Image

الدكتور طه الهمداني، في حوار مع قناة اليمن اليوم من خلال برنامج على "طريق السياسة": اليمن تعيش وضعًا كارثيًا ومأساويًا بعد 10 سنوات حرب استنزفت فيه كل مقدراته

ـ هناك سيناريوهات متعددة لليمن في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"
ـ ما يحتاجه المؤتمر هو ما يحتاجه الوطن من أمن واستقرار وسلام والعودة الى التعددية السياسية والشراكة الوطنية

ـ السفير احمد علي أكثر تسامحًا همه الوطن وقضيته اليمن

أكد القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، عضو اللجنة العامة، الدكتور طه الهمداني، بأن اليمن تعيش وضعًا كارثيًا ومأساويًا نتيجة الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، مشيرًا في حوار مع قناة "اليمن اليوم"، إلى أن اليمن استنزفت سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، وأصبحت مفككة نتيجة تقاسم الثروة والسلطة من قِبل الأطراف المتصارعة.

وقال الدكتور الهمداني، ان طاولة الحوار هي المرجع للجميع مهما طال أمد الصراع، وهو المبدأ الذي ظل المؤتمر الشعبي العام وزعيمه الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح متمسكًا به ويدعو  إليه طيلة أزمة 2011، لافتًا إلى انه مهما طال الصراع فلا بد من العودة إلى طاولة الحوار، وهذا ما كان المؤتمر الشعبي العام والزعيم رحمة الله عليه يتبناه في كثير من خطاباته ولقاءاته.

وتناول الدكتور الهمداني خلال الحوار الكثير من المواضيع المتعلقة بالمؤتمر الشعبي العام خلال الفترة الراهنة ورؤيته للمستقبل، وكذا مواقف الحزب والسفير أحمد علي عبدالله صالح بعد رفع العقوبات الدولية، وكذا المواقف الدولية والإقليمية فيما يتعلق باليمن.. فإلى نص الحوار:

إلى نص الحوار في محوره الاول:

مقدمة القناة: ما هي قراءة المؤتمر الشعبي العام المسؤولة لقياداته وكوادره وعلاقته بالأحزاب، وعلاقة الدولة اليمنية بالمجتمع الإقليمي وبراثن الانقلاب الذي لا يزال جاثمًا على الأرض اليمنية، ثم الحرب التي أحرقت اليمن؟.
حوار مسؤول وشفاف مع الدكتور طه الهمداني القيادي البارز في المؤتمر الشعبي العام، عضو اللجنة العامة، والأكاديمي والسياسي والشخصية الوازنة، في قراءة مسؤولة لراهن المؤتمر الشعبي العام، ورفع العقوبات عن السفير أحمد علي عبدالله صالح، والرئيس الشهيد الراحل الزعيم علي عبدالله صالح.

القناة: دكتور طه الهمداني، ما هي رؤيتك، ورؤية المؤتمر الشعبي العام لليمن الآن بعد مرور عشر سنوات من الحرب؟

د. الهمداني: شكرًا جزيلًا .. رؤيتي لليمن كما تعلم، اليمن في وضع كارثي ومأساوي بعد عشر سنوات من الحرب، استنزفت اليمن سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، والدولة اصبحت مفككة، وهناك تقاسم للسلطة في اليمن ومؤسساته، ووضع كل مقدرات الشعب اليمني ومكتسباته الوطنية من ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر، نرى بأنها الآن تتحول إلى مشاريع ضيقة، طائفية، ومناطقية، وضع صراع داخلي وايدلوجي وعقائدي، وأيضًا صراع سياسي متحور إلى صراع إقليمي ودولي. الآن نحن في حالة "لا سلم ولا حرب"، ولا ملامح للمستقبل، ستظل ضبابية، وأيضًا هناك الحرب الأخيرة الدائرة في غزة، يعني خلطت الأوراق، وجعلت اليمن والوضع شائك ومعقد كثيرًا، صحيح ان دول الخليج الآن وكثير من الرعاة الدوليين والاقليميين يحاولون إخراج اليمن، من خلال إمكانية تحقيق سلام عادل وشامل في اليمن، ولكن ما زالت السيناريوهات  مفتوحة نتيجة حالة "اللاسلم واللاحرب" لأنها ممكن أن تقود إلى إما بقاء الأوضاع وجمودها على الوضع الحالي، أو أنها تفضي إلى مفاوضات واستمرار ما تم إطلاقه، مثل خارطة الطريق، وبالتالي تمضي اليمن، أو للأسف العودة إلى مربع الحرب والصراع.

القناة: دكتور طه الهمداني، هل يمكن الحديث عن وجود سياسة في اليمن في زمن الحرب؟

د. الهمداني: يقال أن الحرب هي أداة من أدوات تحقيق الأهداف السياسية، ولكن ثبت فشل هذا الأمر، أنك تحقق أهدافًا سياسية بواسطة الحرب، وسواءً في اليمن أو غيرها من الدول، وعندما تعلو أصوات المدافع والسلاح، تنخفض الأصوات السياسية، لكن أي صراع مهما استمر ومهما طال فلا بد من العودة إلى طاولة الحوار، وهذا ما كان المؤتمر الشعبي العام والزعيم رحمة الله عليه يتبناه في كثير من خطاباته ولقاءاته، ويؤكد على أهمية جلوس الأحزاب والقوى السياسية على طاولة الحوار لأنه سيتم في الأخير مهما طال أمد الصراع لا بد من إجراء مفاوضات وحوار يفضي إلى سلام وشراكة وطنية.

القناة: المؤتمر الشعبي العام وعلاقته بنفسه محل سؤال، وكذا علاقته بالأحزاب السياسية غير واضحة، ترى ما هي قراءة الدكتور طه المهداني لعلاقة المؤتمر الشعبي العام بنفسه أولًا، وبالأحزاب السياسية؟

د. الهمداني: علاقة المؤتمر، المؤتمر يعيش نفس أوضاع البلد، أولًا، لا بد أن نعترف أن هناك انقسامات يعني بسبب الحرب، وبسبب الجغرافيا، و هناك تباين في وجهات النظر، ولكننا نحن ما زلنا حزبًا متماسكًا، والايدلوجية هو الميثاق الوطني والكل مجمع عليها. هناك أيضًا رصيد كبير من الانجازات للمؤتمر، والكل يريد المحافظة عليها، ومكتسبات الثورة الوطنية، وما تحقق خلال 33 عامًا، العلاقات تصدَّعت مع القوى السياسية أبان أحداث 2011، وبعدها الانقلاب في 2014، وبالتالي يحاول المؤتمر النهوض من الركام، ويحاول إعادة علاقاته الداخلية والخارجية، مع أنه أيضًا ما زال المؤتمر مستهدف من قبل الكثير من القوى السياسية باعتباره الحزب الأكبر والأكثر جماهيرية، وبالتالي وجودة يثير مخاوف من كافة الأطراف، لكن العودة إلى العمل السياسي هو الذي سيؤدي إلى أن تفضي العملية إلى حوار مع كل القوى، المؤتمر منفتح على جميع القوى، في الداخل والخارج، ويجري حواراته من أجل إخراج اليمن من المأزق والأزمة الخانقة التي تعيشها.

القناة: دكتور أريد أن استأذنك، فالحقيقة الحديث عن المؤتمر من المؤتمرين حديث عاطفي، جميعكم لا تزالون تقرؤون الثورة كما لو أن علي عبدالله صالح لا يزال رئيسًا الجمهورية ورئيسًا المؤتمر الشعبي العام، هناك من يعتقد ان المؤتمرين عالقين في الماضي لم يستوعبوا أن المؤتمر الشعبي لديه كوادر متماسكة، ولكن لديه قيادة متقطعة، المؤتمر الشعبي كان حزب الدولة وكان أهم وأكبر حزب في الدولة، واليوم الحزب تتناهشه الصراعات والمصالح والدول، فعلى أي أساس لا تزال ترى المؤتمر الشعبي مهمًا وقويًا ورقمًا صعبًا؟

د. الهمداني: صحيح أن المؤتمر لم يعد الحزب الحاكم، ولم يعد المسيطر على كل مفاصل الدولة والسلطة رغم أنه شريك مع كل القوى السياسية حتى في فترة حكمه، وأيضًا السلطة لها وجاهتها ولها أيضًا جاذبيتها تجاه استقطاب القيادات والكوادر، لكن المؤتمر ما زال الحزب الأكبر والأكثر قوة وتماسكًا، يعني يكفي أن تعرف بأنه بالرغم من الأحداث التي تمت ووقعت منذ 2011، حتى الآن قياسًا حتى على مستوى الوطن العربي ما زال المؤتمر الشعبي موجودًا، ولم يستطيعوا اجتثاثه، وظل متماسكًا وصلبًا وصامدًا. المؤتمر الشعبي يملك تجربة وخبرة في إدارة الدولة لمدة 33 عامًا بالشراكة مع كل القوى السياسية، المؤتمر يملك كفاءات، المؤتمر يملك قاعدة ما زالت منتشرة على مستوى اليمن في كل اليمن. المؤتمر ليس حزبًا مناطقيًا، ليس حزبًا فئويًا، يملك مشاريع وطنية، أيضًا قياداته لها تاريخ كبير ويحظى بمحبة الجماهير، كل هذا يؤدي إلى أن المؤتمر ما زال يعوّل عليه من الكثير، بما فيها حتى القوى التي قامت ضده في 2011. والقوى التي تراهن على أن الذي يستطيع أن يقوم ويقدم برنامجًا وطنيًا جامعًا لإعادة اليمن إلى السكة الصحيحة هو المؤتمر الشعبي العام.

القناة: دكتور ماذا لو اعطيتك سؤالًا لا يتفق مع هذا الطرح، رغم أنه أنا أشهد لك أنك قلت كلامًا موزونًا، ولكن هناك أيضًا ميزان وزاوية أخرى تقول بأن قيادة المؤتمر الشعبي هي التي خذلت كوادر المؤتمر، خذلت المؤتمرين، والمؤتمريون ظلوا مخلصين لـ علي عبدالله صالح، ظلوا مخلصين لقيادة المؤتمر الشعبي العام، لكن قيادة المؤتمر بعد علي عبدالله صالح، توزعت مع القبائل، ومع الأطراف ومع الدول، وما جرى لليمن جرى لقيادة المؤتمر الشعبي، فلم يعد هناك قيادة واحدة، ولم يعد هناك انعقاد لمؤتمر عام كبقية الأحزاب، وقيادة المؤتمر الشعبي العام ليسوا على كلمة واحدة، لماذا تتغنى بالأمجاد يا دكتور؟

د. الهمداني: شوف، الأحزاب السياسية المدنية لا تستطيع أن تعمل إلا في بيئة ملائمة، يعني عندما تكون عندك ديمقراطية، عندك حقوق إنسان، أيضًا مجتمع مدني فاعل وجود الدولة نفسها الحافظة والحامية، يعني في عبارة في الميثاق الوطني تقول: " لا حرية بلا ديمقراطية، ولا ديمقراطية بلا حماية، ولا حماية بدون سيادة القانون"، وبالتالي البيئة الملائمة انعدمت في اليمن، انغلاق أكثر في العمل السياسي، يوجد قمع، يوجد استبداد، والقوى النافذة أصبحت تفرض سيطرتها وإرادتها على كافة القوى السياسية الأخرى، وبالرغم من أنه هناك قيادات -كما تفضلت- شرّقت وغرّبت، أيضًا هناك ظروف ذاتية وموضوعية كانت هي السبب الرئيسي في هذا التعدي الحاصل.

القناة: ما الذي يحتاجه المؤتمر الشعبي العام ليعود إلى وضعه الطبيعي؟

د.الهمداني: ما يحتاجه المؤتمر الشعبي العام، هو ما يحتاجه الوطن من أمن، واستقرار، وسلام، يحتاج إلى العودة الى التعددية السياسية، البلد يحتاج إلى شراكه وطنية، يحتاج إلى الابتعاد عن التدخلات الخارجية والتبعية للخارج، يحتاج إلى الاستقلال بقراره، يحتاج إلى عودة الكثير من القضايا التي تهيئ هذه الأجواء، يحتاج الى ارادة اليمنيين وايضا استشعارهم بأنه لا مستقبل الا بالعودة إلى طاولة الحوار، والجنوح إلى السلم لأنه هو الطريق التي ستمهد للعودة إلى الوضع الطبيعي.

القناة: انتم في المؤتمر الشعبي العام كيف فهمتم قرارات البنك المركزي وأيضًا إلغاءها؟

د.الهمداني: أولًا، لا بد لأي قرار، أن يأخذ في الاعتبار مصالح الناس، وبالتالي نحن ننحاز إلى المواطن اليمني أيًا كان وفي أي مكان، وبالتالي القرار السياسي هو فن الممكن.. صحيح أن القرارات كانت حازمة وكانت مطلوبة لإصلاح السياسة النقدية والمصرفية، واحيي محافظ البنك المركزي ومجلس القيادة الرئاسي، ولكن كانت هناك أيضًا ضغوط تمارس  من الأطراف الإقليمية والدولية لتخفيض التصعيد، خاصة في ظل ما يدور في المنطقة، الأهم كيف يمكن  الجلوس، جلوس الأخوة في السلطة الشرعية مع سلطة الأمر الواقع في صنعاء، بحيث يكون هناك نقاش اقتصادي بعيد عن الأهواء السياسية، ليجنب اليمن مزيدًا من التدهور. وضع اليمن كارثي، الاقتصاد منهار، وبالتالي المتضرر من كل القرارات التي صدرت كان سيكون المواطن الذي سيدفع ضريبة الصراع.

القناة: دكتور طه المبعوثين الأممين إلى اليمن "الاول والثاني والثالث والرابع"،  هل يستحقون احترام اليمنيين؟

د. الهمداني: انا لست راضيًا عن أداء المبعوثين، وبالتالي لا يوجد شفافية أيضًا في أدائهم لأعمالهم، لكن لا بد أن نعرف ما هي وظيفة المبعوث الدولي وحدود صلاحياته. المبعوثين الدوليين عبارة عن موظفين يمثلون إرادة المنظمة الدولية التي يعملون فيها، وبالتالي هي تخضع أيضًا لإرادة الدول الكبرى المهيمنة والمسيطرة على مجلس الأمن، والمبعوثين قد يختلفون في أدائهم نتيجة لخلفية السياسية وأيضًا لتوجهاتهم الفكرية، وأيضًا لرغبة مجلس الأمن والدول الكبرى تجاه القضايا التي يقومون بها، ويختلف أداء المبعوثين باختلاف أشخاصهم، وما أريد أن أقوله، أن منظمة الأمم المتحدة للأسف لا تعمل بشكل عام لحل أي صراع سواءً في اليمن أو فلسطين أو في العراق أو في ليبيا أو في غيرها، وإنما هي تدير حالة الصراع، ولم تتمكن الأمم المتحدة حتى اليوم من حل أي صراع في المنطقة. لا بد من اليمنيين والأطراف المتنازعة أن تعمل على إدارة الصراع خاصة وان هناك عوامل داخلية وعوامل خارجية، هي التي تحد سواء من دور الامم المتحدة او من دور المبعوثين الأمميين. ولا يفوتني الإشارة إلى ان بعض المبعوثين الاممين ساهموا في الحالة التي وصلت إليها اليمن، نتيجة لبعض القرارات المتسرعة والإحاطات التي لا تعكس حقيقة الأوضاع والخروج عن التوافق والشراكة في الفترة الانتقالية.

القناة: عشر سنوات من الحرب، تنهاشت عظم الدولة ولحمها وروحها، أتتوقع أن اليمن لا يزال لها ميزان لدى قادة العالم، و لا يزال لليمن احترام وتقدير لدى العالم؟

د. الهمداني: ميزان أي دولة يأتي من تاريخها الحضاري، من موقعها الاستراتيجي الهام، من شعبها وحيويته، فالمقومات الموجودة لأي دولة يمكن مثلًا العامل الجغرافي كموقع اليمن الهام وجو استراتيجي، لكن قد يكون نعمة وقد يكون نقمة، اذا لم يتم استغلاله والاستفادة منه بالشكل الطبيعي. اليمن كانت تحظى باحترام وتقدير كثير من الدول، كانت عامل أمن واستقرار في المنطقة، اليمن حققت نجاحات كبيرة سواءً بالمسار الديمقراطي والتعددي، قبل الحرب، الان الوزن لا بد أنه اختلف عما كان، ولكن أيضًا الأحداث التي جرت في اليمن نبّهت دول المنطقة والعالم، لخطورة وأهمية موقع اليمن وأهمية أمنه واستقراره، لأنه باستقرار اليمن وأمنه، ستستقر المنطقة وأيضًا سيستقر العالم.

القناة: لا تبدو الصورة الآن وردية، الآن جماعة الحوثي تعربد بالبحر الأحمر، حوّلت اليمن إلى قرصان، أقلقت قناة السويس، أقلقت الملاحة الدولية، لا تعبأ بأحد، لا تلقي اعتبارًا للمجتمع الدولي، ولا للمجتمع الخليجي، والعالم يدللها ويعطيها ما تريد من وقت لآخر.

القناة: ما هو ميزان اليمن في زمن الفوضى والحرب وسفك الدماء؟

د. الهمداني: اليمن ما زال وزنها وزن كبير، لكن ما حدث لليمن طبعًا أثر عليها تأثيرًا كبيرًا وعلى أمن واستقرار المنطقة، هي صنيعة أيضًا ما تم، وليس بعيد عن المنطقة وسياسة العالم الذي أدى إلى هذا الأمر، لو كان تم دعم اليمن في بداية الأزمة السياسية أثناء توقيع المبادرة الخليجية، وتمكينها اقتصاديًا ما كنا وصلنا إلى هذا الأمر، لو التدخلات الخارجية والصراعات ابتعدت عن اليمن، لم تكن اليمن الآن ساحة صراع اقليمي ودولي، الآن لم تعد اليمن فقط ساحة حرب داخلية ولا حتى إقليمية، إنما أصبحت ساحة حرب دولية لتصفية الحسابات.

المحور الثاني من المقابلة:
قراءة وضع المؤتمر الشعبي العام بعد رفع العقوبات عن الزعيم الصالح ونجله أحمد علي

القناة: كان هذا نصف ملف حلقة اليوم، وهو قراءة المؤتمر من الداخل، قراءة للمؤتمر وعلاقته مع الاحزاب، وقراءة بشؤون اليمن فيما يتعلق بالحرب، او المبعوثين او شؤون اليمن في عيون الآخرين.. دعنا ننتقل الى قضية اللحظة وهي رفع العقوبات عن أحمد علي عبدالله صالح وعن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، انتم في المؤتمر الشعبي العام كيف قرأتم قرارات رفع العقوبات عن السفير احمد علي عبدالله صالح والرئيس الراحل علي عبدالله صالح؟

د. الهمداني: لا شك انها فرحة كبيرة وانتصار عظيم لإحقاق الحق والعدالة، هي استجابة للمطالب الشعبية والجماهيرية، وأيضًا للمسار القانوني الذي اتخذه الأخ السفير طيلة عقد من الزمن، هي نتيجة تفاعل من مجلس القيادة الرئاسي ومطالبته برفع العقوبات، وأيضًا بدعم من الأشقاء والأصدقاء. هي أيضًا إعادة اعتبار لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رحمة الله عليه وتاريخه، وأيضًا لبراءة السفير أحمد علي عبدالله صالح من كل الافتراءات والأكاذيب، هي في الأخير كانت العقوبات كيدية وسياسية وظالمة، وبالتالي نعتبر أن مجلس الأمن وبناءً على الرفع الذي تم من لجنة العقوبات التي اثبتت عدم مصداقية كل القضايا التي اثيرت والاتهامات التي وُجهت له، وبالتالي تم رفع العقوبات، وهذا أيضًا لا يعني وعدم جود استجابة ورغبة دولية ومصالح لدول كبرى التي وجدت أنه من المناسب حلحلة والبدء في رفع الظلم عن السفير أحمد علي ليتمكن من القيام بدور إيجابي في مسار السلام في اليمن.

القناة: دكتور طه الهمداني في الحقيقة انتم في المؤتمر الشعبي العام، بعد قرار رفع العقوبات عن السفير احمد علي والرئيس الراحل علي عبدالله صالح، انتم في المؤتمر ظهرتم عاطفيين جدًا، وضج أعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام يهللون ويفرحون ويصفقون لرفع العقوبات عن السفير احمد علي عبدالله صالح، في الحقيقة لم تكن الصورة مفهومة، لماذا انتم فرحون كل هذا الفرح لرفع العقوبات عن احمد علي عبدالله صالح، ما المنتظر من أحمد علي؟

د. الهمداني: أولًا، ردود الأفعال هي تلقائية، لم تكن فقط من جماهير المؤتمر الشعبي في الداخل والخارج، وانما كانت من جماهير الشعب اليمني التواق للأمن، التواق للسلام التواق للاستقرار، هي أيضًا رد فعل لمحبة الجماهير لعلي عبدالله صالح وتاريخه العظيم وانجازاته الكبيرة في اليمن. هي ايضا محبة للسفير احمد علي عبدالله صالح الذي يعرفه الناس انه قائد محنك كان له دور ايجابي في كل المراحل التي مر بها اليمن، فهي فرحة وتعبير يمكن رفعت الآمال وسقوف التوقعات والأماني معها، فيما يتعلق بمستقبل السفير الذي ندعو له بالتوفيق فيه. فهي بالأخير فرحة كبيرة وتلقائية، نتيجة لرفع الظلم والكيد السياسي، وتعبير عن حنينهم  لعودة الأمن والاستقرار، ولشعورهم بالظلم والكيد الذي قوبل به رجل بحجم علي عبدالله صالح وعائلته التي ظُلمت كثيرًا، رغم أنه سلَّم السلطة سلميًا، رغم انه قدم الكثير من التنازلات، فهي فرحة وتعبير عن محبة الناس.

القناة: ما المنتظر من أحمد علي عبدالله صالح بعد رفع العقوبات عنه؟

د. الهمداني: المنتظر من أحمد علي عبدالله صالح، احمد علي عبدالله صالح، أولا، هو نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، وهو أكبر حزب سياسي في اليمن. أحمد علي عبدالله صالح شخصية دبلوماسية وسياسية وعسكرية، يحظى بمحبة الجماهير، ويعتبر قيمة وإضافة للنظام الجمهوري وقيام الثورة والجمهورية. أحمد علي عبدالله صالح يمكن بعلاقاته الداخلية والخارجية ان يلعب دورًا في إحلال السلام في اليمن مع كل الشركاء والقوى السياسية، ونتمنى أن يتمكن الأخ السفير بتعاون الجميع أن يوظف كل هذا الحب وهذه العلاقات وهذه الخبرة كرجل دولة كان في سدة النظام، وكان على اطلاع على كثير من مجريات الحكم.

القناة: في الحقيقة قرأنا كلمات وتصريحات مباركات وترحيب بالسفير أحمد علي عبدالله صالح، كلها في الحقيقة عبّرت عن محبة، وكشف الأمر أنه لا يزال هناك قاعدة شعبية واسعة تحب أحمد علي عبدالله صالح وهذا شيء إيجابي، لكن لم نقرأ عن أحد منكم اجمعين تقدير موقف، الطبيعي أن القيادات حينما تقبل على قرارات سياسية كبيرة في محطة مهمة من حياتها وحياة اليمن وحياة الوطن، ان يكون هناك تقدير موقف. هل هناك تقدير موقف ليقف أحمد علي عبدالله صالح اليوم، مما ينتظر منه غدا، هل هو جاهز للمسؤوليات من أي مستوى كان، سواءً الحزبية أو إن كانت في أي موقع آخر؟، هل حدث تقدير موقف منكم في المؤتمر الشعبي العام؟

الهمداني: هذا ليس موجود الآن فقط، هذا الموضوع يتداول بشأنه مع كثير من القيادات من قبل حتى رفع العقوبات. السفير أحمد علي هو قائد وسياسي، صحيح العقوبات كانت مقيدة لحركته ونشاطه واتصالاته، لكنه ايضًا يفكر في هذا الامر، هو يعيش مع الهم الوطني، وقد عبّر في تصريحاته أنه لن يكون إلا منحازا للوطن وأمنه واستقراره، وأنه سيلعب وسيعمل على إحلال السلام في اليمن، وهناك تشخيص كبير للوضع الحالي والتحديات الراهنة، وأيضًا استشراف ما الذي يمكن عمله في مختلف المجالات بالتعاون مع كل الناس. أحمد علي هو ما زال الى حد الآن لا يملك سلطة، ولا يملك قوة عسكرية على الارض، هو مواطن وقائد سياسي يستطيع ان يتحرك مع المؤتمر الشعبي العام، ومع كل الخيرين من أجل مستقبل اليمن.

القناة: القراءة السياسية لميزان أحمد علي عبدالله صالح، الرجل ليس ملوّث في سمعته ولا في تاريخه، رجل لا يوجد في تاريخه ما يجعله مرفوض من الأطراف، لكنه في المقابل غاب عن الحياة السياسية على الأقل السنوات العشر التي كانت تسري فيها العقوبات، الآن مجي الرجل الى الحياة العامة في اليمن من بوابة الحزب او من بوابة الشراكة الوطنية، يتعين عليكم في المؤتمر الشعبي العام ان تقدموا تقدير موقف، وسيتعين على أحمد علي عبدالله صالح أن يظهر ويتخاطب مع الإعلام والصحافة ويسمعه الناس ويعرفون كيف يفكر، كيف يتحدث، كان قائدًا عسكريًا لا يصرح، اليوم يعود الى الحياة العامة والحياة السياسية اليس كذلك؟

د. الهمداني: أحمد علي عبدالله صالح لم يغب، ولكن غُيّب، أيضًا رغم هذا التغييب المتعمد إلا أنه موجود حضوره من خلال حزبه المؤتمر الشعبي العام، حضوره السياسي دائمًا موجود عبر إعلامه الموجود له قناته وله برامجه، وله سياساته، هو لم يغب لكنه كان مُغيب، ولكن الآن ان شاء الله مع رفع العقوبات نأمل تفعيل دوره، بعد رفع القيود التي كانت عليه.

القناة: في الحقيقة الأسئلة المتعلقة بالسفير أحمد علي عبدالله صالح، لها علاقة بالمحبة، ولها علاقة بالنصيحة، لا ينبغي أن نكون جميعًا مادحين ومحبين ونقول اجمل الكلام، فهذا لا يخدم الرجل، ما يخدم القادة، وما يخدم الكبار وما يخدم المسؤولين هو تقدير الموقف، هو تقديم الرؤية، هل قام المؤتمر الشعبي العام بمهمته في تحضير الرؤية، أم أن الرجل ينتظر منه هو أن يقدم الرؤية؟

د. الهمداني: هو يضع الخطوط العريضة أكيد للرؤية، ولتحديد ملامح المستقبل، أيضًا كوادر المؤتمر ستكون معه في تحقيق تلك الرؤية، وحول جميع المسائل في المستقبل القريب. أحمد علي عبدالله صالح مهتم باليمن اكثر من انه مهتم حتى بالمؤتمر الشعبي العام، فهو يعتبر أن عودة الدولة وعودة اليمن واستقراره، هي عودة للحياة السياسية الطبيعية، هو دائما حينما نتكلم عن موضوع رفع العقوبات، يتحدث هو عن رفع العقوبات عن الشعب اليمني، يتكلم عن رفع اليمن من البند السابع، يتكلم عن استقرار وأمن اليمن، هو أكبر من ان يكون فقط مهتم بالجانب السياسي والحزبي، نحن نعتبر أن المؤتمر او غيره من الاحزاب هو احد الوسائل للتعبير عن محبتنا لليمن وأمنه واستقراره.

القناة: في الحقيقة هناك سؤال مفخخ يطرح أمامكم في المؤتمر الشعبي العام، وأمام السفير أحمد علي عبدالله صالح، لم يصنع احد من القائمين على المشهد العام في اليمن شيئا لانقاذ اليمن، الشرعية لم تنقذ اليمن، الجيوش الموجودة في ظروف صعبة، القوى السياسية اليمنية الموجودة تقريبًا عاجزة عن انتاج حل او فعل ينقذ اليمن، أتتوقع انه سيتعين على أحمد علي عبدالله صالح خوض شراكة وطنية مع القيادة في اليمن والقوى الوطنية والعلاقات الاقليمية والدولية، ام ان عليه أن يدرس الأمر كثيرًا؟

د. الهمداني:  التحديات كبيرة وجسيمة وكما تفضلت لا القوى الاقليمية بكلها ولا دول التحالف، ولا المجتمع الدولي، ولا ايضا الشرعية التي اضاعت الكثير من الفرص لاستعادة الدولة، وايضا وجود صراع اقليمي ودولي في اليمن وعلى مستوى المنطقة، تحديات كبيرة وجسيمة لا يمكن لاي شخص او قوى سياسية بمفردها ان تكون عصا سحرية لحل مشاكل اليمن، ولكن لا بد من تظافر جهود الجميع، وهذا ما يؤكد عليه سعادة السفير في كثير من تصريحاته.

القناة: بقي لي سؤال واحد فيما يتعلق بالسفير أحمد علي عبدالله صالح، ورفع العقوبات، أتعتقد ان احمد علي عبدالله صالح سيخرج من هذه العقوبات متسامحًا وكبيرًا، أم سيظل عالقًا في احداث 2011، ولديه نقمة ممن كانوا السبب في إسقاط نظام علي عبدالله صالح، هل أحمد علي عبدالله صالح نموذج للشخص المتسامي المتسامح، ام للشخص العالق في الماضي؟

د. الهمداني: رغم اني لست ناطق رسمي باسم احمد علي عبدالله صالح، ولكن من خلال معرفتي به، الرجل متسامح، الرجل ينظر الى المستقبل الرجل همه اليمن، يريد طي صفحة الماضي، ومن خلال مقابلاتي به والتصريحات التي يطلقها، تجده اكثر تسامحا من غيره من الناس، الرجل عنده تجربة وايضا ما مضى يجعل الجميع ان يراجع مراجعة شاملة لكل ما جرى في اليمن وما هي اسبابه، وكيف يمكن ان نستفيد من الايجابيات ونتفادى السلبيات، احمد علي عبدالله صالح، ابن علي عبدالله صالح، الرجل الحكيم الذي كان صدره واسع وعلاقاته مع كل القوى السياسية ومع كل الناس، وبالتالي انا اؤكد لك بأن احمد علي عبدالله صالح، لن يكون الا مع الوطن، ومع طي صفحة الماضي وهو متسامح مع الجميع، ونريد من الجميع ان يرتفعوا ويسموا ويقابلوا هذا التسامح ولا يفسروه على انه ضعف، بل انه قوة ونظرة ثاقبة نحو مستقبل اليمن. الصراعات دمرت اليمن، الصراعات مزقت اليمن، اليمن حتى ينهض ويعود الى ما كان عليه في 2010، يحتاج الى خمسين سنة، كل سنة حرب يقابلها خمس سنوات تنمية، وهذا ليس كلامي وانما تقارير المنظمات الدولية والامم المتحدة.

المحور الثالث من المقابلة:
فشل الأطراف اليمنية في إيجاد مخرج وحلول للأزمة الراهنة

القناة: اعتقد هذا الملف اعطيناه حجمه بشكل جيد، دعنا نذهب إلى الأطراف اليمنية في الشمال والجنوب، في الحقيقة هناك من يعتقد بأن الأطراف اليمنية قاطبة لم تفهم اللعبة بعد؟

د. الهمداني: هي ليست لعبة وإنما صراع سياسي تحوّل من صراع داخلي الى صراع اقليمي، والآن دولي، الأطراف كلها سواءً الشمالية او الجنوبية والشرقية والغربية، كل الأطراف لا بد أن تعي بعد عشر سنوات من الحرب المخطط لها والتآمر على اليمن، لا بد ان تعيد النظر وتراجع حساباتها، فلا يمكن لأي طرف ان يحقق ما يريد لوحده، كل الأطراف استنزفت الآن، كل الاطراف أصبح الشارع ناقم عليها نتيجة الأوضاع التي يعيشها، ويمكن في أي لحظة ان تنفجر شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، نتيجة لمعاناة المواطنين، ولا بد من التفكير في ايجاد مخارج آمنة لليمن.

القناة: من زاوية اخرى أتعتقد ان الأطراف اليمنية في كل مواطن الصراع هل هي جاهزة لانتاج الحل، جاهزة لخلق تصور كي تخرج اليمن من هذه المحنة؟

د. الهمداني: كل الأطراف استنزفت، وكل الاطراف ايضا راجعت حساباتها بأن المستفيد هم المليشيا العسكرية وليست القوى السياسية المدنية التي لا تعيش ولا تقوى الا بتطور ونماء وازدهار اليمن واستقراره. الأطراف الاقليمية ايضا بدأت تراجع حساباتها وبدأت تجنح الى السلام وتحاول تخفيض التصعيد، وايضا تهتم بأموارها التنموية ومشاريعها في بلدانها.. الكل يرغب في الامن والاستقرار ولكن هناك أطراف لها مصالح في استمرار الحروب في اليمن، انت تعلم قضية تهريب السلاح وبيعه، وقضايا السيطرة والهيمنة، الأطماع الموجودة لكل الاطراف، والمصالح المتضاربة والمتشعبة، كل هذا يلعب دور.. لكن لابد ان تدرك القوى السياسية بأنها عبارة للأسف عن رقعة شطرنج في ملعب يتقاذفها الجميع وفقًا لتحقيق مصالحهم، وبدأت تتكشف للكثير من العوام وليست فقط للقيادات السياسية، فمهما كانت مصالحهم الآن، فهذه المصالح سيأتي وقت تتوقف تلك المصالح لسبب او لآخر، وبالتالي هم سيخسرون انفسهم أمام شعوبهم، وأيضًا سيخسرون اليمن وسنصبح جميعًا في مهب النسيان.

القناة: دول الخليج يا سيدي، وتحديدًا السعودية والامارات، هل تبدو الصورة بأن السعودية والامارات تحملان انطباعًا وتصورًا لنهاية حرب اليمن؟

د. الهمداني: من خلال التفاهمات التي نسمع عنها والتصريحات المعلنة سواءً لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، او للمملكة العربية السعودية باعتبار أنها راعية لهذا التحالف، تدعو للسلام وتحث على أن يجتمع الفرقاء، وسمعنا أيضًا عن خارطة الطريق ولكنها تعثّرت نتيجة الحرب في المنطقة، وأحداث غزة المؤلمة، وهناك مشاورات لم تنقطع ابدا بين الفرقاء السياسيين، ولكن إشراك الحكومة الشرعية مهمة جدا، إشراك القوى السياسية في مسار السلام هو اساسي وإلا ستعود الأمور الى مربع العنف والصراع.

القناة: دكتور اريد منك قراءة لك انت دكتور طه الهمداني باعتبارك حاصل على دكتوراة في العلوم السياسية، ما هي رؤيتك للمستقبل في اليمن كقارئ سياسي؟

د. الهمداني: طبعًا الموضوع معقد وشائك، ولا تبدو هناك ملامح في ظل الصراع والاضطراب والاحداث في غزة، ربما احداث غزة ونتائجها تكون إحدى المحددات الآن لمستقبل اليمن ومستقبل المنطقة، المنطقة الان على صفيح ساخن، هناك ايضا صراع دولي، صراع اقليمي والامور ليست بالبساطة، هناك عوامل داخلية وعوامل خارجية تلعب في هذا الموضوع، وتشابكت المصالح وتعقدت مشكلة اليمن، حتى حالت دون ان نتمكن من التنبؤ بمستقبل.