القانون الدولي سلاح الضعفاء ولكن قرار العدل الدولية مهم

07:39 2024/01/29

صحيح من الناحية المنطقية القول بأن القانون الدولي بحسب ما نراه من ظلم وتجبر قوى دولية وإقليمية يعتبر سلاح الضعفاء ،فالقانون مذ خلقت كان يحتاج إلى قوة تفرضه والا يبق مجرد لوائح نظرية مكتوبة.  
ان قرار محكمة العدل الدولية بشأن دعوى جنوب افريقيا ضد اسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية ليس مخيبا للامال  فهذه المحكمة لا تملك قوة أو سلطة فرض الأحكام فمن يطبق احكامها هي الدول بحسب معادلات القوة والمصالح وليس المباديء. 
لقد وصفت صحيفة الاندبندنت البريطانية الحكم بالكارثة على إلدولة العبرية فبمجرد إخطار إسرائيل رسميا بان لديها قضية ابادة جماعية والموصوفة جريمة الجرائم في القانون الدولي خصوصا مع تزامنها عشية ذكرى اليوم العالمي للهولوكست سوف يلطخ سمعة اسرائيل الملطخة اصلا.
الان بعد الحكم مثلا يجب على اي مسؤول أو دبلوماسي إسرائيلي يلتقي مبعوثا اجنبيا عليه ان يدفع عن دولته  اولا هذه التهمة لان الاتهام هذه المرة لم ياتي من فصيل اسلامي أو جهة معارضة انما جاء من أعلى محكمة في المجتمع الدولي واصبحت قضية رأي عام.
مشكلة إسرائيل مع هذه القضية كونها من اوائل الدول التي صادقت في عام ١٩٤٨ على معاهدة  حرائم الابادة الانسانية واليوم تقف في قفص الاتهام بهذه التهمة.
ان النطق بالحكم على لسان رئيسة محكمة العدل الدولية نفسها القاضية  دونوغو يشكل ضاغطا معنويا على حلفاء إسرائيل فيما يخص الدعم لها مثلما يضعف قدرتها على التحرك الإقليمي نحو التطبيع.
لقد خسرت اسرائيل كثيرا من  ادعائتها الاخلاقية المزيفة سابقا بانها تتعرض لتهديد وجودي.
لأول مرة يبرز حل الدولتين بقوة على لسان الاوربيين وعلى استحياء عند الامريكان  بحيث تشكل بعد القرار  رأي عام دولي مهما كان  حجمه بان على اسرائيل  اذا ما ارادت ان تعيش بسلام مع جيرانها ان تطبق القرارات الدولية وتقر بحق الشعب الفلسطيني الأبي في قيام دولته المستقلة هذا الشعب هو اخر شعوب الارض وبعد سبعة عقود من إقرار حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة لم ينل هذا الحق. 
كان استاذنا برفسور تيري رامسي يردد( احذر من استيقاظ القانون مهما طالت غفوته) فحقوق الشعوب الحرة لا تسقط بالتقادم.  
صحيح ان اغلب احكام هذه المحكمة تصدر بصفة استشارية لكنها تشكل عامل ردع معنوي وتوثيق تاريخي لا يمكن الاستهانة به.

* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في أفران المغربية