمرير قضايا فساد تصب في صالح شلة من الفاسدين المنتشرين بين اروقة الحكومات المتعاقبة ومؤسسة كهرباء عدن والقائمين على محطات التوليد، مؤكدين عدم اصلاح قضية كهرباء عدن الا بالكشف عن شلة الفساد المنتشرة بين تلك الجهات وتقديمها للمحاكمة وانزال اشد العقوبات بحقهم ومصادرة جميع ممتلكاتهم التي اقتنوها من فسادهم خلال السنوات الماضية.

جريمة انقطاع الخدمة 
وانقطعت الكهرباء عن جميع أحياء عدن خلال لمدة 13 ساعة متواصلة، لتعود الخدمة لمدة ساعة ونصف فقط، لتعود للانقطاع مرة اخرى بحجة خروج جميع محطات التوليد نتيجة عدم وجود وقود، رغم وجود محطة الطاقة الشمسية التي تعمل بدون وقود، الامر الذي يؤكد وجود تلاعب ومؤامرة على الكهرباء من القائمين عليها بهدف تحقيق مصالح سياسية ومالية ووظيفية بالدرجة الأولى.
واكدت مصادر مطلعة، ان فساد الكهرباء المستمر منذ العام 2015، اتخذ طرق وحيل جديدة من اجل التربح وتحقيق مكاسب كبيرة من قبل شركاء الفساد الذين تحدثت عنهم وثائق رسمية في تقرير للجهاز المركزي للمحاسبة وكذا البرلمان، والتي وصلت الى الجهات المعنية وتم اخفائها، باعتبار تلك الجهات مشتركة في فساد الكهرباء المتعدد المصالح والاغراض.
ومن أبرز المتورطين في فساد كهرباء عدن وفقا للمصادر، مسؤولين ينتمون الى حزب الاصلاح واخرين من الكيانات الجديدة المنتشرة في المدينة، وابرز تلك الجهات مؤسسة السعدي التجارية والخدمية، ومؤسسة العيسي، ومؤسسة العمودي، وشركات وهمية تتبع مسؤولين بارزين في الحكومة على راسهم رئيس الحكومة السابق معين عبدالملك.

وقود مغشوش
إلى ذل أكدت مصادر ادارية في مصافي عدن، انه تم مؤخرا استيراد وقود مغشوش خاص بكهرباء عدن، يقدر بـ 10 آلاف طن من الوقود تم افراغه عبر سفينة نقل بخزانات المصافي قبل ان يتم اكتشاف انه غير صالح لتشغيل محطات التوليد ولا الاستهلالك في السوق المحلية.
وحسب المصادر، فقد تم فحص عينة من الكمية المستوردة عبر مختبرات مصافي عدن الشهيرية، اتضح بعدها ان الكمية ليست مطابقة للمواصفات التي تستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء، مؤكدة انه رغم محاولات القائمين على المصافي في معالجة تلك الشحنة الا انها فشلت في تحويلها الى مادة يمكن الاستفادة منها في محطات التوليد.
واشارت إلى أن الكمية لم تحدد مكنونها هل هي وقود مازوت او ديزل، حيث اتضح من فحص عينات منها، انها خليط من المادتين بكميات صغيرة، يطغى عليها مادة ثالثة لم يتم تحديد نوعها او طبيعتها، وهي مادة لا تساعد على الاحتراق او الاشتعال، وقد تضر بشكل كبير في محطات توليد الكهرباء في حال استخدامها.
واكدت المصادر، ان قيادة المصافي والمؤسسة العامة للكهرباء قررت تخزين تلك المادة في احد خزانات مصافي عدن لعدم جودتها، قبل العمل على اتلافها او اعادتها الى الجهات التي تم استيرادها منها، لافتة الى انه عند فحص أوراق استيراد الكمية اتضح ان الجهة التي جلبت كمية الوقود التالف ليست معروفة، ما يؤكد وجود شبهات فساد في صفقة شراء تلك الكمية.
وحذرت مصافي عدن، من محاولات نقل تلك الكمية لاستخدامها في الاسواق المحلية لما لها من اضرار كبيرة على محركات المركبات والموالدات في حال استخدامها، مشيرة الى ان الكمية ستسبب انبعاثات كبيرة من الدخان الاسود المضر بصحة الانسان والبيئة المحطية به.

تدخل النيابة والقضاء
وفيما يتعلق بفساد الكهرباء ومحاولات اشراك المصافي فيه، احالت النيابة العامة في عدن، اثنين من المسؤولين إلى محكمة الأموال العامة الابتدائية بمحافظة عدن بشأن قضية فساد في مصافي عدن تتعلق بفساد كهرباء المدينة الممتدة على مدى عقد ونيف من الزمن.
وحسب النيابة فقد وجهت للمسؤولين تهم الإضرار بمصلحة شركة مصافي عدن وتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح إحدى الشركات الخارجية لإنشاء محطة طاقة كهربائية جديدة للمصفاة دون الاحتياج الفعلي لها.
,, أخيرا .. تبقى الوعود التي اطلقها مجلس القيادة الرئاسي عند تشكيله في ابريل 2022، وما تلاها وما سبقها من وعود من الحكومات المتعاقبة في عدن، مجرد وعود بالنسبة لتحقيق استقرار واستمرارية في تقدم خدمة الكهرباء بعدن، التي لم تستقر يوما كما كانت في عهد الحكومات التي سبقت فوضى 2011، والتي ما جعلت الأهالي في المدينة يتغنون بذلك الزمن ويترحمون على زمن يوصف بالزمن الجميل لديهم.