Image

روسيا والصين.. علاقات استراتيجية لموازنة القوى الدولية

اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الصين، لتكون أول محطات زياراته الخارجية، عقب إعادة انتخابه رئيساً للبلاد، وهو ما يعكس قوة العلاقات بين البلدين، وبخاصة التعاون الاقتصادي بينهما، ما يعزز المخاوف الأمريكية والغربية بشأن انعكاسات تلك العلاقات المتنامية بين البلدين.

أثارت تلك الزيارة ونتائجها، وأبرز الرسائل التي بعثت بها، عديداً من التساؤلات بشأن مدى تطور العلاقات بين موسكو وبكين، وتحولها إلى الدعم العسكري، وتمكن الصين من توازن علاقاتها مع الغرب في نفس الوقت.

توقيت هام

وأكد الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، في تصريحات لـ «البيان»، أن زيارة الرئيس بوتين إلى الصين، جاءت في توقيت هام للغاية، يشهد فيه المجتمع الدولي حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي، وأيضاً تغيرات في نمط التحالفات الدولية. اكتسبت الزيارة أهمية قصوى، لا سيما في سياق مساعي البلدين من أجل إحداث نوع من التوازن في المحيط الدولي والإقليمي.

ووفق الديهي، فإن كلا البلدين من الأقطاب الدولية التي لها ثقلها ووزنها السياسي، كما أنهما لاعبان في عديد من الملفات الدولية وعلى الصعيد الدولي، وهما أيضاً حلفاء في التوجهات، خاصة أن الولايات المتحدة تحاول أن تمارس على كل منهما عديداً من الضغوط.

تمكنت بكين بشكل أو بآخر من خلق نوع من التوازن في علاقاتها بين الغرب وروسيا، من خلال تبنّي مواقف الحياد الدبلوماسي تجاه الأزمات المتصاعدة بين الطرفين، فضلاً عن طرحها مبادرات تدعم التوازن في وجهات النظر، وتعادل بين التوجهات الغربية والتوجهات الروسية، بحيث لا تخلق عداء لطرف، أو تميل تجاه طرف على حساب الآخر.

وفي هذا السياق، بيّن الديهي أن الصين تعمل على تعزيز العلاقات مع الغرب وروسيا، من خلال الجانب الاقتصادي، أكثر من كونها علاقات تعتمد على الركائز السياسية أو الأمنية أو العسكرية، لذا، تمكنت من تعزيز علاقات لكلا الطرفين.

وذكر أن التحالف بين روسيا والصين، لن يمثل تهديداً لأية جهة، خاصة أنه في إطار نمط التحالفات الدولية الجديد والتكتلات الإقليمية، والحديث حول الإقليمية المرنة أو الإقليمية الجديدة، مردفاً: قد يخشى الغرب من هذا التقارب، ولكن الصين وروسيا حلفاء تربطهما روابط اقتصادية، وعلاقات داخل منظمات دولية وإقليمية، حتى منها شنغهاي والبريكس.

الموقف الغربي

فيما أكد الأستاذ بكلية موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي، في تصريحات لـ «البيان»، أن العلاقات بين موسكو وبكين، لا تمثل تهديداً لأمريكا والغرب، مشيراً إلى أن الموقف الروسي معروف بأن الصداقة مع أي دولة غير موجهة ضد علاقة هذه الدولة بأي طرف آخر.

وأوضح أن روسيا تدرك أن الصين التي تطمح في أن تصبح خلال القرن الحادي والعشرين القوة الاقتصادية الأولى، حتى من جهة القيمة الاسمية للناتج المحلي الإجمالي، وأن تتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكنها التضحية بعلاقاتها المتطورة مع الغرب من أجل روسيا.

وذكر أن روسيا تدرك ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الصين من جانب، والغرب المتمثل بالاتحاد الأوروبي وأمريكا من جانب آخر، بينما لا تزال أرقام التجارة الروسية الصينية بعيدة عن تلك التي يمكنها أن تمثل تهديداً للغرب بمشاركتها مع الصين.

وأكد أن العلاقات الصينية الروسية لها أهمية كبرى في العالم، لأنها تحقق توازناً مع النفوذ الأمريكي، فالولايات المتحدة في الوقت نفسه، هي قوة عسكرية واقتصادية عظمى، بينما موسكو هي قوة عسكرية عظمى، والصين تمثل قوة اقتصادية عظمى، فبالتالي، روسيا والصين مجتمعتان، تحققان توازناً على مستوى العالم، والعلاقات بينهما لها أهمية كبرى في المجال الاقتصادي، خاصة أن بكين تعتمد على النفط والغاز الروسي لتطوير قطاعها الصناعي، بينما وجدت روسيا الصين ملاذاً بديلاً لمواردها في مجال الطاقة، بعد إغلاق السوق الأوروبية أمامها.