المزارعون الأمريكيون قلقون من تعريفات ترامب
احتدام الحرب التجارية مع الصين يأتي بالإضافة إلى ضغوط الأسعار والفائدة المرتفعة
حذر مزارعون في الولايات المتحدة من أن التعريفات الجمركية التي تعهد بها المرشح الرئاسي، دونالد ترامب، قد تضعف قطاع الزراعة المتضرر بالفعل من ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض أسعار السلع. وتعد المناطق الريفية معاقل أساسية تدعم ترامب والجمهوريين، مع إفصاح 56% من الناخبين في الريف خلال استطلاع جديد أجرته مبادرة الديمقراطية الريفية، عزمهم التصويت لصالح الرئيس السابق.
لكن المزارعين وجدوا أنفسهم وسط حروب تجارية بدأت خلال رئاسة ترامب. ورداً على تعريفات جمركية فرضها ترامب على الواردات الصينية عام 2018، وأبقى بايدن على غالبيتها، فرضت الصين رسوماً قدرها 25% على الصادرات الأمريكية من لحوم الخنزير وفول الصويا.
ورغم تلقي المزارعين مساعدات بقيمة 61 مليار دولار، لتعويض خسائرهم الناجمة عن التعريفات بين عامي 2018 و2020، إلا أن ديون المزارع وإغلاقاتها ازدادت في ولايات متأرجحة مهمة مثل ويسكنسن وجورجيا، رغم انخفاض حالات الإفلاس منذ ذلك الحين. وتعهد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الواردات من الصين إذا أعيد انتخابه، ويخشى المزارعون تداعياتها والتعريفات انتقامية.
وأفادت لوري ستيفرمر، إحدى منتجي لحوم الخنزير في مدينة إيستون بولاية مينيسوتا: نحن كصناعة لحوم الخنزير نشعر بالقلق إزاء التعريفات الجمركية الإضافية، فحتى إن لم يتم فرضها على منتجاتنا، فإننا سنشعر بتأثيراتها.
وتابعت: نحن نصدر 25% من لحوم الخنزير التي ننتجها، لذا، تضيف التعريفات قرابة 64 دولاراً على قيمة الخنزير الواحد، وغالباً ما تشعر الصناعة بالتداعيات إذا فرضت تعريفات على المنتجات الواردة. ويأتي التهديد الذي تشكله التعريفات الجديدة وسط انخفاض أسعار المحاصيل وتضاؤل أعداد الثروة الحيوانية، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض والتشغيل على المزارعين. وتتوقع وزارة التجارة الأمريكية تراجع صافي الدخل الزراعي إلى 116.1 مليار دولار في 2024، في انخفاض قياسي على أساس سنوي نسبته 25.5%.
وقال 23% من المستجيبين في استطلاع مقياس الاقتصاد الزراعي، الذي أجرته جامعة بيردو و«سي إم إي جروب»: إن الفائدة المرتفعة تشكل أكبر مصدر للقلق على عملياتهم الزراعية، وأفاد 33% بأن ما يقلقهم هو ارتفاع تكاليف المدخلات، وكان انخفاض أسعار المحاصيل والثروة الحيوانية هو مصدر القلق لـ25% من المستجيبين في الاستطلاع.
وقال براد فاف، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ويسكنسن: الأسعار أقل كثيراً مما نرغب فيه، ومن الصعب للغاية بالنسبة لعائلاتنا من المزارعين أن يكسبوا قوتهم.
وتضرر المزارعون الذين يزرعون محاصيل مثل الذرة وفول الصويا، بسبب انخفاض الأسعار إثر زيادة المعروض في العام الماضي، بعد استئناف أوكرانيا صادراتها التي توقفت إثر العملية العسكرية الروسية. كما أضعفت قوة الدولار الطلب العالمي.
وانخفضت العقود الآجلة للذرة في بورصة شيكاغو للسلع إلى أدنى مستوياتها منذ نوفمبر 2020 عند 3.95 دولارات للبوشل (حوالي 20.4 كيلو جراماً من الذرة) في منتصف أغسطس، فيما تراجعت أسعار القمح وفول الصويا بواقع 9% و24% على الترتيب منذ بداية العام. كما يضعف ارتفاع تكاليف المدخلات وأسعار الفائدة قدرة مربي الماشية على تجديد قطعانهم.
وانخفضت أعداد الماشية إلى مستويات قياسية، بسبب مشكلات سلاسل التوريد والظواهر الجوية. وكشف التقرير نصف السنوي الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية في يناير، وهو أحدث تقرير متاح، انخفاض أعداد الأبقار الصالحة للحوم والحليب والتكاثر إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1951 عند 87.2 مليوناً.
في الوقت نفسه، ازداد عدد الأبقار المستهلكة للأعلاف أو المعدة للذبح، لكن ارتفاع تكاليف الاقتراض يعرقل حصول المزارعين على رأس المال اللازم لتجديد قطعانهم. ولأن تربية الأبقار للذبح تستغرق ما بين 18 و24 شهراً، فمن المتوقع أن يستمر الضغط على العرض حتى تنخفض تكاليف الاقتراض، وهو المتوقع أن يحدث في وقت لاحق من العام.
وقال بيرنت نيلسون، الخبير الاقتصادي لدى اتحاد الزراعيين الأمريكيين: حينما نبدأ في الإبقاء على الإناث لزيادة القطعان من جديد، فإننا نقتطع المزيد من سلسلة توريد للسوق وأرفف متاجر البقالة، ما سيضغط على أسعار اللحوم ويرفعها لمستويات أعلى.
وأعلن والتر شوايتزر، مربي الماشية من الجيل الثالث قرب مدينة غيزر بولاية مونتانا ورئيس نقابة المزارعين بالولاية، أنه اضطر إلى بيع ثلث قطيعه من الأبقار في 2022 بسبب ظروف الجفاف. وقال: لم تكن أعداد الإناث بهذه القلة منذ وقت طويل، مضيفاً: تعد الفائدة المرتفعة عاملاً كبيراً للغاية وراء عدم قدرتنا بعد على إعادة زيادة أعداد الأبقار.
وبينما يحصل مربو الماشية على أسعار جيدة لقاء اللحوم التي يوفرونها لشركات التعبئة، إلا أن هذه الشركات لم تواكب تكاليف المدخلات. وأشار بحث أجراه فيدرالي كنساس إلى أن نطاق الأسعار ظل أقل من إجمالي تكلفة الإنتاج حتى الآن في 2024.
ويحذر خبراء في الصناعة من أن هذه الضغوط المالية قد تمرر في النهاية إلى المستهلكين. وأوضح نيلسون: هناك عقبات كثيرة ومختلفة في طريق مزارعينا كي تظل أعمالهم مربحة في الوقت الحالي.
في الوقت نفسه، يخيم الجمود السياسي على القطاع؛ إذ يشعر المزارعون بخيبة الأمل، لإخفاق الكونغرس في تمرير مشروع قانون جديد للزراعة منذ عام 2018، من شأنه توفير تأمين على المحاصيل لمنتجي الأغذية. وقال مناصرون للصناعة إن مستويات التعويض لم يتم تحديثها بحيث تضع في اعتبارها ارتفاع التضخم في الأعوام الأخيرة.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ عن ويسكنسن: لا يمكنني التنبؤ بما ستفعله كل مزرعة عائلية على حدة عند الإدلاء بصوتها، لكني أدرك تماماً أهمية اقتصاديات المائدة. لذلك، أحث ممثلي الكونغرس على أخذ ذلك في الاعتبار.