Image

رمضان في عدن هذا العام.. أزمة خدمات وأسواق خالية ومساجد بدون ضوابط

تعيش العاصمة المؤقتة عدن في "جنوب البلاد"، مع حلول شهر رمضان المبارك، أزمات متعددة في ظل سياسات تجويع وإفقار متعمدة تمارسها الجهات التي خلّفتها فوضى 2011، ودفعت سكان المدينة للعيش "تحت تهديد الحياة"، حسب وصفهم.
وما بين الحكومات المعترف بها دوليًا المتعاقبة منذ تحرير المدينة من مليشيات الحوثي في 2015، وبين هجمات وتهديدات وكلاء ايران، تزداد الأوضاع ترديًا في مجالات عدة خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك هذا العام.

الدجاجة بـ 11 ألف ريال
تظل أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية المرتفعة، المنغص الحياتي الأول لسكان عدن، والمدن اليمنية الأخرى، والتي زادت حدتها مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث افتقدت موائد رمضان للأسر العدنية العديد من أصنافها التي كانت تميزها خلال هذا الشهر من كل عام، او في عهد الدولة التي تم تدميرها من قبل الجماعات الإرهابية.
وفي هذا السياق، عبّر العديد من سكان مدينة عدن، عن سخطهم جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاساسية مع حلول رمضان، مؤكدين انها تزداد بشكل متصاعد مع "مرور كل ساعة"، حسب وصفهم.

ويقول "شاكر عمر" ( ميكانيكي سيارات)، بأن الاسعار لا تطاق في أسواق المدينة، خاصة فيما يتعلق بالخضروات واللحوم والاسماك، بعيدا عن أسعار السلع الاساسية التي لا يمكن ان يطالها المواطن بكميات تكفيه لمدة شهر، كما كان سابقا، وانما نشتريها لإعداد وجبة يومية كـ "الأرز".
ويتابع في حديث لـ "المنتصف"، :" الدجاجة الحية وصلت إلى 11 ألف أول يوم رمضان في أسواق عدن، وهذا لم يحصل من قبل في المدينة، سابقا ايام الدولة الحقيقية التي دمروها كانت لا تتجاوز قيمة الدجاجة ذات الوزن الكبير 500 ريال، اليوم بات الحصول على دجاجة من الأمور الصعبة التي تحتاج موازنة منزلية لوحدها".
ويتابع:" اليوم نذهب إلى الاسواق كأننا ذاهبون لخوض معركة، للحصول على كميات بسيطة لا تكفي لإعداد وجبة واحدة، مثل الخضروات، او اللحوم والاسماك، حيث نكتفي بشراء كميات منها لا تكفي لأفراد العائلة في مائدة رمضان التي كانت عامرة بأصناف متعددة في عهد (عفاش)".

من جانبها تقول "رضية" (ربة بيت)، من يصدق ان الكيلو اللحم تجاوز الـ 16 الف ريال، في حين راتب الموظف لا يتجاوز 80 الف ريال في الشهر، وفي حال قمنا بشراء كيلو لحم فقدنا ربع المرتب، بدون شراء المتطلبات الغذائية اليومية والتي تحتاج لتوفير كميات قليلة منها ما لا يقل عن 11 الف ريال في اليوم".
وتتابع حديثها لـ"المنتصف"، :" نحن نعيش للبقاء على قيد الحياة، لا يمكن ان نحلم بما يتجاوز ذلك، وندور في حياتنا اليومية لتوفير متطلبات مائدة الطعام، سواء كنا في رمضان او غيره، لم نعد نحسب حساب المناسبات الدينية، لقد افقدونا الفرحة بكل اشكالها".

أزمة خدمات متجددة
ومنذ حلول هلال رمضان، بدأت الازمات السنوية بالنسبة للخدمات العامة، تدب في أحياء عدن، وعلى راسها ازمة المياه التي حلت في المرتبة الأولى في رمضان هذا العام، لتسبق أزمتيّ الكهرباء والغاز المنزلي اللتين تتصدران مشهد رمضان سنويا.
ويشكو عدد من أهالي مديريات عدن، وجود ازمة مياه منذ دخول رمضان، مؤكدين بأن المياه مقطوعة خلال اليومين الماضيين، ما تسبب للعائلات ازمة كبيرة فيما يتعلق بإعداد الوجبات الرمضانية.
وشهدت الساعات القليلة الماضية، ازمة مياه في جميع احياء المدينة، لم تعرف اسبابها حيث كانت خدمة المياه تعمل بشكل منتظم قبل حلول الشهر الكريم، لتتوقف فجأة، دون معرفة الاسباب، رغم ان جميع المديريات شهدت تحديث مضخات وشبكات المياه السابقة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وإلى جانب أزمة المياه، تظل خدمة الكهرباء مقبولة هذا العام لدى سكان المدينة رغم انها تنقطع لمدة ما بين 3 إلى 4 ساعات، وتلصي ساعتين، الا انها لم تتوقف او تشهد أزمة كبقية الاعوام الماضية، حيث كان يحل الشهر الكريم، مع وجود ازمة كهرباء تصل ساعات الانقطاع فيه ما بين 6 إلى 8 ساعات وتلصي ساعتين.
وبالنسبة لخدمتيّ الانترنت والاتصالات فقد شهدت أيام رمضان الاولى، أزمة فيها، حيث توقفت الاتصالات في شبكة يمن موبايل وهي الشبكة الوحيدة العاملة في عدن، توقفت في مناطق عدة، فيما خدمة الانترنت تشهد ترديًا منذ ما قبل الشهر الكريم، لا يجد المشترك تفسيرا وتبريرا لها، سوى الاهمال وعدم التحديث للشبكات من قبل الجهات المسؤولة، وتركها تحت سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية في صنعاء.

أسواق خالية 
وخلال ليالي رمضان الأولى، شهدت أسواق عدن المختلفة، تراجعًا كبيرًا في عدد مرتادي الاسواق، خاصة أسواق "الملابس، والذهب،  الاكسسوارات، العطور والزينة"، والتي تشهد عادة في ليالي الشهر الكريم ازدحامًا كبيرًا.
وأرجع العديد من الباعة واصحاب المحلات التجارية لتلك السلع والبضائع، ذلك إلى عدم وجود قدرة شرائية لدى المواطن، إلى جانب ارتفاع الاسعار التي زادت ثلاث اضعاف منذ بداية أزمة انهيار العملة واحداث البحر الأحمر التي تسببت بها ميليشيات الحوثي.
يقول "حامد فضل" (بائع ملابس أطفال) لـ"المنتصف" :"ان المتسوقين يعزفون بشكل يومي عن ارتياد هذه الاسواق، نتيجة أزمة الفقر التي يعيشونها نتيجة تدهور الحالة المعيشية والاقتصادية، وارتفاع سعر العملة، وغياب الدخل نتيجة قلة الاعمال، مؤكدا بأن عملية البيع والشراء في هذه البضائع تراجعت بشكل كبير خلال الشهور الماضية.
ويتابع :" الناس مفلسون ومعدمون، ومطحونون جراء هذه الازمة التي لم تشهدها البلاد منذ سنوات، حتى وان شهدت الاسواق ازدحامًا، إلا أن حركة البيع والشراء تكاد تكون معدومة، لا يشترون وتكون زحمة على الفاضي".
الوضع صعب جدا لدى غالبية سكان البلاد، سواء في عدن او غيرها، هناك تراجع كبير في مجالات الحياة بالنسبة للأسر اليمنية بدأت منذ فوضى 2011 ومستمرة بالتصاعد كما تتصاعد جرائم مليشيات الحوثي وحزب الاصلاح في مناطق سيطرتها.
ومع استمرار عدم صرف المرتبات، وغياب الاعمال، واستحواذ جماعات الفوضى على النشاطات المدرة للدخل، تواصل حياة الغالبية العظمى من اليمنيين بالتراجع نحو الأسوأ، خاصة في رمضان الذي كان يستبشر فيه اليمنيون بأنه شهر خير يأتي مع رزقه، وظل ياتي على مدى 13 عاما بدون بركته التي محقت وضاعت من شدة الاجرام الممارس من قبل جماعات الفوضى خاصة مليشيات الحوثي.

غياب ضوابط الآذان
وفي عدن، هناك ظاهرة يتحدث عنها معظم سكان المدينة، والمتمثلة بتعدد الآذان خلال اوقات السحر، والتي تبدأ في معظم الجوامع عند الساعة الثالثة والنصف فجرًا، وتنتهي عند الامساك في الخامسة و10 دقائق فجرًا.
وتحدث العديد من الأهالي حول تلك الظاهرة التي تفقدهم التمتع بالسحور، حيث تتعدد اوقات الاذان لتصل في الحي الواحد إلى اربع او خمس مرات يصدح فيها الاذان من المساجد المتعددة، في ظل انعدام الضوابط من قبل وزارة الأوقاف لتحديد أوقات الآذان الأول والأخير الذي تتم فيه عملية الامساك.
وتمنى عدد من الاهالي ان يتم ضبط المسألة، إلى جانب تقييد عدد مكبرات الصوت المزعجة والتي تم تركيبها قبل حلول رمضان بأيام في العديد من مساجد عدن، بالإضافة إلى تحديد ساعات وحجم الاصوات بالنسبة للمواعظ التي تنتشر بين الصلاة والاخرى وتتعدد بشكل كبير، وترتفع فيها أصوات المحدثين بشكل مزعج.
وطالبوا من القائمين على المساجد، بأن يراعوا حياة الناس في المساكن القريبة من المساجد ففيها المريض والطفل النائم لكي تتمكن امه من ممارسة اعمالها المنزلية، وهناك الموظف الذي يعمل ويحتاج للراحة، وغيرها من الامور الحياتية، كما دعوهم إلى عدم جعل الخاطرة فرض من فروض الدين، وان يقصروها بداخل المساجد بدلًا من مكبرات الصوت.