Image

أزمة «بوينغ» تنذر بأسعار أعلى للتذاكر في موسم السفر الصيفي

تأخر التسليمات لمخاوف السلامة المرتبطة بطائرة «MAX 737 » يلقي بظلاله على شركات الطيران.

أبلغت «بوينغ» شركات الطيران، بأنها ستتلقى عدداً أقل من طائرات «737 ماكس» مقارنة بالمتوقع لهذا العام، ما يجبر هذه الشركات على تقليص الجداول الزمنية، ويعزز من احتمالات ارتفاع أسعار تذاكر الطيران في خضم موسم السفر الصيفي المكتظ.

وتتأهب شركات الطيران في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، لوجود عدد أقل في حوزتها من الطائرات قصيرة المدى عما كانت تخطط له، وهي مفاجأة غير سارة تتسبب في ازدياد تكاليف العمالة. كما ستُبقي على الطائرات القديمة في الخدمة لفترة أطول.

وقلصت «بوينغ» معدلات الإنتاج، بعد انفجار باب على متن رحلة لطائرة «737 ماكس» تابعة لشركة ألاسكا إير لاينز في يناير الماضي. وأعلنت الشركة هذا الأسبوع استنزافها نحو 4 مليارات دولار نقداً في الربع الأول.

وأعلنت إدارة الطيران الفيدرالية، وهي الهيئة التنظيمية، عن عدم سماحها لشركة «بوينغ» بإنتاج أكثر من 38 طائرة من طراز «737 ماكس» شهرياً، لتركز الشركة على تحسين معايير الجودة. وسلّمت مصنّعة الطائرات في مارس الماضي 24 طائرة للعملاء، مقابل 52 طائرة في الشهر ذاته قبل عام. وفي الوقت ذاته، سلّمت منافستها الأوروبية «إيرباص» 51 طائرة من طرازي «إيه 320»، و«إيه 320 نيو»، وهما الطرازان اللذان ينافسان «ماكس».

من جانبها، ذكرت خطوط ساوث ويست الجوية، أنها ستتلقى 20 طائرة فقط من أصل 46 طائرة ذات بدن ضيق كانت ترجح تسلّمها إياها هذا العام. و«ساوث ويست» هي شركة الطيران التي تمتلك أكبر عدد من طائرات «737 ماكس» في الخدمة غير تلك التي طلبتها. وفي يناير، أعلنت الشركة اعتزامها تلقي 79 طائرة من طراز «ماكس»، وليس عدد الطائرات المُتفق عليه والبالغ 85 طائرة.

وفي ضوء القدرات الأقل، ترجح «ساوث ويست» حالياً نمو الإيرادات التشغيلية لعام 2024 بأقل من 10% مقارنة بالعام الماضي، بعدما كانت تتوقع سابقاً نمواً يزيد عن 9%. وقالت شركة الطيران، التي أفصحت عن صافي خسائر في الربع الأول بلغ 231 مليون دولار، مجموعة من التدابير الموفرة للتكاليف، فحصرت خدماتها على أربعة مطارات داخل الولايات المتحدة، وقلّصت عدد موظفيها بمقدار 2000 موظف بحلول نهاية العام الماضي. وتضع الشركة حداً للتعيينات، وتوفر فرصة الإجازات الطوعية، فضلاً عن تقليص الجداول الزمنية للنصف الثاني من العام الجاري.

كما أرجأت «ساوث ويست» إحالة بعض الطائرات إلى التقاعد، كما أنها بصدد تقليل المدة اللازمة لتجهيز طائرة ما لرحلتها التالية، وزادت من عدد الرحلات التي تقلع ليلاً وتهبط في الصباح التالي، مع محاولتها توليد مزيد من الإيرادات من الطائرات التي في حوزتها. وصرح بوب جوردان، الرئيس التنفيذي لدى «ساوث ويست»: «لا أقلل من شأن التحديات التي تفرضها المشكلات المتعلقة ببوينغ». وتابع: «إنها بالغة، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك جله».

وبالنسبة لخطوط «أميركان إيرلاينز»، فتتوقع تلقي 16 طائرة ذات بدن ضيق في 2024، بحسب بيان تنظيمي، بانخفاض من تقديراتها في يناير البالغة 20 طائرة، وسابقتها البالغة 25 طائرة. ومنيت شركة الطيران بصافي خسائر بلغ 312 مليون دولار في الربع الأول من العام، مقابل صافي دخل بلغ 10 ملايين دولار في الفترة ذاتها قبل عام.

وقالت الخطوط الجوية «يونايتد» الأسبوع الماضي، إنها تتوقع تسليم «بوينغ» 61 طائرة ذات بدن ضيق في 2024، بتراجع من تقديرات بتسلمها 101 طائرة بداية العام الحالي. وقال أندرو نوسيلا، رئيس الشؤون التجارية لدى الشركة: «مع استهلالنا لهذا العام، استندت خطة الأعمال على خطوط جوية أكبر، لكن انخفضت التسليمات بأكثر من 40 طائرة مقارنة بتوقعاتنا»،.

وعوضاً عن تسلّمها 23 طائرة من طراز «ماكس» هذا العام، لفتت خطوط ألاسكا الجوية إلى أن «بوينغ» ستسلمها ما يتراوح بين 10 و20 طائرة. وكانت الشركة ترجح توسع قدرات الطيران لديها بما يصل إلى 5% مقارنة بالعام الماضي، لكنها تتوقع حالياً نمو قدراتها بما لا يقل عن 3%.

ورجحت «ريان إير»، أكبر العملاء الأوروبيين لدى «بوينغ»، تلقيها 57 طائرة حسب التوقيت المُتفق عليه في أوج الموسم الصيفي، لكن صرح مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي لدى شركة الطيران لـ «فايننشال تايمز»، بأن الشركة تنتظر حالياً تسلم نحو 40. وتخلّت شركة الطيران منخفض التكلفة، عن بعض رحلاتها وأبطأت خطط نموها، فقلصت عدد المسافرين الذين تتوقع أن تحملهم رحلاتها في العام المالي الحالي إلى 200 مليون من 205 ملايين.

وفي بداية العام، كان من المنتظر أن تتسلم الخطوط الجوية التركية 15 طائرة من طراز «737 ماكس» خلال 2024، ثم 16 طائرة إضافية في 2025، بحسب سيريوم التي توفر خدمات بيانات الطيران. وترجح الشركة حالياً تلقيها 4 طائرات هذا العام ستؤجرها من «إير كاب»، إلى جانب 31 طائرة أخرى في العام الماضي عن طريق مؤجرين. وأشارت هيلان بيكر، المحللة لدى «تي دي كوين»، إلى أن إرجاء تسليمات «بوينغ» إلى جانب إيقاف تحليق الطائرات التي تعمل بواسطة المحركات التوربينية المعيبة التي صنعتها «برات آند ويتني»، ستتضافر مع قوة الطلب على السفر الجوي في دفع أسعار تذاكر الطيران للارتفاع بداية من منتصف مايو.

ويتوقع أوليري، ازدياد أسعار تذاكر الطيران بما يتراوح بين 5% و10% على أساس سنوي بسبب نقص الطائرات في أوروبا. وقد تعوض احتمالية زيادة أسعار تذاكر الطيران وتشغيل رحلات كاملة ارتفاع التكاليف. ويعتقد جو رولينا، المحلل لدى «فيتش ريتنغز»، في اتضاح الأسعار الأعلى للتذاكر في وقت لاحق من العام. وقال: «سيأتي الأمر بنتائج سلبية صافية لشركات الطيران، لكن هناك أمور ستعوض هذا».

وسلط روب موريس، رئيس شركة أسيند للاستشارات التابعة لـ «سيريوم»، الضوء على أن القدرة العالمية لكل من «يونايتد» و«ألاسكا» في يونيو ستكون أقل بنحو 6%، مقارنة بما كانتا تخططان له في السابع من يناير، أي مباشرة بعد انفجار الباب على متن رحلة «ألاسكا»، مشيراً إلى أن نقص طائرات 737 ماكس سيكون محركاً أساسياً لهذا الأمر.

ووظّفت يونايتد أطقم طيران، وخاصة طيارين، بافتراض امتلاكها مزيداً من الطائرات للتحليق بها. ومنذ ذلك الحين، طلبت الشركة إليهم أخذ إجازات طوعية غير مدفوعة الأجر في مايو. وأشار سكوت كيربي، الرئيس التنفيذي لدى يونايتد، إلى اعتزام الشركة تحويط جدولها الزمني بتصميم جداول زمنية تصلح لاستخدام 90 طائرة أو أقل من ذلك إذا ما كانت ستحصل على 100 طائرة سنوياً.

وقال: إذا سارت كافة الأمور وفق الموعد والخطة الموضوعين، فسيتوفر لدينا عدد من الطائرات الاحتياطية لتستخدم طيلة شهرين، وأضاف: سيكون هذا مكلفاً بعض الشيء، لكن التكلفة لن تقارب تكلفة 40 طائرة متخمة بالعاملين.

وتتفاوض الخطوط الجوية التركية، التي تحاول مضاعفة حجم أسطول الطائرات خاصتها على مدى العقد المقبل، مع بوينغ للتقدم بطلبية يفترض أنها ستكون كبيرة، وربما تتألف من 150 طائرة، وفقاً لموريس. وأطلع مراد شيكير، كبير المسؤولين الماليين لدى الخطوط الجوية التركية، المستثمرين هذا الشهر على أن المفاوضات ما زالت قائمة، وعلى طائرات ماكس على وجه الخصوص، لكن قد تتخذ القرارات في وقت لاحق بعض الشيء.

أما ألاسكا، فتعتزم تشغيل جدول زمني موثوق رغم امتلاكها عدداً أقل من الطائرات الجديدة، وفق أندرو هاريسون، رئيس الشؤون التجارية. وأوضح هاريسون، أن الشركة قررت مواصلة إحالة الطائرات الأقدم للتقاعد على مدى الأشهر القليلة المقبلة، مع استخدام الطائرات النفاثة في أسطولها على نحو أكثر تواتراً.

ومع ذلك، لفت المسؤولون التنفيذيون لدى أميركان إيرلاينز، في مناقشة مع محللين الخميس الماضي، إلى أنه على الرغم من انكماش تسليماتها المتوقعة، شأنها شأن بقية شركات الطيران، لكنها أقل اعتماداً على الطائرات الجديدة من إنتاج بوينغ، بفضل تحديثها لأسطول الطائرات لديها بالفعل منذ عدة أعوام. وصرح روبرت إيسوم، الرئيس التنفيذي: سنكون أفضل حالاً مقارنة ببقية منافسينا.