
قاتل مرعب ينتشر في شوارع المدن.. يتسبب بالتهاب الدماغ وينتهي بالوفاة الحتمية
لخطورته، تم تحديد يوم عالمي لمكافحته؛ حيث تنظم عمليات توعية في 28 سبتمبر من كل عام من قبل الصحة العالمية. لكننا لا نتحاج لذلك التاريخ، لنقف عند خطورة الداء الفيروسي الذي يتسبب بالتهاب حاد في الدماغ تؤدي إلى الوفاة. هذا التاريخ اختير لأنه يصادف ذكرى وفاة العالم "لويس باستور"، الذي كان له الفضل بابتكار أول لقاح ضد المرض، ولم يتم اختياره لمعرفة حجم المعاناة التي يتكبدها اليمنيون جراء هذا الفيروس.
و"داء الكلاب" هو فيروس معدٍ يهاجم الجهاز العصبي المركزي ويتسبب بالتهاب حاد في الدماغ، ويتواجد في إفرازات الحيوانات المعدية وعلى رأسها "الكلاب".
"داء الكَلَب" هو عدوى فيروسية تُصيب الدماغ وتنتقل عن طريق الحيوانات وتُسبب التهابًا في الدماغ والحبل الشوكي. وبمجرّد وصول الفيروس إلى الحبل الشوكي والدماغ، يصبح داء الكلب قاتلًا بشكلٍ دائمٍ تقريبًا.
ينتقل الفيروس عادةً عندما يتعرَّض الأشخاص إلى العضّ من قِبَل حيوان مُصاب بالعدوى، وغالبًا ما يكُون هُوَ الخفاش في الولايات المتحدة أو الكلب في البلدان التي لا يجري فيها تطعيم الكلاب بشكلٍ روتينيّ ضدّ داء الكلب. قد يُسبِّب داء الكلب التململ أو التخليط الذهني أو الشَّلل.
عضات قاتلة في مدن يمنية
شهدت العاصمة صنعاء انتشارا كبيرا لداء الكلب خلال الأيام القليلة الماضية، نتيجة انتشار الكلاب الضالة في شوارع المدينة، والتي أصابها "السعار".
وتنتشر الكلاب الضالة في جميع المدن اليمنية، يزداد خطرها في المناطق التي شهدت معارك وسقط فيها قتلى وبقيت الجثث مرمية دون انتشال أو دفن؛ حيث تقوم الكلاب بالأكل منها. وعندها تصاب بالسعار وتصبح خطيرة جدا، ومن هنا تبدأ الخطورة وتزداد.
وتشهد شوارع مدن، مثل تعز وعدن ولحج وأبين، وعدد من المدن الثانوية في الساحل الغربي وجنوب مأرب والبيضاء والجوف، انتشارا كبيرا لتلك الكلاب التي أصيبت بالسعار نتيجة أكلها لجثث قتلى الحرب، ما يجعلها تشكل خطرا على سكان تلك المناطق.
وفي حين تتحدث مصادر طبية، في عدد من تلك المدن، عن وجود حالات مصابة بداء الكلب، وعدم قدرة الجهات المختصة بتوفير لقاحات وعلاج، تؤكد مصادر صيدلانية أن قيمة الجرعة الواحدة من لقاح داء الكلاب تبلغ 50 ألف ريال، بينما يحتاج المريض لخمس جرع، مضافا إلى ذلك سعر المصل الذي يساوي 250 ألف ريال.
وتحدثت عن المصادر عن غياب تام للجهات الرسمية بهذا الخصوص، حيث وفرت وزارة الصحة التابعة للشرعية، خلال الأعوام العشرة الماضية سوى 150 جرعة من لقاح داء الكلب، وهي كمية ضئيلة مقارنة بحجم الكارثة المغيبة في هذا الخصوص.
وفي العاصمة صنعاء، تحدث وحدة مكافحة داء الكَلَب في المستشفى الجمهوري ، عن وصول ما بين 30 و40 حالة إصابة يومياً، خلال الثلاثة الأشهر الماضية.
أرقام مرعبة
وأفاد عبده غراب مسئول وحدة مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري بصنعاء، خلال تصريح صحفي، بأن المركز سجل خلال 2021 (3939) حالة، منها 34 حالة وفاة بسبب عضات الكلاب المسعورة.
وأشارت إحصائيات وحدة مكافحة داء الكلب إلى وقوع 4450 حالة إصابة بداء الكلب بين يناير ونوفمبر 2019، مقابل 4223 حالة سُجلت عام 2018، بزيادة قدرها 227 حالة.
وأعلنت وزارة الصحة بصنعاء أن عدد الأشخاص الذين تعرضوا لعضّات الكلاب في البلاد، خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2019، بلغ 9498 حالة، قضى منها 50 حالة، بزيادة قدرها 2498 حالة عن العام 2018 الذي سُجلت فيه 7 آلاف حالة، توفي منها 18 حالة.
وأكدت المصادر أن الشارع الصحي يعاني من نقصٍ كبير في الأدوية لمكافحة هذا الوباء، موضحة احتياجها عام 2019 إلى 50 ألف جرعة لقاح، و12 ألف مصل، و12 ألف أمبولة "أنتي تيتانس"، و30 كيس صبغة لفحص رؤوس الكلاب، بينما توفر منظمة الصحة العالمية 12% فقط من هذه الاحتياجات.
ويُحقن المصاب، عند أول زيارة للطبيب، بمصل وقائي لمدة 21 يوماً، يلي ذلك 5 جرعات مجدولة، تبدأ في اليوم الثالث وتنتهي في اليوم الـ28 من تاريخ الإصابة، وتوضع في العضلة الخلفية للكتف.
لا فرصة لمعرفته
ويشير الاختصاصيون إلى أنه في الوقت الذي يعضك كلب أو حيوان مصاب بداء الكلب، لا تكون هناك فرصة لمعرفة ما إذا كان الحيوان قد نقل فيروس السعار إليك أم لا؛ ما يتطلب سرعة إجراء العديد من الفحوص لاكتشاف فيروس الكلب، إلا أنه قد يحتاج أيضًا إلى تكرارها لاحقًا للتأكد من حملك الفيروس.
ومن الراجح أن يوصي طبيبك ببدء العلاج في أقرب وقت ممكن لمنع فيروس الكلب من الانتقال إلى جسمك، إذا كان من المحتمل أن تكون قد تعرضت لفيروس الكلب.
لا يوجد علاج فعال إلا بالكلب
"لا يوجد علاج فعَّال" في حال تم الإصابة بداء الكلب، هذا ما يؤكده العديد من الاختصاصيين والأطباء، حيث يظل داء الكلب من الأمراض المميتة عادةً, ولهذا السبب إذا كنتَ تعتقد أنك تعرضَّت للإصابة به، يجب عليك الحصول على مجموعة متلاحقةٍ من اللقاحات لمنع ترسُّخ العدوى.
ويتطلب الحصول على اللقاحات والعلاج، الحصول على الحيوان أو الكلب الذي عضك، وهذا ما يشكل صعوبة كبيرة أمام المصابين، فضلا عن ارتفاع وانعدام اللقاحات وعلاجات "داء الكلب"، ما يتسبب بارتفاع حالات الوفاة في حال الإصابة بالمرض.
كيفية العلاج
تشير الدراسات، المنشورة في عدد من الدوريات الطبية العالمية، إلى أن حقنة سريعة المفعول من (الغلوبيولين المناعي لداء الكلب) يحد من إصابتك بالعدوى الفيروسية. وتُعطى هذه الحقنة إذا لم تكن قد تلقيت لقاح داء الكلب، بالقرب من موضع عضة الحيوان إن أمكن، وفي أقرب وقت ممكن بعد العضة.
سلسلة من لقاحات داء الكلب لمساعدة جسمك على التعرُّف على فيروس داء الكلب ومكافحته. تُحقَن لقاحات داء الكلب في الذراع. وإذا لم تكن قد تلقيت لقاحات داء الكلب من قبل، فسوف تتلقى أربع حقن على مدار 14 يومًا. أما إذا كنت قد تلقيت لقاح داء الكلب، فسوف تتلقى حقنتين خلال أول ثلاثة أيام.
في حال السعار
يتم تحديد ما إذا كان الحيوان الذي عضك مصابًا بداء السعار أم لا، فمن الممكن تحديد ما إذا كان الحيوان الذي عضَّكَ مُصابًا بالسُّعار أم لا قبل بَدْء تَلَقِّي سلسلة الطعوم بطريق الحَقْن لداء السعار. وبهذه الطريقة، إذا اكتَشَفْتَ أن الحيوان سليم، فلن تحتاج إلى تَلَقِّي هذه الحقن.
تختلف إجراءات تحديد ما إذا كان الحيوان مُصابًا بداء السعار أم لا حسب الحالة. على سبيل المثال:
الحيوانات الأليفة وحيوانات المزرعة. يُمكن ملاحظة القِطَط والكلاب والقوارض التي عَضَّتْ شخصًا لمدة 10 أيام لمعرفة ما إذا كانت تظهر عليها مؤشرات وأعراض داء السُّعار أم لا. إذا ظلَّ الحيوان الذي عضَّكَ سليمًا في أثناء فترة الملاحظة، فإنه ليس مُصابًا بداء السُّعار، فلن تحتاج إلى تَلَقِّي الحُقَن المضادة لداء السُّعار.
تظهر أعراضُ داء الكلب عندما يصل فيروس داء الكلب إلى الدماغ أو الحبل الشوكي، وذلك من بعد فترةٍ تتراوح بين 30 إلى 50 يومًا من تعرُّض الشخص للعضِّ عادةً.
ولكن، يمكن أن تتراوح هذه الفترة بين 10 أيام إلى أكثر من سنة. وكلَّما كان موضع العضَّة أقرب إلى الدماغ (كالوجه مثلًا)، تظهر الأَعرَاض بسرعةٍ أكبر.
قد يبدأ داء الكلب بحُمَّى وصُداع وشعور عام بالمرض (التَّوعُّك). ويُصبِحُ معظمُ الأشخاص متململين ويُعانون من التَّخليط الذهني والهياج غير المضبوط، وقد يكون سلوكهم غريبًا، وقد يُصابون بالهلوسة ويُعانون من الأرق. ويزداد إنتاجُ اللعاب لديهم بشكلٍ كبير. تحدث تشنجات في عضلات الحلق والحنجرة، لأن داء الكلب يؤثر في منطقة الدماغ التي تضبط البلع والتحدّث والتنفس. يُمكن أن تكون التشنجات مؤلمةً بشكلٍ لا يُطاق. ويُمكن أن يجري تحريض التشنجات من مجرَّد التعرض إلى نسمة هواء أو مُحاولة شرب الماء، وبذلك، لا يستطيعُ مرضى داء الكلب الشرب. ولهذا السبب، يُسمَّى هذا المرض رُهاب الماء hydrophobia (الخوف من الماء) في بعض الأحيان.