Image

الأمم المتحدة تواصل دعم مليشيات الحوثي.. قرارات البنك المركزي في عدن.. بين التراجع والتحذيرات

تحدثت مصادر اعلامية متعددة في العاصمة المؤقتة عدن اليوم الأربعاء 17 يوليو، عن اتخاذ مجلس القيادة الرئاسي قرارا بإجماع اعضائه، بتأجيل تنفيذ قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة، فيما لم يصدر أي بيان او قرار من البنك او عبر المصادر الرسمية للحكومية يؤكد ذلك.

ووفقا للمصادر المتعددة، فإن مجلس القيادة برر قراره بأنه يأتي بناء على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد حاليًا، والتي تتطلب دراسة وتقييم دقيق لتأثيراتها على الاقتصاد الوطني.

فضيحة أممية جديدة
وما هو مؤكد في حال صدقت تلك الأخبار، فإن القرار جاء نتيجة ضغوط مارسها المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبيرغ والتي بدأت بالرسالة التي بعثها إلى رئيس المجلس الاسبوع الماضي، والتي دعا فيها صراحة لتأجيل او إلغاء تلك القرارات، التي بررها بأنها تهدد بانهيار الاقتصاد اليمني، وتمس الجوانب الانسانية لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة عصابة الحوثي الايرانية.
وكانت مصادر مقربة من الحكومة اليمنية والبنك المركزي في عدن، أكدت في اوقات سابقة، وجود ضغوط تمارسها المملكة العربية السعودية عبر سفيرها آل جابر، بشأن إلغاء او تأجيل تلك القرارات بحجة إفساح المجال أمام إجراء مفاوضات اقتصادية برعاية الأمم المتحدة والوسطاء العمانيين مع عصابة الحوثي تقود إلى مفاوضات شاملة تنهي الحرب والصراع.

تبريرات الرئاسي 
ووفقًا للمصادر المتعددة فقد برر مجلس القيادة الرئاسي قراره الغير معلن خوفًا من ردة فعل الشارع اليمني المؤيد لقرارات البنك من خلال خروج مظاهرات حاشدة في عدد من المناطق المحررة، حيث أكد بأنه سيعمل على إجراء مزيد من الاستشارات والتشاور مع الجهات المعنية قبل اتخاذ أي إجراءات تتعلق بالسياسة النقدية والاقتصادية في البلاد. وأشارت إلى أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية للحفاظ على استقرار الاقتصاد اليمني وتحقيق التنمية المستدامة.
كما اكدت قيادة المجلس الرئاسي، أهمية تحقيق الشفافية والشمولية في عمليات اتخاذ القرارات الاقتصادية، وضرورة مراعاة مصلحة الشعب اليمني في جميع القرارات التي تتخذ، بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة في البلاد.
وكان الاجتماع الطارئ لمجلس القيادة الاسبوع الماضي لمناقشة رسالة المبعوث الأممي، أعلن تمسكه بجدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي، ومجتمع المال والأعمال".

موقف البنك المركزي 
وحول موقف البنك المركزي من أي قرارات تأجيل صادرة عن الرئاسي، افاد المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي في منشور له على حسابه في "فيسبوك"، ان اتخاذ أي قرار لتأجيل او تعليق قرارات البنك المركزي بموافقة وتوقيع كافة أعضاء مجلس القيادة، فهذا لا يعني بالضرورة أن القرار قد تم تأجيله أو تعليقه، لأن هذه القرارات تتعلق بطرف آخر وهو البنك المركزي اليمني. 
وافاد بأن موقف البنك المركزي حتى الآن يعارض موقف مجلس القيادة، وقد تتطور الأمور إلى عدة سيناريوهات: 
ـ إما موافقة البنك المركزي تحت الضغط المحلي والدولي.
ـ استقالة محافظ البنك المركزي.
ـ رفض البنك المركزي للتوجيهات والمضي قدماً في تنفيذ القرارات.
ـ اتفاق البنوك مع البنك المركزي على تنفيذ نقل مراكز عملياتها فقط. وفي هذا السيناريو الأخير، ستُحل العديد من الإشكاليات.
وعلى هذا الصعيد، تؤكد التقارير المتداولة والمتعلقة بقرارات البنك، بأن محافظ البنك المركزي في عدن احمد غالب المعبقي، مازال متمسكًا برفض أي تجميد أو تأجيل لقرارات البنك المركزي واعتبار أي تراجع، نهاية مهام للبنك وسلطته السيادية.

الأمم المتحدة وانقاذ الحوثيين
وتواصل الأمم المتحدة مساعيها لانقاذ عصابة الحوثي من أي انهيار اقتصادي نتيجة قرارات البنك المركزي في عدن الأخيرة، والتي بدأتها برسالة مبعوثها الخاص إلى مجلس القيادة الرئاسي الاسبوع الماضي والتي دعت لتأجيل قرارات البنك المتعلقة بإلغاء تراخيص ستة بنوك مخالفة تعمل في مناطق الحوثيين.
وتضمنت الرسالة التعبير عن قلقه العميق إزاء قرار البنك المركزي اليمني رقم 30 لعام 2024 الذي يقضي بتعليق تراخيص 6 بنوك، وما تبعه من تأثيرات على البنوك المراسلة ونظام سويفت.

وقال الدبلوماسي الأممي إن قرارات البنك الصادرة مؤخرًا بشأن البنوك "سوف  توقع الضرر بالاقتصاد اليمني وستفسد على اليمنيين البسطاء معايشهم في أنحاء البلاد". وأضاف أن "هذه القرارات قد تؤدي إلى التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري". و دعا المبعوث الأممي إلى اليمن إلى تأجيل تنفيذ هذه القرارات حتى نهاية شهر أغسطس القادم.
وافادت مصادر مطلعة في عدن، بأن تحركات المبعوث، نابعة عن حرص أممي ألا يصاب الحوثي بأذى، وقد تكالبت المساعي الأممية والدولية فأنقذت الحوثي من هزيمة أكيدة في الحديدة، وها هي تتكرر المساعي الخبيثة لانقاذ الحوثيين من مستقنع اعمالهم الخبيثة فيما يتعلق بالاقتصاد، والعملة المحلية.
إلى ذلك تناول بعض الناشطين المهتمين بالشأن الاقتصادي في اليمن، "وثيقة صادرة عن هيئة تابعة للأمم المتحدة"، تؤكد فيها بما هو مترجما حرفيا: " بأن وكالات الأمم المتحدة ستفكر في شراء العملة الصعبة ونقلها جواً إلى الجزء الشمالي من اليمن (على غرار التجربة في أفغانستان)".
وانتقد الناشطون تلك الوثيقة الاممية التي قالوا انها تمادت كثيرا بتدخلها في الشأن المحلي، وواصلت حماقتها في انقاذ الجماعة المدعومة ايرانيا، والمصنفة ارهابية، ومحاربة إجراءات البنك المركزي بعدن، مؤكدين بأن الأمم المتحدة التي تدعم الحوثي منذ عشر سنوات او أكثر، تسعى لتعميق معاناة الشعب اليمني وترسيخ اداتها في اليمن.


ماذا يعني التراجع عن قرارات البنك؟
يقول الباحث المتخصص في الشؤون الاقتصادية ماجد الداعري، بهذا الخصوص، بأن لا سلطة قرار نقدي من أي جهة كانت، على البنك المركزي، بمن فيها مؤسسة رئاسة الجمهورية والحكومة، وفق قانون انشاء البنك المركزي وتحديد مهامه وصلاحياته.
ويتابع:" وبالتالي، فلا يمكن لمجلس القيادة أو الحكومة أن تفرض قراراتها لإبطال أي قرارات اتخذها البنك المركزي ودخلت حيز السريان القانوني، ما لم يرَ فيها محافظ البنك المركزي ومجلس ادارة البنك ما يستدعي إعادة النظر فيها من أجل المصلحة العامة".
ويقول : "ومن هنا، أوضح بأن مجلس القيادة الرئاسي لم يتطرق اطلاقا، إلى مناقشة أي شيء متعلق بـ (التراجع أو تجميد) قرارات محافظ البنك المركزي السارية وإنما يضغط على المحافظ للتجاوب مع دعوة المبعوث الأممي الداعية للمجلس إلى (تأجيل سريان القرارات) إلى ما بعد اغسطس الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وليس لتجميدها أو تعطيلها، باعتبارها قد صدرت ودخلت حيز التنفيذ ويستحيل التراجع عنها، بعد اليوم تحت أي ضغوط أو ظروف أو ذرائع كانت الا بعد قبول استقالة محافظ جديد للبنك المركزي اليمني وتعيين محافظ امعه، يبدأ عمله بقرار تعطيل كارثي لقرار سلفه الذي احتشد الشعب اليمني لتأييده بشكل غير مسبوق في تاريخ البنك المركزي اليمني".

صلاحيات البنك في خطر
ويشير الداعري، إلى ان أي تعطيل لقرارات سيادية حاسمة للبنك المركزي، يعتبر انتهاء لصلاحية البنك المركزي والشرعية اليمنية برمتها. باعتبار أي تراجع أو تعطيل لتلك القرارات قد تقود إلى :
اولا: فقدان البنك المركزي لصلب مهامه النقدية وتعطيل أبرز صلاحيات القانونية وانتفاء أي مشروعية أو أهمية لاستمرار وجوده بعدن.
ثانيا: تمكن المليشيات من فرض قوة بلطجتها الصاروخية ومسيراتها، بدلا من أي مفاوضات أو تنازلات متبادلة. وهذه لها تبعات كارثية.
ثالثا: نجاح المليشيات الانقلابية الحوثية في اخضاع الشرعية والمجتمع الدولي لرغبتها الاستقوائية وتمرير مصالحها بالقوة النارية على حساب مصلحة الجميع.
رابعا: تمكن المليشيات من استعادة "السويفت" كود للبنك المركزي بكله، في أي لحظة بذات الطريقة التي نجحت فيها بتعطيل مهام وصلاحيات البنك وعطلت قراراته السيادية.
خامسا: سيصبح بقاء البنك المركزي اليمني بعدن، عديك الأهمية، بل ومجرد عبئا ثقيلا على المناطق المحررة التي دفعت تبعات الالتزامات المالية الكبيرة لقرار نقله الافتراضي من صنعاء وتحملت -من مواردها وقوت شعبها وقيمة عملتها -ثمن انتقاله الباهض الى عدن، نتيجة استيلاء المليشيات المارقة لقرابة خمسة مليارات دولار من احتياطاته المالية المنهوبة بصنعاء. 
سادسا: اي تعطيل لقرارات البنك المركزي تعني تعطيل لسلطة البنك المركزي ومهامه كسلطة مستقلة.. وتعطيل سلطة مستقلة يعني تعطيل مهام كل السلطات بالدولة.. وتعطيل مهام السلطات يعني انتهاء وجود الدولة.. وانتهاء وجود الدولة يعني انتهاء مشروعية كافة مؤسسات الحكومة الشرعية وأولها مجلس القيادة الرئاسي.
سابعا: انتهاء اي صلاحية للبنك المركزي اليمني المعترف به دوليا بعدن، في مخاطبة أو معاقبة أي بنك مخالف لإجراءات العمل المصرفي او متلاعب بسعر صرف العملة المحلية، طالما وقد نجحت الضغوط الباليستية في إجهاض أهم قراراته السيادية الإدارية التنظيمية للقطاع المصرفي.