الفساد في اليمن .. يتغذى على تفكيك الدولة.

09:57 2024/02/14

اتِّساع مساحة الفساد في اليمن يعني انهيار كل شيء وتفلت عمل المؤسسات، لتصبح السلطة عبارة عن حالة استحواذ على الأموال ، وفرض ما يشبه الفوضى الاقتصادية والمالية ، مما ينعكس سلباً على حياة اليمنيين، ويجعل قدرتهم على توفير احتياجاتهم الغذائية والضرورية متدنية، فيما يؤثر ذلك على قيمة العملة الوطنية التي تصبح ضحية للعبث المنظم في واقع الدولة.

سنوات الحرب المستمرة والاستقطابات والثأر السياسي تركت أثرها السلبي ، حيث غاب واقع عمل الدولة وصار هناك من يمثل واقع هذه السلطة بطريقة مرتبطة بمصالح أطراف وقوى وأحزاب متعددة ، وتم تكريس واقع الفساد ليصبح هناك صفقات ونهب للموارد ، وصار وجود الحكومة أو أي سلطة عليا هو فقط للحفاظ على ظروف بقاء انهيار الوضع دون توقف. 

عند الحديث عن اتساع مساحة الفساد، فنحن أمام تغلغل غير طبيعي وغير قانوني في أن تصبح الدولة غير قادرة على الإحتكام للقانون في واقع سلوكها السياسي والقانوني، لذا تكون مسألة وجود الدولة  محددة ضمن بقاء طبيعة انهيارها دون القدرة على التحكم في مفاصلها، وتصبح السلطة في حد ذاتها  غنيمة يفتقر من يحكم القدرة على معرفة حدث الاختلال وواقع الضعف.

هذا المستوى من السطحية في التعامل مع مكافحة الفساد ونهب المال العام ، في ظل عدم وجود سلطة حقيقية يجعل تفكك الدولة امرًا واردًا، وغياب معايير وجودها أمر طبيعي في ظل طبيعة الإجراء الذي حدث بعد أن سقطت الدولة ، وتم فرض ما يشبه الاحتكار للقرار السياسي والوظيفي والسيطرة على الثروات من قبل سلطات الأمر الواقع ، لتصبح الدولة غارقة في متاهات الأحزاب وفي متاهات حكم المليشيات.

صارت الثروات تذهب للتوظيف السياسي والفوضوي، وتحول البنك المركزي من مؤسسة نقدية سيادية ليصبح، بعد أن تم إدخاله في حلبة المصلحة والفساد، ليصبح شريكًا فيما يحدث من تدهور وعبث عميق، واتسع وجود المصارف وغاب واقع الإجراء في ممارسة واقع الدولة في القضاء على واقع توازنات مصالح الحرب والفوضى.

غياب طبيعة السلطة السليمة يولد في ذات الوقت واقعًا من السلطة المعتلة، فلذلك يساعد مثل هذا الإجراء في تغييب الحلول وإجراء الاحتكام للقانون. كما أن كل القوانين والمؤسسات في اليمن ليس لها دور واضح في خلق واقع الدولة الحقيقية ، والسلطة التي تعمل ضمن منطلق سليم . حتى واقع التوظيف، ليس هناك قواعد ومعايير وإجراءات تحافظ على سلامة الدولة من الاختراقات التوظيفية السياسية. فبعد سقوط الدولة ما بعد الربيع العربي و تحولت الدولة لتكون معرضة للاستغلال السياسي، وفي كل المؤسسات والوزارات عملت بعض الأحزاب التي أسقطت الدولة على وضع من ينتمون إليها في كل المفاصل والوظائف سواء في داخل اليمن أو خارجها.

الفساد في اليمن توسَّع، وأصبح يرتبط بمخططات سياسية وفوضوية، وبعد أن تحول هذا الفساد ضمن أجندة شديدة الخطورة ، هذا جعل وظيفة الدولة وواقع المؤسسات يقوم على عبثية قوى ، مازالت تفرض طبيعة الفساد بشكله المادي والمعنوي، ولذا فإن طبيعة الفساد المتراكم والواسع جعل الفاسدين يفرضون خيارات فوضوية، ويحافظون على بقائهم، ويجعلون من الدولة ضمن مصالحهم، مما ساعد في جعل مصالح البلد خاضعة لمصالح أحزاب لا تملك مشروعًا وطنيًا، وشخصيات أتت للوظيفة دون أن تملك المشروعية والكفاءة.

السياسيون في اليمن هم المشكلة; لأنهم من يستغلون مناصبهم للثراء بطريقة غير شرعية ، وبذلك يتوسيع عامل الفساد، وهذا من ناحيته أصاب الدولة بضعف مزمن وأرهقها، وأصاب السلطة لكي تفقد حياتها. 

والحل هو بتوفر سياسات قانونية وجزائية لمواجهة ، و مكافحة الفساد باليمن ، حيث وأنها تصنف من اكثر الدول في العالم في الفساد، وهذا يؤدي بالمحصلة إلى غياب التنمية. لذلك لابد من تعزيز واقع الدولة لمواجهة عبث الفساد بإجهزة الدولة  من خلال اختراق هذه القوى التي تعمل على تعزيز مظاهر الفساد للمؤسسات، وتحييدها عن مصدر القرار والسلطة بشكل واسع خلال السنوات السابقة.