Image

اختلاف في الظاهر واتفاق في الجوهر .. شر البلية

شَهِد اليومان الماضيان، الحديث عن اتفاق تخادم مصالح بين مليشيات الحوثي الإرهابية ذراع إيران في اليمن، وعناصر تنظيم القاعدة ذات الدعم الدولي والمحلي متعدد الأهداف والاستخدامات، لتغطية أكبر عملية تخادم تجري منذ سنوات بين أخطر الجماعات الإرهابية على اليمنيين والمنطقة "الحوثيين- والإصلاح"، خاصة وأن الأخير يُعدُّ ذراع تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في اليمن.
 
الحوثيون والإصلاح.. شر البلية
شهدت السنوات التي تلت فوضى 2011، العديد من محطات الالتقاء والتخادم بين الجماعتين بدأت واضحة وجلية لليمنيين في ساحات الاعتصام التي قادتها جماعة الإخوان في صنعاء ومدن يمنية عدة بحجة إسقاط النظام في اطار المؤامرة الدولية التي استهدفت دولًا عدة بالمنطقة.
وفيما اثرت فرضية عدم التقابل بين الجماعتين المختلفتين بالظاهر والمتفقتان بالجوهر والمضمون، خاصة وأن الجهات الممولة والراعية للجماعات الإرهابية واحدة والمتمثلة بإيران وقطر ومن خلفهما تركيا ودول غربية بمن فيها الولايات المتحدة وبريطانيا.

الراعي والرعاة في البحر
وفي اطار الأزمة الحالية التي تشهدها المياه الإقليمية اليمنية في البحرين العربي والأحمر وباب المندب وخليج عدن، نجد ان الدول الراعية لتلك الجماعات الإرهابية التي تسببت في دمار اليمن وقتل وتشريد اليمنيين على مدى عقد من الزمن، هي الفاعلة في الأزمة، أي ان "شر البلية" الذي أصاب اليمنيين منذ 2011، انتقل من اليابسة إلى المياه في اطار خطة التنكيل بالأرض والإنسان اليمني حتى حرمانه من خيرات مياهه التي وهبها الله له.
ويؤكد مراقبون بأن ما يجري في البحر الأحمر وخليج عدن، هو امتداد لمخطط الفوضى الذي استهدف المنطقة، وحاليًا يستهدف المنطقة وليس اليمن وحدها، ولو أن تأثيره يمتد على جميع دول العالم، وليس كما تدعيه وتروّج له الدعاية الغربية بأنها تأتي في اطار الحرب على غزة.


أدبيات تحالف الشر
وبالعودة إلى التحالف القائم سرًا وعلنًا بين الحوثيين والإخوان ممثلا بحزب الإصلاح، فإن ادبيات السياسة والدين الذي تعتنقه الجماعتان قائم على عدم القبول بالآخر، وانحصار نشاطه حتى وان تسلم الحكم في اطار جماعتهما الإرهابية فيما يتم معاملة السواد الأعظم من سكان اليمن على أنهم تابعين لهما، واجبهم خدمتهما والعمل على تلبية مطالبهما وتنفيذ سياساتهما حتى وإن كانت تدميرية.
ومن ادبيات الجماعتين، التطرف والغلو واستخدام القوة وممارسة البطش والتنكيل والنهب والسلب والاستحواذ على كل ما هو تابع للدولة او يمتلكه المعارضون لهم، معتقدتان من وجهة نظرهما وعقيدتهما أن ذلك ما يجب أن يكون ، أو أن ذلك يأتي في اطار الانتقام من المجتمع والأرض التي حوتهما، ولا تؤمنان بالديمقراطية التي تستخدمها  كشعارًا للحصول على مكاسب خارجية فقط، فيما في اطار تنظيماتها الإرهابية هناك دكتاتورية تستبيح الآخرين لصالح قياداتهما.

الخيانة والغدر .. أساسات 
ومن الأدبيات التي تعيش عليها الجماعتان "الحوثيين والإصلاحيين"، الخيانة والغدر ونقض العهود والمواثيق، والذي بات معروفًا وفاضحًا لهم لدى اليمنيين والعرب والعالم، فلا احد في الداخل والخارج بات يثق بتلك الجماعات الدينية خاصة وأنها مجربة بقوة خلال السنوات العشر التي مرت بها اليمن.
فيما يتعلق بالحوثيين، فقد نقضوا ونكصوا بجميع الاتفاقيات مع الحكومة ومع الوسطاء الدوليين فيما يتعلق بالسلام والتهدئة ووقف القتال منذ حروب صعدة وحتى اتفاق الأسرى الأخير الذي وقع في جنيف العام الماضي.
أما فيما يتعلق بالإصلاحيين، فقد خبرهم المجتمع اليمني والتحالف العربي بشكل واضح، في جبهات صنعاء والجوف ومأرب والبيضاء وغرب شبوة، ولا حاجة لتكرار الفضيحة مرارًا، فقد باعوا وما زالوا يبيعون كل من يعتمد عليهم في أداء أي مهمة حتى وان كانت وطنية، وسابقًا، خانوا من احتضنهم وأعطاهم مساحة من حرية الحركة والتعبير والمشاركة رغم تنصيف العديد من الدول لهم "جماعة إرهابية" أو تنظيم "إرهابي".

الفساد شرعية مدمرة 
ويُعرف عن الجماعتين ممارستهم للفساد الواضح والفاضح في أي مكان يحلون فيه، خاصة جماعة الإخوان "حزب الإصلاح" والشواهد كثيرة في هذا الاطار أبرزها "التعليم" الذي تولوا إدارته لفترات طويلة في عهد الدولة اليمنية التي عاصرها اليمنيون قبل الفوضى.
والتعليم حاليًا في يد احدى تلك الجماعتين فيما يدير منظومته عناصر حزب الإصلاح في جميع المدارس الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين، ما يدلل على أن الجماعتين تعتمدان على التعبئة الإرهابية للنشء والدعاية والتضليل مستخدمة الدين كستار وواجهة لكسب ثقة المجتمع المحب لدينه وعقيدته.
وإلى جانب التعليم، دمرت وأفسدت جماعة الإصلاح، قطاع الأسماك والكهرباء، وما شركة الأحياء البحرية التي أنشائها الشيخ عبدالمجيد الزنداني ونصب من ورائها مليارات من الريالات، وتبعه الوزير الراحل بافضل.وأيضًا الكهرباء التي يطول الحديث عنها، خاصة وان من كان على راسها "سميع والأكوع"، وتبعها الاستحواذ على التخطيط من قبل السعدي، حيث نمت "منظمات وهيئات بحوث ومؤسسات بالعشرات" لصالح عناصر الإصلاح الارهابية، والتي بأتت اليوم تدافع عن الحوثيين في محافل العالم.

فساد الأموال 
وفيما يتعلق بعقيدة الفساد في المال، فهي ركن من أركان تكوين الجماعتين، والادلة كثيرة لا يمكن سردها في هذا المقام، ويكفي ما يتم الكشف عنه من صفقات فساد ونهب للأموال العامة من قبل حكومات الإخوان التي كانت تشكل في عهد نظام الرئيس عبدربه منصور هادي، بالنسبة للاخوان، وما قامت به مليشيات الحوثي من نهب لأموال البنك المركزي، ونهب مرتبات الموظفين، وإيرادات الموانئ والاتصالات والانترنت والضرائب على المنتجات الزراعية والصناعة، وكل ما هو إيرادي واقع تحت نظامهم الفساد.
إلى جانب نهب الاموال العامة الخاصة بالشعب، عملت الجماعتان على نهب ومصادرة المساعدات الإنسانية المقدمة للمحتاجين من الشعب اليمني الضحية لتلك الجماعتين "شر البلية"، والاستحواذ عليها وصرفها لعناصرهما الإرهابية أو بيعها والاستفادة من عوائدها لصالح القيادات.

الأدبيات الثقافية
تقوم أدبيات الجماعتين الثقافية على الأناشيد والزوامل والمسرحيات الساخرة، والهزلية المبتذلة المعبرة عن ثقافة ضحلة تقوم على الاستهزاء واستحقار الاخرين.
إلى جانب ذلك، تستخدم الجماعتان الأناشيد الدينية لدغدغة مشاعر اليمنيين المحبين لدينهم، في الترويج لأفكارهما وللتضليل على المجتمع بستار ظاهرة الدين وباطنه الحقد والدجل والكذب والخداع، من اجل الحصول على اموال الشعب بطرق عدة.
فالجماعتين وفقًا لما يراه العديد من المحللين اليمنيين، تتفقان بشكل كبير على الثانويات في الشعارات الدينية ولا تختلفان على شيء، إلا مع عقائد الشعب واعتداله ووسطيته.
ويرى المحللون بأن الاختلاف الوحيد بين الجماعتين هو ان الإصلاح تجاوز دائرة الجماعة الدينية بمفهومها الكلاسيكي التقليدي، التي كانت عليها في الثمانينيات، وحتى آخر التسعينيات أيضًا، وإن كانت ثمة ملامح يسيرة موجودة داخل هيكله التنظيمي وأدبياته الثقافية حتى اليوم، لكنها في طريقها للتلاشي، بينما الحوثيين جماعة مغلقة تقليدية متخلفة تخاف من أي كيان سياسي خوفًا على فكرها الإرهابي الذي تستخدمه للبقاء في الواجهة.
أخيرًا.. 

وحتى لا نطيل في هذا الموضوع، سوف نشير إلى ان الجماعتين تتفقان وتتعمدان على بقاء تنكيلهم باليمنيين على الخارج، حيث تتلقى الأموال والتعليمات، وتقومان بتنفيذ ما يطلب منهما من اجندة ومخططات تدميرية وإرهابية ودموية في مناطق تواجدهما، كما هو الحال في اليمن.
إلى جانب هذه الميزة الرئيسية لدى الجماعتين، هناك ما يعرفه الجميع في اطار المجتمع اليمني "بان قيادة الجماعتين تمارس شتى انواع الرذائل وترتكب المحرمات وتستبيحها في اطر التنظيم العميق" في حين تخرج على المنابر وتحرم ما تحل، وتنهي ما تبيح، وتلبس بالعلن ما تخلعه من حلة دينية للمتاجرة والتضليل والتكفير .