إنهم يلغمون المستقبل...!!

09:00 2024/02/04

أكثر الأشياء مدعاة للسخرية ادعاء مليشيا الحوثيين الوطنية والانتماء لليمن والخوف على مصالحه، بينما هم في الحقيقة ألد كائنات الأرض عداء وأكثرها بغضا وكراهية لليمن وانتقاما من اليمنيين.. يدعون أنهم حماة اليمن والمحافظون على مكاسبه، والنموذج المثال للوطنية، بينما هم من يعرضونه لأعتى وأمضى المخاطر، ويشترون به ثمنا بخسا.. يزايدون ببناء الوطن، ولم يبنوا طوال تسع سنوات غرفة في مشفى أو فصلا في مدرسة، على الرغم مما ينهبونه من موارد مهولة باسم الدولة، بل على العكس كانوا وما يزالون مثالا في الهدم والتدمير والتفجير..!!

وتحت كل تلك الدعاوى ونظراً، لخلو الساحة اليمنية في المناطق التي احتلوها من سواهم، بفعل تقصير لا يغيب عن الذهن من قبل الشرعية والتحالف، نجدهم يتغلغلون في المجتمع بطرق شتى، عاطفية ودينية ووطنية واستقواء بالسلاح والسلطة المنهوبة، مثلما نتابعهم يحشدون العامة في صفوفهم، مستنزفين دماءهم وأرواحهم وأملاكهم، إضافة لدولتهم ومؤسساتها لصالح مشروعهم العنصري المقيت، والذي لا يرى في اليمنيين إلا ماضيا خصما يجب استغلاله وتعذيبه وتسخيره من أجلهم قبل الإجهاز عليه والقضاء على ما أمكن منه، مع بالغ علمهم أنهم أبعد ما يكونون عن تغيير وجه التاريخ وتحوير حقائقه، وإن حدث شيء مما يخططون له فلن يكون لوقت طويل..

يدركون ذلك جيدا، ويعلمون أن المساحة الزمنية المتاحة لهم لا بد وأن تكون محدودة، وقد يكون مداها أقرب مما تمليه التصورات والتوقعات، لذا نجدهم يفرطون كثيرا في تنفيذ انتقاماتهم الحقودة، من خلال الإمعان في إحداث وإطالة الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وسفك دماء الشعب وإزهاق أرواح أبنائه، وتبدو ظاهرة محاولاتهم التي لا تمل ولا تكل في تعويم شكل الدولة في أي من صفاته الطبيعية وتدمير بناها التحتية ومنجزاتها المتراكمة طوال بضعة عقود منذ انطلاق ثورة المنجزات وبناء الوطن والإنسان ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد..

ولم يكتف الغزاة المنتقمون بكل ذلك، بل ذهبوا بعيدا ليتجاوزوه في سبيل تحقيق مشروعهم العنصري القذر الذي يهدف إلى استعباد اليمنيين واستغلالهم والانتقام منهم، فاستهدفوا الناشئة وبذلوا الكثير من الجهد والمال (مال الشعب طبعا)، لغسل أدمغة الشباب والناشئة من كل حس انتمائي للوطن لصالح الانتماء لمشروعهم، والاستماتة من أجل تسييده وتطبيعه وفرض قوته، بما يمكِّنهم، خلال فترتهم المؤقتة المتاحة، من تحقيق تلك الأهداف العدائية البشعة.. وكان أول طرقهم لذلك تعطيل العملية التربوية والتعليمية المتعارف عليها وتعكير وتصعيب وسائلها، وتجويع المعلمين والتربويين وتحويل المدارس لمصادر تعزيز لدخولهم المادية أو ثكنات خطيرة لتربية ناشئة خاصة ومؤمنة بشكل مطلق بهم وبمشروعهم..!!

ولعل الخطورة هنا وفي هذا الأمر تحديدا، هي الأشد، فقد يمكن إنهاء الانقلاب وهزيمة المليشيا بأسهل الممكنات، لو أرادت القوى المناهضة للحوثيين واجتمعت بعزيمتها على ذلك، وإنما تكمن الخطورة الحقيقية في أننا سنجد أنفسنا غداً أمام جيل جديد من الإرهابيين الذين صنعتهم الحركة، لا يختلفون كثيرا عن جماعات داعش والقاعدة وطالبان، جماعة تضع المشروع وبقاءه والدفاع عنه والتضحية من أجله هو هدفها الأوحد وتتعامل معه كحقيقة كونية وربانية كما تحلو لهم التسمية، تتقدم على كل الحقائق الفرضية، حتى وجود الله (والعياذ بالله)..!! نعم سينشأ جيل مجهز بالتعبئات الخاطئة وفي مقدمتها المشروع أولا ثم ياتي بهده ما يأتي.. وهنا يجب الاعتراف بأننا أمام خطر حقيقي يهدد مستقبل الوطن أكثر مما هو حاصل من بشاعة وسوء في هذه اللحظة وهذا الحاضر.