"مخططات أمريكية : تسريبات 'ويكيليكس' وناصر والانقلاب على الزعيم صالح"

12:16 2024/07/20

لم يكن تصريح الرئيس الأسبق علي ناصر محمد مستغرب على كل من تابعه وان كان فضح أدوات امريكا في 11 فبراير بتنفيذ مخططات أجنبية لإزاحة الشهيد الزعيم صالح، و لكن تاكيد لما كشفته تسريبات "ويكيليكس" عام 2009 عن معلومات صادمة لليمنيين تتعلق بالرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، وكيف كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتبره يُشكّل خطورة كبيرة على مصالحها في المنطقة، وسعيها الحثيث للانقلاب عليه بالتنسيق مع أطراف الجماعات الدينية.

بعد مرور عامين على التسريبات، شهدت اليمن بداية اضطرابات واحتجاجات إخوانية كبيرة مطلع عام 2011، للانقلاب على نظام الحكم والتي أدت في النهاية إلى انتخابات مبكرة و تسليم الزعيم علي عبدالله صالح للسلطة عبر صندوق الانتخابات.

إن تأكيد التسريبات التي نشرتها "ويكيليكس" على أن الرئيس صالح كان يُشكل خطراً حقيقياً على مصالحهم في المنطقة، كان مفاجئاً للكثيرين ، وفي ضوء  التسريبات المفبركة، و كيل الأكاذيب التي استغلتها الأحزاب المنضوية تحت مظلة السفارة الأمريكية في تهييج الشارع لتبدأ الشكوك تثار حياله وتساؤلات عديدة حول مؤامرات دولية ضد اليمن وشعبه.

بعد تسليم الرئيس صالح السلطة سلمًا، تبين أن هذه التسريبات لم تكن سوى بداية لما سوف تؤول إليه الأحداث الدراماتيكية في اليمن التي شهدت فترة من الفوضى والصراعات السياسية التي استمرت لسنوات، وتسببت بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد وكانت تداعيات التسريبات  كارثية على اليمن وشعبه.
بعد رفع السرية عن بريد وزارة الخارجية الأمريكية الذي كشف عن دورها في الأحداث اليمنية  عام 2011، يتبين لنا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت وراء كل ما جرى في تلك الفترة الصعبة، حيث استغلت الجماعات المتطرفة مثل الإخوان المسلمين والحوثيين لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار لتشهد اليمن
موجة احتجاجات غوغاوية ذات الأدوات الأمريكية ضد النظام الحاكم بقيادة الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح. وفي هذا السياق، تبين أن الأمريكان كانوا يقومون بتوجيهات وعقد اجتماعات مع الجماعات المتطرفة في عدة عواصم عربية و أوروبية لتنفيذ مخطط الانقلاب.

كان للمسرحية السياسية في اليمن أن تتجه نحو نهايتها المحتومة، بدأ اللاعبون في الكشف عن أدوارهم وعلاقاتهم المعقدة خلف الستار. 
خرج الملقنون للمسرح أمام الجمهور ليظهروا بوضوح تداعيات مخططاتهم التآمرية ضد اليمن منذ عام 2006 وحتى تسليم صنعاء للحوثيين في عام 2014، ووجدت القوى الإقليمية والدولية طريقها للتدخل لدعم ما تسمى المعارضة وجعل الساحة اليمنية مسرحًا لصراعات سياسية وعسكرية معقدة، حيث تناوبت الأحداث الدرامية والمأساوية.
بعد ذلك، تصاعدت التوترات والصراعات في اليمن خلال السنوات اللاحقة، حيث زادت التدخلات الخارجية وتصاعدت الأزمات الإنسانية. تورطت قوى إقليمية ودولية في دعم الأطراف المتصارعة، مما أدى إلى تصاعد الصراع وتفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن .

في 2014، تم تسليم صنعاء للحوثيين،بتواطؤ امريكي و "عيال" فبراير 2011م و القابضين على نظام الحكم مما شكّل نقطة تحوّل في المسرحية السياسية في اليمن. بدأ الحوثيون بتوسيع نفوذهم وسيطروا على مناطق أخرى في اليمن، مما أدى إلى تصاعد الصراع وتفاقم الأزمة الإنسانية.

إن المسرحيات السياسية الأمريكية ولعب الأدوار تعتبر أداة فعّالة في عالم السياسة، حيث يتم استخدامها لتحقيق أهداف معيّنة بطرق غير مباشرة. ومن الواضح أن ما يحدث في اليمن منذ سنوات ليس مجرد صدفة أو تطور طبيعي، بل هو نتيجة لمخططات سياسية مدبرة بعناية و برعاية أمريكية.
تاريخ اليمن يشهد على وجود صراعات داخلية وخارجية تمتد لعقود، ولكن الأمر الذي يجعل الوضع الحالي مميزًا هو تداخل العديد من العوامل التي تساهم في تقويض الاستقرار وإثارة الفوضى. فقد شهدنا انقلاب ميليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية، والتدخل الخارجي في شؤون اليمن، والحروب المستمرة، ودعوات الانفصال التي تهدف إلى تقسيم البلاد و بدعم عربي و دولي بغطاء أمريكي.
و من الواضح أن هذه الأحداث ليست بالصدفة، بل كانت جزءًا من مخطط محكم لتقويض مؤسسات الدولة والاستيلاء على السلطة بالقوة. ورغم أن الظروف قد تغيرت وتطورت، إلا أن الأهداف السياسية الرئيسية لا تزال هي نفسها، وهي السيطرة على اليمن وتحقيق مصالح سياسية واقتصادية للأطراف المعنية.

في الوقت الذي كانت تجري فيه محاولات لتشويه صورة المؤتمر الشعبي العام وتشويه سمعته، جاء اجتماع في تركيا يعيد للأذهان الحملات الإعلامية التي استهدفت المؤتمر. وقد سعت هذه الحملات بكل ثقلها لاجتثاث المؤتمر الشعبي العام، ولم نكن نعلم حينها الأسباب الحقيقية وراء ذلك.
اليوم، تبين لنا أن هذا الانقلاب الذي حدث في اليمن كان مدبرًا ومخططًا من قبل جهات تسعى للسيطرة على البلاد وتحقيق مصالحها الخاصة.

أخيرًا، كانت أمريكا تعمل لليمن في ظل قيادة الزعيم صالح ألف حساب، وابتكرت تسريبات  "ويكيليكس" حتى لا تكون في المواجهة مباشرة مع قيادة الدولة، اليوم مع انهيارها أصبح ويكيليكس هو من يرسم السياسة اليمنية، ويحدد ساعة الحرب وساعة السلام، يقود الكل إلى الهاوية وخلق من الحوثي ليس قوة انقلابية داخل اليمن وحسب، بل قوة تهدد المنطقة والملاحة الدولية، وما علينا إلا أن نستقبل الصفعات الأمريكية بابتسامة وترحاب .