Image

في تقريرين للأمم المتحدة .. اليمن تعيش كارثة مناخية غير مسبوقة

أكد تقريران صادران عن جهات تابعة للأمم المتحدة خلال الساعات الماضية، ان اليمن تضررت بشكل واسع جراء فيضانات الامطار التي شهدتها مؤخرًا، وأنها تعيش كارثة غير مسبوقة جراء تأثير التغيرات المناخية.

قال تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان،  أن أمطارًا غير مسبوقة شهدتها اليمن مؤخرًا، تسببت بأضرار واسعة وكبيرة وفاقمت المعاناة التي تعيشها البلاد منذ عقد من الزمن.

وذكر التقرير ، أنّ أكثر من 82 ألف أسرة يمنية (أكثر من 574 ألف شخصًا) تضرّرت جراء الأمطار الغزيرة والسيول العارمة والفيضانات المفاجئة، التي شهدتها عدة محافظات يمنية خلال شهري يوليو، وأغسطس الماضيين.

وأضاف صندوق الأمم المتحدة في تقريره، أنّ الأمطار الغزيرة التي شهدها اليمن مؤخرًا، تسبّبت بأضرار واسعة النطاق وموجات نزوح كبيرة في معظم أنحاء البلاد، خاصة في محافظات المحويت والحديدة وذمار وحجة ومأرب وصعدة وصنعاء وإب وتعز، التي تُعد الأكثر تضررًا، الأمر الذي "أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة بالفعل الناجمة عن أكثر من 9 سنوات من الحرب".

نداء عاجل
وقد أطلقت المنظمة نداءّ عاجلًا لجمع 13.3 مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين، حيث قال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن مات هوبر: إنّ "حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي".
وقُتل نحو 100 شخص في أنحاء اليمن في الأسابيع الأخيرة،  استنادًا الى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.

ظروف غير مسبوقة
ونهاية أغسطس الماضي، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت في غرب اليمن، ما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصًا، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الذي أشار إلى أنّ عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة ما أرغم 215 عائلة على النزوح.
كما لقي 60 شخصًا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو، بحسب الأمم المتحدة.
وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت "غير مسبوقة".ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددًا من سكانها.

صعوبات وعوائق
وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن في تدوينة على منصّة "إكس"، أن إيصال المساعدات للمتضررين كان "شبه مستحيل" بسبب "الطرق المتضرّرة والعائمة"، مرفق صور تُظهر جِمالًا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.
وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق.
ويُعاني اليمن في الأصل من زيادة معدلات سوء التغذية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.

اشتداد الأمطار
ويقول خبراء، إنّ الأمطار الموسمية تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة تغيّر المناخ.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، من أنّ الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن "تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاءً من المرتفعات الجنوبية مستويات متساقطات غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم".
وقالت الباحثة مها الصالحي في مؤسسة "حلم أخضر"، وهي منظمة بيئية يمنية، إنّ "تغيّر المناخ لا يؤدي إلى زيادة وتيرة الفيضانات فحسب، إنما يجعلها أكثر شدة".

تداعيات التغير المناخي
من جهته، شرح الوكيل المساعد لقطاع الأرصاد الجوية في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد التابعة لجماعة "الحوثي" محمد حميد، أنّ زيادة وتيرة الأمطار وشدّتها في اليمن تكشفان بوضوح تداعيات التغير المناخي.
وقال في تصريح صحفي : "منذ مايو/ أيار 2015 وحتى هذا العام، شهدت البلاد نحو 9 أعاصير، وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل في اليمن"، مضيفًا أنّه "مع اقتراب شهر أكتوبر/ تشرين الأول، علينا أن نستعد لظاهرة الأعاصير".

عوامل هلاك حوثية
بدوره، أشار الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني كريم الجندي، إلى أنّ تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع الذي تسببت به جماعة الحوثي المدعومة من اي ان، يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ.
وقال خبير المناخ الجندي : "تساقط أمطار أكثر غزارة مقرونة ببلد غير مستقر نتيجة الحرب، يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، ما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات".

عواقب وخيمة
الى ذلك كشف لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، عن أضرار جسيمة لحقت بالأراضي الزراعية والثروة الحيوانية في اليمن، جراء الفيضانات التي شهدتها البلاد في أغسطس/ آب الماضي، وسط مخاوف من عواقب وخيمة على الأمن الغذائي والاقتصاد بشكل عام.
وقالت المنظمة،في تقرير حديث، إن الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي شهدتها اليمن في أغسطس/آب 2024، "تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بالمجتمعات الزراعية في المرتفعات الغربية والمناطق المنخفضة. وتواجه الزراعة، باعتبارها مصدرًا حيويًا لسبل العيش في اليمن، عواقب وخيمة على الأمن الغذائي والاقتصاد بشكل عام بسبب الأضرار الناجمة عن الفيضانات".

أرقام ومناطق
وذكرت أن الفيضانات تسببت بتضرر 98,726 هكتارا من الأراضي الزراعية؛ بما في ذلك المحاصيل العشبية، والمحاصيل الشجرية، والبساتين، وأشجار النخيل، في محافظات (الحديدة، وعمران، وحجة، ومأرب، والجوف، وصعدة، وصنعاء، والبيضاء، وأمانة العاصمة، وشبوة، ولحج، وأبين، وذمار، وتعز، والضالع، والمحويت، وريمة، وإب).
وأشارت "الفاو" إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة اللاحقة غمرت الوديان وأنظمة الصرف، مما تسبب في أضرار جسيمة للأراضي الزراعية، بينما "ظلت مياه الفيضانات راكدة في المناطق المنخفضة بمحافظات الحديدة وحجة وعمران، مما أدى إلى غمر المياه وتدمير المحاصيل بشكل أكبر.
وأوضح التقرير أن إجمالي المساحة المتضررة من الفيضانات في عموم البلاد بلغت 341,296 هكتار، أغلبها في محافظتي الحديدة والجوف، وبواقع 103,253 هكتاراً، و94,365 هكتاراً (على التوالي)، تليهما مأرب وعمران، أما في المناطق المستوطنة (الحضرية والريفية)، فقد أثرت على 217 هكتاراً.
وأشار التقرير إلى أن المجتمعات المتضررة تعاني من خسائر في المحاصيل تصل إلى 12٪. وقد تحملت محافظتا الحديدة وحجة العبء الأكبر من هذا الدمار الزراعي، حيث أدى هذا الضرر الواسع النطاق إلى عواقب فورية وكبيرة على الأسر الزراعية، بما في ذلك انخفاض حاد في الإمدادات الغذائية وخسارة كبيرة في الدخل.

التاثير على الحيوانات
وبشأن التأثيرات على الثروة الحيوانية، كشف التقرير أن الفيضانات كان لها تأثير كبير على الماشية، حيث أبلغ المزارعون عن خسائر كبيرة، حيث تأثرت 279,400 ماشية على الأقل (175,341 خروفًا و104,059 ماعز) بسبب الفيضانات، وكانت محافظات الحديدة وحجة والجوف أكثر المحافظات تضرراً.
وأضاف التقرير أنه وإلى جانب الخسائر المباشرة، تواجه الحيوانات الباقية مخاطر متزايدة بسبب تدهور الأوضاع الصحية ومحدودية الوصول إلى الخدمات البيطرية.
وتوقع التقرير أن تكون هذه التأثيرات على الثروة الحيوانية بعيدة المدى مما يؤثر على اقتصادات الأسر المعيشية وتوافر منتجات الألبان واللحوم في الأسواق المحلية. ما يؤكد الحاجة إلى تدخلات مستهدفة لدعم أصحاب الماشية المتضررين والحفاظ على الأمن الغذائي في البلاد.

البنية الاساسية
كما ألحقت أضراراً جسيمة بالبنية الأساسية للري، من قنوات الري ومرافق تخزين المياه والمضخات والآبار، الأمر الذي يعيق جهود التعافي.
ولا يؤثر الضرر الذي يلحق بالبنية التحتية للري على الإنتاجية الزراعية الحالية فحسب، بل يهدد أيضًا المحاصيل المستقبلية، مما قد يؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد تتعلق بالأمن الغذائي في المناطق المتضررة.