الثمن الباهض للكتابة والبحث في عالم السياسية ..!!

08:26 2024/02/18

قد ....
يظن البعض أنه من السهل الكتابة والبحث في عالم السياسة ، وأنه من السهل أن يكون لك موقفاً سياسياً محدداً وواضحاً ، وأن تكون صاحب قلم وفكر ورأي سياسي حُر وواعي ومتنور ، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً فمن قرر الولوج في عالم الكتابة في الشئون السياسية ، وخوض غمارها ، وأراد أن يكون صاحب فكر ورأي سياسي حُر ومستقل ، ويسخره في خدمة دينه أولاً ، وفي خدمة قضايا مجتمعه ووطنه وأمته العادلة ثانيا ، والعمل على تطوير وتحديث الفكر السياسي البشري ثالثاً ، فعليه أن يكون على أتم الإستعداد لدفع فاتورة باهضة جدا ثمناً لتلك المواقف السياسية والفكرية ، لأن القائمين على السلطة في كل زمان ومكان وخصوصاً في عالمنا العربي ، لا يحبون هكذا وضع ، ولا يحبون هكذا أشخاص ، ولا يحبون من يفكر ويبحث في السياسة من حيث المبدأ ..!!

لذلك ...... 
من يقرر الدخول في هذا المعترك السياسي ، فهو أمام خيارين إما تقديم فروض الولاء والطاعة ، وتسخير أفكاره وجهده في خدمة هذا الطرف السياسي أو ذاك ، بدون تدبر أو تفكر ، مجرد بوق يسطح بما يؤمر ويردد كل ما يقال له ، ويبرر أخطاء وتجاوزات قيادات ذلك الطرف ، ليكون بذلك مجرد تابع وأجير لا رأي ولا فكر له ، وإما أن يختار طريق الحرية والكرامة ليكون صاحب رأي وفكر سياسي مشارك ومساهم في خدمة الدين والوطن والأمة والإنسانية ، ومن يسلك هذا الطريق الشاق والصعب ، سيجد من يحاربه في عمله ووظيفته وتعليمه ، ويضيق عليه سبل العيش والرزق ، وسيجد من يقف عائقاً أمام حصوله على أبسط حقوقه السياسية والفكرية والوظيفية والبحثية والمادية ..!!

وهكذا تفكير سياسي ضيق عند معظم القائمين على السلطات الحاكمة حول العالم عموما وفي العالم العربي خصوصاً ، يتسبب في إدخال العمل السياسي الرسمي أو الحزبي ، في دائرة العُقم السياسي ، ويتولد عنه الجمود والتراجع السياسي والفكري ، لأن التجديد والتطوير والإبداع السياسي الرسمي أو الحزبي ، لا يمكن أن يحدث بدون إدخال دماء شابة جديدة مفكرة وواعية ، في الدورة السياسية والقيادية ، فالعمل السياسي الرسمي أو الحزبي ، الذي لا يكون للشباب فيه دور فاعل ومؤثر ، يدخل في مرحلة الشيخوخة والعجز ، بعكس الحال عندما تُشرع الأبواب أمام القيادات السياسية الشابه ، يكون العمل السياسي الرسمي أو الحزبي ، فتياً ومتجدداً وقوياً وفاعلاً ومؤثراً ومبدعاً وخلاقاً ، لأن الشباب يحملون الطاقات والأفكار والقدرات والعزيمة والنشاط الكبير ، والتي تؤثر جميعها بشكل كبير في حيوية وحركية ونشاط وديناميكية العمل السياسي الرسمي أو الحزبي ..!!

من أجل ذلك ليس هناك من سبيل أمام أصحاب الرأي والفكر السياسي الواعي والمستنير والمنفتح سوىالمضي قدماً في طريق الحرية والكرامة والرأي والفكر السياسي المتحرر من التعصبات السلبية ، وفي طريق خدمة القضايا العادلة لدينهم ومجتمعهم ووطنهم وأحزابهم وأفكارهم وآرائهم السياسية ، متحدين كل الصعاب والظروف والعقبات والمشاق ، التي سوف يجدونها في هذا الطريق الصعب والشاق ، والتي مهما تكالبت عليهم ، تزيدهم قوة وإصرار وعزيمة على الثبات في طريق حرية الرأي والفكر والبحث والتعبير ، وتظل الثقة بالله تعالى وراحة البال والضمير هي الرفيق الدائم لهم ، وهي القوة الدافعة التي تمنحهم القدرة على مواجهة كل التحديات والصعاب ، متوكلين على الله تعالى في كل أحوالهم وظروفهم ، فما يصيب الإنسان من خير أو شر هو بإرادته وحده جل شأنه ، قال تعالى (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )) ..!!