سفيرة المكسيك نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين متطلبات العصر الحديث وارث الماضي الخالد
في كلمتها الأول في السنه الاولى وحفلها الأول لها في مصر أشادت سفيرة المكسيك بالقاهرة ليونورارويدافي كلمتها بمناسبة العيد القومي وقالت مرحبا بكم فى هذه القطعة الصغيرة من المكسيك فى مصر، يشرفنى و يسعدنى الترحيب بكم فى هذه الإحتفالية التى تقام بمناسبة يوم الاستقلال، يوما يعنى الكثير لكل مواطن مكسيكى، بداخل البلاد أو خارجها
منذ 214 عاما ، تحديدا فى عام 1810، قام الأب ميجيل هيدالجو، بالدعوة إلى حمل السلاح لبدء معركة الكفاح من أجل استقلال المكسيك، من أجل ميلاد دولة حرة ذات سيادة، قادرة على تحديد مصيرها بنفسها.
منذ ذلك الحين، استمرت الرحلة من أجل تحديد هوية الأمة. فقمنا ببناء دولة تأسست على تقاليد أجدادنا، دولة ثرية بتراث أعراقنا المتمازجة، استطاعت خلق وعاء متنوع ومتعدد الثقافات ممثلا فى المكسيك اليوم، دولة ديناميكية، مجتهدة ، نشيطة، و محبة للسلام.
فى هذا المسار، فبالرغم من البعد الجغرافية، فإن قيمنا و عاداتنا و مبادئنا المشتركة مع مصر ، جعلتنا أصدقاء و شركاء ، من خلال العديد من وسائل التواصل المتعددة.
كشركاء، نتقاسم علاقات قوية ثنائية و متعددة الأطراف. توافقنا فى العديد من القضايا الدولية جعل من تعاوننا تعاونا وثيقا، و ذلك من خلال السعى الدؤوب لايجاد حلولا للتحديات المُلحة التى تؤثر على شعوبنا، و هى التحديات العابرة للحدود، ذلك من خلال إنتمائنا للجنوب العالمى.
كأصدقاء، نحتفل بالتطور التاريخى الثرى لحضاراتنا القديمة التى قد تركت أثرا خالدا فى التاريخ العالمى. بدءً من أهراماتنا و معابدنا ، و ألِهاتنا، وملوكنا، وأساطيرنا ، حتى واقعنا، فكلانا قد أنشأنا ثقافات فى حالة تطور مستمر. ونحن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين متطلبات العصر الحديث و إرث الماضي الخالد.
أوجه التشابه بيننا كثيرة ، سنستعرض منها الأن بعض الأمثلة : تتمتع الدولتان بتراثا معماريا ضخما، يعكس رؤية أجدادنا للكون، و مدى تقديسهم للألهه، ومعتقداتهم حول الحياة و الموت، و أبعاد ما وراء تقاليدنا، و التى ماتزال تؤثر على رؤيتنا للهندسة المعمارية الحديثة. و هو ما نجده واضحا فى أعمال المهندس المعمارى المكسيكى الأشهر فيكتور لاجوريتا فى تصميمه لمركز الحرم الجامعى للجامعة الأمريكية فى القاهرة و الجونه.
المكسيك و مصر، لديهما، بصفتهما مهدا للحضارة، تراثا أدبيا جدير بالتقدير ، كان له أثرا بالغا على الساحة الأدبية العالمية، فلدينا كتابين حصلا على جائزة نوبل فى الأدب مثل: أكوتافيو باث عام 1990 ، و نجيب محفوظ عام 1988، اللذان مازالت أعملهم الأدبية تساهم فى تشكيل و إلهام الأجيال فى مختلف أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، تم إقتباس قصة (زقاق المدق ) فى فيلم يحمل نفس الأسم للمخرج المكسيكى خورخى فونس ، من بطولة النجمة سالمة حايك .
هذا العام، بلغ التعاون فى مجال الأدب آفاق جديدة مع إضفاء الطابع المؤسسي الناجح لمسابقة ترجمة الأدب المكسيكى إلى اللغة العربية، و كدليل على إهتمامنا بالتبادل الثقافى و التفاهم المشترك، و نتيجة لإعلان النسخة الثانية من المسابقة، سنجد قريبا ، بفضل مساندة المركز القومى للترجمة، النسخة العربية من كتاب”التنين الأبيض وشخصيات أخرى منسية” للكاتب المكسيكى أدولفو كوردوبا.
لا نستطيع اليوم تجاهل الصلة بين أثنين من أهم ممثلي الكوميديا فى القرن الماضى، و الذان مازالا حاضرين بيننا إلى اليوم و هما الممثل المصرى إسماعيل يس، و الممثل المكسيكى ماريو مورينو “كانتينفلاس”، ” أساطير الكوميديا” الذان أضحكا الملايين كلا فى منطقته.
ممثلان استطاعا من من خلال أعمالهما، التى تميزت بالنقد الساخر و المشاكسة ، الاستحواذ على قلوب شعوبنا: بفضل هذا الحس المرهف، الذى جعلنا نضحك حتى فى خضم الأزمات المختلفة.
نفتحر نحن المكسيكيون و المصريون بتقاليد الطبخ لدينا و بأكلاتنا الثرية. فشعوبنا تقدر أهمية الطعام للإحتفال و التجمع. فمثلا فى مصر من الممتع أن تبدأ يومك بتناول طبقا من الفول ، كما هو ممتع أيضا فى المكسيك تناول الفول الأسود فى الصباح. كما تعبر أكلاتنا عن تاريخنا و عن الأهمية التى نعطيها للعائلة و التمتع بالألتفاف حول مائدة تجمعنا.
كما لا يمكننا تجاهل التوابل و البهارات التى تعطى طعما ولونا مميزا لأكلاتنا كوسيلة للتعبير عن مدى التشابهة بيننا، فنجد مثلا الطبق المكسيكى ” تاكو ألباستور” هو حفيد للشاورمة العربية، و لكن بعد إضافة المذاق الحلو -الحار -المر الذى يعجب المكسيكين كثيرا.
و تكتمل كل هذه الروابط أيضا من خلال التحديات المشتركة التى نواجهها
فبما أن المكسيك و مصر دولتان مصدرتان للهجرة، فإننا نتفهم جيدا معنى وجود أحد أحبائك بالخارج ، كما نعى مدى أهمية أن تمد يدك لمن يأتون من الخارج.
حماية تراثنا الوطنى هو أمر شديد الأهمية لكلا الدولتين. لذا فالبحث عن أعمالنا التاريخية المسروقة، أو أعمالنا التى تم إخرجها من البلاد بشكل غير قانونى و استردادها قد فتح نطاقا واسعا للتعاون بين البلدين . و نعبر عن إمتنانا للدكتور زاهى حواس لاسهاماته من أجل تحقيق هذا الهدف.
نحن أيضا دائما ما نقف للتضامن مع أشقاءنا من خلال التوسط من أجل حل الصراعات ، و من أجل مد الجسور من خلال الحوار و السلام.
لقد لاقت هذه الجهود إعترافا دوليًا من خلال تكريم شخصيتين هامتين نجحتا فى تجسيد سياستنا الدولية الخارجية السلمية، حيث تم منحهما جائزة نوبل للسلام، و هما الرئيس محمد أنور السادات (1978)، و ألفونسو جارسيا روبليس، وزير خارجية المكسيك (1982). حيث نجحت جهودهما الحثيثة من أجل السلام والدفاع عن القانون الدولي فى تشكيل السياسات الخارجية لبلدينا في تلك الأوقات الصعبة.
إننا على يقين من أن المكسيك و مصر ستواصلان دعمهما لجهود الأطراف الأخرى من أجل الوصول للسلام لشعوبنا ، و (لمن هم فى دائرة الصراع ) الراغبين فى التمتع بالسلام لأنهم يستحقونه. بإذن الله.
أخيرا، أود أن أعبر عن إمتنانى لكل الرعاه الذين ساهموا فى إقامة هذا الحفل و فى الأنشطة الأخرى التى تقيمها السفارة. لأن دعمهم كان له أهمية قصوى فى التقريب بين بلدينا، من خلال تشجيع التعاون الثنائى و الحوار ، و التبادل الثقافى بينهما.
كما أود أن أعبر عن عميق شكرى و عرفانى لطاقم العمل الرائع بالسفارة ، لأن هذا الفريق المذهل الذي عمل بجد من أجل الاستمتاع بهذا الحفل، إلى أقصى حد.
شكرا للجالية المكسيكية ، و لجالية أمريكا اللاتينية، التى دائما ترافقنا فى إحتفالاتنا الثقافية و التى نشعر فى وجودها بحب شعوبنا لأخوننا المصريين.
شكرا جزيلا للأشقاء المصريين على الحفاوة و الكرم.
معا، شركاء و أصدقاء، المكسيك و مصر سنواصل بناء الجسور ، و تعزيز التعاون و التفاهم المتبادل، الذى يحتتجه العالم اليوم أكثر من أى يوم مضى