Image

المستثمرون الأفراد يثبتون صموداً في وجه تقلبات أسواق الأسهم

رغم الاضطرابات الأخيرة بالأسواق ارتفعت التدفقات الواردة إلى الأسهم الأمريكية هذا الشهر من المتداولين الأفراد

عن أي اضطراب تتحدثون؟ فقد محت وول ستريت كل الخسائر الناجمة عن بدايتها الكابوسية في أغسطس. وفي خضم البيع الكثيف الذي شهدته السوق، احتفظت مجموعة واحدة برباطة جأشها، وهم المستثمرون الأفراد.

وعادة ما ينظر إلى المتداولين الأفراد على أنهم آخر المنضمين إلى ركب الاستثمار، ما يعني أنهم غالباً ما يكونون أول المذعورين حينما تتعرض أرباحهم للتهديد جراء أي تقلب في السوق، لأنهم اشتروا الأسهم بالقرب من أعلى مستوياتها.

ومع ازدياد حصة المتداولين الأفراد بحركة التداولات اليومية خلال الأعوام الأخيرة، في ظل تشجيع كبير من منصات على الإنترنت مثل «روبنهود» و«إنتر أكتيف بروكرز»، فإن سلوكهم بات أكثر أهمية بالنسبة للسوق الأوسع نطاقاً. فهل يعد صمودهم الأخير مثالاً على الصلابة، أم هي ثقة محفوفة بالمخاطر تؤتي ثمارها حتى حدوث خطب ما؟

إليكم تذكير وجيز بما حدث: انخفضت الأسهم بشدة في أول يومين للتداولات في أغسطس، مما أسفر عن ذعر أطاح بـ 12% من مؤشر طوكيو القياسي حين استؤنفت التداولات يوم الاثنين.

وتسبب ذلك في مزيد من عمليات البيع في نيويورك، مما دفع بخسائر «إس آند بي 500» في أحلك أوقاتها إلى أكثر من 7% في غضون ثلاثة أيام. لكن الأسواق ارتفعت منذ ذلك الحين، وإن كانت المكاسب تتسم بعدم التكافؤ. لكن حتى في ذروة عمليات البيع، بدا المستثمرون الأفراد بأعصاب هادئة.

يقول ستيف سوسنيك، كبير الخبراء الاستراتيجيين للسوق لدى «إنتر أكتيف بروكرز»: «أقبل عملاؤنا على الشراء قبل هبوط السوق. وكانوا يشترون حينما انخفضت، وهم يواصلون الشراء مع ارتفاعها من جديد»، وتابع: «لم يتزعزع إيمانهم على أي حال من الأحوال».

وأظهرت البيانات الصادرة عن «فاندا ريسيرش» المتخصصة في تدفقات المستثمرين، ازدياد التدفقات الواردة من المستثمرين الأفراد إلى الأسهم الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام. وحتى بعد انحسارها طفيفاً في الأيام الأخيرة، فإنها لا تزال قريبة من ذروتها.

وقال ماركو إياتشيني، نائب الرئيس الأول للبحوث لدى «فاندا ريسيرش»: «نادراً ما نشهد مخالفة المستثمرين الأفراد للاتجاهات التاريخية بهذه السرعة، خصوصاً في النصف الثاني من العام». وعادة ما يضخ المستثمرون الأفراد مبالغ كبيرة في الأسهم خلال يناير، ثم يخفت صافي التدفقات الواردة باطراد بعد ذلك.

وربما ينطوي الأمر على عنصر تعويضي بعد أشهر من التدفقات الواردة الضعيفة من المستثمرين الأفراد. وقد أشار ستيف كويرك، كبير مسؤولي الوساطة لدى «روبنهود»، إلى ضخ العملاء مبالغ أكبر من المال في شراء الأسهم بيوم الاثنين حينما حمي وطيس الخسائر مقارنة بأي جلسة تداول أخرى هذا العام. وأضاف: «إذا كان أحد المستثمرين الأفراد يرغب في شراء سهم أبل أو صندوق متداول في البورصة واسع النطاق عند مستوى جذاب، فقد منحتهم السوق فرصة رائعة واستغلوها بالفعل».

وقد تراجعت أسهم «أبل» بقرابة 5% خلال يوم الاثنين ذلك، وكانت هوت بنسبة 17% في عمق خسائرها مقارنة بقمتها التي سجلتها قبل ثلاثة أسابيع حينها. وبالنسبة لشركة إنفيديا لتصنيع الرقائق، وهي واحدة من الأسهم التي يفضلها المستثمرون الأفراد، فقد هبطت 31% خلال الفترة ذاتها.

وثمة حجة تذهب إلى أن تغير سلوكيات المستثمرين الأفراد ربما يكون معززاً لعقلية اقتناص الفرص (الشراء عند انخفاض السعر)، لا سيما في ضوء التداول بجزء من السهم. ويسمح هذا للمتداولين بالاستثمار بمبالغ أقل من سعر السهم، مما يتيح مجالاً للاستثمار المنتظم على هيئة ادخار.

ودون ذلك، فقد يضطر المساهم المحتمل الذي يملك مبلغاً صغيراً إلى الانتظار حتى يمكنه دفع ما يتراوح بين 400 دولار و500 دولار لشراء سهم واحد في «مايكروسوفت» أو «ميتا» المالكة لمنصة «فيسبوك» على سبيل المثال.

وأشار كويرك قائلاً: «ينظر عملاؤنا إلى السوابق التاريخية ويقولون: بالتأكيد، قد أشهد بعض التقلبات على مدى مسيرتي الاستثمارية التي ستدوم 25 عاماً، لكن إذا كنت سأشتري هذه الأسهم على المدى الطويل، فلا شك أن هذا سيكون مفيداً». وإذا كان شراء الأسهم عند تراجع أسعارها استثماراً غير نشط أيضاً، فإنه يعد إيجابياً للأسواق، ومن المرجح أيضاً أن يكون إيجابياً للعوائد التي سيحصل عليها هؤلاء المساهمون أيضاً.

لكن ذلك لا ينفي وجود خطر كبير، يتمثل في أن المستثمرين الأفراد يزيدون استثماراتهم في أسهم كبرى شركات التكنولوجيا كما كانت الحال من قبل على ما يبدو، وبصورة أكبر من المستثمرين الكبار.

وأشار ماركو إياتشيني من «فاندا» إلى اتجاه أكبر التدفقات إلى شركات التكنولوجيا الشهيرة، مع تربع كل من «إنفيديا» و«تسلا» على رأس القائمة لدى «إنتر أكتيف بروكرز»، وجاء بعدها صندوق متداول في البورصة ينطوي على مخاطرة مُصمم لتعزيز مكاسب أسهم الرقاقات على المدى القصير عن طريق الرافعة المالية.

وقال ستيف سوسنيك: «الأمر ناجح بالنسبة لهم، ولا يمكنني المجادلة في ذلك»، مضيفاً: «يتمثل قلقي في حصولهم على المكافأة لأنهم اتبعوا الجزء الأول من شعار وارن بافيت بأن يكونوا شرهين حينما يستشعر الآخرون الخوف، لكنهم قد لا يتبعون الجزء الثاني الداعي إلى الشعور بالخوف عندما يكون الناس شرهين».

عموماً، فقد كانت اضطرابات هذا الصيف وجيزة وتجنبت الانزلاق إلى ما هو أسوأ لكن المستثمرين، سواء أكانوا صغارا أم كباراً، قد لا يكونوا محظوظين في المرة التالية لاختبار رباطة جأشهم.