Image

من صنعاء الى عدن .. الجوع يعصف باليمنيين وسط استمرار الفساد الفاضح

تعالت خلال الأيام القليلة الماضية أصوات العديد من الناشطين والحقوقيين والمختصين، المحذرة من مخاطر استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تشهدها البلاد، جراء فشل المتسببين في انهيار الدولة وفسادهم على مدى عقد من الزمن.

وأكدت تلك الأصوات عدم قدرة العديد من الأسر اليمنية سواءً في صنعاء او عدن، على توفير احتياجاتها اليومية من المواد الغذائية، وان العديد منها لم تعد تتناول غير وجبة واحدة باليوم والليلة.

وافادت بأنها سجلت حالات جوع عدة في مناطق متفرقة من البلاد، خاصة في المدن الكبرى على راسها العاصمة المؤقتة عدن، والعاصمة المختطفة صنعاء، متساءلة عن أوضاع المواطنين في المدن الصغيرة والأرياف؟

العوز يقود للوفاة في عدن  
ففي عدن، سجلت خلال الساعات القليلة الماضية وفاة طفل جراء عدم قدرة تسرته على توفير دواء الحمى له، كما تم تسجيل نقل أسرة مكونة من أم وثلاث بناتها الى إحدى المشافي في حالة إغماء لعدم تناولهن طعام لأيام.
وذكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ان طفلًا يدعى "مصطفى" توفي في حي شِعب العيدروس بمدينة كريتر في مديرية صيرة بعدن، نتيجة إصابته بالحمى والاسهال الشديد، وان اسرته عجزت عن إسعافه او توفير قيمة دواء له.
وتكدت بتن الاطباء أكدوا لهم أن الطفل مصطفى توفي متأثرًا بذلك ولعدم تلقيه اي علاج بعد عجز أسرته عن إسعافه او شراء الدواء له، لما تعيشه من ظروف معيشية صعبة جدا لم تتمكن من توفير الطعام المناسب للطفل ولبقية الأسرة.

وضع كارثي
الى ذلك تناول العديد من الصحفيين البارزين بينهم  الصحفي عبدالرحمن أنيس، والصحفي فتحي بن لزرق، على مواقع التواصل، الوضع المعيشي في عدن، والذي أصبح في أدنى مستويات الانهيار، حسب وصفهما.
وأكدا كل على حده، بأن وجبة يوم واحد لا يقتدر البسطاء تأمينها بالمدينة المنكوبة بحكومات فساد وفاسدين منذ العام ٢٠١٥، زاد الوضع تدهورًا مع الحكومة الحالية، حسب وصفهما.
وأشارا إلى أن " لفة بسيطة بين اوساط الناس في عدن تكشف لك حجم المأساة التي يعيشها كثير من البسطاء والذين بات بعضهم لا يجد قيمة وجبة واحدة في اليوم يطعم بها أطفاله".
وأفادا، ان خطورة إنهيار العملة الوطنية الذي انعكس سلبًا على قيمة دخل المواطن أو الموظف الذي أصبح لا يساوي أكثر من عشرون دولارا، ما تسببت به أسعار المواد والسلع المرتفعة بشكل يومي، من عوز لدى الأسر في المدينة والتي وصلت الى عدم القدرة على شراء متطلبات وجبة واحدة باليوم.

المجاعة مسألة وقت
وحسب انيس ولزرق، فإن :"المجاعة مسألة وقت ، ومن يعنيهم الأمر، يعيشون رخاءً ورفاهية متناهية في بلدان اغترابهم ولا يعنيهم حال المواطنين شيء.
وقالا، ان الوضع شديد الخطورة في عدن وبقية المناطق، وان حال المواطنين وصل الى مرحلة متدهورة اكثر من تدهور الريال"، وان كثير منهم باتوا غير قادرين على تأمين أبسط احتياجات الحياة، من الغذاء إلى العلاج.
و أكدا أن ما يحدث من انهيار العملة وارتفاع الأسعار، ليس مجرد أزمة، بل مؤشر خطير على تدهور المجتمع،  فالوضع لم يعد مجرد "ناقوس خطر"، بل إعلان صريح بأن المجتمع يعاني من انهيار معيشي واقتصادي يهدد الحياة اليومية لسكان عدن واليمن عمومًا.

الحال في صنعاء
ومن عدن الى صنعاء، ليس هناك فرق غير في اسماء القائمين عليها، وكلهم ينتمون الى مدرسة ايرانية واحدة، تنتهج الفساد وتمارس التربح على حساب حياة المواطنين.
وأكدت مصادر متعددة بصنعاء، أن الأوضاع المعيشية المتدهورة لسكان العاصمة تجاوزت كل التوقعات والتحليلات والتحذيرات، ووصلت حد الجوع.
وافادت بانه تم تسجيل حالات عدم توفير طعام يومي لعدد كبير من الاسر في المدينة، وانه يتم اكتشاف عدم تناول وجبة واحدة لعدد كبير من افراد الاسر المتعففة، وان البعض يتناول بقايا طعام يتم تجميعه من براميل القمامة.

الفرار من العوز 
وأوضحت المصادر، بأن عددً من الاسر فرّت من صنعاء باتجاه مدن أخرى للحصول على الطعام بعد ان باعت جميع ممتلكاتها خلال الفترة الماضية لتوفير ادنى متطلبات العيش من طعام او الوجبات اليومية فقط.
واشارت الى منع عصابة الحوثي الكثير من الاسر ممن تتهمها بأن لديها احد اقاربها منتمي للشرعية، منعها من مغادرة صنعاء للبحث عن طعام، رغم معرفتها بما تكابده تلك الأسر من عوز وفاقة.
وتواصل عصابة الحوثي فرض واقع معيشي هو الأسوأ، وفقا لتقارير دولية على سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي سجلت فيها مؤشرات مجاعة خاصة في محافظات الجوف وحجة والحديدة والبيضاء، حسب تقارير اممية.

عوامل مهلكة 
ويرى العديد من المختصين، ان استفحال تدهور الاوضاع المعيشية في البلاد، سببه بالدرجة الاولى فشل المنظومة الحاكمة سواءً في عدن او صنعاء، وصب اهتمامها على طرق نهب الموارد واحتكار الوظائف والاعمال على عناصرها، دون غيرهم من بقية السكان.
وتحدثت أيضًا عن طبيعة الفساد الذي مارسته تلك القوى منذ تدميرها لمؤسسات الدولة، الى جانب فشلها في تكوين ادارة تستطيع من خلالها السيطرة على مجريات الأمور وإدارة شؤون المناطق التي تسيطر عليها، مرجعة ذلك الى اعتماد تلك القوى على الخارج الذي تعمل لصالحه اكثر ما تعمل لصالح الداخل ومواطنيها.
واشارت المصادر الى بقية العوامل التي تسببت بها تلك المكونات، من نهب ومصادرة الايرادات وعدم توريدها للبنك، والحرب ضد الاقتصاد الذي تمارسه عصابة الحوثي بتواطؤ اقليمي ودولي، ونهب المساعدات والمنح، وتعدد الكيانات ومراكز اتخاذ القرار، وفشل جهود السلام، وفشل المعالجات المقرة من المانحين، والتوظيف المستمر في وظائف عليا، وصرف مرتبات أعداد كبيرة متواجدة في الخارج بالعملة الصعبة، وتواجد القيادات واسرهم خارج البلاد وحجم الانفاق الشهري عليها بالعملات الاجنبية، واستمرار الفساد الفاضح والمعلن والموثق لعناصر تلك الكيانات، وغير من العوامل والأسباب.