Image

بين معاناة النزوح واستمرار الحياة بالتعليم .. التعليم في مخيمات النزوح بين إصرار الطلبة وقلة الإمكانيات

بالحبو بنصف اقدامه، يسعى أحد الاطفال نحو مدرسته التي تبعد 8 كيلو مترات، ذهابا وعودة يوميا من أجل التعليم، في نضال جلي لتحقيق اهداف مستقبله، في ظل ظروف غاية في الصعوبة تعيشها المناطق المحررة وحتى الواقعة تحت سيطرة عصابة الحوثي الايرانية، جراء الحروب التي تشنها الأخيرة على اليمنيين.

يتحدث تقرير نشرته وكالات انباء عالمية، عن معاناة الاطفال خاصة ذوي الاعاقة الطبيعية او الناتجة عن الحروب المستمرة في اليمن منذ تسع سنوات، مع التركيز على الطلاب في مخيمات النزوح.

صدام زبن الله .. انموذجا
وكما هو عادة التقارير التي تنشرها المنظمات ووكالات الانباء الدولية، فإنها تتخذ من قصة انسانية منطلقا لنقل واقع المواضيع الانسانية التي تتناولها، كما هو الحال في هذه المادة التي نعيد اقتباسها حول واقع التعليم في البلاد.
ومن معاناة الطالب "صدام زبن الله (14 عاما)"، المعاق بقدميه، ويعيش مع اسرته في خيمة بأحد مخيمات النزوح بمحافظة مارب شمال شرق البلاد، وكيف يسعى للالتحاق بالمدرسة التابعة للمخيم وهي عبارة عن خيم قدمت لهم من منظمة "اليونيسيف".
ينقل التقرير معاناة صدام، وكيف يحبو بقدميه المعاقة، على الرمال الباردة تاركا آثار سحب أقدامه فيها، حاملا على ضهره حقيبة دفاتره باحثا باهتمام عالي عن دروسه اليومية وفي ذهنه السليم، في اطار بنائه لمستقبله انطلاقا من التعليم.

700 طالب وطالبة
ويسرد التقرير، واقع التعليم في مدرسة النصر بمخيم السميا للنازحين في مأرب، مشيرة إلى ان مدرسة المخيم يبلغ عدد طلابها 700 طالب وطالبة، وفصولها مكونة من تسع خيام، وفراشها رمال الصحراء الباردة، وكيف انها لا تلبي ابسط طموحات الطلاب، لكنهم يمتلكون اصرارًا كبيرًا على مواصلة التعليم بأي شكل وتحت أي ظرف.
ويفيد التقرير بأن برد الرمال التي يجلس عليها طلاب المدرسة، يؤثر على اعصاب صدام ورفاقه ويهيج التهاباتها ويعمل على نقله للطبيب بين الحين والآخر بسبب البرد مما يدفعه للتغيب عن المدرسة بشكل دوري.

التعليم على رمال الصحراء
العملية التعليمية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، خاصة في مخيمات النازحين، يفتقد إلى أهم اساسيات العملية التعليمية مثل الكتاب المدرسي وأقلام السبورات وكراسي للطلاب الصغار الذين يفترشون الرمل البادرة والتي تتسبب لهم بأمراض متعددة، وخيمة يستظل بها معلمو المدرسة المكونة من خيام والتي قدمتها منظمة اليونيسيف دون أي خدمات اضافية.
تقول مديرة المدرسة فكرة الحجازي، أن احتياجات المدرسة كبيرة كي تواكب أبسط احتياجات التعليم مثل كراسي جلوس الطلبة الذين يقعدون على رمل الصحراء الباردة والتي  تؤدي الى أمراض متعددة في اوساط الطلبة.
وتشير إلى ان الأمراض الناتجة عن برودة الرمال، تتسبب في غياب "ثلث طلاب المدرسة" بسبب قعودهم على الرمل البادرة خاصة في فصل الشتاء، مؤكدة ان مقاعد الطلبة احتياج لم تحصل عليها المدرسة منذ تأسيسها قبل عامين.
وتحدثت عما قدمته منظمة اليونيسيف من خيام كفصول دراسية، دون أي خدمات أخرى هامة مثل المقاعد، حسب وصفها.

خيام غير كافية 
وتضيف الحجازي، أن منظمة اليونيسف وفرت 15 خيمة كفصول مدرسية في الوقت الذي لا تكفي كل خيمة للطلاب من الصف الواحد مما أضطرها الى تقسيم الطلاب الى شعب ولازال الازدحام كبير داخل الخيمة الواحدة وهو ما دفع الكثير من الطلاب والطالبات الى التسرب بسبب عدم قدرتهم تحمل الزحام الذي يصل في بعض الخيام عدد الطلاب الى 90 طالب وطالبة.
وتقول " نحن نعاني من نقص في الخيام وبحاجة الى خيام اضافية كما أننا بحاجة الى خيمة للمعلمات ، تكمل حاليا المعلمة الحصة الدراسية وتخرج للبقاء في العراء لا يوجد خيمة خاصة بالإدارة ، ولا يوجد خيمة خاصة بالمخازن،  فيما حمامات المدرسة كلها مهترئة وخارجة عن الجاهزية وبحاجة الى صيانة متكاملة".
وتتابع " نحن لدينا اطفال من الضرورة وجود حمامات لهم ، كما يوجد انعدام شبه كلي للكتاب المدرسي، حيث يتشارك عشرات الطلاب بكتاب واحد".

امتحانات في الهواء الطلق 
ويصف التقرير، كيف تضطر الحجازي الى إخراج الطلاب الى ساحة المدرسة الرملية للجلوس على رمل الصحراء لأداء امتحاناتهم الشهرية،  بسبب الزحام الشديد للطلاب داخل الخيام، مشيرة إلى أن الطلاب لا يمكنهم الامتحان داخل الخيمة الواحدة دون حدوث غش بينهم بسبب الزحام مما يضطرها الى اخراج الطلاب الى ساحة المدرسة لأداء الامتحانات بشكل مستمر" .
وبحسب الحجازي فإن طلاب مدرستها ظلوا لعامين كاملين دون تعليم بسبب عدم توفر مدرسة في مخيم السميا للنازحين.

الحرب مدمرة للتعليم
وفي هذا الصدد، تقول منظمة "اليونيسيف" في بيان لها، أنه منذ بداية النزاع في مارس 2015، خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرةً على النظام التعليمي في البلاد وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.
ووفقا لتقرير المنظمة فقد دمرت الحرب 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بحسب المنظمة الاممية اليونيسيف مشيرة إلى أنه" مع استمرار الوضع الإنساني بالتدهور، لايزال حوالي مليوني طفل يمني خارج المدرسة".

آلاف النازحين دون تعليم
وفي أخر تقرير لها ذكرت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن أن عدد الطلاب النازحين في مخيمات النزوح الغير ملتحقين بالتعليم يقدر 112,030  منهم 58,282 طالبة غير ملتحقة بالتعليم و 53,748 طالب غير ملتحق بالتعليم في مخيمات النازحين دون ذكر سبب عدم التحاقهم بالتعليم او ذكر ضعف وانعدام البنى التحتية واحتياجات خاصة بالتعليم في المخيمات المنتشرة في 13 محافظة يمنية .