Image

قلق متزايد بشأن تأثير «أمازون» وجيف بيزوس على سوق الكربون

تثير «أمازون» ومجموعة جيف بيزوس الخيرية، التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، القلق بشأن تأثيرها على سوق ائتمانات الكربون. ويأتي هذا القلق في خضم جدل متزايد حول كيفية سعي شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الكبرى الأخرى لتحقيق أهداف مناخية صعبة.

ويُعد صندوق بيزوس للأرض من بين أبرز الممولين لمبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية، وهي الهيئة المُعترف بها عالمياً من جانب شركات مثل «أبل» و«إتش آند إم» في تحديد المعايير الطوعية وفرض قيود صارمة على استخدام الائتمانات الكربونية لتعويض الانبعاثات.

وتتوسع «أمازون» في مبادرتها الطوعية الخاصة، ووقعت عليها أكثر من 500 شركة تشمل «أوبر» و«آي بي إم» و«مايكروسوفت»، ومن شأنها توفير طريقة بديلة لبلوغ الأهداف المناخية ولا تفرض حدوداً على استخدام الائتمانات الكربونية. وتمر مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية ذاتها بمرحلة لإعادة نظر في نهجها المتعلق بالتعويضات الكربونية، وهو ما قد يكون حاسماً لكبرى شركات التكنولوجيا، في وقت تُفضي فيه ثورة الذكاء الاصطناعي إلى طفرة في الانبعاثات بسبب الاستخدام الكبير لمراكز البيانات.

وازداد قلق خبراء ونشطاء بشأن قدرات «أمازون» وصندوق بيزوس، الذي يترأسه جيف بيزوس وخطيبته لورين سانشيز، في التأثير على مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية. وتتمتع هذه الأخيرة بنفوذ على ما إن كان بمقدور الكثير من المجموعات المؤسسية تحقيق هدف «صافي الانبعاثات الصفري» بصورة موثوقة. وأفاد شخص على صلة وثيقة بـ«أمازون» بأن الشركة «مختلفة كلياً» عن صندوق بيزوس، مؤكداً بالقول: «نعمل باستقلالية تامة عن بعضنا بعضاً».

ومع ذلك، فقد أثار موظف سابق في المبادرة مخاوف بشأن التأثير المُحتمل لصندوق بيزوس على المعايير المناخية، وذلك في شكوى رفعها إلى مفوضية الجمعيات الخيرية بالمملكة المتحدة في يوليو الماضي. كذلك، فقد موّل الصندوق مؤسسات توظف ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة المبادرة.

وتعتزم مفوضية الجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة تقديم توصية للمبادرة، كجمعية خيرية مُسجلة في البلاد، بشأن كيفية إجراء تحسينات على حوكمتها، بما في ذلك ما يتعلق بتضارب المصالح، وذلك بحسب مراسلات اطلعت عليها «فاينانشال تايمز».

وأعلن صندوق بيزوس للأرض أنه «يتطلع إلى قراءة ما توصلت إليه مفوضية الجمعيات الخيرية بالمملكة المتحدة». ومن جهتها، قالت مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية: «نعمل وفق عمليات حوكمة واضحة، بما في ذلك سياسة تضارب المصالح، ونواصل اتخاذ خطوات استباقية لتحسين هذه الآليات».

وتمثل المؤسسات المانحة المتمتعة بصلات، سواء حالية أو تاريخية بكبرى الشركات، مثل «بلومبرج فيلانثروبيز» أو «آيكيا فاونديشن» أو «روكفلر فاونديشن»، العماد المالي لتحديد المعايير البيئية ومجال حملات النشطاء. كما موّلت «جوجل» وذراعها الخيرية جهات في هذا النطاق.

ومع ذلك، فالمعركة حيال مستقبل مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية قد تكون حاسمة لجهود الشركات في تحقيق الأهداف المناخية. وأصيبت بعض الشركات بالإحباط بسبب القيود التي فرضتها المبادرة على استخدام الائتمانات الكربونية وجعلها قاصرة على 10% فقط من الانبعاثات. وعلى مدى العام الماضي، كانت «أمازون» و«مايكروسوفت» من بين مئات الشركات التي حذفتها المبادرة من قائمتها المتعلقة بالمجموعات التي تتخذ خطوات طموحة بما يكفي لبلوغ هدف «الصافي الصفري». ويُعدّ صندوق بيزوس داعماً هو أيضاً لأبرز جهة في وضع معايير المحاسبة الكربونية، بروتوكول غازات الاحتباس الحراري، وتمر هي أيضاً بعملية إعادة نظر في نهجها في ما يتعلق بالتعويضات الكربونية.

ونُشر مؤخراً وصف لوظيفة لصالح مبادرة «كلايمت آند نيتشر فاينانس»، التي شارك صندوق بيزوس في تأسيسها، لطلب موظف بإمكانه بناء استراتيجيات «داعمة لسوق الكربون الطوعية»، التي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار حالياً.

ويُنظر إلى «أمازون» أنها تروّج لبدائل لمعايير المبادرة. وبالنسبة للشركات التي تختار التوقيع على «التعهد المناخي»، يجب عليها التعهد ببلوغ هدف «الصافي الصفري» بحلول 2040، «بما يتماشى» والأهداف المُعلنة بموجب اتفاق باريس المناخي المُوقّع في عام 2015، لكن بإمكانها أن تختار بالتحديد مدى خفضها لانبعاثاتها الخاصة مقابل شراء التعويضات. وفي العام الماضي، أسهمت «أمازون» أيضاً في وضع معيار جديد بديل لسوق تعويض الكربون، يُدعى «أباكوس»، ويهدف لاختبار جودة ائتمانات الكربون.

وعادة ما يكون شراء الائتمانات الكربونية أقل تكلفة بكثير مقارنة بخفض انبعاثات سلسلة التوريد، مما يجعلها الأداة المُفضّلة لبعض الرؤساء التنفيذيين في مواجهة الضغوط للوفاء بالتعهدات المناخية التي قطعوها للمساهمين.

وتمثّل ائتمانات الكربون طناً من ثاني أكسيد الكربون المُزال أو الذي يتم توفيره، أي عند حماية الأشجار أو حينما تحل الطاقة المتجددة محل الفحم على سبيل المثال، لكن من الصعب قياس منافعها. ويكمن الهدف من ائتمانات الطاقة في أن تمثّل طاقة متجددة جديدة وأن تُستخدم بالطريقة ذاتها لتعويض الانبعاثات.

وأعرب عاملون في مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية عن قلقهم بشأن حضور مجموعات الضغط لصالح ائتمانات الكربون والطاقة اجتماعات السياسة المناخية. ورد أحد المقربين من صندوق بيزوس على هذه الانتقادات: «ليس بإمكانهم تحمّل حقيقة أنهم لم يعودوا متمتعين بتفويض مُطلق لوضع القواعد. فأهلاً بكم في عالم البالغين لتحديد المعايير».

وتُعدّ «أمازون» الشركة الوحيدة التي موّلت الأعمال الرئيسة للمبادرة، لكنها مع ذلك لم تعد داعمة مالية حالياً. وتجدر الإشارة إلى تمويل كل من «لافارج» و«أرسيلور ميتال» و«دانون» و«آيكيا» لمشروعات بعينها.

وقبل عامين ونصف، طلب أندرو ستير، الرئيس التنفيذي للصندوق، من مجلس إدارة المبادرة وإدارتها الاجتماع بمجموعة من كبرى الشركات الأمريكية المُدرجة، تضم في «أمازون» و«نتفليكس» و«جنرال موتورز» و«جونسون كونترولز».

أعرب ستير حينها عن شعور الشركات بالإحباط من «غياب مرونة» المبادرة، بما في ذلك قواعدها التي تفرض قيود على استخدام الائتمانات الكربونية، وذلك بحسب رسالة بريد إلكتروني في عام 2022 اطلعت عليها «فاينانشال تايمز» وكانت صحيفة دي تسايت الألمانية أول من نشر عنها.

وكتب ستير في رسالة البريد الإلكتروني أن الاجتماع بإدارة مبادرة الأهداف المستندة إلى أسس علمية ومجلس إدارتها من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً في «إظهار هذا النوع من الاحترام»، وبإمكانه الحيلولة دون توجّه لتأسيس جهة بديلة لوضع المعايير. وسلّط ستير الضوء على «الدعم المالي الكبير» الذي قدمه صندوق بيزوس لمساعدة المبادرة. أما المبادرة، فأعلنت أن تعاملاتها مع الشركات على مستوى العالم «ملائمة كلياً».

وفي مارس الماضي، دعم صندوق بيزوس تخفيفاً لقواعد المبادرة بشأن الائتمانات الكربونية في اجتماع دعا إليه، بحسب ما نشرت «فاينانشال تايمز» في وقت سابق. وأوضح شخص على صلة وثيقة بالصندوق أن الائتمانات لم تكن على جدول أعمال الاجتماع، وأن الصندوق لم يروّج لاستخدام الائتمانات خلال الاجتماع.

وبعد وقت قصير، أعلن مجلس إدارة المبادرة أنه سيسمح باستخدام الائتمانات الكربونية على نطاق واسع. واضطرت المبادرة في وقت لاحق إلى التراجع، بعدما تسبب القرار في صدور شكاوى عن الموظفين.