Image

«كوماك» الصينية منافسة «بوينغ» و«إيرباص» تستهدف آسيا

في الرحلة التجريبية الأولى لطائرة الركاب «سي 919» خارج الصين، توجهت شركة «كوماك» لصناعة الطائرات المدعومة من الدولة إلى سنغافورة، في إشارة واضحة إلى أن المنافسة المحتملة لشركتي «بوينغ» و«إيرباص»، ترى أن منطقة جنوب شرق آسيا تمثل أفضل فرصة بيع لأسواق خارجية.

وقالت «كوماك» في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية: «يمكن أن يكون هذا حجر الأساس لسوقنا الصاعد في جنوب شرق آسيا».

وبعد سنغافورة، توجّهت الشركة إلى فيتنام ولاوس وكمبوديا وماليزيا وإندونيسيا.

وبدعم حكومي يصل إلى 72 مليار دولار خلال السنوات الـ15 الماضية، ينظر إلى تطوير الطائرة ذات الممر الواحد على أنه خطوة كبيرة للأمام في تنفيذ رؤية الرئيس شي جين بينغ، المتمثلة في تصدر الصين سلسلة القيمة في التكنولوجيا، وزيادة تحدي منافسيها الغربيين، خاصة في الوقت الذي يتم فيه فحص سجل السلامة لدى بوينغ، بعد أن انفجر لوح باب إحدى الطائرات في يناير.

وقال مايك يومانز، مدير التقييمات والاستشارات في شركة آي بي إيه لاستشارات الطيران: «تتمتع سي 919 بفرصة قوية لكسب حصة سوقية، لا سيما في السوق المحلية»، مشيراً إلى أن الطائرات المنافسة من إيرباص وبوينغ مباعة حتى نهاية هذا العقد تقريباً، لكنه أضاف: «التحديات المباشرة التي تواجه شركة كوماك تتعلق بالإنتاج، لتلبية الطلب المحلي، والحصول على الشهادات اللازمة لاختراق الأسواق الدولية».

ومنذ الرحلة التجارية الافتتاحية لطائرة سي 919 في مايو الماضي، لم يدخل سوى خمس طائرات فقط الخدمة محلياً، وتم تسليمها جميعاً إلى شركة خطوط شرق الصين المملوكة للدولة، ويرى ييومانس أن السوق الصينية تمثل أكبر فرصة على المدى القريب لطائرة سي 919.

ورغم أن طائرة سي 919 لم تعتمد بعد من السلطات الجوية في أوروبا والولايات المتحدة، ولا يمكنها التشغيل تجارياً إلا داخل الصين، إلا أن محللي الطيران يرون أن الجهات التنظيمية في بعض دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية قد توافق عليها بشكل أسرع. وتشغل شركة ترانس نوسا الإندونيسية، التي تملكها جزئياً مجموعة تشاينا أيركرافت ليسينغ غروب، اثنتين بالفعل من طائرات إيه آر جي 21، النسخة الأصغر حجماً من طائرة كوماك.

وقال شكور يوسف، مؤسس شركة إنداو أناليتيكس لاستشارات الطيران: إذا قامت شركة طيران بتسيير كوماك إلى دول وافقت فيها السلطات التنظيمية على الطائرة، فلا يوجد سبب يدعو المشترين المحتملين للقلق بشأن ما تقوله الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. لا يزال الجدول الزمني للحصول على شهادات الترخيص من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة غير واضح، وهذا يعني أنه رغم التدقيق الذي تتعرض له شركة بوينغ، فمن المرجح أن تستفيد شركة إيرباص أكثر من شركة كوماك، وفقاً لما قاله شياو وين فو، أستاذ اقتصاديات النقل في جامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية.

وأشار فو أيضاً إلى أن معدل إنتاج طائرة سي 919 لا يزال ينمو ببطء، في حين ذكرت شركة كوماك أنها تلقت 1061 طلباً اعتباراً من العام الماضي من شركات طيران محلية صينية وشركات تأجير طائرات، فمن المرجح أنها لن تقوم بتسليم سوى 9 طائرات فقط هذا العام، وفقاً لشركة «آي بي إيه».

وتوقعت «آي بي إيه» ارتفاع المعدل إلى 70 طائرة سنوياً بنهاية العقد الجاري، لكن رغم هذه الزيادة، يظل حجم هذا الإنتاج أقل من شهر واحد من قدرة إيرباص على إنتاج الطائرات ذات الممر الواحد. وأضافت شركة «آي بي إيه» أن الطائرة يمكنها الاستحواذ على حصة تقريبية تبلغ 8% من سوق الطائرات ذات الممر الواحد في الصين وحصة 1.2% فقط على مستوى العالم بحلول عام 2030، وذلك إذا تمكنت شركة كوماك من زيادة الإنتاج بنجاح.

وقال ويلي والش، رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي: «من المحتمل أن يستغرق الأمر 20 عاماً حتى تتمكن شركة كوماك من منافسة إيرباص أو بوينغ على نطاق عالمي. ستكون شركة كوماك لاعباً رئيسياً في السوق، ولكن سيستغرق الأمر بعض الوقت لظهور اهتمام دولي حقيقي».

وأبلغت شركتان لتأجير الطائرات مقرهما في آسيا صحيفة فايننشال تايمز بترددهما في شراء طائرة سي919 بكميات كبيرة؛ بسبب عدم وجود شهادات دولية وعدم اليقين بشأن طلبات العملاء.

وقال ماكس زينجلين، كبير الاقتصاديين في معهد ميركاتور للدراسات الصينية، إن كوماك، التي لم تستجب لطلبات التعليق، يبدو أنها تتخذ نهجاً حذراً في زيادة الإنتاج؛ لأن «أي قضية رئيسية تتعلق بالسلامة ستكون بمثابة انتكاسة هائلة»؛ ومع ذلك قال آخرون إن شركة كوماك، بدعمها الحكومي الهائل، ستتمكن من زيادة إنتاجها في الوقت المناسب. وقال يوسف من شركة إنداو أناليتيكس: «لا نستهين أبداً بقدرة الصين على زيادة الإنتاج، إذ لا تعاني الصين من نقص في العمالة على عكس إيرباص وبوينغ، والأهم من ذلك لديها المال».

لكن بالنسبة لشركة كوماك، يجب عليها أن تنتج الطائرات «بشكل متسق وآمن» وأضاف: «لن يكون الأمر سهلاً مثل صنع السيارات الكهربائية أو الهواتف المحمولة»، خاصة وأن طراز سي 919 لا يزال يعتمد بشكل كبير على الموردين الأجانب.

وتعتمد شركة كوماك بشكل كبير على الموردين الغربيين للمكونات الرئيسية، بما في ذلك المحركات التي توردها شركة «سي إف إم» الفرنسية الأمريكية ووحدات الطاقة المساعدة التي توردها شركة «هانيويل» الأمريكية، ما يجعلها عرضة للتوترات الجيوسياسية. وفي حين ترغب الشركات المصنعة الصينية في استبدال بعض المكونات الغربية ببدائل محلية الصنع، إلا أن الأمر سيستغرق سنوات للقيام بذلك بطريقة تتماشى مع معايير السلامة الدولية للطيران التجاري.

وقال ريتشارد أبو العافية، مدير شركة إيروديناميك أدفيسوري، إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ما زالتا تهيمنان على إنتاج محركات الطائرات التجارية، بينما قال يوسف: «من الناحية الواقعية، كوماك ليست في وضع يسمح لها بتهديد إيرباص وبوينغ، لكن الوقت في صالحها».