Image

الاستثمار في الموارد البشرية يرفع أسهم الشركات

كشفت دراسة جديدة أجريت لصالح شركات التجزئة الأمريكية، عن تحسن أسعار أسهم الشركات التي استثمرت في الموارد البشرية. ومع تراجع أعداد العمالة حالياً، فإن الشركات الصديقة للموارد البشرية ستستفيد بشكل أكبر، حسبما ذكرت مدونة المنتدى الاقتصادي العالمي.

وبينما يظن الكثيرون أن الشركات التي تخفض تكاليف الموارد البشرية لتعزيز أرباحها النهائية تحقق مكاسب أكبر للمساهمين، إلا أن الأبحاث الجديدة تظهر أن من يستثمرون في العاملين لديهم سيشهدون، بمرور الوقت، زيادات في أسعار أسهمهم، من بين فوائد أخرى.

واستخدمت دراسة هي الأولى من نوعها أجرتها مؤسسة «راند»، ونشرت في مايو، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل حوالي 800 ملف إفصاح لهيئة الأوراق المالية والبورصات على مدار العقدين الماضيين. وركز الباحثون على الشركات الكبيرة التي يتم تداول أسهمها علناً في قطاع التجزئة، والتي توظف 15 مليون شخص على مستوى الولايات المتحدة، معظمهم من المبتدئين.

ومنذ عام 2020، طلبت هيئة الأوراق المالية والبورصة من الشركات تقديم معلومات حول ممارسات «إدارة رأس المال البشري»، أي ما تفعله الشركات لجذب العمال وتطويرهم والاحتفاظ بهم.

وقام نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بمؤسسة «راند» بتقييم إفصاحات شركات البيع بالتجزئة حول استثماراتها في العاملين في الخطوط الأمامية. وكانت النتيجة أن الشركات التي استثمرت بقوة في الموارد البشرية شهدت زيادات في أسعار الأسهم على المدى القصير تصل إلى 2.5 %.

تغطية النفقات

وأضاف التقرير، أن الاستثمار في رأس المال البشري مفيد، وخاصة في قطاعات مثل تجارة التجزئة والوجبات السريعة المعروفة بأجورها المنخفضة وجداول العمل غير المرنة. وكشف الوباء عن مشكلة متزايدة يواجهها هؤلاء الموظفين ولا تزال مستمرة حتى اليوم. فهذه الوظائف غالباً ما تفتقد إلى الأجور الجيدة أو المزايا أو المرونة أو فرص التقدم. وأن عدداً كبيراً للغاية من الموظفين لا يحصلون ببساطة على ما يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل السكن، ورعاية الأطفال، والنقل، وحتى الغذاء والدواء.

على سبيل المثال، وجد أحدث تقرير للرفاهية الاقتصادية للأسر الأمريكية صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه في عام 2023، لن يتمكن واحد من كل 6 أمريكيين من دفع جميع فواتيرهم، وواحد من كل 3 لم يتمكن من تغطية نفقات مفاجئة بقيمة 400 دولار. ولهذا السبب ليس من المستغرب أن يحشد العديد من الموظفين الجهود النقابية للدعوة إلى تحسين جودة وظائفهم.

وهناك أرباب عمل، في جميع الصناعات، العامة والخاصة، يقومون بما هو صحيح تجاه عمالهم من خلال مجموعة متنوعة من الممارسات عالية المستوى، مثل الأجور والمزايا الجيدة، ومزيد من الحرية في جدولة المناوبات، والتدريب على العمل، وغير ذلك.

زيادة التعويضات

وذكرت بلومبرج مؤخراً أنه بعد استقالة ثلث موظفين إيكيا عام 2022، قامت الشركة بزيادة التعويضات وتحسين الجدولة والتوجيه لموظفيها. ومن خلال القيام بذلك، تمكنت الشركة من خفض تكلفة حجم المبيعات بنحو 25 % في متاجرها في الولايات المتحدة و22 % على مستوى العالم.

وبالنسبة للشركات الملتزمة بتعزيز رأسمالها البشري، يجب أن يكون الهدف هو الإعلان بشكل أفضل عن استثماراتها في الموارد البشرية.

وكلما كشفت الشركات عن هذه الممارسات وشاركتها، زادت الفوائد التي ستجنيها، حيث يهتم المستثمرون بشكل متزايد بهذه المعلومات ويبحثون عنها بنشاط، ولا يرغبون في ترك أي احتمال على الطاولة بأن تكون مبهمة.

بالنسبة لمثل هذه السياسات، يستطيع أصحاب العمل إجراء تحليل صادق للتكاليف والفوائد، وصحيح أن تكاليف العمالة ستزيد، لكن في نهاية المطاف، تعمل الأجور التي تمكن الموظفين من العيش على زيادة ولاء الموظفين وإنتاجيتهم، وانخفاض تكاليف دوران الموظفين، وكما يظهر البحث الجديد، فإن ذلك يعزز بشكل ملموس قيمة أسهم الشركة.

وهذا يبدو وكأنه فوز على المدى القصير والطويل. خلاصة القول، الشركات التي تستثمر في العاملين في الخطوط الأمامية لديها، والأكثر وضوحاً بشأن أين تستثمر فيهم وكيف، يمكن أن تشهد ارتفاعاً ملموساً في قيمة أسهمها، وستصبح أيضا أكثر جاذبية للمرشحين للوظائف في سوق العمل.

هذه الاستثمارات للموظفين هي أكثر من مجرد زيادة طفيفة؛ ومن الممكن أن يكون لها تأثيرات تحويلية على حياة الناس وحركتهم الاقتصادية.