بعثة "أونمها" الأممية بين الفشل والتواطؤ .. هل تنسحب الحكومة اليمنية من اتفاق "ستوكهولم" بشأن الحديدة؟
تصاعدت في الآونة الأخيرة التصريحات المنتقدة لموقف بعثة الأمم المتحدة العاملة في الحديدة "أونمها"، على وقع فشلها في تنفيذ بنود اتفاق "ستوكهولم" الذي مر عليه 6 سنوات، واستمرار استغلاله مليشيات الحوثي الارهابية "وكلاء ايران" في تنفيذ مخطط ايران العسكري خاصة فيما يتعلق بالبحر الأحمر.
الحوثيون لم يفوا بالاتفاق
وفي عدن قال وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، خلال لقائه، الاحد في عدن، رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "اونمها" الجنرال مايكل بيري والوفد المرافق له، ان مليشيات الحوثي الإرهابية لم تف بأي جزء من اتفاق ستوكهولم كعادتها في نقض العهود والمواثيق في ظل تراخي المجتمع الدولي بإلزامها في تطبيق الاتفاق.
واوضح الداعري، بان المليشيات الحوثية استغلت هذا الاتفاق لتجعل الحديدة منطلقًا لتهديد الملاحة البحرية واستهداف السفن التجارية والنفطية.
وأكد وزير الدفاع ان النشاط العسكري في موانئ الحديدة زاد بشكل أكبر مما كان عليه قبل ستوكهولم، وكذلك عمليات تهريب الأسلحة ووصول سفن إيرانية قادمة من ميناء بندر عباس الى موانئ الحديدة دون اي تفتيش او رقابة أممية ما يتطلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود للضغط على هذه المليشيات الإرهابية.
مؤشرات تصعيد
وفيما اعد مراقبون محليون، تصريحات وزير الدفاع بشأن اتفاق ستوكهولم مؤشرًا واضحًا على استياء الجانب الحكومي من عدم الزام "أونمها" الحوثيين بتنفيذ بنود الاتفاق رغم مرور ست سنوات على توقيعه، فيما الجانب الحكومي نفذ ما نص عليه الاتفاق، سخرت مصادر محلية من عمل البعثة الاممية في مراقبة تحركات الحوثيين ورصد ضحايا الألغام الايرانية التي زرعتها مليشيات الحوثي، في صفوف المدنيين خاصة النساء والاطفال.
واكتفى رئيس البعثة خلال لقائه وزير الدفاع اليمني في عدن، بالتأكد على بذل جهود لتعزيز مهمة المبعوث الأممي لجلب السلام لليمن.
التواطؤ مع ايران
موقف رئيس ووفد البعثة الأممية خلال لقاء عدن، يؤكد تصريحات وكيل محافظة الحديدة وليد القديمي، التي وصف فيها البعثة الأممية بـ"الميتة سريريًا"، وبأنها منحازة لمليشيات الحوثي الايرانية.
وما يؤكد تواطؤ البعثة مع الحوثيين، ما تم تداوله مؤخرا من صور لأعضائها وهم يلتقطون صورًا تذكارية امام السفينة "غالاكسي" اليابانية التي اختطفتها عناصر الحرس الثوري الايراني من البحر الأحمر واقتيادها الى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في نوفمبر الماضي.
ومن مؤشرات تواطؤ البعثة مع ايران ووكلائها في اليمن، اقدام الأمم المتحدة على اقالة نائبة رئيس البعثة فيفيان فإن دي بيرا لانتقادها جرائم عصابة الحوثي في الحديدة، في 3 ابريل الجاري،
وقال وكيل محافظة الحديدة وليد القديمي حينها، ان الامم المتحدة غيرت نائب رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "اونمها" فيفيان فان دي بيرا رغم عدم انتهاء فترة عملها في بعثة " اونمها " الاممية.
وأرجع القديمي تغييرها إلى تعبيرها بشكل علني عن استيائها وانتقادها اكثر من مرة جرائم وكلاء ايران في محافظة الحديدة "غرب اليمن" ، وذلك خلال زياراتها الميدانية الى المناطق المحررة واطلاعها على جرائم الحوثيين.
وأكد ان المسؤولة الاممية عبَّرت أكثر من مرة في عدة اجتماعات محلية وخارجية عن استيائها من جرائم وكلاء ايران، والموقف السلبي لرئيس البعثة إزاء هذه الجرائم.
لافتًا الى ان تغيير المسؤولة الدولية لموقفها، الرافض لجرائم الحوثي يكشف عن الدور الحقيقي لهذه البعثة، حد قوله.
الحسنة الوحيدة
ومنذ تعيين اللجنة عقب توقيع اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018، لم تقم بعملها المنصوص عليه في قرار تشكيلها، ولم يذكر لها أي فعل يجبر الحوثيين على تنفيذ التزاماتهم التي وردت في نص الاتفاق.
واكتفت البعثة في سبتمبر 2023، بالتعبير عن اسفها لاستغلال مليشيات الحوثي موانئ المحافظة للقيام بانشطة عسكرية واعمال استفزازية، ورغم ذلك حثت البعثة في بيان لها الاطراف اليمنية على ضرورة التفكير ملياً في أفضل السبل لتقديم الدعم للشعب اليمني في الحديدة.
وأكدت البعثة في بيان صادر عنها على أهمية الوصول دون عوائق للمدنيين والسلع والخدمات عبر الخطوط الأمامية في الحديدة، ورأب الفجوة بين اليمنيين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة للحكومة أو الحوثيين.
وأكدت البعثة الأممية التزامها بتنفيذ مهامها بموجب ولايتها، والمتمثلة في تسهيل تنفيذ اتفاق الحديدة وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في البلاد، "فمن خلال التعاون الحقيقي والتركيز على رفاهية الشعب اليمني، يمكن إحراز تقدم نحو مستقبل سلمي ومزدهر للجميع".
وكان مجلس الامن الدولي مدد عمل البعثة في الحديدة في يوليو 2023، سنة جديدة تنتهي في يوليو المقبل.
ورغم استمرار عملها في الحديدة، الا انها لم تقم بتوجيه انذار او تحذير واحد لمليشيات الحوثي التي حوّلت المناطق الخاضعة لسيطرتها في الحديدة إلى ثكنات عسكرية مؤخرًا، بمساندة ومشاركة مباشرة من عناصر فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الايراني التي تنفذ هجمات ضد سفن الملاحة والتجارة في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
وتؤكد مصادر محلية في الحديدة، مشاهدة تحركات عناصر وخبراء الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني بسيارات تابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر وعربات قتالية حوثية في مناطق عدة في الحديدة بما فيها ميناء الحديدة حيث تقيم البعثة الأممية في سفينة دولية، وتقوم بعمليات نقل اسلحة من الميناء بعد وصولها من ايران الى مناطق متفرقة في المحافظة ومدن يمنية اخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين.
ووفقا للمصادر، فإن مليشيات الحوثي وعناصر ايران تمارس انشطتها نهارًا جهارًا وامام مرئ ومسمع البعثة الأممية، ما يؤكد تواطؤ البعثة مع ايران والحوثيين وبشكل واضح، خاصة وان التحركات تشمل معدات ثقيلة كنقل صواريخ باليستية ومسيّرات ، والقيام باعمال انشائها مثل حفر الخنادق والانفاق وبناء المتارس في مناطق تمر جوارها عناصر البعثة بشكل شبه يومي داخل مدينة الحديدة وفي محيط الميناء وفي مديرية "الحوك والدريهمي وفي الصليف والقناوص" وغيرها من المناطق.