عدن .. ثغر تشقق جفافًا وبسمة أطفأتها الكهرباء ولظى أوضاع تفتك بالبؤساء

ما زالت الطرقات معضلة كبيرة لم يتوصل الفرقاء السياسيون لإيجاد الحلول لها ، وما زالت تشكل خطرًا كبيرًا للمواطنين وللمركبات وتعرض الجميع للموت المحتم في ظل عدم التعاطي مع هذا الملف بوطنية وإنسانية وضمير حي من جميع الأطراف، فقد تركوا الناس عرضة لكل المخاطر ويواجهون كل المشقات والمعاناة بمفردهم دونما وجود لم يأبه بهم سواء عاشوا أو ماتوا سواء جُرحوا او تكسروا او قذفت بهم الويلات في الدرك الأسفل من التهلكة.

خلال سنوات الحرب العجاف ، قُطعت العديد من الطرق في عدة محافظات يمنية وجميعها تتقاسم نفس الأسى، ويتقاسم الناس فيها نفس الأوجاع والمآسي والمخاطر  حالها كحال جميع اليمنيين الذين أثقلت أرواحهم ادخنة الحرب وبؤسها العظيم.

ورغم كثرة الطرقات المقطوعة إلا أننا سنتطرق فقط لطريق تعز-عدن والتي فعلًا لم نعد نعرف أهي طريق من حصى ومن حجارة وأتربة أم أنها قطعة من جهنم نزلت علينا من صقر بكل ما فيها من ويلات وموت يتجسد مع كل عقبة والتواء ومع كل حركة سيارة او تثاقل شاحنة حبلى ببضائع أكثر من قدرتها الاستيعابية، قد نسميها مجازًا بضائع الموت للسيارات الأخرى ومن فيها من مسافرين.
طريق الكربة الصحي وهو بالفعل كربة يتجرعها المسافرون كل لحظة من وعورة الطريق التي تفتقد لأدني مقومات الصيانة وتفتقر لاهتمام السلطة المحلية.
هذا بالإضاقة إلى ضيقها وعدم اتساعها لمرور أكثر من سيارة ، وتزاحمها بالكثير من الشاحنات المحملة بالبضائع لما  ودورها الكبير في قطع الطريق لساعات طويلة يظطر المسافر للانتظار بكثير من القهر والالم مع وجود المرضى الذين تزداد آلامهم مع الانتظار المرهق والمضني.

وبالإضافة إلى معاناة المسافرين من خط تعز- عدن ، حين يدخل عدن  تبدأ معاناة من نوع آخر وهي أوضاع عدن المزرية وأزماتها المتوالية ، الاقتصادية والاجتماعية ،  فليس من يسمع كمن يتعايش مع الأسى، وليست الكلمات كمن يكتوي بلهيب الألم.. هكذا هي عدن وجه اليمن الباسم الذي لم يعد من الاسم هذا إلا حروف متهالكة مهترئة أساس مهترئ وفروعها تنخر في نفوس الناس بؤسا وشقاء .

لا تنتهي في عدن الأزمات، حتى باتت مدينة منكوبة من كافة النواحي سواءً الخدمية والاقتصادية والاجتماعية ويتجرع سكان عدن لظى الأوضاع المعيشية والانسانية، ورغم تحريرها من مليشيا الحوثي إلا أنها لم تتحرر بعد من مآسيها الموجعة، ولم يعد أحد يصغي لأنينها ويزداد فيها الشقاء وتزداد معه عذابات الناس الكادحين والغلابى.
  
حر وجمر وأزمات هي حياة الناس في عدن وزاد على ذلك أزمة الكهرباء التي تتفاقم سوءًا يومًا بعد يوم وباتت تؤرق حياة ساكنيها، ناهيك عن انقطاع رواتب الموظفين و ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي أصبحت تتصاعد صعودًا مُرعبًا مواكبًا للهبوط الحاد للريال أمام العملات الأجنبية، حتى باتت الاسر لا تجد ما تأكله من فرط الوضع المزري، والغلاء وتوحشه فوق الضعفاء الذين لم يعودوا يجدون قوت يومهم.. 
أزمة المياة هي الأخرى تشكل معاناة لعدن وسكانها ، حيث تنقطع باستمرار عن الكثير من الأحياء ااسكنية..
ويضاف إلى ذلك اختفاء المشتقات النفطية  من المحطات الحكومية وبيعها على الأرصفة وفي السوق السوداء بأثمان باهظة.  

أزمات ظلمات بعضها فوق بعض 
هكذا علق الاستاذ التربوي محمود طاهر حيث قال:نحن في عدن نعيش ظلمات بعضها فوق بعض، كل حياتنا في عدن ازمات وازمات، من غلاء وكهرباء مقطوعة ومياة مقطوعة ...الخ، الناس خلاص تعبت واُنهكت نفسيا وصحيا واقتصادية والكثير من الرجال جننوا والبعض انتحروا لأنهم مش قادرين يوفروا لقمة خبز لعائلاتهم  من شدة الغلاء وكل يوم تزادا الاسعار اضعاف ولا نعرف إلى أين ستستمر بالتصاعد !"

عدن وخدماتها وحياتها بالكامل تتدهور يومًا بعد آخر في ظل شلل وعجز حكومي مرعب على مستوى الوزارة والجهات المعنية، 
وبوجود حلول ترقيعية هامشية تعبّر عن غياب الدور الحكومي وحالة التخبط والعشوائية واللادولة حتي صارت ثغر اليمن الباسم ثغر يتشقق جفافا وبسمة أكلتها الكهرباء الميتة، وأوصاع مزرية كجحيم يفتك بالبؤساء.