Image

ستوكهولم والهدنة الأممية.. إضعاف للشرعية تقابله بلطجة حوثية

لا تختلف هدنة وقف إطلاق النار مع اتفاق ستوكهولم كثيرا من حيث المكاسب التي تحققها مليشيا الحوثي، في ظل تماهي الأمم المتحدة التي تمارس ضغطا كبيرا على الشرعية لتنفيذ كافة بنود الاتفاقات، بينما تترك المليشيا تعربد كيفما شاءت ضاربة بالاتفاقات الأممية عرض الحائط. 
 
ومثلما مكن اتفاق ستوكهولم الحوثيين من الحديدة وموانئها، فإن اتفاق وقف إطلاق النار مكنهم من تسيير رحلات إلى الأردن ومصر، فاستطاعوا من خلال رفع الحصار الجوي وإدخال مقاتلين من حزب الله وخبراء من الحرس الثوري الإيراني إلى اليمن عبر جوازات مزورة يقومون بإصدارها دون مراقبة، بعد أن شرعنت الشرعية لهم أحقية إصدار جوازات السفر بضغط من المبعوث الأممي إلى اليمن.
 
 يقول خبراء عسكرويون إن الهدنات والاتفاقيات الأممية هي بمثابة استراحة محارب بالنسبة للحوثي، ومنقذ له في اللحظات الأخيرة من تلقيها الهزيمة العسكرية في الميدان.
 
فقد كان اتفاق ستوكهولم حبل نجاة للحوثي الذي شوهدت قياداته وعائلاتهم تبدأ بمغادرة الحديدة من اتجاه باجل، الخط المسموح لهم، للخروج من الحديدة، بعد أن كانت قوات العمالقة، وبدعم من التحالف، على مقربة ثلاثة كيلومترات من ميناء الحديدة ووسط المدينة. هنا تحرك العالم كافة يضغط باتجاه وقف المعركة والدخول باتفاق يقضي بتسليم الحديدة للشرعية دون قتال؛ فكان اتفاق السويد.
 
وكانت المسرحية الهزلية حينما سلم ميناء الحديدة للحوثيين، وظل طوال سنوات عدة يماطل دون تنفيذ أي من بنود الاتفاق مستغلا عامل الوقت لبناء قدراته الدفاعية والعسكرية، وحول موانئ الحديدة إلى منافذ تهريب الأسلحة من إيران، من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة لتقلب المعادلة العسكرية. وهو السيناريو الذي يتكرر في اتفاق الهدنة، حيث جاء هو الآخر منقذا للحوثي الذي خسر الكثير من مقاتليه في حرب استنزف فيها طاقته العسكرية والبشرية في مأرب وتحولت المعركة من دفاع للقوات الحكومية إلى هجوم حررت خلاله مساحات من قبضة الحوثي، كحريب، وقامت بطرد المليشيا من شبوة وكسرهم عسكريا، مما أدخل قيادات الحوثي في ارتباك كبير فقدوا فيه كل شيء حتى قدرتهم على التحشيد الذي قوبل برفض القبائل إرسال أبنائهم إلى جبهات القتال بعد أن قتل منهم الآلاف. وأخذت جبهة تعز والبيضاء تستعد لمعركة فاصلة مع مليشيا الحوثي.
 
هنا تحرك المبعوث الأممي نحو الرياض وعدن ودول أخرى مارس من خلالها الضغط على الشرعية لقبول وقف إطلاق النار والدخول في هدنة، والتأسيس لسلام ينهي الحرب ومعاناة اليمنيين. قبلت الشرعية ووجدت نفسها مرة أخرى تقع في مصيدة الاتفاقات الدولية التي كرست الانقلاب وأضعفت الشرعية.
 
مر شهران من الاتفاق، حصل فيهما الحوثي على مكاسب كثيرة، كفتح المطار ودخول المشتقات النفطية، بينما الشرعية، وهي تمدد للهدنة، لم تحصل على شيء يذكر سوى مماطلات وتعنت حوثي في مسألة فتح المنافذ، وظلت مكبلة تستقبل صواريخ الحوثي على مأرب وشبوة وطائرات مسيرة تقصف قواتها في حيس والجراحي والجبهة الغربية في تعز، في انتهاك للهدنة، دون أن تبدي الأمم المتحدة أي تحرك يحول دون ذلك. وظلت تعز المحاصرة منافدها مغلقة بعد فشل مباحثات الأردن.
 
ها هي الهدنة توشك على الانتهاء في أغسطس القادم، وها هي الأمم المتحدة عبر مبعوثها تمهد لتجديد الهدنة مرة ثالثة، وسوف تجدد إلى ما لا نهاية. وهو الوقت الذي يحتاجه الحوثي في تحشيد مسلحيه واستقدام الخبراء من إيران وتدريب المقاتلين ونقلهم عبر مطار صنعاء استعدادا لمعركة قد تكون فاصلة إذا ما ظلت الشرعية في غفلتها تحاك ضدها المؤامرات. فالاتفاقيات الأممية لا تحقق أي مكسب يجعلها متمسكة بتنفيذها وضبط النفس في هدنة تعتبر في الحسابات العسكرية  عنوانا للهزيمة.