إيران وأمريكا.. حبايب في السر.. أعداء في العلن (4 – 4)
النظام الإيراني ما بعد الثورة عام 1979، وعلى رغم اتسامه بالتشدد والصبغة الأيديولوجية، اتسمت سياساته بالبراجماتية تجاه إسرائيل وشهدت تعاوناً بينهما.
حيث تستفيد إسرائيل وإيران من يهود أصفهان في أمريكا البالغ عددهم 21 ألفا، ومنهم أعضاء في الكونجرس ومجلس الشيوخ، من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية وابتزازها ماليا لتنفيذ سياسات لمصلحة إسرائيل، ولإكمال تمثيلية ضرب إيران مقابل تعاون مشترك تقدمه إيران لشركات يهودية، ويعتبر اليهود الإيرانيون رأس الحربة في اللوبي اليهودي في أمريكا.
كما توجد ليهود إيران إذاعات تبث من داخل إسرائيل؛ عبري وفارسي، ومنها إذاعة راديس التي تعتبر إذاعة إيرانية متكاملة.. كما توجد لديهم إذاعات على نفقة حكومة طهران تبث داخل إيران باللغتين الفارسية والعبرية.
وكبار حاخامات اليهود في إسرائيل هم إيرانيون من أصفهان، ولهم نفوذ واسع داخل المؤسسات الدينية والعسكرية فكثير من جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي من يهود إيران لأنهم شرقيون في التصنيف اليهودي، ومنتجون للأبناء أكثر، وبالتالي عددهم كبير مقارنة باليهود الغربيين، ويرتبطون بإيران عبر حاخام معبد أصفهان.
الرئيس الإسرائيلي الأسبق موشيه كاتساف من يهود أصفهان وتربطه علاقات ودية مع قادة إيران وقادة الحرس الثوري.. وبنيامين فؤاد اليعازر زعيم حزب العمل السابق ووزير البنى التحتية، وشاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي سابقا، من يهود أصفهان، ويعد من أكبر المعارضين لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية. ورئيس الاركان الأسبق دان حالوتس من يهود إيران وهلم جرا.
يهود العالم يحجون إلى إيران
حركة الطائرات تكاد لا تتوقف بين مطارات إسرائيل ومطارات إيران لأن كل يهود العالم يحجون إلى إيران بشكل دائم ودوري؛ لأنه، وحسب عقائدهم، مدفون فيها جثمان بنيامين شقيق نبي الله يوسف عليه السلام، وإيران هي دولة شوشندخت الزوجة اليهودية الوفية للملك يزدجرد الأول ولها مقام مقدس يحج إليها اليهود من كل العالم.
وإيران بالنسبة لليهود هي أرض كورش مخلِّصهم وفيها ضريح استرو مردخاي المقدس، وفيها توفي النبي دانيال ودفن النبي حبقوق، وكلهم أنبياء مقدسون عند اليهود لذلك يتفوق حب اليهود والإسرائيليين لإيران على حبهم لمدينة القدس.
إذن؛ فمن الواضح أن صواريخ الحوثي التي أطلقت على إسرائيل وعلى سفن عابرة في البحر الأحمر، ما هي إلا هدية ثمينة من إيران إلى الولايات المتحدة، ودعوة للتواجد العسكري في المنطقة، ولا عزاء للعرب!
وعلى الرغم من عدائية السياسات الإيرانية والإسرائيلية تجاه بعضهما بعضاً على النحو الذي اتخذ خلال الأعوام الأخيرة أشكالاً مختلفة، منها ما سمته تل أبيب الحملات بين الحروب، وما أعلنته طهران بوحدة الساحات، وبينهما حرب الظل التي اتخذت أشكالاً عدة منها حروب سيبرانية وبحرية عبر الهجوم على ناقلات وسفن إسرائيلية، وتجسس واختراق إسرائيلي للداخل الإيراني وتنفيذ مهمات على أراض إيرانية.. رغم كل ما أسلفنا فإن البراجماتية هي ما تحكم سياسة طهران الخارجية، وتتوارى الأيديولوجية، حتى لو كان الطرف الآخر، أمريكا أو إسرائيل.