Image

السبب الحقيقي وراء الشكل الجديد لدوري أبطال أوروبا

مع اقتراب اللاعبين النجوم من انطلاق الموسم الحالي لدوري أبطال أوروبا بشكله الجديد هذا الأسبوع، لا يزال هناك كثير ممن لا يفهمون الشكل الجديد، حتى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" مازح الجميع في هذا الشأن في مقطع الفيديو الترويجي الخاص به أثناء القرعة، واللاعبون ليسوا وحدهم في هذا الصدد، إذ يخوض كثير من المشجعين وحتى المسؤولين التنفيذيين للأندية المناقشة نفسها.

يمكن القول إن هذه مشكلة حقيقية للأداء الأساس للمسابقة، ناهيك عن أنها تمثل التعقيد غير الضروري لرياضة تحظى بشعبية تاريخية بسبب بساطتها.

لا يزال هناك أمل داخل "يويفا" في أن يفهم الجميع الصيغة الجديدة بمجرد أن تتشكل المباريات والجدول أمام أعينهم، وهذا تبرير نادر جداً، ولكن هذا التغيير بالكامل يمثل قفزة كبيرة كما أنه يمثل بداية عصر، إذ ستخلط فهمنا وتوقعاتنا لكيفية عمل كرة القدم تماماً.

إن بطولة دوري أبطال أوروبا الجديدة ليست سوى الخطوة الأولى في دورة ستشهد تغييرات في غالب أجزاء التقويم الرئيسة، فالهيكل البنيوي والنفسي للعبة يخضع لإعادة ترتيب، وتسير بطولة كأس العالم في اتجاه مماثل، من خلال التوسع إلى 48 منتخباً، في الوقت نفسه الذي يقدم فيه "فيفا" بطولة كأس العالم الموسعة الجديدة للأندية، والحقيقة أن امتداد الموسم الأوروبي حتى العطلة الشتوية في يناير (كانون الثاني) تشكل بالفعل فارقاً كبيراً.

وفي حالة الهيكل المحدد لدوري أبطال أوروبا، فإن الشكل الكلاسيكي الذي يتألف من ثماني مجموعات تضم كل منها أربعة أندية، مع تأهل الفريقين الأولين، انتهى الآن بعد 25 عاماً من العمل به، وعلى رغم بساطته، أصبح الشكل متوقعاً في السنوات الأخيرة وفقد بعض سحره، والآن يستبدل بشيء لم نشهده من قبل في كرة القدم النخبوية، وهو 36 فريقاً يوضعون جميعاً في جدول عملاق واحد، ولكن كل ناد لديه ثماني مباريات فقط لمحاولة الوصول إلى المراكز الـ24 الأولى أو ما يسمى بـ"دوري السوبر"، إذا صح التعبير.

ويزداد هذا الوصف وضوحاً نظراً إلى نشأة هذا الشكل، إذ تم التوقيع عليه في اليوم التالي لإطلاق "دوري السوبر" الفعلي في أبريل (نيسان) 2021، بعد أن خرج من المفاوضات، إذ تم وزن تهديد هذا المشروع في كل مرحلة من المناقشات، وهكذا تحصل الأندية الكبيرة دائماً على ما تريده.

وأدى ذلك إلى تساؤلات حول سبب عدم إلغائه من "يويفا" بمجرد هزيمة دوري السوبر، ومع ذلك كان هناك قبول بأن دوري أبطال أوروبا بحاجة إلى تحديث، إضافة إلى إدراك أن الأندية الأكثر ربحية لا تزال بحاجة إلى امتيازات.

وبقدر ما قد يبدو هذا الشكل متاهة في الوقت الحالي، فقد كان من الممكن أن يكون أسوأ، إذ أراد رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي السابق أندريا أنييلي الذي كان محركاً كبيراً لدوري السوبر مسابقة منتفخة بأربع مجموعات من ثمانية أندية، وكان من الممكن أن يحتفظ ما يصل إلى 24 فريقاً بمكانهم للموسم المقبل، كما درس "يويفا" فكرة إقامة دور مجموعات مزدوج، إذ تسفر عن أربع مجموعات من أربعة فرق في أعقاب أربع مجموعات من ثمانية فرق، كما حدث بين عامي 1999 و2003. وكانت هناك خطط مماثلة لإنشاء ست مجموعات من ستة فرق، فضلاً عن إصدارات مختلفة من هذا الشكل تتألف من 10 أو 12 جولة من المباريات.

وتم اختيار الهيكل الحالي لأنه ضم أفضل هذه الأفكار على أساس أربعة عوامل رئيسة هي: الحجم والتوقيت والجودة أو الإثارة والأهمية المحلية.

وكانت بعض هذه العوامل ذاتية بالضرورة، ومن الواضح أن الاعتبارات التجارية كانت لها ثقلها، وبخاصة في ما يتصل بحجم أكبر من المباريات، ومزيد من المباريات الكبرى، وأربعة فرق إضافية تمثل أسواقاً جديدة محتملة.

ويشعر "يويفا" وشركاؤه في المسابقات، شركة "تيم ماركتينغ"، بالتفاؤل إزاء نجاح هذه الفكرة، ونجحت بالفعل في أمثلة مثل المسابقة المحلية الرومانية.

ولكن هناك تحذير عادل مفاده بأن التوسع ليس بالضرورة أمراً سيئاً، حتى ولو كان لأسباب خاطئة، والأسباب هنا مالية بالطبع، وبطرق مختلفة.

لقد شعر "يويفا" أن النظام القديم يحتاج إلى تحديث لأنه أصبح مملاً، ولكن هذا يرجع في الغالب إلى التفاوت المالي، إذ تأهل 15 من أغنى 16 نادياً في أكثر من 90 في المئة من المناسبات، وعليك فقط أن تنظر إلى عدد المرات التي رأينا فيها أخيراً مباريات مثل ريال مدريد ضد مانشستر سيتي، وليفربول ضد ريال مدريد، وبايرن ميونيخ ضد مانشستر سيتي.

وكانت هناك حاجة مقابلة إلى إرضاء هذه الأندية نفسها، إذ سعت إلى مزيد ومزيد من الدخل.

لقد قلل "يويفا" بشكل كبير من الأموال التي تذهب إلى الجميع على مدار 30 عاماً.

ولكن بدلاً من معالجة هذه القضايا بشكل مباشر، تهربت الهيئة الحاكمة منها وأصبح دور المجموعات مملاً لذا تم التخلص منه ببساطة، وكان هناك كثير من المباريات الميتة، لذا فقد تقرر تأجيلها.

الطريقة الوحيدة للتأهل تلقائياً إلى مراحل خروج المغلوب هي الانتهاء في المراكز الثمانية الأولى، بينما ترسلك المراكز من التاسع إلى الـ24 إلى مرحلة فاصلة أخرى، ثم هناك تصنيف على غرار مسابقة "ويمبلدون" للتنس على أساس المركز في الدوري قبل بدء مباريات دور الـ16، والهدف الأخير هو زيادة الحوافز للمباريات اللاحقة.

وهنا نصل إلى السؤال الرئيس حول ما إذا كان هذا يمكن أن ينجح كمسابقة، ناهيك عن كيفية عملها.

لا شك في أن مرحلة الدوري تتمتع بحيوية وتنوع جديدين مثيرين للاهتمام، وحقيقة أن كل فريق يلعب ضد ثمانية فرق مختلفة تعزز الشعور بالانفتاح.

ويكمل ذلك نهاية عصر قيود القرعة، وبالتالي فإن جميع الأندية لديها قرعة مماثلة وتحصل الفرق المصنفة الأولى على مباراتين لكل منها ضد أندية ينظر إليها على أنها من المستوى نفسه، بطريقة كانت مستحيلة في دوري أبطال أوروبا القديم.

قد يكون هناك خطر حقيقي على ذلك أيضاً، إذ من الممكن أن تكون مباراة برشلونة ضد بوروسيا دورتموند في الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) معركة لتحديد المركز الثامن أو التاسع، كما أن الأندية الأقل ثراء لديها فرصة أكبر للتأهل، وعلى سبيل المثال ينظر إلى سيلتيك غلاسكو على أنه صاحب أفضل قرعة في مواجهة مباريات كبيرة مثل أستون فيلا بينما يتطلع إلى مكان في المراكز الـ24 الأولى.

يبدو كل هذا جيداً من الناحية النظرية، وبخاصة فكرة أن الأندية الكبرى تتنافس على مراكز التصنيف في وقت لاحق، وسيتم إنتاج مزيد في أسبوع البريق خلال فترة أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي يضم ليفربول ضد باير ليفركوزن، وريال مدريد ضد ميلان، وإنتر ميلان ضد أرسنال، وباريس سان جيرمان ضد أتلتيكو مدريد، وكان هذا هو الهدف.

لكننا لن نعرف على وجه اليقين حتى نرى الواقع مع بدء المنافسات، إذ يبدو أن مباراة ليفربول ضد ريال مدريد في أواخر نوفمبر قد تكون ضخمة بالتأكيد، ولكن هل يهم حقاً إذا كان كلا الناديين في المركز الرابع والخامس على التوالي بحلول ذلك الوقت؟ هل سيهتمون كثيراً بالمكان الذي سينتهي فيه كل منهما في الدوري، لأنهم لن يعرفوا حتى من هو الفريق المواجه لهم على الجانب الآخر من القرعة.

كما سيكون من المستحيل تقريباً لأي أندية ثرية أن تنتهي خارج المراكز الـ24 الأولى، وهذا هو الهدف، وهذا بعد 144 مباراة ضخمة، التي ستقضي على ثلث الأندية المشاركة فقط.

الكلفة الوحيدة لإنهاء الدوري خارج المراكز الثمانية الأولى هي تجنب مباراتين إضافيتين في الملحق، وهذا مهم في تقويم مزدحم مثل هذا بالتأكيد، لكنه ليس مثل تهديد الخروج المفاجئ الذي يحيي الرياضة حقاً.

قد يكون هذا جيداً أو قد يكون مجرد مزيد من المباريات ذات الأهمية الأقل، كما أصبحت عادة في كرة القدم الحديثة.

لن نعرف حتى تبدأ، وعند هذه النقطة سنكون جميعاً في رحلة اكتشاف.

الوجهة النهائية لا تزال واضحة بما فيه الكفاية، على رغم ذلك، إذ لم يفز أي فريق يقل دخله عن 460 مليون يورو (512.04 مليون دولار) بدوري أبطال أوروبا منذ أكثر من عقد من الزمان، ومن غير المرجح أن يغير الشكل الجديد من هذا الأمر، ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى تفاقم هذه الديناميكية.

وقد يزعم بعض المتابعين أن هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تسير بها الأمور على وجه التحديد.