إيران وأمريكا.. حبايب في السر.. أعداء في العلن (1 – 4)
لشديد الأسف، انخدع الكثيرون في الوطن العربي، وما حوله، والكارهون لأمريكا وشريكتها إسرائيل، للقصف الحوثي لبعض السفن العابرة في البحر الأحمر.. للأسف هؤلاء يجهلون الحقائق المستترة، ذلك أن الحوثيين وحزب الله اللبناني، وباقي الأذرع الإيرانية في المنطقة لها مآرب، ودوافع عكس المعلن.. وتلك الأهداف لو تم الكشف عنها، لن تسرَّ العرب.
تقول السياسة إن علينا ألا نأخذ أبدا بظاهر الأمور مهما كانت مشتعلة إعلاميًّا، فالحقيقة لا نجدها في وسائل الإعلام ولا في التصريحات السياسية النارية، بل نكتشفها على أرض الواقع.. وتعلمنا من الفلاسفة الإغريق ألا نركز على ما يقوله الساسة، بل على ما يفعلونه على الأرض.
حلف واحد يتقاسم العالم العربي
ولو نظرنا إلى ما فعلته أمريكا وإسرائيل من جانب، وإيران من جانب آخر، على الأرض، لعرفنا أن الطرفين حلف واحد يتقاسم العالم العربي بالمسطرة والقلم.
باستمرار، تسعى إيران لإظهار نفسها على أنها زعيمة ورائدة للكتلة المعادية للولاييات المتحدة، وأطلقت على أمريكا لقب ووصف "الشيطان الأكبر".. وفي كل مناسبة تظهر الوعيد وتطلق التهديد لأمريكا وتظهر أن حربها مع أمريكا واقعة لا محالة.
وبهذه السياسة الإعلامية والخطابية نجحت في احتواء العديد من حركات التحرر في العالم العربي والاسلامي وأسرت قلوب وعقول المكبوتين والعطشى المتطلعين للانتقام من إسرائيل والولايات المتحدة، والخلاص من هيمنتهما.
وبالفعل، تخيل البعض أن إيران عدوة حقيقية لأمريكا وأنها تنتظر على أحر من الجمر اقتراب أمريكا من المنطقة للاصطدام معها وإغراقها في أوحال المنطقة.
في المقابل صنفت أمريكا إيران من ضمن دول محور الشر واتهمتها بدعم وتأييد الإرهاب وأطلقت اتجاهها التهديد والوعيد.
هكذا كان موقف كل دولة من الأخرى في الأقوال والتصريحات والسياسة الإعلامية، أي تنافر وصراع وقرع طبول الحرب.
وعلى الجانب الآخر في العلاقة، أي جانب الأفعال والمواقف، نجد أن الأمر مختلف بل متناقض بالكلية.
فنجد الالتقاء في المواقف والتعاون بشكل غير مباشر بالسر. فأمريكا حضرت إلى المنطقة بجيوشها وخبرائها، فاحتلت افغانستان والعراق الملتصقتين بحدود إيران، ثم هاهي تتحرش باليمن، وما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلا بالتنسيق والتواطؤ بين واشنطن وتل أبيب.
ولم نجد من إيران تنفيذا لتلك التهديدات وذاك الوعيد إذ تبخرت سياستها الإعلامية، وذابت مع هبوب عواصف الحرب.
وكأنه لا توجد بين إيران صلة القربى والعقيدة مع أهل العراق وأهل افغانستان، وكأن إيران لم تتوعد "الشيطان الأكبر" بالحرب والهزيمة.