Image

في ظل الانهيار المعيشي وفشل الحكومة السابقة .. مؤسسات رسمية تتحوّل إلى جهات جباية في عدن لتوفير "حق رمضان"

لا زالت تداعيات الانهيار المعيشي جراء فشل الحكومة السابقة وفسادها، تلقي بظلالها وتزيد من معاناة سكان عدن والمناطق المحررة، وتنذر باضطرابات وفوضى وثورة جياع قد تجتاح تلك المناطق.

جبايات رسمية
وتشهد العاصمة المؤقتة للحكومة السابقة المعترف بها دوليا، ممارسات ومخالفات غير قانونية تحاكي ما تقوم به عناصر مليشيات الحوثي الارهابية في مناطق سيطرتها.
ووفقا لعدد من الاهالي في عدن، فإن جهات رسمية تحوّلت إلى جهات تمارس جبايات وتفرض إتاوات مالية مخالفة للأنظمة واللوائح التي انشأت بموجبها تلك المرافق الخدمية.
وشكا العديد من الأهالي ما يتعرضون له من قمع وممارسات من جهات خدمية على راسها "مؤسسة الكهرباء، والاتصالات، والمرور، والهجرة والجوازات، والصرف الصحي"، كنماذج لبقية الجهات الخدمية الأخرى.

المرور.. حملة دفع مسبق 
وتشهد شوارع العاصمة المؤقتة للحكومة الغائبة و السابقة، حملة مرور تنفذها عناصر شرطة السير، ضد "الدراجات النارية والمركبات الخاصة" بحجة فرض النظام، وهو حملة مشابهة لما تقوم به مليشيات الحوثي في مناطقها.
ووفقا لعدد من مالكي الدراجات النارية التي تم مصادرتها وسحبها إلى أحواش المرار المنتشرة في عدة مناطق بعدن، فإن العملية او الحملة التي استهدفتهم خلال اليومين الماضيين، ليست أمنية او في اطار مكافحة الارهاب والحد من الجريمة، وانما في اطار فرض جبايات على مالكي تلك الدراجات التي تم الزامها سابقا من قبل المرور بتركيب "عجلة ثالثة" أي انها ذات ثلاث عجلات، وتحمل أرقام.
وتحدث العديد من مالكي الدراجات المصادرة في أحواش المرور، بأن الحملة المفاجئة، ومصادرة دراجاتهم التي يعملون عليها لإعالة اسرهم، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المدينة نتيجة ارتفاع الاسعار وغياب الاعمال، وانهيار العملة المحلية إلى ادنى مستوياتها، جاءت لفرض اتاوات مالية عليهم من قبل إدارة المرور.
وأكدوا بانهم عندما ذهبوا للاستفسار عن عملية مصادرة ونقل دراجاتهم من قبل إدارة المرور، تفاجأوا بمطالبتهم بمبالغ مالية تتراوح بين (10 و20) الف ريال كي يتمكنوا من استعادة دراجاتهم والعمل عليها.
الأمر ذاته اكده عدد من سائقي سيارات الاجرة والمركبات الخاصة التي تم ضبطها ونقلها إلى احواش المرور بحج واهية منها " تغيير سراجات الاضاءة، وازالة الشعارات، وارتكاب مخالفات سابقة" وكلها تصب في الحصول على بمالغ مالية من اجل استعادة سياراتهم.
وقال سائق سيارة تمكن من استعادتها، ان العملية تأتي في اطار اطلاق يد رجال المرور وشرطة السير للحصول على "حق رمضان" لكي يتمكنوا من توفير احتياجات رمضان على حساب المواطن المسكين، في ظل انهيار العملة وارتفاع اسعار السلع، وغياب أي زيادة في الرواتب التي لم تعد تفي بتوفير متطلبات المنزل لمدة أسبوع واحد.

الكهرباء .. فواتير بدون خدمة 
ومنذ مطلع العام الجاري بدأت مؤسسة الكهرباء "ذات السمعة السيئة" في اوساط سكان عدن نتيجة قضايا فسادها الموثقة رسميا، وما تشهده من لوبيات فساد لبيع الوقود وقطع الغير وابرام صفقات صيانة وهمية.
ورغم غياب الخدمة المقدمة من مؤسسة الكهرباء ورداءتها، على مدى السنوات التسع الماضية، بدأت المؤسسة ممارسة استفزازية بحق سكان عدن، تمثلت بالبحث عن مكاسب مالية تعوضهم عن عوائد الفساد التي كانوا يتقاضونها من عمليات "عقود شراء الطاقة" أحد ابرز قضايا الفساد في تاريخ الحكومات التي توالت منذ تحرير المدينة من مليشيات الحوثي في العام 2015.
وتحدث "خالد قفش"، مالك عمارة في عدن، عما طالبته لجان مؤسسة الكهرباء المنتشرة في شوارع المدينة لتسليم اشعارات بقطع الخدمة ومصادرة العدادات، عن المنازل والمحال التجارية في مدة اقصاها اسبوع من استلام الاشعار، في حال لم يبادرون لتسديد قيمة الاستهلاك.
وأشار "قفش" إلى ان ما تقوم به مؤسسة الكهرباء استفزازي خاصة وانها تأتي في أوقات تنقطع فيه الخدمة لساعات طويلة، فضلا عن الطريقة التي تتبعها في معالجة مشكلة وقضية "المبالغ المتراكمة" على سكان المدينة منذ سنوات والمعروفة "بالامتناع عن تسديد" وهي احدى اهم مشاكل الكهرباء في عدن والمناطق الجنوبية.
ووفقا لخالد قفش وعدد من سكان المدينة ممن تلقوا الاشعارات من مؤسسة الكهرباء، فإن اختيار التوقيت للمطالبة بقيمة استهلاك الكهرباء لا يتوافق مع ما يعيشونه من أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية، فضلا عن غياب الخدمة وترديها منذ سنوات، إلى جانب ان المعالجات يجب ان تتم بطرق تمكن المستهلك من الدفع خاصة وان المبالغ المتأخرة تصل عند البعض إلى خمسة مليون ريال وما فوق.
ويؤكد الاهالي بأن مؤسسة الكهرباء، ومن خلال الاشعارات الموزعة، حذرتهم بأنهم سوف يتم الاستعانة بالجهات الامنية لاجبارهم على الدفع، مشيرين إلى ان المؤسسة اتبعت طريقة جديدة وهي انه في حال منع فصل العداد من قبل موظفي الكهرباء، يقوم الموظف بالذهاب إلى اقرب قسم شرطة لتقديم بلاغ باسم المستهلك ورقم العداد، وعلى الجهات التعامل مع المستهلك بالطريقة التي تراها.
ويرى سكان المدينة بأن ما تقوم به مؤسسة الكهرباء يأتي في اطار سعيها لجمع مبالغ مالية لتوزيعها على موظفيها لمواجهة "حق رمضان" وهي الحجة المنتشرة بشكل كبير في اوساط موظفي الحكومة الغائبة في ظل انهيار العملة وارتفاع الاسعار التي تسببت بها الحكومة ذاتها، والتي اوعزت إلى موظفي المرافق الخدمية للبحث عن أموال لتحسين وضعهم المعيشي من المواطن المنهك معيشيا اصلا.

الصرف الصحي .. لا مفر من الدفع
وفي هذا الاطار، بدأت فرق خاصة من مؤسسة المياه والصرف الصحي في عدن، بممارسة طريقة استفزازية للحصول على مبالغ مالية من سكان المدينة ومالكي المنازل، من خلال سد المجار من مناطق معينة ما يؤدي إلى تطفح المجاري في الشوارع والاحياء، ما يتسبب في انتشار الروائح الكريهة والامراض والبعوض.
وعند مطالبة الاهالي وسكان الاحياء من المؤسسة بمعالجة طفح المجاري، تقوم بإرسال فرق إلى تلك الاحياء للقيام بالمهمة، ولكن بشرط ان يتم جمع مبالغ مالية عن كل منزل وشقة في الحي الواحد لصالح عمال المجاري حتى يتمكنوا من ممارسة مهامهم في معالجة المشكلة المفتعلة من قبلهم أصلا، وذلك في اطار "حق رمضان".

الانترنت .. خدمة سريعة 
ويعاني سكان عدن من خدمة الانترنت المقدمة من قبل مؤسسة "عدن نت" ذات خدمة الانترنت "فور جي" التي لا تغطي جميع عدن رغم مرور خمسة أعوام على اطلاقها من قبل الحكومة وشركائها الاعداء.
وشكا العديد من المشتركين في الخدمة، بأنه ومنذ بداية العام الجاري، بدأت مؤسسة عدن نت تمارس عليهم استقطاعات مالية من قيمة الاستهلاك المدفوعة عن كل باقة تقدمها المؤسسة، مؤكدين انه يتم قطع الخدمة عليهم بعد فترة اسبوع واحد من التسديد، عكس ما كان عليه سابقا حيث كانت تستمر الخدمة لمدة ثلاثة اسابيع على الاقل.
ويؤكد عدد من المشتركين في الخدمة، بأنه عند التواصل مع الشركة لا يتلقون أي اجابات او توضيحات مقنعة من العاملين والفنيين فيها، الامر الذي يؤكد بأن هناك ممارسات مخالفة تم فرضها على مشتركي الخدمة من خلال نهب اموالهم واستقطاعها بطرق غير شرعية لصالح القائمين على الشركة والموظفين فيها.

واخيرًا .. عندما نتناول مثل تلك القضايا التي تمارس في عدن وغيرها من المناطق المحررة، والتي تأتي في اطار قيادة دولة ليس لها وجود ولا تمارس أي مهام، وتكتفي بالمتاجرة بكل معاناة يعيشها سكان البلاد، والناتجة اصلا عن سياستها التي تتبعها في إدارة المؤسسات والجهات خاصة الخدمية منها.. والمعتمدة على " الفساد والحصول على الأموال" بأي طريقة حتى وان كانت من قوت المواطن الذي ليس لديه دخل ويعمل بالأجر اليومي لتوفير متطلبات عائلته.
  عندما نتناول هذه المواضيع، فقط نمارس واجبنا في نقل معاناة البسطاء والتحدث باسمهم امام الراي العام المحلي اولا، والعربي والاسلامي ثانيا، والعالمي ثالثا، وقبل هذا وذاك نكون ارضينا ضميرنا الانساني أمام الله... فهل من منقذ للعباد والبلاد من تجار الحروب وناهبي المال العام وقوت الفقراء والمساكين