Image

هدنة غزة بين غياب الأفق واستمرار الحرب

من خلف غبار الحرب وعلى تخوم مدينة رفح ترتسم مخاوف جدية، من مراوغة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، الذي تعمد زرع ألغامه في آخر أمتار مباحثات التهدئة، في تدهور خطير عنوانه العريض شراء مزيد من الوقت، وإطالة أمد القتال، ريثما تعبر قاطرة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لعل رياحها تأتي بما تشتهي سفنه.

كانت كل المعطيات تؤشر على أن ليلة القبض على رفح قد اقتربت، إذ إن الانطباع السائد في الحلبة السياسية بأن نتانياهو بات محشوراً بين خيارين أحلاهما مر، إما المضي قدماً في الحرب ومواجهة «طوفان الشارع»، أو الموافقة على وقف الحرب وخسارة جناحه اليميني (بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير) فاختار الأول، لإطالة أمد الحرب.

وترتسم معالم مسار جديد للحرب، على وقع حبس الأنفاس حيال مصير الهدنة، التي باتت أقرب إلى «عض الأصابع»، وغدت تشق طريقها في حقل ألغام، فيما أصبحت رفح أمام تدافع خشن بين الجيش الإسرائيلي الذي أخذ يفرض حصاره المشدد على المدينة ويقصفها بقوة، وحركة حماس، في مسار محكوم بمعادلة العودة إلى «المربع الأول».

التفاوض بالنار

وراء كواليس «التفاوض بالنار» كانت حرب المشاغلة الإسرائيلية لمدينة رفح، تشي بأن إسرائيل ماضية في توسيع رقعة الحرب لتطال آخر معاقل «حماس»، وأنها لا تنفك تتمدد جنوباً، وعلى الطرف الآخر، أرادت الفصائل الفلسطينية التي انطلقت آخر صواريخها من رفح تحديداً، إيصال رسالة لإسرائيل مفادها: «إن عدتم عدنا».

حراك أمريكي

في الساحة الأمريكية كانت العيون تتوزع على رفح، القاهرة، وتل أبيب، فيما التقديرات تلمح إلى أن شلال الدم في غزة، لا بد وأن يطفو على سطحه حل دبلوماسي، فلم يكد يغادر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المنطقة، حتى أوفد إليها الرئيس جو بايدن مدير وكالة المخابرات وليام بيرنز، في لهاث سياسي يستهدف، وفق توصيف مراقبين، (الجبر بعد الكسر) وممارسة الضغط على «حماس» ودفعها للقبول بالتهدئة، وخصوصاً مع تعاظم الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية.

ولا يطغى حديث في الساحة الفلسطينية على أخبار مصير الهدنة وصفقة تبادل الأسرى، خصوصاً بعد أن وضع نتانياهو العصي في دواليبها. لكن من الواضح أن الفصائل الفلسطينية اتخذت قرارها، بأنه فقط مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، ووقف إطلاق النار، يمكن القول إن الهدنة باتت حيز التنفيذ، وأن صفقة التبادل باتت وشيكة.

ويرى مراقبون أن جهود التهدئة ستبقى نشطة وصولاً لاتفاق، وإن بدا الموقف الإسرائيلي واضحاً بمواصلة الحرب.