Image

الحوثيون يدفعون بشرفاء اليمن إلى طابور التسول

قد تكون ظاهرة التسول هي الإفصاح الحقيقي عن وجه سلطة الأمر الواقع، هي عبارة عن مليشيا وعصابة إرهابية بامتياز مثلما هو الحال مع عصابة الحوثي.

وبطبيعة الحال ليس الحديث هنا عن وجود متسولين في هذا البلد أو ذاك، وإنما هو حديث عن التسول عندما يتحول إلى ظاهرة متفشية بفعل جملة من العوامل الاقتصادية والنفسية تسببت بها تلك العصابة المليشياوية الحاكمة، بعد سلبها المواطنين اليمنيين كل مقومات الحياة وعدم ترك منفذ للرزق إلا وقامت بسده أو سلبه منهم، فلا يعود أمامهم إلا أن يتحولوا إلى متسولين يخرجون لمد أيديهم واستجداء من قد يلتفت إليهم.

غير أن العصابة الحوثية الإرهابية لم تكتف بتحويل الناس إلى متسولين يعبرون تعبيرا صارخا عن وجهها الحقيقي البشع، بل تبلغ بها الوقاحة حدا تأتي معه لتقول بأن هؤلاء ليسوا متسولين وإنما مندسين يريدون تنفيذ أجندات خارجية لتشويه ذلك الوجه البريء النظيف لها.

بطبيعة الحال هي لا تريد أن تتوقف عند مسألة أن إنسانا كان لديه راتب أو دخل شهري يتقاضاه بانتطام وتعتمد حياته وحياة أبنائه وأسرته عليه، وفجأة يجد نفسه بدون ذلك الراتب أو الدخل، ولا أن تتوقف عند التداعيات التي ترتبت نفسيا وأسريا واجتماعيا على إثر قيام عصابة الإرهاب الحاكمة بقطع الراتب وقطع مصدر الدخل بالنسبة لذلك الشخص الذي قد يكون تربويا أو مهندسا أو طبيبا أو أكاديميا أو مسؤولا كان يشغل منصبا ما قبل أن تأتي هي كحركة مؤدلجة تنفذ أجندات الدولة الفارسية فتجتاح عسكريا المنطقة تلو الأخرى وتلتهم كل شيء في طريقها وتجد نفسها قد أصبحت في سدة الحكم.

وهل لها أصلا أن تعرف ما معنى أن يضطر مثل هؤلاء إلى الخروج ومد أيديهم للناس، وقد تقطعت بهم السبل بفعل جباياتها وظلمها الصارخ ودفعهم الجوع والحاجة والمرض إلى التخلي عن كل اعتباراتهم الخاصة التي كانت لهم في ظل الدولة التي قامت بنهبها تلك العصابة؟! 
إنهم مدرسون وأكاديميون وموظفون بل ومسؤولون، قامت تلك العصابة الإرهابية بسلبهم كل تلك الاعتبارات ليس أمام أنفسهم فحسب، بل وأمام عائلاتهم وأسرهم ومحيطهم الاجتماعي، وخرجوا يشحتون، فأي امتهان أكثر لكرامتهم وإنسانيتهم؟! إنهم جوعى أجبرتهم عصابة سحت وجبايات وإرهاب على أن يصبحوا متسولين بفعل ظلمها واستبدادها وأكلها لقمة عيشهم، وتلك هي الحقيقة.

يرسم الكاتب والصحفي عبد الرحمن بجاش الرئيس الأسبق لمجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة مشهدا مرعبا عما وصلت إليه أحوال الناس لخصه في القصة المقتضبة التي كتبها على صفحته في فيسبوك وأبكت وقهرت اليمنيين، عن مسؤول شريف نزيه دفعته تلك المليشيا إلى التسول.
يقول بجاش: "قسماً إني خجلت.. وضعت شالي على وجهي لأخفيه.. رأيته هناك.. كان مسؤولاً كبيراً محترماً نزيهاً.. وقف عند الزاوية يشحت.. يا إلهي رحمتك". ثم تأتي تلك المليشيا وعلى لسان قياداتها الإجرامية المنتفخة كالمدعو نصر الدين عامر لتقول تارة بأن هؤلاء مجرد طابور خامس وعملاء، وتارة أخرى بأنهم قيادات حزبية.

بجاش يوضح في منشور آخر أن البعض يعتقد أن الجوع في صنعاء فقط، مؤكدا أن ذلك ليس صحيحا، فـ"هناك قصص تدمي لها الأرواح في بقية المدن اليمنية، وهناك أعزاء نفوس في طول البلاد وعرضها أصبحوا يخجلون من الخروج من بيوتهم".

عشرات وربما مئات القصص الأخرى التي لن تختلف شيئا عن قصة المسؤول الذي رآه بجاش يشحت في ناصية الشارع ولا عن قصة المدرس الذي قام على رؤوس الأشهاد في أحد جوامع العاصمة صنعاء المشبعة بالمحاضرات يطلب من الناس مساعدته لعلاج ابنه المصاب بالسرطان، وهو مدرس ينحدر من محافظة ريمة ذكرت "المنتصف" خبرا عنه مثلما ذكرت عن غيره طيلة سنوات وسنوات.

ومن كل ما سبق يجب على تلك المليشيا الحوثية معرفة أن التسول الذي أصبح ظاهرة إنما هو تعبير حقيقي عن وجهها لا أكثر. فتلك الظاهرة في النهاية هي المرآة الفعلية التي يمكن من خلالها أن تعرف العصابة الإرهابية وجهها الحقيقي البشع، حيث تلك الوجوه ليست وجوه أصحابها بقدر ما هي وجهها هي.