Image

هل يصبح خالد مشعل الزعيم الجديد لـ"حماس"

نال خالد مشعل، المرشح لأن يكون الزعيم الجديد لحركة "حماس"، شهرة عالمية في عام 1997 بعد أن حقنه ضباط إسرائيليون بالسم في محاولة فاشلة لاغتياله بشارع خارج مكتبه في العاصمة الأردنية عمان.

وأثارت محاولة اغتيال شخصية كبيرة في الحركة الفلسطينية، والتي أمر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها أيضاً بنيامين نتنياهو، غضب الملك حسين عاهل الأردن آنذاك لدرجة أنه هدد بإعدام القتلة المحتملين شنقاً وإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ما لم تتسلم عمان ترياق السم.

وفعلت إسرائيل المطلوب ووافقت أيضاً على إطلاق سراح زعيم "حماس" الشيخ أحمد ياسين لتغتاله بعد ذلك بسبع سنوات في غزة.

ويعتبر الإسرائيليون ودول غربية "حماس" المتحالفة مع إيران جماعة "إرهابية" هدفها تدمير إسرائيل. ووجهت الحركة الفلسطينية بتنفيذ تفجيرات انتحارية في إسرائيل وخاضت حروباً عديدة ضدها.

أما بالنسبة إلى الفلسطينيين، يعتبر مشعل وبقية قادة "حماس" مقاتلين من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي يحافظون على قضيتهم حية في وقت تخذلهم فيه الدبلوماسية الدولية.

وأصبح مشعل (68 سنة) رئيس حركة "حماس" في الخارج قبل عام من محاولة إسرائيل اغتياله، وهو المنصب الذي مكنه من تمثيل الحركة في اجتماعات مع حكومات أجنبية حول العالم من دون التعرض للقيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على السفر والتي أثرت على مسؤولين آخرين في "حماس".

وقالت مصادر من "حماس" إن من المتوقع اختيار مشعل زعيماً للحركة خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اغتيل في إيران في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء. وتوعدت طهران و"حماس" بالرد انتقاماً من إسرائيل.

وهناك احتمال أيضاً بأن يتولى القيادة خليل الحية القيادي في "حماس" الذي ترأس وفد الحركة في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل للتهدئة في غزة لأنه مفضل لإيران وحلفائها في المنطقة، وهو مقيم في قطر.

وتوترت علاقات مشعل مع إيران بسبب دعمه في السابق للثورة على الرئيس السوري بشار الأسد في 2011 بقيادة السنة.

واغتالت إسرائيل أو حاولت اغتيال عدة قادة وعناصر من "حماس" منذ تأسيس الحركة في عام 1987 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة.

ومشعل شخصية محورية على رأس القيادة في "حماس" منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين على رغم عمله في أغلب الأوقات من الخارج حيث يتمتع بأمان نسبي بينما كانت إسرائيل تدبر لاغتيال شخصيات كبيرة أخرى في الحركة داخل غزة.

وبعد مقتل الشيخ أحمد ياسين بضربة جوية في مارس (آذار) 2004، اغتالت إسرائيل خليفته عبدالعزيز الرنتيسي في غزة بعد شهر وتولى مشعل قيادة "حماس" بالكامل.

ومثل غيره من قادة "حماس"، واجه مشعل قضية حساسة تتمثل فيما إذا كان من الأفضل أن يتبنى نهجاً أكثر عملية مع إسرائيل سعياً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو مواصلة القتال لأن ميثاق الحركة لعام 1988 يدعو إلى تدمير إسرائيل.

 تخفيف موقفه من إسرائيل

يرفض مشعل فكرة التوصل إلى اتفاق سلام دائم مع إسرائيل، لكنه قال إن "حماس" التي أرسلت في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة انتحاريين إلى إسرائيل، قد تقبل إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كحل موقت مقابل وقف إطلاق نار طويل الأمد.

وكشف هجوم "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عن أولويات الحركة. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وردت إسرائيل على الهجوم بغارات جوية على غزة واجتياحها مما تسبب في مقتل أكثر من 39 ألف فلسطيني وتحويل جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان إلى أنقاض.

وقال مشعل إن هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية إلى محور اهتمام العالم. ودعا العرب والمسلمين إلى الانضمام للمعركة ضد إسرائيل وقال إن الفلسطينيين وحدهم هم الذين سيقررون من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب الدائرة حالياً، في تحد لإسرائيل والولايات المتحدة اللتين تريدان استبعاد حماس من حكم القطاع بعد الحرب.

الانضمام إلى جماعة الإخوان

عاش مشعل معظم حياته خارج الأراضي الفلسطينية. وولد في بلدة سلواد القريبة من مدينة رام الله بالضفة الغربية، وانتقل وهو صبي مع عائلته إلى الكويت.

وانضم وهو في الـ15 من عمره إلى جماعة الإخوان المسلمين، أقدم جماعة إسلامية في الشرق الأوسط. ولعبت الجماعة دوراً فعالاً في تشكيل حركة "حماس" أواخر ثمانينيات القرن الماضي خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد إسرائيل.

وعمل مشعل مدرساً قبل أن يتجه إلى حشد التأييد لـ"حماس" من الخارج على مدى سنوات عديدة في الوقت الذي كان قادة آخرون من الحركة قابعين بالسجون الإسرائيلية منذ فترات طويلة. وكان مسؤولاً عن جمع التبرعات الدولية في الأردن عندما نجا بأعجوبة من الاغتيال.

ولعب نتنياهو دوراً عرضياً لكنه مهم في ترسيخ مكانة مشعل عندما أمر ضباط الموساد بقتله في عام 1997 رداً على تفجير سوق في القدس تسبب بمقتل 16 شخصاً وألقى بالمسؤولية عنه على "حماس".

وألقت الشرطة الأردنية القبض على المشتبه فيهم في عملية الاغتيال بعد حقن مشعل بالسم في الشارع. واضطر نتنياهو إلى إرسال ترياق السم. وحولت الواقعة مشعل إلى بطل من أبطال المقاومة الفلسطينية.

وأغلق الأردن مكتب "حماس" في عمان في نهاية المطاف وطرد مشعل إلى قطر ثم انتقل إلى سوريا في 2001.

وكان يدير حركة "حماس" من دمشق من عام 2004 حتى يناير (كانون الثاني) 2012 عندما غادر العاصمة السورية بسبب حملة القمع الشرسة التي شنها الرئيس الأسد على السنة المشاركين في الانتفاضة عليه. ويتنقل مشعل حالياً ما بين الدوحة والقاهرة.

وأدى رحيله المفاجئ من سوريا إلى إضعاف موقفه داخل "حماس" في بادئ الأمر لأن العلاقات مع دمشق وطهران التي كانت ذات أهمية كبيرة للحركة، أكسبته قوة. ومع تضرر هذه العلاقات أو قطعها، بدأ منافسون فرض سلطتهم في غزة.

وقال مشعل نفسه إن هذه الخطوة أثرت على العلاقات مع إيران، المصدر الرئيس لتمويل "حماس" وتزويدها بالأسلحة. وتعتقد إسرائيل أن إيران تشكل أكبر تهديد لها بسبب برنامجها النووي الطموح.

وقام مشعل في ديسمبر (كانون الأول) 2012 بأول زيارة إلى قطاع غزة وألقى الخطاب الرئيس في احتفال "حماس" بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها. ولم يزر مشعل الأراضي الفلسطينية منذ مغادرته الضفة الغربية في سن الحادية عشرة.

وفي أثناء وجوده في الخارج، تغلبت "حماس" على منافستها العلمانية حركة "فتح" في حرب أهلية قصيرة خلال عام 2007 انتزعت عن طريقها السلطة في غزة من الحركة التي يتزعمها محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والمنفتحة على التفاوض على السلام مع إسرائيل.

وظهرت الخلافات بين مشعل وقادة "حماس" في غزة بسبب محاولاته تحقيق المصالحة مع عباس.

وأعلن مشعل بعد ذلك رغبته في التنحي عن منصبه بسبب هذا الخلاف. وفي 2017، حل محله نائبه في غزة إسماعيل هنية الذي انتخب رئيساً للمكتب السياسي للحركة، وهو يعمل من الخارج أيضاً.

وانتخب مشعل في عام 2021 رئيساً لمكتب "حماس" السياسي في الخارج.