Image

تراكمات وتحديات شائكة تفتك بالمناطق المحررة... عدن تستغيث لإنقاذها من الجوع الذي يهددها

أوصلت الحالة المعيشية التي تعيشها العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية عدن، سكان المدينة إلى إطلاق نداءات استغاثة عالمية لإنقاذهم وانتشالهم من الأوضاع المعيشية التي تهددهم بالمجاعة التي توشك أن تجتاح حياتهم.
فالمدينة تعيش تراكمات وتحديات شائكة منذ عقد ونيف من الزمن، نتيجة صراع الأضداد السياسية المتناقضة التي تفجرت في البلاد عقب فوضى 2011، وزاد من استفحالها انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية في 2014، ووصلت إلى مرحلة الإطباق على حياتهم نتيجة فساد الحكومات التي شكلت عقب تحرير المدينة من الحوشيين في 2015.


معالجة سريعة
وفي هذا الصدد، وبعد سنوات من الصمت وعدم اللامبالاة من قبل الجهات المعنية في وقف التدهور المتسارع في شتى مناحي الحياة في المدينة التي وصفت يوما بأنها عاصمة اليمن التجارية والاقتصادية "عدن"، طالبت الغرف التجارية فيها بإيجاد معالجة سريعة لانهيار الريال اليمني الذي يهدد الاقتصاد الوطني والمعيشي للمواطنين، من خلال توفير خمسين مليون دولار لتأمين سلاسل التوريد.
وناشدت الغرف في بيان قيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات إنقاذ الموقف الصعب والحرج الذي تمر به بلادنا نتيجة تراكمات وتحديات شائكة، تفتك بالمواطن وحياته المعيشية.
وأكدت على ضرورة العمل مع دول التحالف لإيجاد حلول للقضايا الاقتصادية والمالية المستعصية، وحشد التموينات والمنح لما يسهم في مزيد من الاستقرار، مناشدة قيادة المملكة والإمارات بتقديم المزيد من الدعم المالي والإنساني لليمن.
واقترحت الغرفة التجارية، تشكيل هيئة مشاركة من الحكومة والقطاع الخاص لمتابعة خطة طوارئ لإنقاذ الوضع ووقف الجبايات غير القانونية والتي يتعرض لها القطاع الخاص.


تحرك متأخر
وتأخر التحرك الذي قامت به الغرفة التجارية بعدن كثيرا وفقا لمراقبين اقتصاديين، مؤكدين أن التحرك لمواجهة الكارثة، تزامن والمدينة توشك على تدخل مرحلة أخيرة في قدرة سكانها البقاء على قيد الحياة.
وأشاروا إلى أن المجاعة بدأت فعلا تهدد سكان عدن والمناطق المحيطة بها، فضلا عن المناطق المحررة خاصة الريفية، في ظل استمرار تدهور جميع مجالات الحياة الاقتصادية والمعيشية والخدمية التي تسببت بها سياسات فاشلة للحكومات اليمنية التي تعاقبت على المدينة منذ 2015، وأسوأها حكومة معين عبد الملك الذي تمت إقالته "الاثنين" دون تقديمه وعصابته الفاسدة للمحاسبة والمحاكمة.
أسواق فارغة وبطون خاوية
وتأتي التحركات الرسمية المخالفة للتوقعات، في ظل استفحال الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بسكان عدن والمناطق المحررة منذ سنوات، والتي زادت تأثيراتها على المواطن انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والبضائع وتدهور الخدمات.
وتحدث عدد من سكان عدن، بأن المدينة التي تبدون أسواقها خاوية كما هو حال بطون الأهالي فيها، تعيش أوضاعا معيشية مأساوية فلا أعمال ولا مرتبات ومدخول مالي يناسب أو يواجه ولو نسبة 20 بالمائة من قيمة أسعار السلع والبضائع الاستهلاكية والكمالية التي ترتفع كل يوم.
وأشاروا إلى أن الأسعار بدأت تأخذ منعطفا جديدا بعيدا عن ارتفاع أو انخفاض سعر العملة المحلية، فهي لم تعد تتأثر بانهيار العملة كما كان سابقا، فهي تنحى باتجاه الارتفاع ولا تراجع نحو الانخفاض، فلم تشهد المدينة والبلاد منذ سنوات أي تراجع في الأسعار حتى وإن تراجعت أسعار العملة وتحسنت أمام العملات الأخرى.


أزمات خانقة
وتؤكد العديد من الأوساط الاقتصادية والمالية والاجتماعية، بأن غياب أي معالجات أو تغيير في الأوضاع الاقتصادية والمالية والأزمات الخانقة التي تعيشها عدن والمناطق المحررة واليمن عموما ستعجل من الانحدار نحو الهاوية المميتة للسكان.
وأكدوا بانت الأزمة باتت أسوأ واستفحلت وخرجت عن نطاق السيطرة، في ظل انسحاب وتوقف عدد من الجهات الدولية التي كانت توفر مساعدات غذائية توفر على أسرة عدة معاناة البحث عن توفير قوت يومها، وتؤدي إلى إيجاد توازنات في كميات السلع الاستهلاكية والغذائية المعروضة في الأسواق، ما يتيح أمام شرائح اجتماعية عدة القدرة على اقتناء تلك السلع، أما اليوم فالجميع يقفون عاجزين أمامها.
وأشارت إلى أن الأزمات الخانقة الحالية سوف يطالها تأثيرات الحروف والهجمات التي تقودها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين وعلى رأسها حاليا استهداف السفن التجارة وخطوط الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، الأمر الذي سيبدأ انعكاساتها بعد مرور ثلاثة أشهر ونحن في نهاية الشهر الثاني.


تعدد الأزمات... والموت جوع
وتخشى الأوساط الاقتصادية والمالية والتجارية في اليمن، تفاقم وتعدد الأزمات لتتعدى أزمات الاقتصاد وانهيار العملة وارتفاع الأسعار، إلى أزمات غياب الخدمات وندرتها وغياب المشتقات النفطية وندرتها، جراء حرب البحر، وفشل الجهات الحكومية الرسمية في احتواء أي منها.
وأوضحوا، بأن المناطق المحررة واليمن عموما مرشحة في ظل استمرار الأوضاع الحالية، وعدم وجود أي بوادر حلول لمجمل أو جزء من تلك الأزمات المتعددة، مرشحة أن تصل الأوضاع فيها إلى الموت جوعا، أو الموت لعدم قدرة الشخص الحصول على دواء، أو مياه نظيفة، أو حتى القدرة على التنقل بين منطقة وأخرى للحصول على أحد عوامل الحياة الرئيسية الماء والقوت والدواء.
كما حذرت توقف الحركة التجارية متأثرة بأزمة الملاحة في البحر الأحمر، إمدادات الغذاء والطاقة، ما يرفع مؤشرات الفقر والبطالة، وانهيار الحكومة في ظل قيادة غير اقتصادية حكيمة، وعدم قدرتها على دفع مرتبات الموظفين، وكلها ستقود إلى تعدد "طقوس الموت" في ظل انهيار المنظومات الأمنية وشبكات الحماية.
 

استمرار اختفاء الوجبات
وفي هذا الصدد تحدث العديد من سكان عدن، عن بدء ظهور مؤشرات مخيفة تنبئ عن قرب حدوث مجاعة في أوساط سكان المدينة ومدن أخرى مجاورة لعدن، مشيرين إلى اختفاء أو استغناء العديد من الأسر عن وجبهات كثيرة كانت تتناولها طوال اليوم الواحد.
وأكدوا أن عاصفة الأسعار الأخيرة حالت بينهم وبين إمكانية حصولهم أو عجزهم عن شراء ولو القدر الأدنى من الاحتياجات الضرورية لإعداد الوجبات اليومية، مشيرين إلى أن عدم تحسين وزيادة رواتب الموظفين مقارنة بالأسعار، وعدم وجود مصادر دخل أخرى للأهالي، زاد الأوضاع سوءا، وبات أحد أكثر المؤشرات التي ستقود نحو الموت جوعا.
وأخيرا... بدأت أحياء عدن تشهد حالة يندى لها جبين الوطنيين، تتمثل في تبادل بقايا " الروتين والخبز"، بين العائلات، في ظل العوز التي تعيشها تلك الأسر وعدم مقدرتها في مساعدة بعضها بالطريقة اللائقة والملاءمة.
ومع اقتراب رمضان تتخذون العديد من العائلات بعدم الحصول على وجبات الإفطار والسحور لإتمام فريضة الصوم في هذا الشهر الكريم، خاصة أن استمرت أزمات الموت التي تتصاعد بشكل متسارع، وتقترب من النهاية التي حذرت منها التقارير الأممية والدولية... ويبقى الأمل بالله وحده أن ينقذ العباد من شر العباد أنه على كل شيء قدير...