Image

فيما يترقب صدور قرارات جديدة بشأن تعديل الحكومة .. القرارات الجمهورية .. بين الاستغراب وفقدان هيبة الدولة

كشفت مصادر مقربة من الرئاسة اليمنية في عدن، عن صدور مزيد من القرارات الجمهورية خلال الأيام المقبلة لإجراء تعديل في حكومة احمد بن مبارك، فيما تثير عدد القرارات الجمهورية الصادرة منذ فوضى 2011 تساؤلات وحالة استغراب في جميع الأوساط اليمنية.
وذكرت المصادر، بأن المجلس الرئاسي يناقش إجراء تعديل وزاري يشمل حقائب وزارية في حكومة الدكتور أحمد بن مبارك، ابرزها تعيين وزير للاتصالات وتقنية المعلومات، مؤكدة ان التغييرات ستشمل وزارات "الإعلام والثقافة والسياحة، ووزارة الشؤون القانونية، وحقوق الإنسان، والخدمة المدنية والتخطيط والتعاون الدولي".

من الإصلاح إلى الانتقالي
ووفقًا للمصادر، فإن الشريك في حكومة المناصفة بعدن، المجلس الانتقالي ، سوف يستحوذ على التعديلات المرتقبة وفقًا للترشيحات، وان ذلك يحظى بتأييد ودعم كبير من رئيس المجلس رشاد العليمي.
وخلال الفترة التي تم فيها تشكل  مجلس القيادة الرئاسي، في ابريل 2022، تحولت بوصلة القرارات الجمهورية وقرارات رئيس الجمهورية، لصالح المكون الجنوبي، بدلًا من حزب الاصلاح الذي كان يحظى بمعظم القرارات خلال فترة رئاسة عبدربه منصور هادي، ما يعنى تجاوز لاتفاق الشراكة والقرارات التي بني عليها تشكل المجلس الرئاسي.

قرارات تجاوزت الـ 100 في 85 يومًا
وأثار رقم قرار تعيين وزير للخارجية الصادر مؤخرًا والذي حمل رقم "100" قرار جمهوري منذ مطلع العام الجاري 2024، تساؤلات عن بقية القرارات التي صدرت قبل هذا الرقم، والذي لم يعرف مصيرها ومن المستفيد منها.
وفي اقل من 85 يوما، يتم اصدار 100 قـرار، يُعد غريبًا ومستغربًا على مختلف المستويات، ويفقد المؤسسة الرئاسية هيبتها ويتجاوز الواقع المعاش، والمتردي على جميع المستويات من حيث كمية القرارات التي تصدر في المناصب العليا والتي تحمل الدولة وجهازها الاداري مزيدًا من الأعباء المالية والاقتصادية.

قرارات الغموض
والغريب أيضًا أن معظم تلك القرارات لم يتم الإعلان او الكشف عنها، فيما تشير المعلومات على موقع رئيس الجمهوري الخاص بالرئيس العليمي، لم تتجاوز 53 قرارًا جمهوريًا صدرت منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في ابريل 2022، في الوقت الذي أُعلن رسميًا عن صدور 353 قرارًا، في تناقض مثير للسخرية.
ومنذ مطلع العام الجاري لم يتم الإعلان سوي عن سبعة قرارات رئاسية انحصر نشر مضامينها في الحسابات الرسمية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي على مواقع التواصل الاجتماعي كان آخرها القرار رقم " 100" بتعيين الدكتور " شايع الزنداني" وزيرًا للخارجية .

قرارات معلنة 
وبلغت القرارات الصادرة من قبل مؤسسة الرئاسة منذ تشكيل المجلس الحالي برئاسة رشاد العليمي في ابريل 2022، " 335 " قراراً شملت تعيينات في المؤسسات الحكومية المدنية والأمنية والعسكرية، في حين تم الاعلان عن 53 منها في أوعية الرئاسة المختلفة والبقية يحيطها الغموض، وتزدحم بها كشوفات المالية والخدمة المدنية.

كيف يتم صدورها؟
لقد شكّلت الفوضى التي شهدتها البلاد في 2011، نقلة دمار نوعية جاءت على كل شيء يتعلق بالسلطة ومؤسساتها الرسمية بما فيها مؤسسة الرئاسة التي فقدت هيبتها، بعد تبنيها قرارات جمهورية وقرارات لرئيس الجمهورية لا تخضع للشروط القانونية، أو اللوائح المنظمة لصدورها.
وظلت الأمور في حالة تدهور حتى بعد تشكيل مجلس القيادة الحالي، والذي اصدر ( 100) قرار في 85 يومًا أي منذ مطلع العام الجاري 2024، لم يتم الكشف او الإعلان عن معظمها ما فتح الباب، لتساؤلات عدة من قبل كافة النخب السياسية والعسكرية والاجتماعية والحقوقية وغيرها من المكونات اليمنية، فضلًا عن تساؤلات المراقبين الدوليين للشأن اليمني، حول كمية القرارات الصادرة وكيفية صدورها، والظروف التي تستدعي صدورها؟
ووفقا لمصادر متعددة، لا أحد يستطيع الاجابة على تلك التساؤلات التي تتجاوز الواقع الذي تعيشه البلاد، في ظل استمرار الصراع بين الأطراف المتسببة في انهيار الدولة ومؤسساتها، وما تتحدث عنه التقارير الدولية عن الأوضاع المنهارة في اليمن اقتصاديًا ومعيشيًا وصحيًا وتعليمًا وعلى مختلف المجالات.

قرارات تحت الضغط
وتؤكد العديد من المصادر اليمنية، بإن مؤسسة الرئاسة ومنذ ما بعد فوضى 2011 وانقلاب مليشيات الحوثي في 2014، باتت تصدر تحت ضغط المكونات المسلحة، وفي اطار المحاباة والتقاسم وتوزيع الثروة والسلطة بين مكونات الفوضى، رغم مؤشرات الفشل في إدارة البلاد على مدى تلك السنوات.
وأوضحت بأن معظم تلك القرارات تصدر بدون توافق بين المكونات السياسية، ولا دراسات جدوى لأهمية صدورها، او لمعالجة الأوضاع المتدهورة، وإنما خدمة لكيانات ليس لديها رؤية سياسية واقتصادية تخدم البلاد، فمعظمها قرارات تُفرض بالقوة وتحت عوامل ضغط محلية وإقليمية.
وما يؤكد ذلك، عدم الإعلان عن معظم تلك القرارات والتي يتم الكشف عنها من خلال أرقام القرارات المعلنة التي لم يعرف ما قبلها، ويبقى ما بعدها مجهول تحدده طبيعة وظروف الجهة المستفيدة منها.

قرارات مماحكات 
وتحدثت وسائل إعلام محلية، بأن اسباب عدم الإعلان عن معظم القرارات الصادرة، بأنها صدرت لمعالجات سياسية لتخدم بقاء الحكومة والسلطة في الداخل، إلى جانب عدم وجود الجريدة الرسمية التي توثق تلك القرارات.
وبحسب تلك الوسائل، فإن العديد من القرارات الصادرة والتي لم يتم إعلانها بشكل رسمي لم تفتقد للتوافق على مضامينها من قبل أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ولكن تم التفاهم على إصدارها بشكل غير معلن لتجنب اثارة تداعيات متوقعة.

قرارات وفشل
وما ثير للتساؤلات والسخرية حول جدوى صدور تلك القرارات في معالجة الأوضاع المتدهورة التي تعيشها البلاد في مختلف المجالات والتي تزداد سوءًا يومًا بعد آخر.
وتؤكد المؤشرات ان تلك القرارات زادت من الاعباء المالية للحكومة الشرعية، فضلا عن زيادة تضخم المناصب العليا في الهيكل الإداري للدولة الذي شهد تضخم كبير خلال فترة حكم الرئيس اليمني الأسبق عبدربه منصور هادي الذي اصدر اكبر قدر من تلك القرارات لصالح عناصر حزب الاصلاح الذي كان مسيطر على مرافق الحكومة بالكامل منذ 2012 وحتى 2022.
ويرى العديد من المراقبين بأن مؤسسة الرئاسة اليمنية الحالية باتت تشكل عبء كبير على الهيكل الحكومي وعلى العمل من اجل انقاذ البلاد من الكوارث التي تسببها مليشيات الحوثي الارهابية التي يكتوي بها اليمنيين.
وتؤكد، بأن اهم وابرز المشكلات التي تخل بالوضع السياسي والاقتصادي والعسكري والمالي وغيرها من التوازنات في هيكل الحكومة اليمنية، سببها صدور القرارات العشوائية والغير مدروسة، لصالح جهات لديها اجندة لا تصب في صالح اليمن واليمنيين، وانما تخدم مخططاتها وتوجهاتها وتنفيذ أجندة خارجية.

قرارات بعيدة عن الواقع
وما يؤكد ما تقدم طرحه، تناولات اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، والتي تؤكد بان القرارات الصادرة عن الرئاسة اليمنية من سنوات، بعيدة عن الواقع وليس لها علاقة بما يجري في البلاد خاصة مواجهة مليشيات الحوثي الايرانية.
وتؤكد التفاعلات اليمنية، بأن معظم ما صدر من قرارات من الرئاسة اليمنية الشرعية، خدمت مليشيات الحوثي التي استغلتها للبناء عليها في مجالات عدة خاصة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية وغيرها من المجالات.
ومع ذلك، اثرت تلك القرارات خاصة الخفية منها جدل كبير داخل أروقة السلطة الشرعية المختلفة بما فيها التشريعية والقانونية، زادت حدتها صدور القرار رقم مائة منذ بداية العام الجاري بتعيين شايع محسن الزنداني وزيراً للخارجية.
وما بين التساؤلات والتحليلات والتوقعات، يبقى الواقع الذي تعيشه مؤسسات الدولة الحالية خاصة الرئاسة واقع مرير، أكدت الأيام التي اعقبت تشكل الرئاسي الذي يقترب من العامين على تشكيله، رغم اصداره لكمية تلك القرارات، لم يحقق أي اختراق في تحسين واقع الخدمات او المواجهة او السلام، ما يؤكد بان المجلس يعيش صراعا بين اعضائه وان معظم تلك القرارات تصدر بدون توافق بينهم.

معلومات قرارات
الفرق بين "القرار الجمهوري" و "قرار رئيس الجمهورية". 
-القرار الجمهوري هو الذي يشترط فيه توقيع رئيس مجلس الوزراء وترشيح وعرض الجهة المختصة او توقيع الوزير المختص، ثم يتم توقيع الرئيس. ويصدر عبر وزارة الشئون القانونية.
- قرار رئيس الجمهورية (قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي) هو الذي يكون ضمن الصلاحيات الممنوحة لمنصب الرئيس والقائد الاعلى.
-القرارات الجمهورية لها ترقيم خاص، وقرارات الرئيس لها ترقيم آخر.