Image

الأمم المتحدة في مهمة إنقاذ جديدة للحوثيين .. غليان ورفض شعبي لأي تأجيل أو استجابة لوقف إجراءات البنك في عدن

تشهد المناطق المحررة غليانًا شعبيًا عارمًا، على وقع رسالة الأمم المتحدة التي بعثها مبعوثها الخاص لليمن، إلى مجلس القيادة الرئاسي، طالبًا وقف إجراءات البنك المركزي في عدن المتعلقة بمعالجة الاختلالات في الجهاز المصرفي، فيما اعتبرت مهمة إنقاذ جديدة لمليشيات الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران" من قبل المنظمة الدولية.

وعلى وقع غموض يكتنف الموقف الرسمي، حول الرد على الرسالة الأممية، وعدم صدور بيان رسمي من البنك المركزي في عدن، بشأن ما ناقشه اجتماع الرئاسي، الجمعة، بعد تسلمه رسالة الانقاذ الأممية للحوثيين، تعيش المناطق المحررة واليمنيين بشكل عام حالة ترقب لما ستؤول اليه الأمور بهذا الخصوص.

ضغوط وتكهنات

وتمارس الأمم المتحدة واطراف اقليمية ومحلية، ضغوطًا كبيرة على الشرعية والبنك المركزي في عدن على وجه الخصوص، فيما يتعلق باتخاذه إجراءات لمعالجة المنظومة المصرفية للبلاد، في اطار مهام واختصاص البنك، لوضع حد للانهيار المتواصل للعملة المحلية "الريال" امام العملات الاجنبية، ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي تمارسهما مليشيات الحوثي، والتي تصب لانقاذ الجهاز المصرفي من ممارسات الجماعة خاصة البنوك الواقعة في مناطق سيطرتها.

وبعد وصول الأمور إلى مرحلة حرجة بالنسبة للحوثيين الذين وجدوا أنفسهم في مأزق اقتصادي وتمويلي كبير، يهدد بقاءها ويبشر بنهاية مشروعها الإيراني المدمر لليمن والذي تسبب بقتل وتشريد وإصابة ملايين اليمنيين، تصدرت المنظمة الدولية الأولى المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان وحماية المدنيين من الجماعات الارهابية والانظمة الاستبدادية، لتقف مع أحد وأخطر تنظيم إرهابي عرفته البشرية "مليشيات الحوثي" أحد أذرع إيران الإرهابية في المنطقة إلى جانب تنظيمي داعش والقاعدة، وتطالب برسالة عبر مبعوثها الخاص لليمن هانس غروندبيرغ بوقف تلك الإجراءات، لمنع انهيار الجماعة الإرهابية في صنعاء.

وترددت انباء ونشرت معلومات في مواقع اخبارية على حسابات الناشطين في مواقع التواصل، حول ما تم اتخاذه من قبل الشرعية بشأن رسالة المبعوث، دارت معظمهما حول " تأجيل قرار سحب التراخيص عن البنوك الستة المخالفة، واعطاء مهلة لها حتى نهاية اغسطس المقبل، وبين انباء تتحدث عن إعادة النظر في جميع قرارات البنك التي بدأت بمطالبة البنوك العاملة في مناطق الحوثيين بنقل مقرات مراكزها المالية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وإلغاء العملة القديمة وغيرها من القرارات التي اتخذها بنك عدن لاصلاح المنظومة المالية.

غضب وتظاهرات منددة

وفجَّرت رسالة الانقاذ الأممية للحوثيين، غضبًا في أوساط اليمنيين الذي استبشروا خيرًا بالإجراءات الأخيرة للبنك في عدن، والتي لمسوا تأثيرها على مليشيات الحوثي، فخرجت يوم السبت، تظاهرات حاشدة في محافظة مارب عبَّر المشاركون فيها عن تأييدها المطلق لقرارات البنك المركزي اليمني، في العاصمة المؤقتة عدن، بشأن الإجراءات الاقتصادية المُتّخذة لمعالجة الأزمة المالية.

وردد المتظاهرون الغاضبون، هتافاتهم ورفعوا لافتات معبرة عن رفضهم لأي تراجع او تأجيل لتلك القرارات، ودعمهم الكامل لقرارات البنك المركزي، مؤكدين على أنّها إرادة شعبية تمثل تطلعات اليمنيين في مختلف أنحاء البلاد.

وطالب المتظاهرون قيادة البنك المركزي بالاستمرار في اتخاذ إجراءاتٍ حازمةٍ ضدّ البنوك وشركات الصرافة المخالفة للقوانين والتعليمات، مؤكدين رفضهم لمحاولات المبعوث الأممي والأمم المتحدة وقف إجراءات البنك المركزي.

وأكد المتظاهرون على وقوفهم جنباً إلى جنبٍ مع قرارات البنك المركزي، وأنّ لا تراجع عن هذا التأييد.

وشدّدوا على ضرورة تعاون جميع الجهات والمؤسسات الرسمية، بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، لضمان تنفيذ القرارات الاقتصادية بفعاليةٍ ودون تهاون.

ووصفوا أي تراجع عن القرارات بأنه انتحار سياسي وخدمة مجانية لمليشيات الحوثي، وشددوا على المضي في تنفيذها.

وفي تعز، عقدت القوى السياسية اجتماعًا قرروا فيه تأخير حشدهم المؤيد لقرارات البنك إلى يوم الاثنين المقبل، لإعطاء الناس فرصة للحشد وإبلاغ الجميع للاحتشاد في مسيرة مليونيه تعبر عن حجم غضبهم ورفضهم لأي تدخل وضغوط دولية واقليمية من شأنها إنقاذ الحوثيين، و دعماً للبنك المركزي اليمني.

اشتعال مواقع التواصل

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي هي الأخرى تفاعلات كبيرة لليوم الثاني على التوالي، رفضًا على وقع تدخل الأمم المتحدة مجددًا لانقاذ الحوثيين.

وأشارت تلك التفاعلات إلى أنه منذ عشر سنوات و مع كل انهيار للحوثيين، تتدخل الأمم المتحدة والغرب لانقاذهم وإبقائهم يواصلون قتلهم لليمنيين بشتى الوسائل والطرق وعلى مرأي ومسمع العالم أجمع الذي لا يحرك ساكنًا لحماية وصون حياة اليمنيين وكرامتهم، ويتحرك فقط لانقاذ الجماعة الإرهابية التي تمارس شتى أنوع الإجرام الذي يتجاوز ما تمارسه جميع التنظيمات الإرهابية في العالم.

وسخروا من مساعي الأمم المتحدة لانقاذ الجماعة كما فعلت سابقًا مع الولايات المتحدة والغرب، في انقاذها من الانهيار والهزيمة في معركة تحرير الحديدة من خلال إبرام اتفاق "ستوكهولم" المشؤوم في ديسمبر 2018، وقبلها في وقف تحرير صنعاء، وكذا إبرام هدنة ابريل 2022، لمنع انهيار الحوثيين في معارك شبوة وجنوب مأرب التي قادتها قوات العمالقة حينها.

ووفقًا للتفاعلات، فإن جهود الامم المتحدة المنقذة هذه المرة لاقت رفضًا حوثيا أيضًا، حيث أعلنت الجماعة الارهابية رفضها القاطع للانخراط في مفاوضات الملف الاقتصادي التي دعا إليها المبعوث الأممي في رسالته للمجلس الرئاسي.

وأكدت الجماعة، انها ابلغت المبعوث رفضها القاطع لمحاولة ما اسمته "تبييض صفحة الخارج الأمريكي وتصوير عدوان الخارج وكأنه شأن داخلي، وان استعمال لغة التأجيل والترحيل غير مقبولة".

تحرك خارج المهام

ووصفت التفاعلات اليمنية، تحركات الأمم المتحدة بضوء أخضر أمريكي وعدد من دول الإقليم وكيانات محلية يمنية، بالتحرك خارج مهام المنظمة الدولية المعنية أصلًا بحماية المدنيين والحفاظ على حقوقهم، وحماية الدول من التدخلات الخارجية وحماية الثروات الطبيعية للشعوب، وحماية حرية الملاحة والتنقلات والتعبير وحقوق الطفل والمرأة والاقليات والطوائف، والتي انتهكتها كلها مليشيات الحوثي بشكل علني وموثق على مدى عقد من الزمن.

واشاروا إلى ان الامم المتحدة ومبعوثها لم يتحركوا حين قصفت مليشيات الحوثي ميناء الضبة وعطّلت التصدير والاقتصاد الوطني تماماً، ولم يتحرك هكذا حين فرضت المليشيات انقساماً نقدياً، وطبعت عملة غير شرعية، ونهبت الموارد الوطنية وأموال الناس وميزانية المرتبات، واموال المانحين، واختطفت الطائرات، واعتقلت الموظفين في المنظمات الدولية والمحلية بمن فيهم موظفي الأمم المتحدة.

طبول حرب للفرار

ووفقًا لخبراء اقتصاد، فإن رد الحوثيين فيما يتعلق بمساعي الأمم المتحدة ومبعوثها، وقف إجراءات بنك عدن، ورفضهم أي حوار اقتصادي ينقذ البلاد ويرفع المعاناة عن اليمنيين، هو الهروب نحو حرب جديدة، يرون فيها انقاذ لهم من الحالة التي وصلت اليها الجماعة على وقع الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وتصاعد الخلافات في اوساط قياداتها، وعزلتها الدولية، فضلًا عن هروبها من سخط الرأي العام في مناطقها الذي بدأ يتصاعد وكسر حاجز الخوف من بطش الجماعة.

كما يأتي رفضها، كي تبقي سطوها على مفاصل الاقتصاد وإيرادات المؤسسات الحكومية والموانئ الواقعة تحت سيطرتها، وللحفاظ على مكاسب قادتها التي حققوها من وراء الإجراءات التي اتخذتها ضد المصارف والمؤسسات المالية في مناطقها، وما تحققه انقسام العملة ، ونهب أموال البنوك والمودعين والعملاء، وتجميد النشاط المصرفي من خلال قانون منع الفائدة، الذي شرعن لمصادرة ودائع الناس وأموالهم، علاوة على الاستيلاء على الموارد العامة والشركات التجارية، وسطوتها الأخيرة على أموال وطائرات اليمنية، ورفضها صرف رواتب الموظفين للعام التاسع والتسبب بأكبر كارثة إنسانية في البلاد.

وترى الجماعة الحوثية ان أي حوار اقتصادي مع الشرعية ستجعلها تلتزم بالعديد من البنوك التي ستفقدها امتيازات كبيرة، كما سيعزز من امكانية اصلاح الوضع الذي سوف يصب في صالح جميع اليمنيين، وهو ما لم تريده الجماعة التي تعيش على خلق حالة العداء بين ابناء البلد الواحد لكي تبقى تنفذ مشروعها ومخططها المبني على الرؤية الإيرانية في المنطقة.

جاهزية الرد 

وبخصوص تهديدات الحوثيين باستئناف التصعيد العسكري وإعادة الأوضاع إلى مربع الحرب الشاملة، حذّر "الرئاسي في عدن" الجماعة الموالية لإيران من العودة الى خيار التصعيد الشامل، والتفريط في المساعي الحميدة التي تقودها السعودية وعمان لإنهاء الحرب واستعادة مسار السلام، والاستقرار والتنمية، وأكد "جاهزية القوات المسلحة بكافة تشكيلاتها العسكرية لردع أي مغامرة عدائية".