Image

بنزيمة... جوهرة تبحث عن نفسها في مشهد اتحادي مرتبك

لم يكن حضور النجم الفرنسي اللامع كريم بنزيمة إلى الملاعب السعودية، مشهداً عادياً بالنسبة إلى كثير من متابعي الكرة المحلية والعالمية على حد سواء. فقد حضر الهداف البارع وهو في أوج تألقه، وبعد إعلان توقيعه للاتحاد اُستقبل في ملعب الجوهرة المشعة بجدة وسط أجواء صاخبة وهتافات تعلو في الأرجاء للنجم المتوج بالكرة الذهبية قبل أسابيع من الصفقة.

كريم بنزيمة (غيتي)

قرر اللاعب الذي أمضى نحو 14 موسماً في صفوف ريال مدريد حزم حقائبه واللحاق برفيق دربه كريستيانو رونالدو، ليجتمع أفضل هدافين في تاريخ النادي الملكي مجدداً في مكان واحد «الدوري السعودي» ولكن بقمصان ألوان مختلفة، الاتحاد والنصر.

ولم يمر قرار بنزيمة مرور الكرام بالنسبة لجماهير ناديه، فقد ودع بعد أن حل وصيفاً بقائمة هدافي الدوري الإسباني في الموسم الأخير الذي أمضاه في «لا ليغا»، إذ سجل 19 هدفاً مقابل 23 هدفاً للبولندي ليفاندوفيسكي مهاجم برشلونة، وفي كأس الملك الإسباني كان لبنزيمة حضور في وصافة ترتيب الهدافين بعدد أربعة أهداف خلفاً للمتصدر غارسيا كيكي مهاجم أوساسونا بخمسة أهداف.

كانت تلك مؤشرات أولية لنجاح الصفقة قبل أن تطأ قدما بنزيمة أرضية الملعب لخوض أول مباراة مع فريقه الجديد «الاتحاد» في الدوري السعودي للمحترفين، والذي جلب العديد من النجوم في صيف الموسم الماضي، لكن الاتحاد كان منفرداً باقترابه من خوض منافسات كأس العالم للأندية بصفته حامل لقب الدوري السعودي وشارك عن البلد المضيف.

كريم بنزيمة (أ.ف.ب)

ودشن كريم بنزيمة مشواره التهديفي مع الاتحاد في بطولة كأس الملك سلمان للأندية العربية، وخاض ثلاث مباريات مثالية ونجح بهز شباك الترجي التونسي ثم الصفاقسي وأخيراً الشرطة العراقي في ختام مرحلة المجموعات، لكن مواجهة الهلال في دور ربع نهائي البطولة شهدت إهدار بنزيمة لركلة جزاء وخسر فريقه المباراة حينها بنتيجة 3 - 1 وودع البطولة.

وحينها بدأت مؤشرات القلق تحوم حول مسيرة النجم الفرنسي مع ناديه الجديد، إذ سرعان ما بدأت المشكلات تطفو على السطح بابتعاده عن التهديف تارة وغيابه عن الفريق تارة أخرى، وإهداره لركلات الترجيح التي يتحصل عليها فريقه عطفاً على التسجيل في مرمى فريقه عن طريق الخطأ في أكثر من مباراة، حتى بات غيابه يزداد ولم يعد ما يقدمه اللاعب يضاهي الطموحات التي رسمت حوله عند قدومه وإعلان التعاقد معه.

وبدوره يوضح ماجد الشيباني محلل الأداء والمدرب المرخص من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الأمر، قائلاً: «هذا ليس أمراً طبيعياً، لنتذكر أولاً أن اللاعب تم تقديمه بوصفه حاملاً للكرة الذهبية وهذا أمر وحده كاف للتعبير عن القيمة المتوقعة من الصفقة»، موضحاً: «لذلك كون موسم اللاعب وناديه على حد سواء ينهار مبكراً فهذا وضع غير طبيعي».

كريم بنزيمة مر بتقلبات مع الاتحاد (رويترز)

وشارك كريم بنزيمة في 19 مباراة على صعيد الدوري وغاب عن سبع مباريات، وفي دوري أبطال آسيا شارك في ثلاث مباريات من أصل عشر مواجهات، ومباراة من أصل ثلاث في بطولة كأس الملك، أما في كأس العالم للأندية فقد شارك في المباراتين، وبلغ إجمالي عدد دقائق لعبه 2.101 دقيقة وفقاً لموقع ترانسفير ماركت، وبإجمالي 25 مباراة سجل خلالها 12 هدفاً وساهم في صناعة ثمانية أهداف.

وعن سبب غياب «بنزيمة الهداف»، يشير الشيباني في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لو ألقينا نظرة فاحصة على كريم بصفته لاعباً، لوجدنا واحداً من أكثر اللاعبين شمولية في العقد الأخير، هو ببساطة ومن دون مبالغة منظومة هجومية في لاعب واحد فهو مسجل وصانع ألعاب ولاعب غاية في الذكاء والفاعلية في الثنائيات والربط مع زملائه». مضيفاً: «لندرك أكثر قيمته سأستشهد برقمين من موسمه الحالي مع الاتحاد الذي أعده بمعايير بنزيمة متوسطاً لا أكثر، كريم في 19 مباراة في الدوري ساهم بـ16 هدفاً مسجلاً 9 وصانعاً 7. وهو ثاني أكثر لاعب في الدوري بأكمله صناعة للفرص الكبرى (15 فرصة)، لكن هذه القيمة مهدرة وسط منظومة إدارية لم ترتق لطموحات المرحلة من حيث إدارة النجوم وإخراج أفضل ما لديهم، وأيضاً وسط منظومة فنية مليئة بالنواقص ولم تبن بشكل جيد حول بنزيمة».

كريم بنزيمة خلال حفل استقباله في الجوهرة المشعة (رويترز)

وعاش المهاجم الفرنسي كثيراً من اللحظات الصعبة، إذ أهدر عدداً من ركلات الجزاء مثل؛ أمام الأهلي المصري في ربع نهائي كأس العالم للأندية، وخسر فريقه المباراة 3 - 1 وودع البطولة، وأضاع جزائيته أمام الهلال في كأس الملك سلمان للأندية العربية، وفي الجولة قبل الماضية أهدر كذلك جزائية أمام الفيحاء، وسجل عدداً من الأهداف العكسية في شباك فريقه أمام التعاون في الدوري السعودي للمحترفين وأمام نافباخور الأوزبكي في دوري أبطال آسيا، وتسبب في ركلة جزاء ضد فريقه بعد تدخل في مباراة الكلاسيكو أمام النصر.

وفيما يخص هذا الجانب، الجزائيات المهدرة والأهداف العكسية، وعن التفسير لذلك، قال الشيباني: هي حالة ذهنية بحتة، اللاعب ظهر في مباريات معدودة بحالة تجلّ تشبه كريم الاعتيادي ضد أبها مثلاً وكانت بعد إقالة سانتو مباشرة، لكن عاد لنقطة الصفر سلوكياً وذهنياً وهذا يوحي أن مشكلاته لا تتوقف على مدرب، اللاعب باختصار لم يجد نفسه وهذه مسألة تتحملها إدارة النادي التي كان يجب أن تعلم أي قيمة حصلت عليها وكيف يمكن التعامل معها، مضيفاً: «لا أفترض أن المسألة سهلة فإدارة النجوم أمر معقد ولكن أعتقد أن عدم احتواء بنزيمة والبناء عليه بشكل جيد هو السبب الرئيسي في إهدار موسمه الأول في ملاعبنا وظهوره بشكل باهت مقارنة بالمتوقع منه».

كريم بنزيمة خلال حفل استقباله في الجوهرة المشعة (نادي الاتحاد)

وفيما يخص غيابه المتكرر بداعي الإصابة وهل ذلك أمر طبيعي كان يحدث للاعب خلال تمثيله ريال مدريد أو هو جانب مستغرب؟ قال الشيباني: «في تجربته مع ريال مدريد أنهى 4 مواسم دون حاجز الـ30 مباراة في الليغا، بل إنه في آخر موسم لعب 24 مباراة بالليغا من أصل 38، وهو رقم يشبه معدل حضوره مع الاتحاد مع الأخذ بالاعتبار التقدم في السن والفارق في التحضير للموسم، فالاتحاد هو النادي الوحيد في العالم الذي لم يحظ في معسكره بمباريات إعدادية وهذا يعطي فكرة عن تدني مستوى التحضير والمعسكرات الإعدادية، لذلك إن كانت هناك مخاوف في الصفقة من بدايتها فهذا أكثرها توقعاً وهو أمر غير مفاجئ».

كريم بنزيمة (رويترز)

بنزيمة غاب عن تمثيل الاتحاد في 16 مباراة موزعة على مختلف البطولات التي شارك فيها فريقه حتى الآن، وبات الرهان الوحيد للفريق حالياً بعدما ودع البطولة الآسيوية وابتعد عن المنافسة على لقب الدوري، بطولتي كأس السوبر السعودي وكأس الملك.

وأخيراً وحول ما يحتاج إليه بنزيمة حتى يعود إلى مستواه الطبيعي، أو أن مرحلته مع الاتحاد انتهت لكونه يحتاج لكثير من الأمور حتى يستعيد وهجه، كشف الشيباني: «داخل الملعب يحتاج إلى البناء عليه بخط هجوم يوائم قدراته حيث يكون هو قلب الهجوم وخلفه لاعبا جناح يجيدان مهاجمة المساحة التي يفرغها بسقوطه، ويحتاج أيضاً إلى لاعبين بقدرات عالية في اللعب في المساحات الضيقة والربط معه وعمل الثنائيات»، مشيراً: «خارج الملعب يبدو لي أن الإجابة أكثر تعقيداً وتحتاج إلى اطلاع على تفاصيل موسمه الأول، لكن الأكيد أنه لا يعيش أفضل حالاته ذهنياً وما يحدث خارج الملعب جزء من السبب».

كريم بنزيمة (رويترز)