هل فقدت إعلانات "أبل" بريقها؟
إن كنت متابعاً لشركة "أبل" في الأعوام الـ10 الأخيرة، ستلاحظ أن حجم إعلاناتها أصبح مختلفاً، إلى جانب تغير عدد المؤتمرات. في السابق، كان أي مؤتمر تعلنه الشركة هو الحدث التقني الرئيس لمدة أسبوع كامل، وأي شركة تعلن منتجاً تقنياً لا تحظى بتغطية إخبارية تذكر. وكانت جميع الشركات تعاني خلال مؤتمر "IFA" في برلين، إذ كانت "أبل" تعلن مؤتمرها قبل بدء الحدث، ما يحرم الشركات الأخرى من أي فرصة للتغطية الإعلامية بسبب تركيز المحللين على ما ستعلن عنه "أبل" في مؤتمرها السنوي.
من المعروف أن لـ"أبل" مؤتمرين رئيسين كل عام: مؤتمر في يونيو (حزيران) للمطورين تعلن فيه عن تحديثات الأنظمة، ومؤتمر في سبتمبر (أيلول) للإعلان عن الأجهزة الجديدة. ونادراً ما تقام مؤتمرات فرعية في فبراير (شباط) أو مارس (آذار) لأجهزة الـ"ماك"، وغالباً ما تكون إعلاناتها عبر الموقع الإلكتروني. لكن في الأعوام الأخيرة، بدأت تتعالى أصوات حول قلة الابتكار لدى "أبل"، إذ أصبحت الإعلانات أقل حماسة من السابق.
هل يكفي تراجع الابتكار لتفسير الأسباب؟
يعود ذلك لأسباب عدة مختلفة، أبرزها أن سوق الهواتف الذكية قد وصلت إلى ذروة الابتكار من حيث التصميم الخارجي، مما جعل الشركات تركز على الابتكار في العناصر الداخلية، وهو ما لا يلاحظه المستخدم بالضرورة. فمثلاً، استثمار "أبل" في تطوير معالجاتها الجديدة حظي بإشادة كبيرة بين المستخدمين، فقد وصلت أجهزة "ماك"، على سبيل المثال إلى مستويات غير مسبوقة في الأداء، ولو كانت "أبل" لا تزال تعتمد على معالجات "إنتل" لما حققت مثل هذه النتائج.
الآن، مع معالجات "أبل" تصل بطاريات أجهزة الكمبيوتر إلى أكثر من 22 ساعة، ووصلت بطارية جهاز "ماك بوك برو" الأخير إلى 24 ساعة، وهي أرقام غير مسبوقة.
أما بالنسبة لأجهزة الـ"آيباد"، فقد مكنها الاستثمار في المعالجات من أن تصبح بديلاً عن أجهزة الكمبيوتر، إذ بات بإمكان المستخدم العادي أداء جميع المهام من معالجة الصور، الرسم، تحرير الفيديو، وغيرها. وعلى رغم أهمية هذه التغييرات للمستخدمين، فإن صعوبة ملاحظتها تعود لكونها داخلية، مما يقلل من حماس المستخدمين لأي منتج، إذ يفضل المستخدم رؤية التغيير بعينه، في حين أن هذه التحسينات غير ظاهرة للعيان.
حاجز السعر
أيضاً، من الأمور التي صعبت على "أبل" المنافسة وقللت حماس الناس، هو اعتياد المستخدمين على أن تكون "أبل" في الصدارة بإعلاناتها وابتكاراتها. آخر منتجات "أبل" كانت النظارة، وعلى رغم تفوقها الكبير تقنياً مقارنة بما هو متاح في السوق، فإن السعر كان حاجزاً يمنع وصول المنتج للفئة المستهدفة. ولا ننسى أن المنافسين أعلنوا عن ميزات الذكاء الاصطناعي قبل "أبل" بفترة، مما جعل حماس المستخدمين أقل قليلاً مما تعودوا عليه من "أبل" كونها قائدة هذا المجال.
لكن تركز "أبل" حالياً على الابتكار في المجالات الطبية، مثل كيف أن الساعة الذكية تساعد المستخدمين في تتبع نبضات القلب، وغيرها من الميزات الصحية، كما تقدم حلولاً جديدة للاستفادة من السماعات في مساعدة الأشخاص الذين يعانون صعوبات في السمع. ومن الواضح أن الشركة تسعى لدمج التقنية في مجال الصحة بصورة أكبر.
لا تزال "أبل" من الشركات الرائدة في القطاع، إذ تسجل مبيعات ضخمة وأسعار أسهم مرتفعة، إلا أنني أعتقد أن الشركة تحتاج في السنتين المقبلتين إلى مراجعة استراتيجيتها في الإعلان عن منتجاتها، وتوقيت هذه الإعلانات، مع محاولة زيادة الابتكار في مجالات مختلفة لديها لتواكب التطورات، وتعيد إشعال روح الابتكار في القطاع التقني.