تسامُح الثورة وتناقض الساسة أوصل الحوثي إلى الانقلاب .. الشعب في مواجهة الإماميين بنسختهم الإيرانية وتوجُس مليشاوي من الاحتفاء بثورة سبتمبر
حينما أعلنت نجاح ثورة 26 سبتمبر لم يكن أمام قيادة الثورة إلا إظهار التسامح مع الإماميين ومن والاهم ممن أعلنوا قبولهم بالنظام الجديد والعيش في ظل الجمهورية على اعتبار أن الوطن يتسع للجميع، وأصبح من الضرورة طي صفحة الماضي البغيض وفتح صفحة أخرى عنوانها البناء والتنمية الكل شركاء في رسم المستقبل المنشود للدولة اليمنية .
أذيال الإمامة ومشروعهم الخبيت
وعلى مدى سنوات مضت من عمر الجمهورية، استغل أذيال الإمامة ذلك التسامح، وانتشروا كالسرطان في كافة أجهزة الدولة، وعمدوا على محاربة النظام الجمهوري متخذين التقية غطاءً يخفون من خلالها مشروعهم الخبيت، وأول ما سنحت لهم الفرصة انقضوا على الدولة بمساعدة الإخوان المسلمين الذين وحدتهم ساحات التآمر، ومكنتهم من رص صفوفهم في فبراير 2011 لإسقاط النظام مستغلين البسطاء من الناس وجرهم الى الفوضى التي انتهت بانقلاب الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر .
الربيع العبري ومكر الحوثي بالساسة
إن أحداث الربيع العبري والاحتجاجات ضد النظام هيأت فرصة ثمينة للحوثيين في أن يكون لهم موطئ قدم في السلطة في حكومة السلم والشراكة بناءً على المبادرة الخليجية بصفتهم كأنصار الله القادمين من معقل الإماميين الجدد بصعدة الذين لعبوا بمكر على تناقضات القوى اليمنية المتحالفة والمتصارعة على حد سواء، ووقع الجميع في فخ حينما وجدت قوى سياسية طامحة بنصيب من السلطة أنها خارج المعادلة السياسية وفق معايير طائفية وسلالية ليصبح أصدقاء الساحات أعداء قادة الانقلاب ملاحقين ومختطفين في سجون المليشيا السرية .
حينما تمكن الحوثيون من القصر الرئاسي بانقلابهم على الدولة كشّروا أنيابهم ودمّروا كل ما بني على مدى أكثر من نصف قرن ومضوا بمشروعهم إلى إعادة اليمن إلى الإمامة بنسختها الجديدة الأكثر تخلفًا، واصبحنا نشهد حربًا لا يوجد فيها أي مؤشر على أنها قاربت على الانتهاء، ارتبط مشروعها الإمامي بمخطط دولي يستهدف المنطقة من خلال زرع نبتة خبيتة في الأرض اليمنية لتكون منطلقًا لزعزعة الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط .
الإمامة في عباءة المخطط الإيراني
الإماميون حصدوا ثمار انخراطهم في النظام الجمهوري الذي أعقب ثورة سبتمبر وما تلاها من حرب أهلية انتهت بمصالحة وطنية، وعملت على تعزيز وجود عناصرها في مؤسسات الدولة ومرافقها الحسّاسة؛ كونها هي الدولة العميقة في اليمن وعملت بدأب على تهيئة الأجواء والظروف للعودة مرّة أخرى إلى حكم اليمن ودخلت ضمن المخطط الإيراني واللعبة الدولية في تمكين المليشيات من السيطرة على أجزاء من الجمهورية مقابل إحداث فوضى داخل اليمن يصل تهديداتها الى دول الجوار والملاحة الدولية بالبحر الأحمر .
الوجه الخبيث للحوثي
ليس غريبًا أنه وبعد 62 عامًا على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، أن تظهر الإمامة من جديد بوجهها القبيح القادمة من صعدة تحكم سطوتها على مناطق سيطرتها لعدد من المحافظات بسياسية التجهيل والتقديس للسادة ممن يدعون انهم من "آل البيت" وبقية الشعب عبيد خُلقوا لخدمتهم كجماعة مليشاوية سلاليية لا تحمل أي مشروع سياسي سوى تنفيذ المشروع الإيراني بمنطقة الشرق الأوسط، وبما يتوازى مع المخطط الصهيوني بالمنطقة والفوضى الخلاقة التي بشرت بها أمريكا مع ثورات الربيع التي استهدفت نظم جمهورية بالدول العربية .
استهداف أهداف الثورة
وإذا كان للثورة ستة أهداف قاتل اليمنيون من أجل تحقيقها، ها هي تلك الأهداف تُستهدف الواحدة تلو الأخرى بشكل ممنهج ومخطط حتى أصبحت مناطق سيطرة الحوثي تعيش العهد الإمامي بعد أن أثمرت البذرة الخبيثة في محافظة صعدة عصابات إجرامية على رأسها عبد الملك الحوثي الذي يقود اليمن ومقدرات الدولة إلى الهاوية .
توجّسٌ حوثيٌ من احتفال سبتمبر
في السابق كانت المليشيا تحاول أن تُظهر نفسها بأنها مع النظام الجمهوري وتشارك المحتفلين بذكرى 26 سبتمبر، إلا أنها ظهرت على حقيقتها، وأسقطت القناع تدريجيًا، بعد أن كانت تمارس المداهنة والنفاق تجنباً لردة فعل المجتمع الذي يزداد تمسكه وإيمانه بالثورة لتعبر عن مدى خشيتها من الاحتفال، والذي يحمل رسالة واضحة أن الشعب اليمني سوف يظل جمهوريًا حتى وان كان هناك من يراوغ وهو ما يصيبها بحالة من الذعر على مشروعها الإمامي. لهذا أصدرت القيادات الحوثية بلهجة تتضمن تهديداً ووعيداً، بعدم تنظيم الاحتفالات، وعدم السماح بإيقاد شعلة الثورة..
ووزّعت تعميمًا على مسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات» في مختلف أحياء مركز المحافظة ومدنها، وشيوخ القرى والعُزل، بمنع أي تجمعات
او استعدادات للاحتفال بذكرى الثورة من خلال رفع الأعلام الوطنية على أسطح المنازل وعلى السيارات وأبواب المحلات التجارية، ورسم العلم على الأبواب وجدران المنازل وخزانات المياه على أسطح البنايات مشترطة دمج الاحتفالات بذكرى الانقلاب وذكرى المولد النبوي مع ذكرى الثورة في فعاليات موحدة. فهي تدرك إنها باتت معزولة تماماً عن المجتمع، فبدأت التصعيد لإسقاط قيمة الثورة من أذهان اليمنيين، فضلاً عن حملها رسائل أخرى بين اليمنيين أنفسهم عززت من يقينهم بضرورة المواجهة المباشرة مع الاماميين الجدد، وإسقاط مشروعها.