السـلطــة ليست منتجـعًا سيـاحيًا
عندما كان حُكام الأمر الواقع خارج السلطة وفي محيطها كانوا يعتقدون أن السلطة منتجعًا سياحيًا أو نزهه ترفيهية، وكانوا يظنون بأن مجرد الوصول إليها والإنفراد بها سيجلب لهم الراحة والسعادة والخير الوفير، وبأن معيشتهم ستتحول إلي نعيمٍ بلا عذاب، والي إستقرار بلا اضطراب، والى أرضٍ معبدة بلا أشواك..
وعندما أغتصبوا السلطة ووصلوا إليها لم يجدوا ما كانوا يظنون وما كانوا به يُفكرون، ولم تَصدق أحلامهم، ولم تتحقق أمانيهم. فقد وجودها ناراً مستعرة ورياحًا عاصفة وزلازل مدمرة وعذاباً بلا راحة وشقاءً بلا استراحة وهموماً بلا نقاهه وصراعاً وعداء بلا سماحه. فعجزوا عن إدارتها وقياداتها، وفشلوا في الحفاظ علي الوطن وسياداته وأمنه واستقراره، وفي إعطاء المواطن حقوقه ومستحقاته رغم إيفائه بواجباته.
وفشلوا في تطبيق النظام والقانون، فساد قانون الغاب وحلَّت الفوضى والعبث والانفلات، وساد الخلاف والصراع والنزاع، وتضاعف الفساد والإجرام، وتمزقت البلاد إلى أشلاء وسيطرت العصابات على مفاصل الدولة وعلى مختلف المنشآت والإدارات. وتوفر المناخ الجيد والبيئة المناسبة لأنشطة الجماعات الفاسدة، وأصبح الكل ينهش في جسد الوطن والمواطن، رغم ثخن جراحاتهما من الحرب والإرهاب والموت والفقر والجوع والمرض والبطاله وانعدام الخدمات ..
لقد كانت المسؤولية أكبر من حجم هؤلاء اللصوص الذين اغتصبوا السلطة، وكانت القيادة أكبر من مستواهم، ولهذا تركوا الحبل على الغارب فانتشر الفساد والإجرام في كل أنحاء البلاد ولم يكاد يترك شبراً في اليمن إلا و وطأه .. فهناك تُسفك الدماء وتُنتهك الأعراض، وهناك يُنهب النفط وتُصادر المساعدات، وهناك تُنهب الإيرادات وتُقطع المرتبات... وهناك تُقتل الطفوله وتُمتهن الكرامات، وهناك تُغتصب الحقوق، وتُسلب الحريات.. وهناك تنفذ العمليات الإرهابية وتتمرد العصابات وهناك وهناك وهناك .. اعمالٌ يُندى لها الجبين، ويشيب لها الولدان، ولا يمكن أن يتخيلها بشر أو يتحملها إنسان.
فهل فهم واستوعب حُكام سلطات الأمر الواقع ولصوصهم المتنفذين بأن السلطة ليست غنيمة، وبأن الشعب ليس سبايا، وبأن قيادة البلاد ليست نزهة سياحية ؟!