Image

تعاني أزمة نقد حادة وأسعار مرتفعة .. أكذوبة ثبات سعر الصرف في مناطق الحوثيين

تعاني مناطق مليشيات الحوثي الارهابية "وكلاء ايران" أزمة نقد حادة خاصة فيما يتعلق بالعملة الاجنبية، إلى جانب ارتفاع كبير في أسعار السلع والبضائع، مقارنة بما هي عليه في المناطق المحررة.

وذكرت مصادر مصرفية، بأن مناطق الحوثي ما زالت تعيش أكذوبة ثبات سعر الصرف الوهمي، الناتج عن عملية انقسام العملة المحلية التي تسببت بها الجماعة منذ سنوات، وأدت إلى حدوث فجوة كبيرة في أسعار الصرف، واتساعها بشكل كبير بين المنطقتين مؤخرًا.

اتساع فجوة الصرف
ووفقًا للمصادر، بأن اتساع فجوة الصرف بين الطبعتين القديمة والجديدة من العملة المحلية وصلت إلى 300 بالمائة، وهو ما يعده البعض انجاز اقتصادي ومالي للحوثيين، فيما الحقيقة أن الجماعة تعاني من غياب النقد في مناطقها لعدم قدرتها على طباعة العملة، فضلًا عن غياب النقد الأجنبي "الدولار" في مناطق الحوثيين بشكل كبير.
ورغم الاستقرار الوهمي في أسعار الصرف في مناطق الحوثي، إلا أن أسعار السلع مقارنة بفارق سعر الصرف مع المناطق المحررة، تجعل الأسعار في مناطق الحوثيين هي الأعلى مقارنة بمناطق الشرعية، حيث تُعد عملية استقرار سعر الصرف غطاء لما تواجهه الجماعة من أزمة اقتصادية ومالية يصفها البعض بـ "بالونة منفوخة" قد تنفجر في أي لحظة.
وتُعد عدم جدية المعالجات والاجراءات التي تتخذها الحكومة والبنك المركزي في عدن فيما يتعلق بالعملة المحلية، ومنها إيقاف التعامل بالطبعة القديمة ووقف الحوالات المالية الخارجية إلى مناطق الحوثيين، ونقل البنوك من صنعاء إلى عدن، إحدى العوامل التي تبقي ثبات سعر الصرف في مناطق الحوثي ثابتًا نسبيًا.

سياسة وقرارات مصرفية
وقد تسببت عملية انقسام العملة المحلية، وحظر الطبعة الجديدة من العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، واستمرار البنك المركزي في صنعاء بممارسة مهامه كبنك مركزي، من خلال إصدار القرارات المصرفية، والتدخل في عمل البنوك والمصارف، في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بتكدّس السيولة من الطبعة الجديدة في العاصمة المؤقتة عدن، وبقية المناطق التي تديرها الحكومة، مقابل شحة شديدة من السيولة المحلية، والريال القديم في أسواق الصرف لدى الحوثيين، وهو ما لا يساعد في وجود أي عملية مضاربة بالعملة، ناهيك عن أزمة النقد الأجنبي الحادة، التي تعاني منها الأسواق المصرفية في صنعاء والمناطق المجاورة.
وتشير التقارير الاقتصادية، إلى أن اعتماد مركزي صنعاء نظامًا مصرفيًا آخرًا، مختلفًا عن النظام المعتمد لدى الحكومة اليمنية، وهو النظام الثابت، بموجب هذا الأمر يتم التدخل بكافة الأنشطة المصرفية، ولا يتم السماح لقوى السوق بتحديد سعر الصرف، كما هو عادة الأسواق المصرفية، التي ينادي بها صندوق النقد الدولي.  

اعتماد نظام مصرفي آخر
ومنذ العام 2017 تعتمد الحكومة نظاماً مصرفياً آخرًا، وهو نظام التعويم الحر، وتم اعتماد هذا النظام في أغسطس من العام 2017م، بناءً على توصيات صندوق النقد الدولي، وتم الالتزام للصندوق بالعمل وفق هذه الآلية، التي تمنح قوى السوق وآلية العرض والطلب التحكم بسعر الصرف.
واعتماد الحكومة في عدن العمل بهذا النظام المصرفي سمح بتركيز عملية المضاربة والطلب على النقد الأجنبي في العاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات المحررة، نتيجة وجود كميات كبيرة من العملة المحلية، والسماح أيضًا ببيع النقد الأجنبي وفق اقتصاد السوق الحر، وبدون قيود، الأمر الذي شجّع البنوك والمصارف والشركات التجارية في مناطق الحوثيين على الطلب على العملة الصعبة اللازمة للاستيراد من السوق المصرفية في مناطق الحكومة، بمعنى أن السوق المصرفية في المحافظات المحررة توفّر عملية النقد الأجنبي اللازم للاستيراد لمختلف مناطق الجمهورية اليمنية، في حين أن الحوثيين نقلوا كافة الأعباء المالية اللازمة للاستيراد، وتمويل واردات الغذاء والسلع الأساسية والضرورية والمشتقات النفطية والدواء، والكماليات، على القطاع المصرفي الذي يعمل في المناطق المحررة.

تجريب السياسة المالية
ومنذ فوضى 2011 التي أدت لسقوط النظام الرسمي للدولة وما تلاها من عمليات تدمير لمؤسسات الدولة خاصة المصرفية والاقتصادية منها، ونهب الأموال العامة خاصة التأمين النقدي في البنك المركزي من قبل الحوثيين والمقدرة بأكثر من أربعة مليار دولار، والعمليات المالية والمصرفية التي اتبعت من قبل الأدوات التي تقاسمت السلطة، أدت إلى ما تعيشه البلاد بهذا الخصوص حاليًا.
ومن تلك السياسات المالية التدميرية، مثل خروج الجزء الأكبر من السيولة المحلية إلى القطاع المصرفي غير الرسمي، منذ بدء الحرب، نتيجة ما تعرّضت له البنوك من خسائر كبيرة في الأصول والأرصدة، واستثمارات أذون الخزانة والسندات، عاملاً مهماً في زيادة عملية المضاربة بالسوق السوداء، وزيادة الطلب على النقد الأجنبي، من أجل زيادة الأرباح وتحقيق الثراء السريع.

فوارق أسعار فعلية
ومن خلال عمل نظرة شاملة لأسعار السلع والمواد الغذائية، في مختلف المحافظات اليمنية، ومعرفة الفروقات في الأسعار، نلحظ عدم وجود فوارق فعلية، بل على العكس، نجد أن المستوى العام للأسعار في الأسواق التموينية بمناطق الحوثيين، أعلى منها لدى الحكومة اليمنية، وهذا الأمر يُفسّر اعتماد آلية الاستيراد على سعر محدد للصرف، وهو سعر الدولار في مناطق الحكومة، بمعنى أن الشركات التجارية والمستوردين، وكبار التُجار يستوردون بسعر الدولار المحدد في العاصمة المؤقتة عدن، كونهم يحصلون على النقد الأجنبي اللازم للاستيراد من السوق المصرفية لدى مناطق الحكومة. 
وتزداد الأعباء المالية والمعيشية على السكان في صنعاء والمحافظات المجاورة، مع مضاعفة الجبايات والإتاوات المالية المفروضة على التجار، والجمركة مرّة أخرى، لدى منافذها المستحدثة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة نقل البضائع والسلع إلى المحافظات اليمنية، مع إغلاق المنافذ الرئيسية والطرق، كما هو الحال مع مدينة تعز، ولجوء التجار إلى طرق أخرى بديلية شاقة ووعرة، تكلفهم الكثير من الجهد والوقت، وتنتقل هذه التكاليف على شكل مضاعفات في الأسعار، على المواطن والمستهلك.
ومن خلال هذه اللمحة السريعة، تتضح حقيقة الفوارق في سعر الصرف، وتتكشف أكذوبة ثبات سعر الصرف لدى الحوثيين، وهو ما يؤكد أن اعتماد سعر أقل للدولار والريال السعودي، لدى القطاع المصرفي الواقع ضمن نطاق سيطرة الحوثيين، ليس سوى عبارة عن نهب منظم لمدخرات المواطنين، من العملة الصعبة، كونه يتم مصارفتها بما يقابلها من الريال اليمني، بسعر أقل من سعرها الحقيقي، الذي تحدده النظم والقواعد الاقتصادية، للسوق الحر، في حين أن تكاليف المعيشة والخدمات وأسعار السلع والغذاء تزداد حدتها باستمرار، والتضخم يكاد يقضي على ما تبقى من قدرة شرائية ضئيلة للمواطنين