Image

هل يشعل خفض الفائدة عمليات إعادة شراء الأسهم الأمريكية؟

اصطدمت عمليات إعادة شراء الأسهم بتحديات كبيرة خلال العام الماضي، وذلك بعد أن كانت إحدى السمات المميزة لسوق الأسهم الأمريكية خلال العقد السابق، حيث دفع ارتفاع تكاليف الاقتراض والمخاوف بشأن الركود المحتمل، المديرين التنفيذيين إلى الحفاظ على النقد والسيولة تحت أيديهم.

وقد أعادت الشركات المدرجة بمؤشر «إس آند بي 500» شراء أسهمها الخاصة في صفقات قيمتها 795 مليار دولار في 2023، بحسب مؤشرات «إس آند بي وداو جونز». ويقل ذلك عن معدل إعادة شراء الأسهم في عام 2022 بنسبة 14%، حينما بلغ الهوس بإعادة شراء الأسهم ذروة بلغت 922 مليار دولار. ومثل ذلك أيضاً ثاني أكبر انخفاض سنوي منذ الأزمة المالية العالمية.

لكن خلال العام الجاري، عادت عمليات إعادة شراء الأسهم مرة أخرى. وأنفقت الشركات في «إس آند بي» 472 مليار دولار في إعادة شراء أسهمها الخاصة في النصف الأول من 2024، بزيادة قدرها 21% على أساس سنوي.

ومن شأن خفض الاحتياطي الفيدرالي الكبير لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، إعادة إشعال الزخم القوي في هذا الاتجاه. ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يبلغ الإجمالي 925 مليار دولار هذا العام، قبل تخطيه حاجز تريليون دولار العام المقبل.

وعادة ما تزداد عمليات إعادة شراء الأسهم مع خفض الفيدرالي للفائدة، حيث يصبح الاحتفاظ بالنقد أقل جاذبية. لكن هذه المرة يلوح شبح ازدياد معدل الضرائب على إعادة شراء الأسهم إلى نسبة 4% من 1%، ومن المحتمل تعزيز الشركات لعمليات الشراء هذه قبل عام 2025.

وللوهلة الأولى، من المفترض أن يكون هذا داعياً لاحتفال المساهمين؛ إذ كانت إعادة شراء الأسهم محركاً مهماً لأداء الأسهم، بما أن إعادة الشراء تعزز أرباح كل سهم متبقٍ. لكن الأرباح قد تكون عابرة، ما لم تستخدم الشركات هذه الأموال بصورة أفضل في الحفاظ على أعمالها الأساسية أو تنميتها.

ولنلقِ نظرة على «بوينغ»، فقد أنفقت عملاقة الطيران قرابة 44 مليار دولار على إعادة شراء الأسهم بين عامي 2013 و2019، وذلك بحسب بيانات «إس آند بي غلوبال ماركت إنتيليجنس»، ما يجعلها في المرتبة الخامسة عشرة على قائمة أكبر الشركات شراءً لأسهمها خلال هذه الفترة.

رغم ذلك، هوى السهم بقرابة 65% من قمته التي بلغها في مارس عام 2019، وقد تحتاج الشركة قريباً إلى بيع كثيف للأسهم وسط سلسلة لا نهائية من الفضائح المتعلقة بمعايير السلامة، وتأخير الإنتاج، والإضرابات العمالية. وأرجع عدد من المحللين هذه المشكلة إلى إعطاء الشركة الأولوية لإعادة شراء الأسهم، بدلاً من الاستثمار في تحسين الجودة والمرونة.

وتكون إعادة شراء الأسهم أنباء سارة فقط عندما تصاحبها استثمارات في مستقبل الشركة. وتعد كبرى شركات التكنولوجيا من بين أكبر المشترين لأسهمها. وشكلت أسهم شركات «العظماء السبعة» 26% من عمليات إعادة شراء الأسهم المُدرجة في «إس آند بي 500» خلال العام الماضي، لكنها تنفق بموازاة ذلك بسخاء في نواحٍ أخرى، مثل الذكاء الاصطناعي.

في النهاية، يجب ألا تكون إعادة شراء الأسهم الطريقة الوحيدة التي تعظم بها أي شركة ربحية السهم الواحد. وفي خضم استعادة الشركات الأمريكية لشهيتها تجاه إعادة شراء الأسهم، سيكون المستثمرون بحاجة إلى إمعان النظر فيما إذا كانت زيادة ربحية الأسهم مدفوعة بتراجع عدد الأسهم المتداولة، أم بسبب نمو الأرباح الأساسية.

ولا أحد يرغب في إنفاق مبلغ كبير من المال لقاء شراء شركة ضعيفة الجودة.