Image

مرت بمراحل مليئة بالمؤامرات .. ثورة 26 سبتمبر في محطات تاريخية أبرزها محطة "الصالح" المضيئة

تحاول عصابة الحوثي الإيرانية فرض واقع جديد يستحضر التجربة الإيرانية، على المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتها، كما تحاول طمس وتغيير معالم تلك المناطق لتصبح شبيهة بما هو في المدن الإيرانية، ومع ذلك كله تفشل كل محاولاتها أمام إصرار وصمود اليمنيين الرافضين لكل ما هو إيراني وفارسي، أو مستمد من عهد الإمامة البائدة التي قضت عليها ثورة 26 سبتمبر المجيدة في العام 1962 من القرن الماضي.

عهود الظلام

ويرفض اليمنيون بكل شرائحهم وتوجهاتهم وثقافاتهم، أي دعوات تقودهم للعودة نحو الماضي المظلم، لذا كل جهود عصابة الحوثي في هذا الخصوص تفشل، منذ عقد من الزمن.
يتحد اليمنيون في رفضهم لمشروع عصابة الحوثي الذي يستدعي ماضي البلاد المظلم الذي سبق ثورة 26 سبتمبر، رغم كل ما تمارسه العصابة الإيرانية من قمع بحقهم، فضلًا عن محاولاتها فرض واقع دخيل على حياة اليمنيين، وإقناع الناس أنه البديل للتاريخ المقدس لدى اليمنيين المتمثل بثورة 26 سبتمبر المجيدة.

الرفض بالاحتفال
ويُجسّد اليمنيون رفضهم للمشروع الامامي الجديد، بطرق عدة أبرزها الاحتفال بمناسباتهم الوطنية، وعلى رأسها ثورة 26 سبتمبر التي تشكل "نقطة رعب" لعصابة الحوثي باعتبارها قضت على عهودها البائدة، وتهدد وجودها الهش حاليًا.
وفي حين تحاول الجماعة فرض واقع جديد على انقاض الخراب والدمار الذي تسببت بها لليمنيين، وإيصالهم إلى حياة الفقر والجوع والمرض، تتعالى النزعة الجمهورية لدى اليمنيين اليوم كما لم يحدث من قبل، ويكبر سبتمبر وأسماء قادته لدى الروح اليمنية، معتبرين أنه يومهم الذي لن يتنازلوا عنه في ظل جائحة تجهيلية يقودها الحوثيون لمحو تلك الروح، وتكريس ولاية الفقيه كأمر إلهي كما حدث مع أبناء عمومتهم الأئمة قبل 1962.
ورغم ما يقاسونه من ظروف حياتية فرضتها عليهم عصابة الحوثي على مدى عشر سنوات، إلا أن اليمنيين يبتهجون كثيرًا بذكرى ثورتهم المجيدة، حاملين مخزوناً من الروح الثورية تعبر عنها الأغاني والأناشيد والأعلام الوطنية التي يرفعونها ويرددون كلماتها بأعلى أصواتهم دون خوف.

أمنيات الخلاص
وتعود ذكرى ثورة 26 سبتمبر هذا العام حاملة معها، أمنيات الخلاص مجدداً من إمامة الحوثي، وأمنيات انتهاء العنصرية السلالية التي عادت عبر مؤامرة 2011 الإخوانية، تبدأ تنفيذ خطوات العودة فيما سمي 21 سبتمبر المشؤوم في 2014 الذي خلق ميتًا، وسيظل ميتًا في نفوس اليمنيين، وذكرى مشؤومة في سجل التاريخ.
وبما أن لليمنيين عهد مع رفض كل النوازع التي تعكر صفو حياتهم المليئة بالمنجزات والتطور والنمو وفقًا لأهداف ومبادئ ثورتهم الحقيقية 26 سبتمبر، فإنهم لن يرضخوا لأفكار الإمامة الجديدة التي مزجت بين بوائق الماضي ومنكرات الحاضر، مهما حاولت تهيئة الراي العام بأفكارها الخارجة عن واقع الحياة الإنسانية التي فطرها الله على الأرض.

تجاوز المؤامرات

لقد مرّت ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة عبر عقودها الستة، بالعديد من المؤامرات من قبل قوى الرجعية والتخلف، وتلك المرتبطة بمشاريع خارجية، لتظل فترة حكم المؤتمر الشعبي العام وزعيمه الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، هي الفترة الأكثر استقرارًا التي تحققت فيها أهم أهدافها المتمثلة بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة.
وحسب الوقائع التاريخية المتداولة، فإن ثورة 26 سبتمبر تعرّضت لمؤامرات وخيانات منذ سنوات تحقيقها الأولى، وذلك من خلال إذكاء الحرب بين الثوار والملكيين التي استمرت ثماني سنوات (1962 - 1970) بتمويل وتسليح خارجي، وتداخلت فيها مصالح اقليمية مرتبطة بتركيبة الحكم في المحيط المكاني لليمن، وحركة التحرر العربية المتأثرة بالمد القومي.
كان للبعد الإقليمي تأثيره الكبير في خيانة الثورة اليمنية الوليدة، حيث تلقى "محمد البدر حميد الدين" بعد فراره الى السعودية دعمًا من "السعودية والأردن وبريطانيا وإسرائيل" لخوض معارك ضد الثوار والثورة اليمنية حينها، ولولا إصرار الثوار اليمنيين والشعب اليمني وإرادتهم للتخلص من حكم الإمامة المتخلف الظالم، إلى مساندة مصر العسكرية والمادية والمعنوية بقيادة جمال عبدالناصر، لكان قضي عليها، مقارنة بالأموال والذهب الذي بذل لوأدها.
وصلت مؤامرة القضاء على الثورة الى مرحلة متطورة، تجسّدت بحصار السبعين يومًا من قبل الملكيين والذي استمر من (28 نوفمبر 1967 إلى 7 فبراير 1968م)، قبل ان يتم كسره بعد تلقي الثوار دعمًا كبيرًا من "مصر وسوريا والجزائر والصين".
وخلال فترة السبعينيات تعرّضت الثورة لمؤامرة إخوانية واسعة من خلال تحريض القبائل ضد قيادة البلاد، وصلت حد القيام بقتل ابراهيم الحمدي في 11 اكتوبر 1977، وقتل الرئيس احمد الغشمي بعده بثلاثة أشهر، لتدخل البلاد في فوضى اغتيالات، لم تخرج منها إلا بتولي الحكم الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح في 17 يوليو من العام 1978، لتأتي مؤامرة أخرى بعد توليه للحكم بثلاثة أشهر فيما عُرف بالانقلاب الناصري في 15 اكتوبر 1978.
وبعد مؤامرة اكتوبر 78، استطاع الرئيس الشهيد الزعيم الصالح خلق نوع من المصالح الوطنية بين الجميع، وخلق روح وئام سادت شمالًا وجنوبًا تمكّن خلالها من تحقيق أهم أهداف الثورة اليمنية بإعلان الوحدة اليمنية المباركة في الـ 22 مايو من العام 1990، لتأتي مؤامرة أخرى بمحاولة الانفصال المشؤومة في العام 1994, ليتم تجاوزها والانطلاق نحو آفاق أرحب من العمل السياسي التعددي والديمقراطي، فشهدت البلاد مرحلة من العمل التنموي المتطور والنوعي، قبل أن تصطدم البلاد بمؤامرة هي الأخطر في تاريخ اليمن والمتجسّدة بما يسمى "الربيع العبري" أو فوضى 2011.
وفي هذه المؤامرة تم كشف القناع عن كثير من الكيانات التي ظلت تتآمر على مدى خمسة عقود ضد الثورة اليمنية واهدافها ومبادئها، من خلال اتحاد ما سمي حينها "اللقاء المشترك" بزعامة حزب الإصلاح "ذراع تنظيم الإخوان الارهابي في اليمن"، الغير معترف بمسميات "الجمهوريات والديمقراطية ولا حقوق الإنسان" ويسعى لإنشاء ما يسمى بدولة "الخلافة" ذات الطابع الإرهابي، واتحد مع عصابة الحوثي الايرانية "بقايا الإمامة" المتخلفة التي تلقّت دعمًا إيرانيًا لإنشاء ما يسمى بدولة "ولاية الفقيه"، لتبدأ المؤامرة المستمرة حتى اليوم.

أهم 33 عامًا من عمر الثورة 
تُعد فترة حكم الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، وحزب المؤتمر الشعبي العام، التي امتدت على مدى 33 عامًا، من أهم الفترات المستقرة في عمر ثورة 26 سبتمبر، حيث شهدت خلالها اليمن العديد من المنجزات الوطنية المرتبطة بأهداف الثورة اليمنية ( سبتمبر واكتوبر ونوفمبر والوحدة)، وتحققت فيها منجزات "الوحدة واستخراج النفط والغاز، وإعادة إعمار سد مارب، والديمقراطية والتعددية واحترام الحقوق والحريات بما فيها حقوق المرأة والطفل"، وانتقلت اليمن إلى مصاف الدول المتقدمة والمتطورة، تم خلالها توفير حياة كريمة للمواطن.
وبدون سرد للمنجزات التي تحققت خلال تلك الفترة والراسخة في وجدان الإنسان اليمني قبل الواقع المعاش في الارض والطبيعة والمنتشرة في جميع أرجاء البلاد، يبقى الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، آخر المناضلين وسيد شهداء الثورة اليمنية، الذي دافع عنها، ووهب روحه في سبيلها، ووقف أمام أكبر مؤامرة تمر بها اليمن وثورتها ووحدتها وجمهوريتها من قبل جميع المكونات السابقة والحديثة، والتي ضمت جميع المتناقضات الايدلوجية.

تكشف الحقائق
ومن خلال التتبع لما يجري حاليًا وخلال العشر السنوات العجاف الماضية، يتضح بأن الثورة اليمنية "سبتمبر واكتوبر ونوفمبر والوحدة"، تعرضت لمؤامرات معلنة وأخرى خفية وأخرى مدسوسة، اشتركت فيها قوى داخلية ادعت النضال والثورية، وقوى إقليمية تخاف على أركان حكمها، إلى جانب قوى ذات أجندة مرتبطة بالصهيونية العالمية، كأيران والإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية التي تدور في فلكها.
ومن خلال متابعة ما يتم تداوله في وسائل الإعلام المحلية والدولية، والتفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، يكتشف وجود حسنة وحيدة كشفتها هذه الأحداث والمؤامرات، ويتم كشفها، بأن تاريخ الثورة اليمنية لم يكتب بصدق وأمانة، ولم ينقل الى الاجيال كحقائق مجردة، وان قوى خفية ظلت تمارس تعتيمًا على جوانب عدة من تاريخ الثورة، وتمنع حتى الكتابات والنشر والتصوير والأعمال الفنية التي تجسّد حياة الثوار والواقع الذي عاشوه قبل إعلانهم القيام بالثورة، فضلًا عن نقل واقع الحياة نفسها التي سبقت فجر الثورة اليمنية سواءً سبتمبر او اكتوبر وصولًا الى 30 نوفمبر.

ما يحتاجه اليمنيون اليوم
يحتاج اليمنيون اليوم، لقيادة وطنية كالتي ظلت على مدى 33 عاماً تصون الثورة والجمهورية، وتحقق اهدافها وتحافظ على مبادئها، اكثر من أي وقت مضى، إلى جانب المضي قُدمًا في النضال حتى استعادة حياة المواطن اليمني التي كانت مستقرة ومطمئنة قبل أن تتلوّث بدماء الخارجين عن الملة والدين والأعراف والقيم والقوانين الوضعية والسماوية.
وما يؤكد على ذلك، ما تعيشه البلاد من مؤامرات علنية هذه المرة، وتنسج أحداثها أمام الجميع "الشاب والطفل والمراة والشيخ"، وأمام "السياسي والمثقف والعسكري والعامل والفلاح"، التي تمتلئ بالعمالة والخونة والانتهازيين والمتاجرين بمعاناة الناس دون خجل، والفاسدين والمفسدين، ودعاة الفضيلة الزائفة، ومتلبسي الدين شعارات وخطب ، فيما يمارسون كل الموبقات وما حرم الله.
ما يحتاجه اليمنيون واليمن،  عملية تنظيف واسعة لكل شوائب العمل السياسي والثوري والاقتصادي والعسكري، واستعادة روح واهداف الثورة اليمنية، وقيم الجمهورية الديمقراطية وحقوق الانسان، والمواطنة المتساوية بعيدًا عن استعباد الناس واضطهادهم واستغلال حاجتهم وفقرهم وعوزهم، وان يشكل التسامح والتصالح بين الجميع مبدأ المرحلة التي تعقب استعادة الدولة ومؤسساتها من عصابة الحوثي الايرانية والمكونات المرتبطة بمشاريع خارجية.
أخيرًا .. نشهد هذه الأيام نوعًا من الوهج الثوري والمضي على طريق استعادة روح الثورة السبتمبرية ووهج نظامها الجمهوري، وواقع مناهض لعودة الإمامة وسيطرة خرافات الولاية، ومحاولة إنشاء نظام عنصري أكثر تخلفاً ودموية من ذلك النظام الذي كان قائماً قبل ثورة 26 سبتمبر 1962.