الوحشية الحوثية تفوق الهمجية الإسرائيلية.

05:25 2024/03/21

إن جريمة الحوثيين أول أمس 19 مارس الموافق 9 رمضان المبارك في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء لن تكون آخر جرائمهم، فهي إمتداد طبيعي لسلسلة جرائمهم منذ تمردهم وانقلابهم على الدولة مطلع العام 2015 ، وامتداد إكرونولوجياً (سلسلة التعاقب الزمني التاريخي) لجرائمهم المتلاحقة ضد الشعب اليمني منذ اللحظة التي وصل فيها إلى اليمن الهادي الرسي حتى هذه اللحظة من التاريخ.
تفجير منازل المواطنين على ساكنيها ليست مجرد طريقة أدمنت على ممارستها السلالة الهادوية فحسب بل هي منهجية عقائدية متوارثة لدى ألائمة  كلما عادوا إلى حكم اليمن.

كل إمام يظهر بين فترة، وأخرى على مدى عشرة قرون يندر أن يخلو تاريخه من الذبح والقتل وسفك الدماء، وإشاعة الإرهاب، والهمجية العمياء.
والحوثي لن يكون على النقيض من ذلك التاريخ المشبع بالتوحش، وهاهو يثبت أنه الأسوأ منذ عشرة سنوات.
دمر قرى، وأحياء سكنية كاملة في أغلب المدن التي شنت مليشياته الحروب عليها او تحاصرها او تسيطر عليها. دمرت مساجدًا ومدارسًا وأحالتها إلى أطلال.
قتلت وذبحت اطفالا وشبابا ونساءً وشيوخًا.
اعتقلت وأسرت وسجنت دون تمييز بين ذكور وإناث، ولم يبقَ من أعمال إجرامية لم ترتكبها 
المليشيات الحوثية بحق اليمنيين.

لا يوجد أنموذجاً واحداً مشرقاً من عهود وتواريخ حكم الأئمة في اليمن.
كل فتراتهم سوداء ومظلمة، وتعيد اليمنيين إلى مربعات التخلف التي ما أن يكونوا قد تجاوزونها، وشرعوا يعيدون للبلاد وهج الحياة، ويحاولون التقدم صوب المستقبل فإذا بإمام يظهر ويتمرد ثم ينقلب على الواقع مستغلاً ظروفاً قد تكون نتيجة طبيعية لمحاولات اليمنيين البحث عن الافضل فيركب أحفاد السلالة الهادوية تلك الظروف ويعيدون إنتاج حكمهم كما حدث ويحدث اليوم بإصرار عبد الملك بدر الدين الحوثي على إعادة إنتاج دولة الأئمة على نحو أسوأ من كل أسلافه السلاليين.

وعندما نقول أسوأ من كل أسلافه فلأنه لا يعتدي على تاريخهم الإرهابي والدموي فحسب، بل ايضاً بإعتداده على عناصر ما كان أسلافه يستفيدون منها، ولا يعتمدون عليها في إعادة إنتاج حكمهم.
من تلك العناصر التي يعتمد عليها وتزيده توحشا واصرارا على المضي في مشروعه، اعتماده على إيران صاحبة مشروع الثورة الإسلامية الإيرانية التي تسعى إلى تعميمه في المنطقة.
واعتماده على توظيف الاحداث والمتغيرات بكل سفاهة وخسة لصالح أهدافه،وأجندتة إيران كتوظيف مآسي الفلسطينيين لكسب تعاطف محلي، واقليمي ودولي من قبيل أنه ينتقم لغزة في الوقت الذي يذهب فيه إلى تفجير منازل وإبادة أُسر على الصورة التي شاهدها العالم بإبادة اسرة كاملة قوامها 12 فردا، وعشرات المصابين بين أطفال ونساء وشباب وكبار سن في مدينة رداع في البيضاء.

إننا إذا ما ذهبنا ننبش في حصاد عشرة سنين منذ بدأت المليشيات الحوثية التخطيط لدخول العاصمة صنعاء، وبعد دخولها والانقلاب على الدولة وصولاً إلى شن الحرب  سنجد أن وحشية الحوثيين أنموذج يفوق همجية الصهيونية الإسرائيلية خاصة إذا ما أضفنا إلى فترتهم القصيرة سلسلة الحلقات التي حكمت خلالها السلالية الهادوية اليمن على مدى عشرة قرون.
خلال السنوات العشر دمرت مليشيات الحوثي اليمن تدميرا مهولاً، واعادت اليمن إلى الوراء قرونا بغزوهم للبلاد، وحال قائل لهم ـ على غرار الإسطوانة التي لا يزالون يكررونها ـ تساءل:
وأين ذهب العدوان السعودي الإماراتي؟ 
أسهل رد عليه:
إن الحوثيين هم من تسببوا بقيام تحالف عربي، وأعطوه الذريعة للضرب، والتدمير  سواء تدمير ترسانات أسلحة اليمن مصدر قوتها او ضرب وتدمير كل بُناها التحتية من منشآت وخدمات كهرباء ومياه، واتصالات ومواصلات وطرقات وغيرها، فلولا انقلاب مليشيات الحوثي ما كان حدث الذي حدث.
وأزيد إثباتا لدقة توصيفهم بأنهم هم من غزوا البلاد أصلاً بما قاله مبصر اليمن عبدالله البردوني في قصيدة يا صديقي:
ادعي الحشد أمام المعتدي .. ثم اغدو فوق انقاض احتشادي
وبرغمي يصبح الغازي اخي .. بعدما أضحى أخي أعدى الأعادي.
فلولا غزو الحوثي الداخلي للبلاد ما أصبح الغزاة إخوة لنا.

نعم، إن ما دمره الحوثي في حياتنا من تدمير قيمي وأخلاقي في مناهجنا وثقافتنا اليمنية، ومن تدمير لكل مقومات ومكتسبات وإنجازات الجمهورية في بلادنا يؤكد أن هذه المليشيات عملت على ذلك بكل خبث ممنهج حتى لا يبقى لجمهورية ثورتيّ سبتمبر واكتوبر وإنجازاتيهما أي أثر على الأرض، أو في الذاكرة، وطمسه لكي يقبل الناس في الأخير الأمر كواقع فرضي لا مناص منه، يساعدهم على ذلك إتباعها لكل أساليب الترهيب والترغيب، الترهيب بالوحشية الهمجية التي تمارسها، والترغيب بتوظيف الأحداث المؤثرة على وجدان ومشاعر وعواطف الناس كقضية غزة.

إن ما لا تعيه هذه المليشيات أن هذا الزمن غير زمن أسلافها.
هذا زمن يستحيل فيه أن تصير واقعا نهائيا سيستمر جاثماً فوق حياتنا حينا من الدهر.
بدلبل أنه لولا التدخلات الخارجية لكان اليمنيون قد حزموا أمرهم منذ سنوات، ولكانت هذه المليشيات خيراً من الماضي، وأثراً بعد عين.
يعيش الحوثيون أوهاماً وخرافات بائدة حتماً سوف تنتهي بهم إلى المصير الطبيعي الذي سيلقي بهم في مزابل التاريخ مهما مارسوا من همجية، ووحشية،  وإرهاب، فنواميس الزمن، تدور دوراتها إلى الأمام ، وعجلاتها لا تعود إلى الوراء أبداً.