دور بارز للهجرة ومعدلات خلق فرص العمل في قرار خفض الفائدة
عندما سئل عن المستوى الحالي لخلق الوظائف خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بنك الاحتياطي الفيدرالي بعد خفض أسعار الفائدة، قال رئيس البنك جيروم باول: الأمر يعتمد على التدفقات الوافدة، فإذا كان لديك ملايين الأشخاص ينضمون إلى قوة العمل، وكنت تخلق 100 ألف وظيفة، فسوف ترى ارتفاع البطالة.
يعتمد الأمر حقاً على الاتجاه الكامن للأشخاص القادمين إلى البلاد. نحن ندرك أنه كان هناك تدفق كبير من المهاجرين القادمين عبر الحدود، وكان هذا أحد الأشياء التي سمحت بارتفاع معدل البطالة.
باول محق هنا إلى حد كبير، حيث إنه إذا نمت قوة العمل بسبب ارتفاع الهجرة، ولم يكن هناك زيادة متناسبة في التوظيف، فإن البطالة ترتفع.
لكن الإجابة غير دقيقة، إذ من الصعب قياس الهجرة. فالهجرة غير الشرعية، بطبيعتها، ليست موثقة جيداً. لا تشمل مسوحات أصحاب العمل والأسر المستخدمة لقياس قوة العمل حالة الهجرة. وهذا الأمر يجعل من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي، وعلى الجميع، قياس تأثير الهجرة على سوق العمل.
ومما لا شك فيه، فإن الهجرة إلى الولايات المتحدة كانت مرتفعة تاريخياً في السنوات الأخيرة. ففي عام 2019، قدر مكتب الميزانية في الكونجرس أن عدد المهاجرين الجدد سيصل إلى مليون مهاجر في عام 2023. وفي عام 2023، قام بتعديل هذا الرقم إلى 3.3 ملايين.
وكان التغيير مدفوعاً إلى حد كبير بزيادة في أعداد المهاجرين الذين لا يتمتعون بوضع العمال القانوني، ولكن أيضاً من زيادة أعداد طالبي اللجوء واللاجئين الذين حصلوا على تصاريح عمل أثناء انتظارهم جلسات المحكمة.
وقد أدى هذا الارتفاع إلى زيادة كبيرة في قوة العمل في الولايات المتحدة، وهو ما أشار إليه باول. ولكن المهاجرين الجدد يعملون أيضاً ويتم إدراجهم في مسوحات التوظيف. لذا فإن الهجرة تؤثر على كل من البسط والمقام في معادلة معدل البطالة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن ارتفاع معدلات البطالة بين السكان المهاجرين يزيد من معدل البطالة الإجمالي، ولكن «هذه التأثيرات متواضعة إلى حد كبير، نظراً لحجم القوة العاملة، ومن المرجح أن يزيد معدل البطالة بنسبة لا تتجاوز نصف العشر»، حسبما أشارت ويندي إيدلبيرج من مؤسسة بروكينجز، التي كانت تعمل سابقاً في بنك الاحتياطي الفيدرالي ومكتب الميزانية في الكونجرس.
وتجعل الهجرة من الصعب بشكل خاص تقدير مستوى التعادل لنمو الوظائف، أي عدد الوظائف التي يحتاج الاقتصاد الأمريكي إلى خلقها كل شهر لتجنب ارتفاع معدلات البطالة.
وقبل الجائحة، كانت توقعات السكان الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونجرس ومكتب إحصاءات العمل وإدارة الضمان الاجتماعي تشير إلى نمو الوظائف عند مستوى التعادل كان بحدود 100 ألف وظيفة. لكن مع زيادة الهجرة ونمو القوى العاملة، اقترب هذا الرقم من 230 ألف وظيفة، وفقاً لتقديرات معهد بروكينجز.
وهذا له آثار وتداعيات عدة. ففي عام 2023، كان الناس يفترضون أن سوق العمل كانت محمومة، مع إضافة 251 ألف وظيفة جديدة في المتوسط شهرياً.
وربما كان هذا القلق مبالغاً فيه، نظراً لارتفاع معدلات الهجرة. ولكن هذا يعني أيضاً أن سوق العمل الحالية، التي أضافت 89 ألف وظيفة في أغسطس و104 آلاف وظيفة في يوليو، قد تكون أسوأ كثيراً مما تبدو عليه. وربما يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي متيقظاً لهذا، وقد يساعد ذلك في تفسير قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
وكان ارتفاع معدلات الهجرة أيضاً أحد الأسباب التي جعلت بنك الاحتياطي الفيدرالي قادراً على إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف. ومع وجود المزيد من العمال في اقتصاد متصاعد، تمكنت الشركات من الاستمرار في تلبية الطلب المرتفع.
وكانت قادرة على القيام بذلك دون زيادة المنافسة على العمالة، وهو ما كان ليزيد من تضخم الأجور. ووفقاً لكلاوديا سام من شركة نيو سينتشري أدفايزرز، فإن ارتفاع معدلات الهجرة يمثل مشكلة، لكنه في النهاية «مشكلة جيدة»:
لقد عانينا من نقص العمالة في السنوات الأخيرة، فضلاً عن شيخوخة السكان. لذلك، كان المهاجرون مهمين للغاية في هذه الدورة، وقد ساعدوا «الاحتياطي الفيدرالي» في خفض التضخم دون التسبب في الركود.
وقد يكون هذا هو السبب أيضاً وراء ارتفاع معدلات البطالة مع غياب الركود، وذلك لأن المهاجرين الجدد لا يزيدون من قوة العمل فحسب، بل إنهم يزيدون أيضاً من الطلب الكلي على السلع والخدمات.
ويقول ديفيد دويل من مجموعة ماكواري: أعتقد أننا نمر بفترة فريدة، فقد شهدنا ارتفاعاً أكبر في معدل البطالة مقارنة بما قد يحدث عادة في حالة الركود. وعندما يرتفع معدل البطالة، مع انخفاض نمو قوة العمل وانخفاض الهجرة.
فإن هذا يشير إلى أننا نعاني من تسريح العمالة ونتجه نحو الركود. لكن عندما يصاحب «ارتفاع معدل البطالة» نمو قوي في قوة العمل، فإن هذا يعني أن الاقتصاد لا يزال قادراً على التوسع.
وتشير البيانات الأخيرة الصادرة عن الجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة إلى أن مستوى الهجرة بدأ في الانخفاض، ولكن تظل الحقيقة تشير إلى أننا ربما نكون بعيدين كثيراً عن مستوى نمو الوظائف الذي يعادل التعادل.
وإذا لم يرتفع معدل خلق الوظائف في الأشهر المقبلة، فقد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة مما يتوقعه حالياً، أو التسامح مع معدل بطالة أعلى مما كان عليه في الماضي.